هل لديك زوج لا يصلي ، أو حليق اللحية ، أو يسمع الأغاني ، أو يشاهد الدش ، أو بذي اللسان ، أو عصبي ، أو بخيل ، أو .. ، أو .. ، أو .. وتتمنين تغييره وإصلاحه ، وتتساءلين بحرقة ولهفة : كيف أستطيع أن أؤثر عليه وأغيره ؟!!
إذن اقرئي هذا الكتاب
كيف تؤثرين على زوجك (إعداد : شيخة الدهمش)
بسم الله الرحمن الرحيم
* " لم تخلق المرأة من رأس الرجل لئلا تتعالى عليه ، ولا من رجله لئلا يحتقرها ، بل استلت من ضلعه لتكون تحت جناحه .. وقريبة إلى قلبه فيحبها وتحبه .... "
* " حنان المرأة وأنوثتها ورقتها هي النبع الجميل الذي يذوب فيه رأس الرجل كما تذوب صخرة في عمق الماء .... "
*الوداعة : امرأة وأنوثة ....
والرجل يذوب حباً في المرأة الوديعة الهادئة اللبقة والتي يحس أنها " تطاوعه " و " تجري على هواه " وأن تكون أطوع له من يده وأرق من أحلام يقظته ..
هنا يهبها الرجل قلبه وعقله ولبه وماله ومستقبله ... "
لماذا هذا الكتاب ؟!
1.فيه تسلية وعزاء لكل من ابتليت في زوجها لتعلم أن الكثيرات مثلها فلا تأسى .
2.فيه حث وتشجيع لكل يائسة من حالة زوجها – أو لم تفكر أصلاً في تغييره وإصلاحه – لتنهض بكل جد وعزم ، لا يبدده إلا القنوط من رحمة الله .
3.فيه جرعات من الأمل يقذفها في قلوب المترقبات للحظات الفرج والمتلهفات على السعادة الزوجية .
4.فيه نفي لبعض التصرفات والحلول الخاطئة والتي درجت عليها بعض النساء في مواجهة مشاكلهن مع أزواجهن من خلال تجارب صحيحة وواقعية .
5.فيه تأكيد قوي لقول الشاعر :
ألا بالصبر تبلغ ما تريد وبالتقوى يلين لك الحديد
لست وحدك
قرأت عن دراسة أجريت على مجتمعنا خرجت منها بمعلومة مذهلة ، وهي أن ما يقرب من (80%) من العلاقات الزوجية قائمة على الصبر ومحاولة التكيف ولا يوجد بينهما توافق وانسجام تام وأن الكثير منهم لو خير للعودة إلى الوراء لما اختار هذا الشريك الذي يعيش معه
إن هذه الدراسة تقول لك يا أيتها الزوجة التي تعانين من مشكلة ما مع زوجك : لستِ وحدك من يكابد ،ـ فهذه سنة الحياة ، وما من أسرة حولكِ إلا وتعاني حتى ولو لم تلاحظي ذلك ، أو حاولوا هم إخفاء حقيقة الأمر للستر على حياتهم ، أو زيفوها ليلبسوا ثياباً ليست بثيابهم ، أو ربما لأن ما يرونه مشكلة عظيمة تنغص حياتهم ترينه هيناً في عينيك فتعتقدين خلو حياتهم من المشاكل .
كلنا نعاني .... وفي هذا عزاء لنا جميعاً حتى لا نبالغ في الحزن وردود الأفعال التي تدمر ولا تصلح .
إن المشاكل الزوجية أمر طبيعي لن تنجو منه أي علاقة زوجية مهما عظم الحب والاحترام ومقدار التدين ... وحتى البيت النبوي والذي طرفاه نبي وزوجة نبي مبشرة بالجنة لم يسلم منها ....
فقد ذهب أبو بكر – رضي الله عنه – عنه إلى بيت ابنته عائشة ذات مرة فسمعها من خلف الباب وهي ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم غاضبة منه ، فغضب أبو بكر غضباً شديداً وهمَّ أن يضربها لولا أنها هربت واحتمت بظهر زوجها وحبيبها صلى الله عليه وسلم ليحميها .
أيضاً اتفقت زوجاته صلى الله عليه وسلم على أن يطالبنه بتحسين أوضاع بيوتهن ، وزيادة النفقة عليهن ، فما كان منه عليه السلام إلا أن هجرهن شهراً كاملاً حتى نزل قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا﴾ .فاخترن الله ورسوله على الدنيا وزينتها .
إذن ليست المشكلة في وجود " مشكلة " وإنما المشكلة ومكمن الخطورة في :
1.كيف نتصرف بشكل إيجابي لحل هذه المشكلة .
2.كيف يمكننا أن نقلل وقتها ، وأن نخرج منها كذلك دون أن نترك أثراً سيئاً يتراكم على هرم حياتنا وعش سعادتنا حتى يدفئه ؟!!
هل يمكنني أن أغير ما أكرهه في زوجي ؟
هذا السؤال الذي تطرحينه بتعجب واستغراب ...
وأجيبك : نعم .. يمكنك أن تصلحي ما تكرهينه في زوجك .
قد تقولين بيأس : ولكن أنا لست متعلمة ، أو لا أحمل شهادات عليا ، أو ليست لدى شخصية قوية ، أو لا أملك أسلوباً للتعامل أو الحديث الحلو مع الزوج ، أو لا أملك جمالاً كبيراً ، أو .. أو ... وكل ما يدور في خاطرك وتعتقدين بأنه موانع .
فأقول : كلنا نستطيع أن نغير أزواجنا ، المتعلمة وغير المتعلمة ، وذات الشخصية القوية والضعيفة ، ومن تملك جمالاً ومن لا تملك ، والهادئة والعصبية .
بشروط :
1.أن تكون لديك عزيمة على تغييره وإرادة قوية تواجه الصعاب .
2.أن تتأكدي أولاً من صلاح نفسك لأن الله تعالى يقول : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ .
3.أن تجاهدي نفسك على التحلي بالحلم وحسن الخلق والصبر على ما تواجهينه منه ، والبشاشة والكلمة الطيبة والعفو وسعة الصدر .
4.أن لا تسمحي لليأس أن يتسلل إلى قلبك مهما طالت المدة دون أن تجدي نتيجة .
والآن ما رأيك ؟ هل تعتقدين بأن هذه الشروط صعبة أو هي حكر لامرأة دون أخرى ، أو هو شيء خارج عن إرادة الإنسان كالجمال مثلاً .
كلا .. فلقد يسرها الله لكل البشر وكلٌ يأخذ منها بمقدار ، بحسب مقدار تدينه وهمته .. إذن حضري عقلك للنجاح . فمهما كانت نظرتك لنفسك .. فأنت أكثر مما تتصورين .
قصص واقعية
سأتركك بعد قليل تعيشين لحظات ممتعة ومفيدة مع تجارب واقعية ناجحة سجلتها لك بعد أن أجريت بنفسي اللقاءات مع صاحباتها ، أو مع من يعرفنهن ، واستمتعت بحلاوة الشهد وهو يقطر من أفواههن ، وحلاوة الفخر بالنجاح وتحقق الفرح وهو يغمر شغاف قلوبهن .
كانت كل قصة – لتشابه مضمونها – تؤكد الأخرى وكأنها تقول بصوت واحد :
" إن طريق النجاح واحد ... "
تفاعلن معي محتسبات للأجر عند الله حينما أخبرتهن بأني أجمع تجارب ناجحة لأنفع بها المبتدئات في الحياة الزوجية والجاهلات لطريق الحكمة في معالجة بعض المشكلات ، وأني سأنشرها بمجلة " الدعوة " بحكم عملي ككاتبة فيها ، وفي كتيب " أيضاً – ليعم النفع بها .. فتحدثن معي بكل صراحة واستفاضة وأهدين إليَّ وإليكن صفحة طُويت من صفحات حياتهن كانت ملأى بالمعاناة والدموع والهموم والصبر والكفاح حتى طوتها يد الفرج وأعقبتها صفحة جديدة سطورها الحب الزوجي والتفاهم والود والانسجام والراحة والسعادة بعد تحقق الأمل الجميل .
لقد أثرن والله عليّ وجعلنني أصحح شيئاً من مسار حياتي الزوجية ، فاستفيدي منها أيضاً وانفعي بها غيرك فإن " أحب العباد إلى الله أنفعهم للناس " .
ولا تنسي الدعاء لصاحباتها .. ولمن تتمنى لك السعادة دائماً ، أختك كاتبة هذه السطور ....
والآن اقلبي هذه الصفحة واقرأي ما بعدها .. لعلك تفتحين بعدها صفحة زوجية جديدة وجميلة ...
حلاوة المدينة @hlao_almdyn
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
حلاوة المدينة :1) زوجي لا يقوم لصلاة الفجر هذه هي إجابة أم عبدالله عندما سألتها : ما هي مشكلتك مع زوجك ؟ ثم قالت : تفاجأت من حالة زوجي هذه لأنه مدح لي كثيراً قبل الزواج .. تضايقت بشدة وأحياناً كنت أبكي حين آراه أمامي غارقاً في نومه والمسلمون في المساجد يتعبدون ، ولكني لم أستسلم للواقع .. قررت أن أغير هذا الواقع المزعج وأن أظل وراءه حتى يتغير مهما طال بي الأمر ومهما واجهت . لقد كنت أدرك بأننا لن نصلح أي شخص إلا بعد أن نصلح أنفسنا أولاً ، ولذا كنت ولله الحمد محافظة تماماً على أداء صلاة الفجر في وقتها ، وعاهدت الله ثم نفسي على الحرص عليها وعدم التأثر به أو بغيره ... أسأل الله الثبات . ثم جعلت البداية مع الله ، فالبداية والنهاية ومسافة الطريق كلها لابد أن تكون مع الله ... طرقت بابه .. تضرعت بين يديه .. أكثرت من الدعاء في كل وقت وبالذات في السجود وبين الأذان والإقامة ولا أكر أن يوماً مر دون أن أدعو له بالهداية إلا ما قل . وكلما صدح الفجر دنت منه يدي لتمسح على جبينه وتوقظه وتذكره بموعد مع قرآن الفخر ، ولكن الرفض التام كان نصيبي في كل مرة ، وكلما ألححت عليه شتمني بألفاظ قذرة وأحياناً يضربني أو يدفعني بقوة ويطردني خارج الغرفة .. وربما لجأ إلى العناد وصرح به فيقول : " عناداً لك فقط لن أصلي " . تألمت كثيراً لما يصيبني منه بشكل يومي ، وبكيت أكثر وأكثر لكن ذلك لم يكن أبداً سبباً لكي أيأس وأدعه ، ولا سبباً في الانتقام منه أو الغضب أو الهجر له أو التقصير في حقوقه بسبب معاملته السيئة تلك . فما أن تحين الساعة السابعة صباحاً موعد استيقاظه للدوام إلا وأستقبله بابتسامة أرق من نسيم الصباح ، وقد جهزت له ملابسه وإفطاره وكل ما يحتاج إليه ثم أودعه بدعوات صادقات بأن يكتب له التوفيق في يومه ، وكأني لا أواجه معه أي مشكلة ولا يصيبني منه أي أذية ... ليس لأني لا أملك إحساساً كالأخريات ، ولكني أعرف أني لن أتمكن من أسر قلبه إلا بالمعروف والدفع بالتي هي أحسن وطيب المعاملة وحلاوة الكلمة وبريق الابتسامة الذي ينبغي أن لا ينطفئ أبداً ... وقمة الاهتمام بما تقع عليه عينه من ملابسي وبشكلي وبيتي .. "فالدين – قبل كل شيء – المعاملة " . حاولت أن أذكره بمعظم هذه الفريضة بين فترة وأخرى استجابة لأمر الله ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [ الذريات:55] . ولكن لا أفتح معه موضوع الصلاة في أي وقت ، وإنما إذا حان وقت أي صلاة وتقاعس عن القيام لها وأقيمت الصلاة وهو لم ينهض بعد .. حاولت أن أسمعه بعض الأشرطة عن الصلاة وعظمها وعن الموت وغيره كلما ركبنا السيارة وأذن لي ، وكذلك أضع بالقرب منه بعض الفتاوى والمنشورات ولكن لا أطلب منه سماع الشريط ولا قراءة الكتب حتى لا يشعر بأني أتهمه بالذنب والتقصير أو أنني أفضل منه .. والرجل لا يقبل نصح المرأة بسهولة ولا يحب أن يدع شيئاً بتأثير منها ولذلك لابد أن تدرك المرأة أن نصح الزوج يختلف تماماً عن نصح باقي البشر . وللزوج حق عظيم عليها ، يحرم عليها أن ترفع صوتها عليه ولو قصر في حق الله تعالى ، ولا أن تجعل من ذلك سبباً في التقصير في حقوقه ، وإنما تخاطبه حال النصح بكل هدوء وتلطف ورقة وحنان وذل وشفقة ، بحيث لا تظهر له أنها أفضل منه أو أنه سيء وآثم ، وإنما تتحدث عن الذنب بطريقة غير مباشرة دون أن تتحدث عنه هو وأنه لا يقوم لصلاة من خلال قصة مؤثرة ، أو فتوى تذكرها ، أو غير ذلك . سنة كاملة هي قصة جهادي اليومي مع زوجي لم أتخلف عن إيقاظه يوماً واحداً وبكل إلحاح ، والآن – ولله الحمد على ذلك – زوجي يوقظ نفسه لصلاة الفجر دون أن أوقظه . لنتأمل 1."أم عبدالله " محافظة على صلاة الفجر في وقتها : وهذا السر الأول من أسرار نجاحها في مواجهة هذه المشكلة ، لأنها تعلم قول الشاعر : لن تصلح الناس وأنت فاسد .. وكثير من النساء اللاتي اشتكين من هذا الموضوع حين سألنهن عن مدى مداومتهن على القيام لصلاة الفجر يقلن أنها تفوتهن كثيراً . هيهات ، هيهات ،﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [البقرة: من الآية44]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾[ الرعد : من الآية11] . 2.الصبر والاستمرار على طريق العلاج : حتى ظهور النتائج وعدم اليأس إذا طالت المدة والسقوط في منتصف الطريق ، " فأم عبدالله " ظلت توقظ زوجها سنة كاملة وبشكل يومي رغم أنه لا يستجيب بل ويؤذي أيضاً . وهذا عكس حال كثير من النساء اللاتي وقفت بنفسي على حالاتهن ، توقظه ثلاثة أيام أو أربعة فإذا لم يستجب قالت : حالة ميؤس منها ، ثم نامت معه ، وهذا هو السر الثاني . 3.طيب المعاملة مع الزوج واحترامه وطاعته : وعدم الغضب منه أو معاملته بالمثل والتقصير من حقوقه إن هو أساء سر ثالث من أسرار نجاح هذه التجربة . 4.ولزوم الدعاء من أقوى : الأسباب وأعظمها ، إن لم يكن سر الأسرار على الإطلاق .1) زوجي لا يقوم لصلاة الفجر هذه هي إجابة أم عبدالله عندما سألتها : ما هي مشكلتك مع زوجك ؟ ثم...
2. زوجي يدخن
قالت : " كان من شروط موافقتي على زوج المستقبل ألا يكون مدخناً ، ولكن شاء الله أن يتقدم إلينا شاب من عائلة طيبة ، محافظ على الصلاة ومستقيم فوافقت عليه .
وبعد عقد القران عرفت أنه مدخن ، فأصبت بصدمة عنيفة ... ولكن ما حيلتي وقد عقد قراني ودنا زفافي وعلم الناس بزواجي .
فكرت كثيراً : ماذا يجب عليّ أن أفعله ؟ وخرجت بعد تفكيري بعزيمة قوية على أن أجعله يترك هذا البلاء .
قمت وصليت ركعتين سألت الله فيها بإلحاح أن يفتح عليَّ بحسن التصرف معه وأن يهديه لتركه ويبغضه إلى قلبه وأن يكون برحمته عوناً لي في مهمتي هذه .
وفي ليلة الزفاف وبعد أن ذهبنا إلى شقتنا أخذت أتنقل بين الغرف فوجدت طفاية سجائر وبها بقايا ، فالتفت إليه وقلت له : ما هذا ؟ سجائر في بيتي ؟ بعد اليوم لا أريد رفاقك الذين يدخنون أن يدخلوا بيتي ، ولم أتهمه هو بالتدخين ولم أظهر له معرفتي بذلك ، ثم أخذت الطفاية ، وألقيت بها في سلة المهملات ، فتلعثم لي بادئ الأمر إلا أنه وعدني بتلبية طلبي ، وفي الصباح أخذ علبة السجائر والولاعة وأخفاهما في السيارة فكان كلما اشتاق لهذا السم نزل بحجة ، وعندما ينتهي يعود برائحته النتنة ، وكنت لا أتغاضى عن أي شيء أراه أو أشمه في ملابسه ، فأستنكر الرائحة وآخذ الملابس منه وأبعدها ولا أسمح أن تبقى على جسده ولو لثواني ، وأدعو للأشخاص المدخنين بالهداية .
وهكذا في كل مرة تقع عيني على بقايا سجائر بالسيارة أو أشم رائحتها يكثر لي من الأعذار بأنه أوصل فلاناً وعلاناً .. وداوم على هذه الحال فترة حتى انقطع عنه بالتدريج وأصبح الآن لا يدخن بتاتاً .
وقد لاحظ بعض أقاربه بأنه لا يدخن فسألوني : ما الذي فعلته ؟ فأنكرت معرفتي بتدخينه وقلت : " إنها قد تكون نزوة " .
لنتأمل
1. هذه التجربة تنفع : حينما تعلم المرأة عن زوجها أمراً سيئاً كالتدخين ولا يدري أنها تدري ، ولم تخبره بعد ... وهو يحاول إخفاءه عنها .
وأسلوب التغافل هذا مفيد جداً في علاج الكثير من المشاكل والأخطاء مع الزوج أو غيره ، لأنه طريق غير مباشر لا يجرح الشخص ، ويجعل الزوج يتشجع في ترك ما هو عليه حتى لا تتغير صورته عند زوجته .
والزوجة التي تحرص على فضح زوجها أمام نفسه وإخباره بأنها تعلم وتعتقد بأن سكوتها يشجعه على النفاق تعتبر مخطئة ، لأن هذا الأسلوب يشجعه على المجاهرة بالمعصية أمامها دون حياء أو مراعاة لمشاعرها فتكون مصيبتها في هذه الحالة مصيبتين.
2. لابد من عدم التسامح أو السكوت عن أي منكر : مهما تكرر كثيراً من الزوج فقد ظلت أختنا تنكر رائحة الدخان كلما شمتها سواء في البيت أو في السيارة .. لأن السكوت يشجع الزوج على الاستمرار ويجعله يعتقد بأنك رضخت للواقع ورضيت به، بعكس الاستنكار الدائم فإنه يحاصر المنكر حتى تضيق دائرته ثم ينهيه.
3. إتمام المعروف لطيفة من لطائف هذه القصة : حيث لم تعنفه بعد الهداية أو تخبره بأنها كانت على علم ، أو أنها سبب هدايته ، ولم تخبر الناس أيضاً بل قالت لهم حين سألوها عن السر : " ربما كانت نزوة .. "
4. المعافاة من أي بلاء لا تكون بين تغميضة جفن وانتباهتها : وإنما بالتدرج ولذا يتطلب الأمر صبراً عظيماً وعدم يأس ، وليبشر الصابر بمعية الله تعالى ، ومن كان الله معه فسيوفقه ، ويسدده ويثبته ويعينه ويعطيه مطلبه، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ .
والصابر له أجر لا حد له ولا منتهى ، بعكس باقي الأعمال الصالحة ، فعلى قدر عمل الإنسان يؤجر ويجازى ، أما الصابر فأجره بلا حدود يقول تعالى : ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ . ألا تكفي هذه البشرية لتحفز المرأة على الصبر الجميل على ما تلاقيه من معاناة مع زوجها ، مقابل أجور من يد الكريم المنّان لا حد لها ولا منتهى؟!
أ
--------------------------------------------------------------------------------
(3) وجدته حليق اللحية
قالت ( أ، ع) : تقدم لي شاب فوافق إخواني عليه ومدحوه لي كثيراً ، لأنهم كانوا يعرفونه ويحبونه وحاولوا إقناعي بقبوله فقبلت .
وبعد عقد قراني عليه أحضروا لي صورته لأراه فما كادت عيني تقع على صورته حتى ضاقت بي الدنيا بما رحبت ، لأني وجدته حليق اللحية . غضبت من إخواني وقلت لهم : تعلمون بأن شرطي الوحيد فيمن يرغب الارتباط بي أن يكون ملتزماً ، مستقيماً على أمر الله ، فلماذا خدعتموني ؟ فقالوا : إن في الرجل مميزات كثيرة تغطي على عيوبه ، ولن نرده من أجل " لحية " ، بإمكانك بعد الزواج إقناعه كي يُطلقها ، ثم رفضوا طلبي بفسخ عقد النكاح.
رضيت بالأمر الواقع وحمدت الله على كل حال ، وسألت الله أن يجعل في هذا الأمر "خيرة" وبعدها بدأت أهيء قلبي لتقبل هذا الزوج الذي لم يكن يوماً ما حلم حياتي .. أقنعت نفسي بأنه أصبح زوجي الآن ولا مفر من ذلك ، وأنه ينبغي عليَّ بدلاً من التسخط والحزن أن أعمل جاهدة كي أؤثر عليه وأغيره حتى يصبح الزوج الذي ظللت أحلم به .
وبعد الزواج بدأت رحلة الجهاد الكبير معه والذي جعلت سلاحي فيه هو : "الحب " ... "الحب" بسحره الأخاذ .
لقد كنت أعرف بأني لن أتمكن من تغييره إلا إذا اكتسبت قلبه أولاً ، ولن أكسب قلبه إلا إذا أحبني ، ولن يحبني إلا إذا رأى حسن خلقي ، وسعة صدري ، وكل ما يحبه فيَّ ، ومتى ما ملكت الزوجة قلب زوجها وأصبح يحبها حباً عظيماً فسيصبح طوعاً لها ، ومستجيباً لها في كل ما تطلبه منه . يقول الشاعر :
إن المحب لمن يحب مطيع
ولذلك تركت الإنكار عليه في البداية وركزت على إسعاده في كل ما يطلبه مني وما لا يطلب ، كنت أظهر له أحاسيس الحب وأعبر بها صراحة ، وأؤكدها بالحرص على ما يرضيه، ولو كرهته نفسي لأن الرجل لا يعرف مقدار حب المرأة له وتقديرها له إلا من خلال طاعتها له في كل ما يأمرها به – في غير معصية الله – ولو كانت نفسها تكره بعض ما يطلبه أو يشق عليها .
ومن خلال حرصها على إرضائه في أكله وحال نومه وبيته وتهيؤها الدائم ، له فلا يراها إلا في أجمل صورة وأكمل زينة .. فقد كنت لا أدع التزين له حتى ولو كنت غاضبة منه ، وربما جرحني بكلمة أو أهانني أو ظلمني ثم خرج ، فأكفكف دموعي وأقوم لأستعد له وكأن شيئاً لم يكن ، فإذا عاد قربت له قهوته ، ووضعت لقمة في فمه ، وأهش له وأبتسم حتى إذا قام من عندي عدت إلى دموعي من جديد .
أفعل ذلك وأنا أتذكر قول الله تعالى : ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ وهذا ما حصل فعلاً .. فقد وقع في حبي حتى أخمص قدميه وأصبح يحرص – بفضل الله تعالى – على أن لا يعكر صفو علاقتنا الحميمة أي شيء ولذلك يحرص على رضاي وإسعادي لتدوم سعادته .
وبعدها بدأت أنتهز الفرصة لتذكيره بموضوع اللحية فكنت أضع يدي على وجهه وأنا أمسحه بحنان فأقول له : سبحان من صاغ الجمال وصوره ، وجهك جميل لكنه لن يكون في عيني أجمل إلا حين تزينه بلحية كثة سوداء ، إنها زينة الرجل عندي وجماله وبهاؤه وعنوان رجولته ، والفارق بينه وبين وجوه النساء ، فهل يسعدك أن تكون في عين محبتك أجمل فتقر عيني فلا ترى بعدك بهاءً ولا جمالاً ؟!
كنت أشعر بأنه يتأثر بكلامي وكان في كل مرة يعدني خيراً ، وأنا أعلم بأنه لن يقتنع بين عشية وضحاها ، ولذلك كنت أتحين الفرصة ، تلو الفرصة وأزيد حماسه حين أربطه بالأجر العظيم من الله واقتفاء أثر أحبّ حبيب إلينا، وهو محمد صلى الله عليه وسلم وبعد خمسة أشهر من زواجي أطلقها بحمد الله وتوفيقه فرأى من شدة احتفائي وسعادتي ما ثبته أكثر بإذن الله .
ومع كل ما بذلته معه وما تحملت لأجل تحقق مطالبي ، لم أنس أبداً أعظم سبب وأقوى سلاح وهو الدعاء ، فكانت لي كل ليلة وقفة بين يدي الرحمن أرفع إليه حاجتي وأفزع ، وكنت أكثر من هذا الدعاء : "اللهم يا صارف الفيل عن الكعبة ، ويا صارف يوسف عن الفحشاء والمنكر ، اصرف قلب زوجي عما حرمت" . ولم يكن حلق اللحية وحده هو ما آخذه عليه إنما عرفت بعد زواجي بأشهر أنه مُدخن أيضاً ، وأن إخواني كانوا على علم بذلك ولم يخبروني ، ولكني تركت أمر الدخان جانباً وقلت : أحاول معه لكي يطلق لحيته أولاً ، فإذا أطلقها سيكره كل منكر بعدها وفعلاً .. بعد أن أطلق لحيته وثبت عليها بدأت أحدثه عن هذا الموضوع فكنت أقول : انظر إلى شكلك في المرآة ، هل يعقل أن تجد رجلاً ملتحياً ، عليه سيما الصلاح والتقوى ويدخن هذا الخبيث ؟!! أليس تناقضاً تأباه نفسك أولاً قبل أن يستنكره الآخرون ؟! أنت رجل مستقيم ، محافظ على الصلاة ، قد أطلقت لحيتك وقصرت ثوبك وسمعتك الآن طيبة عند الناس ، فكيف تسمح لهذا الخبيث أن يدنسها ويطفئ النور الذي يكسو وجهك الآن ........!!
لقد كان لإطلاق اللحية دور كبير في تركه للدخان ولغيره من المنكرات ، مع حرصي الشديد على أن لا أشعره بأني أقوم بدور الناصح الآمر الناهي وإنما أحدثه بكل رفق وذل ولين بعيداً عن رفع الصوت أو السخرية منه وتعييره .
وما هي إلا فترة قصيرة حتى صرفه عنه صارف الفيل عن الكعبة فجاهد نفسه على تركه حتى تركه نهائياً ...
لنتأمل
الحب ... الحب ... الحب .
في هذه الكلمة تكمن كل أسرار السعادة الزوجية ....
الحب : أقوى سلاح فعال تملكه المرأة .. وألذ شراب تعشقه القلوب البشرية ، فتظل تشرب منه دون أن تفتر ، لأن له سكرة عجيبة كلما شرب منه شارب ذاب في سكرته وخضع لساقيه أكثر ..
يقول صلى الله عليه وسلم : (( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن )) فتأملي هذا الحديث فهو بشرى لك ولكل امرأة تعاني من زوجها ، فمهما كان زوجك شديداً صارماً حازماً فإنك قادرة بعون الله وتوفيقه على أن تسلبي عقله وتفكيره وقلبه وتكوني بصمة قوية في حياته متى ما أسقيته من قلبك شراب الحب .
نعم .. من داخل قلبك استخرجي مفتاح قلبه فسعادة الرجل – والتي هي سعادتك أيضاً ، كلمة السر فيها على شفتيك ومفتاحها بيديك وليس بيده . الحب في قلبك عطر في زجاجة ومتى ما رفعت الغطاء وتركت شذى العطر يفوح في حياتكما فستملكين كل مفاتيح قلبه .
فإياك – ثم إياك – أن تحبسي العطر في زجاجة ....
برقتك معه ، بعذوبة حديثك ، ببشاشتك ودوام ابتسامتك ، بحركاتك الأنثوية الجذابة الفاتنة ، بحنانك وعطفك ورفقك به ، بإظهارك لكل مشاعر الحب وبكل صراحة ستكونين بصمة قوية في حياته وتملكين مجامع قلبه .
يقول الكاتب عبدالله الجعيثن : " حنان المرأة وأنوثتها ورقتها هي النبع الجميل الذي يذوب فيه رأس الرجل كما تذوب صخرة في عمق الماء .. " .
نعم بالحب : لا بالحرب تستجيب القلوب الرقيقة وتنصاع وتذوب ولو كانت جلمود صخر .... قد تقولين : لكني لا أحبه .. وطباعه وأخلاقه تجعلني أكرهه وأعامله بكل سوء إنه "ما يستاهل" أن أعطيه شيئاً من حبي واهتمامي .
إن المرأة التي تحب هي التي تستطيع أن تعطي ، أما أنا فلا أستطيع لأن فاقد الشيء لا يعطيه فأقول : ليس شرطاً أن تجدي في زوجك ما تحبينه لكي تعطيه جرعات الحب ، فهذه مقايضة ستؤدي بحياتك إلى الخسران والدمار وستسير حياتك من سيء إلى أسوأ ولن تنقطع المشكلات منها أبداً .
إنك إن وجدت ما تحبين في زوجك فلن تحتاجي إلى تغييره والتأثير عليه فهو الحبيب وأنت المحبة ولا غبار يلوث حياتكما ... لكن إن وجدت في زوجك مالا تحبينه ، فبالحب ستغرسين كل ما تحبين فيه وبكل قوة ستؤثرين عليه .
وتأملي هذا السر الجميل في نجاح هذه التجربة في قصة أختنا هذه .. فزوجها ليس كما تحب وتتمنى لا ديناً ولا خلقاً ، ومع ذلك قهرت بكل قوة وعزيمة مشاعر الحزن وعدم الرضا التي وجدتها في قلبها وجعلت مكانها سحر الحب الأخاذ الذي سحر فؤاد زوجها وأصبح طيعاً هيناً ليناً عاشقاً لها وساعياً في رضاها ما استطاع ، قد يكون في ذلك شيء من الصعوبة وبالذات في البداية وعند فئة الحساسات بالذات ، ولكنها ضريبة النجاح وستصبح فيما بعد متعة وليست صعوبة . فتحملي بعض التنازلات والتضحيات والصعوبات في البداية فقط ثم ستحمدين العاقبة بعدها – بإذن الله - .
عاملي زوجك كأنه أحب حبيب إلى قلبك ، وسيكون يوماً ما أحب حبيب إلى قلبك فعلاً .
* نستفيد من هذه القصة : أن إطلاق اللحية – باعتبارها رمزاً للتدين في مجتمعنا – سبب كبير في تغيير كثير من الطباع والمنكرات في الزوج ، ولذلك من الخير أن تبدأ المرأة بإقناع زوجها على إطلاق لحيته أولاً ، ثم سيكون ما بعدها أيسر – بإذن الله –
قالت : " كان من شروط موافقتي على زوج المستقبل ألا يكون مدخناً ، ولكن شاء الله أن يتقدم إلينا شاب من عائلة طيبة ، محافظ على الصلاة ومستقيم فوافقت عليه .
وبعد عقد القران عرفت أنه مدخن ، فأصبت بصدمة عنيفة ... ولكن ما حيلتي وقد عقد قراني ودنا زفافي وعلم الناس بزواجي .
فكرت كثيراً : ماذا يجب عليّ أن أفعله ؟ وخرجت بعد تفكيري بعزيمة قوية على أن أجعله يترك هذا البلاء .
قمت وصليت ركعتين سألت الله فيها بإلحاح أن يفتح عليَّ بحسن التصرف معه وأن يهديه لتركه ويبغضه إلى قلبه وأن يكون برحمته عوناً لي في مهمتي هذه .
وفي ليلة الزفاف وبعد أن ذهبنا إلى شقتنا أخذت أتنقل بين الغرف فوجدت طفاية سجائر وبها بقايا ، فالتفت إليه وقلت له : ما هذا ؟ سجائر في بيتي ؟ بعد اليوم لا أريد رفاقك الذين يدخنون أن يدخلوا بيتي ، ولم أتهمه هو بالتدخين ولم أظهر له معرفتي بذلك ، ثم أخذت الطفاية ، وألقيت بها في سلة المهملات ، فتلعثم لي بادئ الأمر إلا أنه وعدني بتلبية طلبي ، وفي الصباح أخذ علبة السجائر والولاعة وأخفاهما في السيارة فكان كلما اشتاق لهذا السم نزل بحجة ، وعندما ينتهي يعود برائحته النتنة ، وكنت لا أتغاضى عن أي شيء أراه أو أشمه في ملابسه ، فأستنكر الرائحة وآخذ الملابس منه وأبعدها ولا أسمح أن تبقى على جسده ولو لثواني ، وأدعو للأشخاص المدخنين بالهداية .
وهكذا في كل مرة تقع عيني على بقايا سجائر بالسيارة أو أشم رائحتها يكثر لي من الأعذار بأنه أوصل فلاناً وعلاناً .. وداوم على هذه الحال فترة حتى انقطع عنه بالتدريج وأصبح الآن لا يدخن بتاتاً .
وقد لاحظ بعض أقاربه بأنه لا يدخن فسألوني : ما الذي فعلته ؟ فأنكرت معرفتي بتدخينه وقلت : " إنها قد تكون نزوة " .
لنتأمل
1. هذه التجربة تنفع : حينما تعلم المرأة عن زوجها أمراً سيئاً كالتدخين ولا يدري أنها تدري ، ولم تخبره بعد ... وهو يحاول إخفاءه عنها .
وأسلوب التغافل هذا مفيد جداً في علاج الكثير من المشاكل والأخطاء مع الزوج أو غيره ، لأنه طريق غير مباشر لا يجرح الشخص ، ويجعل الزوج يتشجع في ترك ما هو عليه حتى لا تتغير صورته عند زوجته .
والزوجة التي تحرص على فضح زوجها أمام نفسه وإخباره بأنها تعلم وتعتقد بأن سكوتها يشجعه على النفاق تعتبر مخطئة ، لأن هذا الأسلوب يشجعه على المجاهرة بالمعصية أمامها دون حياء أو مراعاة لمشاعرها فتكون مصيبتها في هذه الحالة مصيبتين.
2. لابد من عدم التسامح أو السكوت عن أي منكر : مهما تكرر كثيراً من الزوج فقد ظلت أختنا تنكر رائحة الدخان كلما شمتها سواء في البيت أو في السيارة .. لأن السكوت يشجع الزوج على الاستمرار ويجعله يعتقد بأنك رضخت للواقع ورضيت به، بعكس الاستنكار الدائم فإنه يحاصر المنكر حتى تضيق دائرته ثم ينهيه.
3. إتمام المعروف لطيفة من لطائف هذه القصة : حيث لم تعنفه بعد الهداية أو تخبره بأنها كانت على علم ، أو أنها سبب هدايته ، ولم تخبر الناس أيضاً بل قالت لهم حين سألوها عن السر : " ربما كانت نزوة .. "
4. المعافاة من أي بلاء لا تكون بين تغميضة جفن وانتباهتها : وإنما بالتدرج ولذا يتطلب الأمر صبراً عظيماً وعدم يأس ، وليبشر الصابر بمعية الله تعالى ، ومن كان الله معه فسيوفقه ، ويسدده ويثبته ويعينه ويعطيه مطلبه، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ .
والصابر له أجر لا حد له ولا منتهى ، بعكس باقي الأعمال الصالحة ، فعلى قدر عمل الإنسان يؤجر ويجازى ، أما الصابر فأجره بلا حدود يقول تعالى : ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ . ألا تكفي هذه البشرية لتحفز المرأة على الصبر الجميل على ما تلاقيه من معاناة مع زوجها ، مقابل أجور من يد الكريم المنّان لا حد لها ولا منتهى؟!
أ
--------------------------------------------------------------------------------
(3) وجدته حليق اللحية
قالت ( أ، ع) : تقدم لي شاب فوافق إخواني عليه ومدحوه لي كثيراً ، لأنهم كانوا يعرفونه ويحبونه وحاولوا إقناعي بقبوله فقبلت .
وبعد عقد قراني عليه أحضروا لي صورته لأراه فما كادت عيني تقع على صورته حتى ضاقت بي الدنيا بما رحبت ، لأني وجدته حليق اللحية . غضبت من إخواني وقلت لهم : تعلمون بأن شرطي الوحيد فيمن يرغب الارتباط بي أن يكون ملتزماً ، مستقيماً على أمر الله ، فلماذا خدعتموني ؟ فقالوا : إن في الرجل مميزات كثيرة تغطي على عيوبه ، ولن نرده من أجل " لحية " ، بإمكانك بعد الزواج إقناعه كي يُطلقها ، ثم رفضوا طلبي بفسخ عقد النكاح.
رضيت بالأمر الواقع وحمدت الله على كل حال ، وسألت الله أن يجعل في هذا الأمر "خيرة" وبعدها بدأت أهيء قلبي لتقبل هذا الزوج الذي لم يكن يوماً ما حلم حياتي .. أقنعت نفسي بأنه أصبح زوجي الآن ولا مفر من ذلك ، وأنه ينبغي عليَّ بدلاً من التسخط والحزن أن أعمل جاهدة كي أؤثر عليه وأغيره حتى يصبح الزوج الذي ظللت أحلم به .
وبعد الزواج بدأت رحلة الجهاد الكبير معه والذي جعلت سلاحي فيه هو : "الحب " ... "الحب" بسحره الأخاذ .
لقد كنت أعرف بأني لن أتمكن من تغييره إلا إذا اكتسبت قلبه أولاً ، ولن أكسب قلبه إلا إذا أحبني ، ولن يحبني إلا إذا رأى حسن خلقي ، وسعة صدري ، وكل ما يحبه فيَّ ، ومتى ما ملكت الزوجة قلب زوجها وأصبح يحبها حباً عظيماً فسيصبح طوعاً لها ، ومستجيباً لها في كل ما تطلبه منه . يقول الشاعر :
إن المحب لمن يحب مطيع
ولذلك تركت الإنكار عليه في البداية وركزت على إسعاده في كل ما يطلبه مني وما لا يطلب ، كنت أظهر له أحاسيس الحب وأعبر بها صراحة ، وأؤكدها بالحرص على ما يرضيه، ولو كرهته نفسي لأن الرجل لا يعرف مقدار حب المرأة له وتقديرها له إلا من خلال طاعتها له في كل ما يأمرها به – في غير معصية الله – ولو كانت نفسها تكره بعض ما يطلبه أو يشق عليها .
ومن خلال حرصها على إرضائه في أكله وحال نومه وبيته وتهيؤها الدائم ، له فلا يراها إلا في أجمل صورة وأكمل زينة .. فقد كنت لا أدع التزين له حتى ولو كنت غاضبة منه ، وربما جرحني بكلمة أو أهانني أو ظلمني ثم خرج ، فأكفكف دموعي وأقوم لأستعد له وكأن شيئاً لم يكن ، فإذا عاد قربت له قهوته ، ووضعت لقمة في فمه ، وأهش له وأبتسم حتى إذا قام من عندي عدت إلى دموعي من جديد .
أفعل ذلك وأنا أتذكر قول الله تعالى : ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ وهذا ما حصل فعلاً .. فقد وقع في حبي حتى أخمص قدميه وأصبح يحرص – بفضل الله تعالى – على أن لا يعكر صفو علاقتنا الحميمة أي شيء ولذلك يحرص على رضاي وإسعادي لتدوم سعادته .
وبعدها بدأت أنتهز الفرصة لتذكيره بموضوع اللحية فكنت أضع يدي على وجهه وأنا أمسحه بحنان فأقول له : سبحان من صاغ الجمال وصوره ، وجهك جميل لكنه لن يكون في عيني أجمل إلا حين تزينه بلحية كثة سوداء ، إنها زينة الرجل عندي وجماله وبهاؤه وعنوان رجولته ، والفارق بينه وبين وجوه النساء ، فهل يسعدك أن تكون في عين محبتك أجمل فتقر عيني فلا ترى بعدك بهاءً ولا جمالاً ؟!
كنت أشعر بأنه يتأثر بكلامي وكان في كل مرة يعدني خيراً ، وأنا أعلم بأنه لن يقتنع بين عشية وضحاها ، ولذلك كنت أتحين الفرصة ، تلو الفرصة وأزيد حماسه حين أربطه بالأجر العظيم من الله واقتفاء أثر أحبّ حبيب إلينا، وهو محمد صلى الله عليه وسلم وبعد خمسة أشهر من زواجي أطلقها بحمد الله وتوفيقه فرأى من شدة احتفائي وسعادتي ما ثبته أكثر بإذن الله .
ومع كل ما بذلته معه وما تحملت لأجل تحقق مطالبي ، لم أنس أبداً أعظم سبب وأقوى سلاح وهو الدعاء ، فكانت لي كل ليلة وقفة بين يدي الرحمن أرفع إليه حاجتي وأفزع ، وكنت أكثر من هذا الدعاء : "اللهم يا صارف الفيل عن الكعبة ، ويا صارف يوسف عن الفحشاء والمنكر ، اصرف قلب زوجي عما حرمت" . ولم يكن حلق اللحية وحده هو ما آخذه عليه إنما عرفت بعد زواجي بأشهر أنه مُدخن أيضاً ، وأن إخواني كانوا على علم بذلك ولم يخبروني ، ولكني تركت أمر الدخان جانباً وقلت : أحاول معه لكي يطلق لحيته أولاً ، فإذا أطلقها سيكره كل منكر بعدها وفعلاً .. بعد أن أطلق لحيته وثبت عليها بدأت أحدثه عن هذا الموضوع فكنت أقول : انظر إلى شكلك في المرآة ، هل يعقل أن تجد رجلاً ملتحياً ، عليه سيما الصلاح والتقوى ويدخن هذا الخبيث ؟!! أليس تناقضاً تأباه نفسك أولاً قبل أن يستنكره الآخرون ؟! أنت رجل مستقيم ، محافظ على الصلاة ، قد أطلقت لحيتك وقصرت ثوبك وسمعتك الآن طيبة عند الناس ، فكيف تسمح لهذا الخبيث أن يدنسها ويطفئ النور الذي يكسو وجهك الآن ........!!
لقد كان لإطلاق اللحية دور كبير في تركه للدخان ولغيره من المنكرات ، مع حرصي الشديد على أن لا أشعره بأني أقوم بدور الناصح الآمر الناهي وإنما أحدثه بكل رفق وذل ولين بعيداً عن رفع الصوت أو السخرية منه وتعييره .
وما هي إلا فترة قصيرة حتى صرفه عنه صارف الفيل عن الكعبة فجاهد نفسه على تركه حتى تركه نهائياً ...
لنتأمل
الحب ... الحب ... الحب .
في هذه الكلمة تكمن كل أسرار السعادة الزوجية ....
الحب : أقوى سلاح فعال تملكه المرأة .. وألذ شراب تعشقه القلوب البشرية ، فتظل تشرب منه دون أن تفتر ، لأن له سكرة عجيبة كلما شرب منه شارب ذاب في سكرته وخضع لساقيه أكثر ..
يقول صلى الله عليه وسلم : (( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن )) فتأملي هذا الحديث فهو بشرى لك ولكل امرأة تعاني من زوجها ، فمهما كان زوجك شديداً صارماً حازماً فإنك قادرة بعون الله وتوفيقه على أن تسلبي عقله وتفكيره وقلبه وتكوني بصمة قوية في حياته متى ما أسقيته من قلبك شراب الحب .
نعم .. من داخل قلبك استخرجي مفتاح قلبه فسعادة الرجل – والتي هي سعادتك أيضاً ، كلمة السر فيها على شفتيك ومفتاحها بيديك وليس بيده . الحب في قلبك عطر في زجاجة ومتى ما رفعت الغطاء وتركت شذى العطر يفوح في حياتكما فستملكين كل مفاتيح قلبه .
فإياك – ثم إياك – أن تحبسي العطر في زجاجة ....
برقتك معه ، بعذوبة حديثك ، ببشاشتك ودوام ابتسامتك ، بحركاتك الأنثوية الجذابة الفاتنة ، بحنانك وعطفك ورفقك به ، بإظهارك لكل مشاعر الحب وبكل صراحة ستكونين بصمة قوية في حياته وتملكين مجامع قلبه .
يقول الكاتب عبدالله الجعيثن : " حنان المرأة وأنوثتها ورقتها هي النبع الجميل الذي يذوب فيه رأس الرجل كما تذوب صخرة في عمق الماء .. " .
نعم بالحب : لا بالحرب تستجيب القلوب الرقيقة وتنصاع وتذوب ولو كانت جلمود صخر .... قد تقولين : لكني لا أحبه .. وطباعه وأخلاقه تجعلني أكرهه وأعامله بكل سوء إنه "ما يستاهل" أن أعطيه شيئاً من حبي واهتمامي .
إن المرأة التي تحب هي التي تستطيع أن تعطي ، أما أنا فلا أستطيع لأن فاقد الشيء لا يعطيه فأقول : ليس شرطاً أن تجدي في زوجك ما تحبينه لكي تعطيه جرعات الحب ، فهذه مقايضة ستؤدي بحياتك إلى الخسران والدمار وستسير حياتك من سيء إلى أسوأ ولن تنقطع المشكلات منها أبداً .
إنك إن وجدت ما تحبين في زوجك فلن تحتاجي إلى تغييره والتأثير عليه فهو الحبيب وأنت المحبة ولا غبار يلوث حياتكما ... لكن إن وجدت في زوجك مالا تحبينه ، فبالحب ستغرسين كل ما تحبين فيه وبكل قوة ستؤثرين عليه .
وتأملي هذا السر الجميل في نجاح هذه التجربة في قصة أختنا هذه .. فزوجها ليس كما تحب وتتمنى لا ديناً ولا خلقاً ، ومع ذلك قهرت بكل قوة وعزيمة مشاعر الحزن وعدم الرضا التي وجدتها في قلبها وجعلت مكانها سحر الحب الأخاذ الذي سحر فؤاد زوجها وأصبح طيعاً هيناً ليناً عاشقاً لها وساعياً في رضاها ما استطاع ، قد يكون في ذلك شيء من الصعوبة وبالذات في البداية وعند فئة الحساسات بالذات ، ولكنها ضريبة النجاح وستصبح فيما بعد متعة وليست صعوبة . فتحملي بعض التنازلات والتضحيات والصعوبات في البداية فقط ثم ستحمدين العاقبة بعدها – بإذن الله - .
عاملي زوجك كأنه أحب حبيب إلى قلبك ، وسيكون يوماً ما أحب حبيب إلى قلبك فعلاً .
* نستفيد من هذه القصة : أن إطلاق اللحية – باعتبارها رمزاً للتدين في مجتمعنا – سبب كبير في تغيير كثير من الطباع والمنكرات في الزوج ، ولذلك من الخير أن تبدأ المرأة بإقناع زوجها على إطلاق لحيته أولاً ، ثم سيكون ما بعدها أيسر – بإذن الله –
4) هجر الزوج
جلست " أم عبدالرحمن " تروي لي قصتها المؤلمة والتي تغص بالعبر والعظات فقالت : "بعد ثماني سنوات من زواجي ، وحين كنت عند أهلي وقد انقضت العشرون الأولى من نفاسي ، لاحظت أن زوجي تغير عليَّ فجأة وهجرني تماماً .. فقد كان يتصل علينا كل يوم ، ويسأل عن أبنائه ولكن ما عاد يتصل أبداً ، وإذا اتصلت به لا يرد أو يختصر المكالمة في كلمتين ثم ينهيها بسرعة ، أما إذا طلبت منه أغراضاً ليشتريها ، ويضعها عند باب أهلي ثم يذهب دون أن يدخل كالعادة ليسلم عليَّ وعلى أبنائه ، وكلما سألته عن سبب هذا الانقطاع تعذر بأنه مشغول جداً .
وبعد تمام الأربعين تهيأت للعودة إلى بيتي كما تتهيأ العروس عند زفافها إلى زوجها .. ووصلت للمنزل وانتظرت ذلك الاستقبال المفعم بالشوق والذي عودني زوجي أن يستقبلني به كلما عدت إليه بعد غياب طويل . ولكن ، يبدو أن انتظاري سيطول ، فقد أدخلني بيتي ثم خرج ولم يعد إلا الفجر .
تحدثت إليه .. ولكنه لم يتحدث معي ..
هجرني في الفراش .. وفي الحديث وفي الجلوس لم يعد يجلس معي ولو لشرب كوب من الشاي أصبت بصدمة عنيفة ، وبكيت حتى نضب دمعي ، وحاولت أن أتذكر ذنباً جنيته فما وجدت . وجثوت على ركبتي بين يديه أبكي ، وأتوسل إليه أن يخبرني ما به وماذا جنيت ؟! ولكن دون جدوى .
لقد فقدت حبيبي ... زوجي الذي لا تسكن نفسي إلا بقربه ... وفقدت بعده طعم الحياة . ولم يعد لي في الحياة سوى معنى واحد فقط .. هو البكاء .. دموع تلو دموع تحاول أن تبلل جفاف حياتي ... حتى انتهيت إلى المستشفي وأصبحت أعالج من حالة نفسية سيئة .
بعد فترة من الزمن قدر الله أن أتذكر صاحبة لي ذات دين وعقل وحكمة ، فاتصلت بها وشكوت لها مأساتي لعلي أجد عندها حلاً .
وبدأت تنهال عليَّ نصائحها كالماء العذب أُرسل على نار ..ذكرتني بالعزيز الرحيم في وقت كنت أحوج ما أكون لمثل هذا التذكير .. قالت لي إنه ابتلاء من الله ولابد أن تخرجي من هذا البلاء فائزة برضاه والجنة .. اصبري فالله مع الصابرين .
تحسّني إلى زوجك وأكرميه كما لو كان أبر رجل في الدنيا ، ولا تلتفتي لما يفعله معك ولا تنتظري منه جزاءً ولا شكوراً ، وإنما انتظري من الله فقط وأبشري فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً . الزمي الاستغفار والدعاء ، وانتظري بعده الفرج .
انتقلت إلى رحاب الإيمان .. ولزمت الدعاء ليلي ونهاري ... وما جف لساني من الاستغفار ومن الدعاء أزيد وأقول : " حسبنا الله ونعم الوكيل " .
قمت إلى زوجي أُرضي الله تعالى فيه .. وأرجو ما عند الله لا ما عنده ، أُحسن إليه وهو يسيء إليَّ .. أحلم كلما غضب وأعفو .. أكرمه وأحترمه وأحسن استقباله وآمر أطفالي باحترامه والقيام له إذا أقبل وتقبيل رأسه .. كنت أدعو له كثيراً وهو يسمع وأسأل الله أن يحفظه ذخراً لهذا البيت الذي لا يستغني عنه .. والدعاء للشخص وهو يسمع كلما أقبل وكلما أحسن إليك وأحضر شيئاً من أعظم ما يقرب بين القلوب ويلينها ويؤلف بينها .
تقربت إليه بكل ما كان يحبه قبل الهجر من طعام وشراب ولباس ، حتى إني لأتزين له كل ليلة قبل منامه ، وكأنني عروس تزف لزوجها .. ما بين عطور .. ماكياج .. إكسسوارات .. ملابس أجددها بين فترة وأخرى .. رغم أنه – وأقسم بالله على ذلك – لا يرفع إليَّ ولو حتى طرفه بل وهاجر لفراشي .. وإنما كنت أفعل ذلك إرضاء لله ، وحتى لا أكون عند الله مقصرة في حقوقه .. مرت الأيام القاسية وهذا هو دأبي معه .
وكلما مللت أو يأست اتصلت بصديقتي تلك فثبتتني وذكرتني حتى أصبر .
وبعد سنة كاملة وفي ليلة بلغت فيها حداً من المعاناة والتعب النفسي مالا أطيق بعده صبراً ؛ اتصلت بصديقتي أبكي ، فقالت : إذا أقبل الثلث الأخير من هذه الليلة فقومي إلى سجادتك وأكثري من الصلاة والدعاء وألحي على الله بالدعاء ولا تفتري ولا تيأسي ، ثم استغفري الله بكثرة حتى يتردد آذان الفجر ورددي : " حسبنا الله ونعم الوكيل " .
أخذت بنصيحتها وقمت تلك الليلة التي ما نمت فيها أصلاً من كثرة البكاء والدموع ، انطرحت بين يدي أرحم الراحمين وجعلت أنادي : يا فارج كربات المكروبين رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ..." ثم وضعت رأسي على المخدة وأنا أنتظر الفجر وجلست أستغفر الله وأردد ( حسبي الله ونعم الوكيل ) .
ثم في الصباح قمت لأبنائي لأعدهم للذهاب إلى المدرسة . ثم لما ذهبوا ذهبت إلى غرفتي وأنا أظن زوجي نائماً ففوجئت به مستيقظاً وجالساً بجانب المدفأة ، فتراجعت إلى الخلف وخرجت فلما خرجت سمعت صوته يناديني " يا فلانة " ، فالتفت إليه فإذا بتلك الابتسامة كأنها فلقة قمر ، والتي ما رأيتها على محياه سنة كاملة . وإذا به يقول : " تعالي إلى جانبي " .
لم أصدق ما رأت عيني وما سمعت أذني ، وطرت إليه كعصفورة أطلقت من قفص ، وتهاطلت دموع الفرح مدراراً وحمدت الله تعالى على ما فرج وعافى وأعاد لي زوجي كما كان .
لنتأمل
1. عزلة الزوج وهجره لزوجته من أقسى وأشد البلاءات : التي تمر على الزوجة ولذلك من شدتها ، جعلها الله أحد أسباب تأديب المرأة الناشز التي وردت في القرآن الكريم . وهجر الزوج وبالذات إذا طال قد يصل بالمرأة إلى حالة نفسية متردية تضطرها إلى العلاج والمستشفيات ... فلله درك .. من يطيق ما تطيقين يا أم عبدالرحمن .
2. المرأة كالوردة : إذا لم يسقها الرجل حباً ودلالاً وتشجيعاً واهتماماً فإنها لا تحيا .. ولكن هذه الزوجة المفجوعة في حبيبها ورغم حالتها النفسية السيئة أحياها الإيمان وحب رضا الرحمن ، وشجعها فعملت دون أن ترى مقابلاً ودفعت السيئة بأحسن منها ، وصبرت حتى فازت وظفرت ، وهذا من أعظم أسرار هذه القصة .. وإلا فمن من تطيق أن تصبر على هجر زوجها وأذيته سنة كاملة وتقابل ذلك بالتلطف والتحبب والتزين والتجمل ، وكأنه أحب حبيب إلى القلب !! .
3. الدعاء والاستغفار : في هذه القصة من أقوى الأسباب في علاجها ، وابن القيم رحمه الله يؤكد ذلك بقوله :"الدعاء والاستغفار من أنفع الأدوية ، وهو عدو البلاء ويدفعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل ، وهو سلاح المؤمن كما روى الحاكم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض )) .
وله مع البلاء ثلاث مقامات : أحدها : أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه . والثاني : أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفاً. والثالث : أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه ، وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة )) وقد روى الحاكم من حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يرد القضاء إلا الدعاء .. ))( ) .
جلست " أم عبدالرحمن " تروي لي قصتها المؤلمة والتي تغص بالعبر والعظات فقالت : "بعد ثماني سنوات من زواجي ، وحين كنت عند أهلي وقد انقضت العشرون الأولى من نفاسي ، لاحظت أن زوجي تغير عليَّ فجأة وهجرني تماماً .. فقد كان يتصل علينا كل يوم ، ويسأل عن أبنائه ولكن ما عاد يتصل أبداً ، وإذا اتصلت به لا يرد أو يختصر المكالمة في كلمتين ثم ينهيها بسرعة ، أما إذا طلبت منه أغراضاً ليشتريها ، ويضعها عند باب أهلي ثم يذهب دون أن يدخل كالعادة ليسلم عليَّ وعلى أبنائه ، وكلما سألته عن سبب هذا الانقطاع تعذر بأنه مشغول جداً .
وبعد تمام الأربعين تهيأت للعودة إلى بيتي كما تتهيأ العروس عند زفافها إلى زوجها .. ووصلت للمنزل وانتظرت ذلك الاستقبال المفعم بالشوق والذي عودني زوجي أن يستقبلني به كلما عدت إليه بعد غياب طويل . ولكن ، يبدو أن انتظاري سيطول ، فقد أدخلني بيتي ثم خرج ولم يعد إلا الفجر .
تحدثت إليه .. ولكنه لم يتحدث معي ..
هجرني في الفراش .. وفي الحديث وفي الجلوس لم يعد يجلس معي ولو لشرب كوب من الشاي أصبت بصدمة عنيفة ، وبكيت حتى نضب دمعي ، وحاولت أن أتذكر ذنباً جنيته فما وجدت . وجثوت على ركبتي بين يديه أبكي ، وأتوسل إليه أن يخبرني ما به وماذا جنيت ؟! ولكن دون جدوى .
لقد فقدت حبيبي ... زوجي الذي لا تسكن نفسي إلا بقربه ... وفقدت بعده طعم الحياة . ولم يعد لي في الحياة سوى معنى واحد فقط .. هو البكاء .. دموع تلو دموع تحاول أن تبلل جفاف حياتي ... حتى انتهيت إلى المستشفي وأصبحت أعالج من حالة نفسية سيئة .
بعد فترة من الزمن قدر الله أن أتذكر صاحبة لي ذات دين وعقل وحكمة ، فاتصلت بها وشكوت لها مأساتي لعلي أجد عندها حلاً .
وبدأت تنهال عليَّ نصائحها كالماء العذب أُرسل على نار ..ذكرتني بالعزيز الرحيم في وقت كنت أحوج ما أكون لمثل هذا التذكير .. قالت لي إنه ابتلاء من الله ولابد أن تخرجي من هذا البلاء فائزة برضاه والجنة .. اصبري فالله مع الصابرين .
تحسّني إلى زوجك وأكرميه كما لو كان أبر رجل في الدنيا ، ولا تلتفتي لما يفعله معك ولا تنتظري منه جزاءً ولا شكوراً ، وإنما انتظري من الله فقط وأبشري فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً . الزمي الاستغفار والدعاء ، وانتظري بعده الفرج .
انتقلت إلى رحاب الإيمان .. ولزمت الدعاء ليلي ونهاري ... وما جف لساني من الاستغفار ومن الدعاء أزيد وأقول : " حسبنا الله ونعم الوكيل " .
قمت إلى زوجي أُرضي الله تعالى فيه .. وأرجو ما عند الله لا ما عنده ، أُحسن إليه وهو يسيء إليَّ .. أحلم كلما غضب وأعفو .. أكرمه وأحترمه وأحسن استقباله وآمر أطفالي باحترامه والقيام له إذا أقبل وتقبيل رأسه .. كنت أدعو له كثيراً وهو يسمع وأسأل الله أن يحفظه ذخراً لهذا البيت الذي لا يستغني عنه .. والدعاء للشخص وهو يسمع كلما أقبل وكلما أحسن إليك وأحضر شيئاً من أعظم ما يقرب بين القلوب ويلينها ويؤلف بينها .
تقربت إليه بكل ما كان يحبه قبل الهجر من طعام وشراب ولباس ، حتى إني لأتزين له كل ليلة قبل منامه ، وكأنني عروس تزف لزوجها .. ما بين عطور .. ماكياج .. إكسسوارات .. ملابس أجددها بين فترة وأخرى .. رغم أنه – وأقسم بالله على ذلك – لا يرفع إليَّ ولو حتى طرفه بل وهاجر لفراشي .. وإنما كنت أفعل ذلك إرضاء لله ، وحتى لا أكون عند الله مقصرة في حقوقه .. مرت الأيام القاسية وهذا هو دأبي معه .
وكلما مللت أو يأست اتصلت بصديقتي تلك فثبتتني وذكرتني حتى أصبر .
وبعد سنة كاملة وفي ليلة بلغت فيها حداً من المعاناة والتعب النفسي مالا أطيق بعده صبراً ؛ اتصلت بصديقتي أبكي ، فقالت : إذا أقبل الثلث الأخير من هذه الليلة فقومي إلى سجادتك وأكثري من الصلاة والدعاء وألحي على الله بالدعاء ولا تفتري ولا تيأسي ، ثم استغفري الله بكثرة حتى يتردد آذان الفجر ورددي : " حسبنا الله ونعم الوكيل " .
أخذت بنصيحتها وقمت تلك الليلة التي ما نمت فيها أصلاً من كثرة البكاء والدموع ، انطرحت بين يدي أرحم الراحمين وجعلت أنادي : يا فارج كربات المكروبين رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ..." ثم وضعت رأسي على المخدة وأنا أنتظر الفجر وجلست أستغفر الله وأردد ( حسبي الله ونعم الوكيل ) .
ثم في الصباح قمت لأبنائي لأعدهم للذهاب إلى المدرسة . ثم لما ذهبوا ذهبت إلى غرفتي وأنا أظن زوجي نائماً ففوجئت به مستيقظاً وجالساً بجانب المدفأة ، فتراجعت إلى الخلف وخرجت فلما خرجت سمعت صوته يناديني " يا فلانة " ، فالتفت إليه فإذا بتلك الابتسامة كأنها فلقة قمر ، والتي ما رأيتها على محياه سنة كاملة . وإذا به يقول : " تعالي إلى جانبي " .
لم أصدق ما رأت عيني وما سمعت أذني ، وطرت إليه كعصفورة أطلقت من قفص ، وتهاطلت دموع الفرح مدراراً وحمدت الله تعالى على ما فرج وعافى وأعاد لي زوجي كما كان .
لنتأمل
1. عزلة الزوج وهجره لزوجته من أقسى وأشد البلاءات : التي تمر على الزوجة ولذلك من شدتها ، جعلها الله أحد أسباب تأديب المرأة الناشز التي وردت في القرآن الكريم . وهجر الزوج وبالذات إذا طال قد يصل بالمرأة إلى حالة نفسية متردية تضطرها إلى العلاج والمستشفيات ... فلله درك .. من يطيق ما تطيقين يا أم عبدالرحمن .
2. المرأة كالوردة : إذا لم يسقها الرجل حباً ودلالاً وتشجيعاً واهتماماً فإنها لا تحيا .. ولكن هذه الزوجة المفجوعة في حبيبها ورغم حالتها النفسية السيئة أحياها الإيمان وحب رضا الرحمن ، وشجعها فعملت دون أن ترى مقابلاً ودفعت السيئة بأحسن منها ، وصبرت حتى فازت وظفرت ، وهذا من أعظم أسرار هذه القصة .. وإلا فمن من تطيق أن تصبر على هجر زوجها وأذيته سنة كاملة وتقابل ذلك بالتلطف والتحبب والتزين والتجمل ، وكأنه أحب حبيب إلى القلب !! .
3. الدعاء والاستغفار : في هذه القصة من أقوى الأسباب في علاجها ، وابن القيم رحمه الله يؤكد ذلك بقوله :"الدعاء والاستغفار من أنفع الأدوية ، وهو عدو البلاء ويدفعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل ، وهو سلاح المؤمن كما روى الحاكم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض )) .
وله مع البلاء ثلاث مقامات : أحدها : أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه . والثاني : أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفاً. والثالث : أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه ، وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة )) وقد روى الحاكم من حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يرد القضاء إلا الدعاء .. ))( ) .
5) "دش" في منزلي
قبل أن أحكي لكم تجربة أختنا أحب أن ألف انتباهكم إلى أمر مهم :
دخول الدش إلى المنزل ليس سهلاً حتى تتساهل المرأة في السماح لزوجها بإدخاله متى ما رغب في ذلك ، فإذا كان الرجل غير مفتون به ، لا يخرج لأجل مشاهدته كل يوم إلى المقاهي والاستراحات ، ولديك في البيت أبناء مراهقون ، أو كنت من النوع الذي يفتتن به ولو دخل بيتك لانشغلت به عن بيتك وأطفالك وكان له خطورة على دينك وأخلاقك وقلبك ، فإنه في هذه الحالة عند توفر أحد هذه الأسباب فلابد أن تكوني صارمة وحازمة وتمنعي دخوله إلى بيتك منعاً باتاً .
وقد حدثتني إحدى الأخوات عن تجربتها في منع إدخال الدش للأسباب السابقة .فقالت : أخبرني زوجي بأنه سيحضر طبق الدش في المنزل فرفضت رفضاً شديداً ولما جاء الغد ، دخل به عليَّ في المنزل فلما رأيته بيده قمت من مكاني غاضبة ، وقلت : ( والله إن دخل بيتي خرجت أنا منه ) وظل طول ذلك اليوم موجوداً لم يخرجه ولم يركبه ، ثم جاء الغد حمله بين يديه وخرج به .
وستحدثنا الآن أم نايف عن تجربتها مع مصيبة "الدش" حين حلت في بيتها فقالت : "كان زوجي من الشباب الذين فتنوا بهذا الجهاز ، لدرجة أنه كان يخرج من عندي كل يوم أربعاء وخميس وجمعة من بعد صلاة العشاء وحتى الفجر ليسهر مع شلة من رفاقه في أحد المقاهي أو الاستراحات .. وكان بعضهم مدخنين ، عدا غيرهم من رواد هذا المقهى والذين لا تؤمن فتنتهم على دينه وخلقه وأفكاره .
لقد طلب مني السماح له بإدخاله في البيت أكثر من مرة ولكني كنت أرفض ... ثم في آخر مرة فكرت بإمعان ما إذا كانت مصلحة إدخاله تترجح على منعها أم لا :
فأولاً : وجدت أبنائي لا زالوا صغاراً جداً وأرجو خروجه قبل أن يكبروا ، وقد لاحظت أن زوجة أخيه ظلت ترفض دخوله منذ كان أبناؤها صغاراً فلما كبروا وأصبحوا في سن المراهقة الخطرة أدخله زوجها دون إذنها ورضاها وهي الآن تكتوي بناره ليل نهار .
ثانياً : أرجو في إدخاله درء مفسدة أعظم ، وهو السهر في المقاهي مع شلل لا يؤتمنون في دينهم وأخلاقهم وبين أفجر القنوات وأسوأها .
ثالثاً : أنا جربت نفسي مع الدش وأجدني لا أحبه ولا أضعف أمام إغراءاته أبداً في أي مكان أجده ، ولذلك حينما دخل بيتي ما كنت أفتحه في غياب زوجي أبداً ، ولا أتابعه حال حضوره ، بعكس بعض النساء اللاتي لو دخل في بيت إحداهن لفسدت هي قبل زوجها وأبنائها ، وبعد تفكير طويل أخبرت زوجي أني موافقة على إدخاله لبيتي ولكن بشروط :
1. أن يقتصر وجوده على غرفة نومنا فقط ، دون باقي غرف البيت .
2. أن يترك تماماً عادة الخروج إلى المقهى والسهر إلى الفجر في أيام الأربعاء والخميس والجمعة .
3. أن يخرجه من البيت إذا كبر أبنائي .
وافق زوجي على شروطي ونفذها وأصبح لا يسهر مع رفاقه كالسابق أبداً .
وحل الضيف البغيض في بيتي ، وعشت الأيام الأولى معه في حالة نفسية يرثى لها خشية من حلول العقوبة في بيتنا أو خوفاً من تأثيره على سلوك زوجي .
لم يكن إدخاله هو الحل لمشكلة زوجي وإنما الخطوة الأولى في طريق الحل .. إذا الحل الصحيح هو إخراجه تماماً .
كان لديَّ يقين بأن إخراجه من منزلي لن يكون سهلاً – إلا أن يشاء الله غير ذلك – ولذا عاهدت نفسي على الصبر الجميل ، وعدم اليأس ، وإتباع الخطوات الصحيحة لمواجهة هذه المشكلة .
بإدخال الدش عزلته عن رفاقه ورفقة السوء تفسد ولا تصلح ، وهذه خطوة جيدة حتى لا يكون تأثيرهم أقوى من تأثيري عليه ولا يهدموا ما أحاول أن أبنية دائماً .
بإدخال الدش عزلته عن كثير من قنوات الفجور التي تسمح بها المقاهي لأني لم أسمح بدخولها بيتي ، وقلصت عدد الأوقات التي يجلس فيها عند المشاهد المخلة للحياء لأنني لم أتركه وحده مع هذا الشيطان ليفترسه ، وإنما كنت أجلس معه إذا فتحه وكلما جاء مشهد تخجل منه جدران غرفتي غيرّ القناة احتراماً لرغبتي ، وإن كنت أراه يستمتع بها حين أكون خارج الغرفة .. لكن لا يهم نصلح القليل إن عجزنا عن الكثير .
إدخال الدش أعطاه إحساساً بأنه تملك ما كان ممنوعاً ، ولم يحرم مما يتمتع به الآخرون ، والمثل يقول : " كل ممنوع مرغوب" ، والإنسان إذا حاز على ما كان ممنوعاً منه خف شغفه به وتفكيره فيه ، وبالتالي يترك مساحة للعقل لكي يعمل فيبدأ يمحص ويقلب ويفكر بعقلانية ويميز بين الصواب والخطأ ، ويقارن بين الأولويات في الحياء .. وأيضاً تملكه يعطيه إحساساً بالتشبع منه ، فلا يبالي به إذا أراد أن يخرجه فيما بعد .
كانت هذه هي رؤيتي لهذه المشكلة ، ولا أدري أن كانت صحيحة أم لا ، لكنها أجدت مع زوجي نفعاً ، فلعل الله ينفع بها من كان على شاكلته .. والرجال بلا شك يختلفون .
أما خطواتي التي اتبعتها حتى انجلت هذه الغمة فهي :
- الدعاء : وهو أهم وأقوى الأسباب التي أعانتني في محنتي هذه فالإنسان بلا دعاء كاللوح بلا مسامير سرعان ما يهتز ويسقط ، فهو المثبت لك مهما طال الطريق وهو سبب الفرج – بإذن الله – ولأن هذا الخبيث كان هماً جثم على قلبي ما استطاع لساني أن يفتر عن الدعاء والإلحاح أبداً وكيف ينسى مهموم همه ؟!! .
- أصحبت أُكثر من الصدقة : وتقديم النفع للمسلمين لأن الصدقة تدفع البلاء – بإذن الله – وهل من بلاء أعظم من أن يكون صندوق شياطين الإنس والجن في بيتي !! .
- حرصت حرصاً مضاعفاً على أن أكون دائماً في لباسي وشكلي وتسريحة شعري بل وحتى لونه ، وفي تنظيم غرفتي وسريري ، وأهيء أجواء الغرفة كل ليلة – استطعت – بما أجدده من أفكار لتكون محضناً لليلة رومانسية تجذبه عن هذا الجهاز .
وكنت دائماً بجانبه في الغرفة ، أعطي التلفاز ظهري ، وأقبل عليه بوجهي وأحدثه بأحاديث أعلم أنه يحبها – وبالطبع ليس فيها أحضر طماطماً ، ولا حُلَّ مشكلة – حتى أجده ينجذب إليَّ كما ينجذب الفراش إلى العورد .
قد تعتقدين أن هذا السبب ليس له أهمية كبرى لكن من تجربتي أقول إنه من أقوى الأسباب لمواجهة هذا البلاء ، فهذا الجهاز ينافسك في حياتك ويسلب منك زوجك وقرة عينك فلابد أن تكوني في قوة المنافسة من حيث أسلوب في الحديث معه وذكائك في جذبه إليك واهتمامك الشديد به وبأوقات تواجده ، فتفرغي نفسك من كل شاغل لتجلسي معه وتنافسي هذا الجهاز عليه ، واهتمامك الكبير بزينتك ولباسك والحرص على التجديد حتى لا يتفوق هذا الجهاز عليك فيأخذ زوجك منك ثم لا تجدينه في أي ساعة من ليل أو نهار ويفسد دينه وخلقه ويميت قلبه ، وهذا يحصل كثيراً في البيوت . وسمعنا وقرأنا عن شكاوي النساء من أزواجهن حين أدمنوا الجلوس عند هذا الجهاز بل وكان سبباً في كثير من المشكلات بين الزوجين وربما وصل إلى حد الطلاق .
ولا أجدني أقول حينما أسمع مثل هذه المآسي إلا أن الزوج ما وجد امرأة بارعة تأخذه من بين هذا الطبق المجرم بحسن خلقها معه ، وتحببها الدائم إليه وحرصها الشديد على إسعاده وإشاعة البهجة في حياته بخفة دمها وسعة صدرها وطول بالها عليه ، وصبرها وحلمها وتهيؤها الدائم له في نفسها وزينتها وبالذات في الليل .
- من الخطوات المهمة أيضاً في علاج هذه المشكلة تقوية الوازع الديني في قلب الزوج لأن ضعف الوازع الديني في قلبه هو أكبر سبب لإصراره على اقتناء هذا الجهاز ، وتقوية الوازع الديني لديه لا يكون بإعطائه دروساً ومحاضرات تنفر أكثر مما تنفع ، وإنما بإعطائه شيئاً من الجرعات ، بطريق غير مباشر ، كنت حريصة جداً على إحضار كل ما يخص هذا الموضوع من فتاوى ونشرات وكتيبات ، فأضعها قريبة من متناول يده إما قريبة من مكان جلوسه أو قرب سريره ولا أطلب منه إطلاقاً قراءتها ، وقد تجلس أياماً دون أن يقرأها ، وربما قرأها فور رؤيته لها وربما لا يقرؤها أبداً .
ومع ذلك أجعل مهمتي مقتصرة على جعلها قريبة منه فقط ، وأحياناً كثيرة قد آخذها وأقرؤها وكأنني لم أقرأها من قبل ، ثم أعلق على بعض ما اقرأه سواء قصة أو فتوى ، دون أن أوجه أي تهمة إليه أو أشعره بأني أقصده هو ، وكأنني أوجه الحديث إلى أبنائي وأيضاً الأشرطة أحاول أن أسمعه إياها في السيارة وكأنني أرغب في سماعها وأذكره بالأجر الذي نأخذه حين يكون وقتنا في سماع محاضرة أو كلمة تذكرنا بالله .
- وينبغي العناية باختيار الشريط المؤثر الذي يحبب الزوج في متابعة الاستماع وبرغبة في سماع أشرطة جديدة غيره . ومن تجربتي أطمئن أخواتي إلى أن الزوج بمجرد أن يسمع شريطاً أو شريطين حتى يحبها ولا يمانع من سماع أي شريط آخر تحضرينه ، المهم هو أن ترغميه على سماعها ... فإذا لم يوافق المرة الأولى فاتركيه دون ممانعة وتحيني الفرصة في وقت لاحق .
لكن أهم شيء على المرأة أن تنتبه إليه هو أسلوبها في النصح فلا تلجأ إلى أي أسلوب يشعره بأنها أفضل منه أو أنه سيء ومقصر ، بل تتحدث معه بكل رقة ولطف وأدب وتحاول أن تجعل حديثها معه من باب الاستشارة وأخذ رأيه ، وكذلك ضرب الأمثلة وتركه يتفاعل في الحديث ويستنتج بنفسه دون إملاءات المرأة وذلك حتى يشعر بالثقة في نفسه وبالتالي حين يترك أي شيء يتركه عن قناعة وعزة نفس ، لأنه لو شعر بأنه سيترك شيئاً خوفاً من المرأة أو بتأثيرها فلن يتركه لأن الرجل لا يحب بفطرته إملاءات المرأة عليه ولا تفوقها عليه ولو في الدين .
فمثلاً بدلاً من أن تقولي : متى تُخرج هذا الجهاز الذي أخذ قلبك ودينك ، قولي : "أنا متأكدة بأن مكثه عندنا لن يطول لأن الإيمان في قلبك عظيم وسينتصر إيمانك على الشيطان " . هذه خطوات لكنها ثقيلة ومضنية مع ثقلها كان الطريق طويلاً إلا أني وصلت إلى آخره بعد أربع سنوات مؤرقات حين دخل عليَّ في إحدى الليالي وبشرني بأنه قرر إخراجه من المنزل .
"هذه التجربة الحكيمة لا تحتاج إلى أي تعليق "
قبل أن أحكي لكم تجربة أختنا أحب أن ألف انتباهكم إلى أمر مهم :
دخول الدش إلى المنزل ليس سهلاً حتى تتساهل المرأة في السماح لزوجها بإدخاله متى ما رغب في ذلك ، فإذا كان الرجل غير مفتون به ، لا يخرج لأجل مشاهدته كل يوم إلى المقاهي والاستراحات ، ولديك في البيت أبناء مراهقون ، أو كنت من النوع الذي يفتتن به ولو دخل بيتك لانشغلت به عن بيتك وأطفالك وكان له خطورة على دينك وأخلاقك وقلبك ، فإنه في هذه الحالة عند توفر أحد هذه الأسباب فلابد أن تكوني صارمة وحازمة وتمنعي دخوله إلى بيتك منعاً باتاً .
وقد حدثتني إحدى الأخوات عن تجربتها في منع إدخال الدش للأسباب السابقة .فقالت : أخبرني زوجي بأنه سيحضر طبق الدش في المنزل فرفضت رفضاً شديداً ولما جاء الغد ، دخل به عليَّ في المنزل فلما رأيته بيده قمت من مكاني غاضبة ، وقلت : ( والله إن دخل بيتي خرجت أنا منه ) وظل طول ذلك اليوم موجوداً لم يخرجه ولم يركبه ، ثم جاء الغد حمله بين يديه وخرج به .
وستحدثنا الآن أم نايف عن تجربتها مع مصيبة "الدش" حين حلت في بيتها فقالت : "كان زوجي من الشباب الذين فتنوا بهذا الجهاز ، لدرجة أنه كان يخرج من عندي كل يوم أربعاء وخميس وجمعة من بعد صلاة العشاء وحتى الفجر ليسهر مع شلة من رفاقه في أحد المقاهي أو الاستراحات .. وكان بعضهم مدخنين ، عدا غيرهم من رواد هذا المقهى والذين لا تؤمن فتنتهم على دينه وخلقه وأفكاره .
لقد طلب مني السماح له بإدخاله في البيت أكثر من مرة ولكني كنت أرفض ... ثم في آخر مرة فكرت بإمعان ما إذا كانت مصلحة إدخاله تترجح على منعها أم لا :
فأولاً : وجدت أبنائي لا زالوا صغاراً جداً وأرجو خروجه قبل أن يكبروا ، وقد لاحظت أن زوجة أخيه ظلت ترفض دخوله منذ كان أبناؤها صغاراً فلما كبروا وأصبحوا في سن المراهقة الخطرة أدخله زوجها دون إذنها ورضاها وهي الآن تكتوي بناره ليل نهار .
ثانياً : أرجو في إدخاله درء مفسدة أعظم ، وهو السهر في المقاهي مع شلل لا يؤتمنون في دينهم وأخلاقهم وبين أفجر القنوات وأسوأها .
ثالثاً : أنا جربت نفسي مع الدش وأجدني لا أحبه ولا أضعف أمام إغراءاته أبداً في أي مكان أجده ، ولذلك حينما دخل بيتي ما كنت أفتحه في غياب زوجي أبداً ، ولا أتابعه حال حضوره ، بعكس بعض النساء اللاتي لو دخل في بيت إحداهن لفسدت هي قبل زوجها وأبنائها ، وبعد تفكير طويل أخبرت زوجي أني موافقة على إدخاله لبيتي ولكن بشروط :
1. أن يقتصر وجوده على غرفة نومنا فقط ، دون باقي غرف البيت .
2. أن يترك تماماً عادة الخروج إلى المقهى والسهر إلى الفجر في أيام الأربعاء والخميس والجمعة .
3. أن يخرجه من البيت إذا كبر أبنائي .
وافق زوجي على شروطي ونفذها وأصبح لا يسهر مع رفاقه كالسابق أبداً .
وحل الضيف البغيض في بيتي ، وعشت الأيام الأولى معه في حالة نفسية يرثى لها خشية من حلول العقوبة في بيتنا أو خوفاً من تأثيره على سلوك زوجي .
لم يكن إدخاله هو الحل لمشكلة زوجي وإنما الخطوة الأولى في طريق الحل .. إذا الحل الصحيح هو إخراجه تماماً .
كان لديَّ يقين بأن إخراجه من منزلي لن يكون سهلاً – إلا أن يشاء الله غير ذلك – ولذا عاهدت نفسي على الصبر الجميل ، وعدم اليأس ، وإتباع الخطوات الصحيحة لمواجهة هذه المشكلة .
بإدخال الدش عزلته عن رفاقه ورفقة السوء تفسد ولا تصلح ، وهذه خطوة جيدة حتى لا يكون تأثيرهم أقوى من تأثيري عليه ولا يهدموا ما أحاول أن أبنية دائماً .
بإدخال الدش عزلته عن كثير من قنوات الفجور التي تسمح بها المقاهي لأني لم أسمح بدخولها بيتي ، وقلصت عدد الأوقات التي يجلس فيها عند المشاهد المخلة للحياء لأنني لم أتركه وحده مع هذا الشيطان ليفترسه ، وإنما كنت أجلس معه إذا فتحه وكلما جاء مشهد تخجل منه جدران غرفتي غيرّ القناة احتراماً لرغبتي ، وإن كنت أراه يستمتع بها حين أكون خارج الغرفة .. لكن لا يهم نصلح القليل إن عجزنا عن الكثير .
إدخال الدش أعطاه إحساساً بأنه تملك ما كان ممنوعاً ، ولم يحرم مما يتمتع به الآخرون ، والمثل يقول : " كل ممنوع مرغوب" ، والإنسان إذا حاز على ما كان ممنوعاً منه خف شغفه به وتفكيره فيه ، وبالتالي يترك مساحة للعقل لكي يعمل فيبدأ يمحص ويقلب ويفكر بعقلانية ويميز بين الصواب والخطأ ، ويقارن بين الأولويات في الحياء .. وأيضاً تملكه يعطيه إحساساً بالتشبع منه ، فلا يبالي به إذا أراد أن يخرجه فيما بعد .
كانت هذه هي رؤيتي لهذه المشكلة ، ولا أدري أن كانت صحيحة أم لا ، لكنها أجدت مع زوجي نفعاً ، فلعل الله ينفع بها من كان على شاكلته .. والرجال بلا شك يختلفون .
أما خطواتي التي اتبعتها حتى انجلت هذه الغمة فهي :
- الدعاء : وهو أهم وأقوى الأسباب التي أعانتني في محنتي هذه فالإنسان بلا دعاء كاللوح بلا مسامير سرعان ما يهتز ويسقط ، فهو المثبت لك مهما طال الطريق وهو سبب الفرج – بإذن الله – ولأن هذا الخبيث كان هماً جثم على قلبي ما استطاع لساني أن يفتر عن الدعاء والإلحاح أبداً وكيف ينسى مهموم همه ؟!! .
- أصحبت أُكثر من الصدقة : وتقديم النفع للمسلمين لأن الصدقة تدفع البلاء – بإذن الله – وهل من بلاء أعظم من أن يكون صندوق شياطين الإنس والجن في بيتي !! .
- حرصت حرصاً مضاعفاً على أن أكون دائماً في لباسي وشكلي وتسريحة شعري بل وحتى لونه ، وفي تنظيم غرفتي وسريري ، وأهيء أجواء الغرفة كل ليلة – استطعت – بما أجدده من أفكار لتكون محضناً لليلة رومانسية تجذبه عن هذا الجهاز .
وكنت دائماً بجانبه في الغرفة ، أعطي التلفاز ظهري ، وأقبل عليه بوجهي وأحدثه بأحاديث أعلم أنه يحبها – وبالطبع ليس فيها أحضر طماطماً ، ولا حُلَّ مشكلة – حتى أجده ينجذب إليَّ كما ينجذب الفراش إلى العورد .
قد تعتقدين أن هذا السبب ليس له أهمية كبرى لكن من تجربتي أقول إنه من أقوى الأسباب لمواجهة هذا البلاء ، فهذا الجهاز ينافسك في حياتك ويسلب منك زوجك وقرة عينك فلابد أن تكوني في قوة المنافسة من حيث أسلوب في الحديث معه وذكائك في جذبه إليك واهتمامك الشديد به وبأوقات تواجده ، فتفرغي نفسك من كل شاغل لتجلسي معه وتنافسي هذا الجهاز عليه ، واهتمامك الكبير بزينتك ولباسك والحرص على التجديد حتى لا يتفوق هذا الجهاز عليك فيأخذ زوجك منك ثم لا تجدينه في أي ساعة من ليل أو نهار ويفسد دينه وخلقه ويميت قلبه ، وهذا يحصل كثيراً في البيوت . وسمعنا وقرأنا عن شكاوي النساء من أزواجهن حين أدمنوا الجلوس عند هذا الجهاز بل وكان سبباً في كثير من المشكلات بين الزوجين وربما وصل إلى حد الطلاق .
ولا أجدني أقول حينما أسمع مثل هذه المآسي إلا أن الزوج ما وجد امرأة بارعة تأخذه من بين هذا الطبق المجرم بحسن خلقها معه ، وتحببها الدائم إليه وحرصها الشديد على إسعاده وإشاعة البهجة في حياته بخفة دمها وسعة صدرها وطول بالها عليه ، وصبرها وحلمها وتهيؤها الدائم له في نفسها وزينتها وبالذات في الليل .
- من الخطوات المهمة أيضاً في علاج هذه المشكلة تقوية الوازع الديني في قلب الزوج لأن ضعف الوازع الديني في قلبه هو أكبر سبب لإصراره على اقتناء هذا الجهاز ، وتقوية الوازع الديني لديه لا يكون بإعطائه دروساً ومحاضرات تنفر أكثر مما تنفع ، وإنما بإعطائه شيئاً من الجرعات ، بطريق غير مباشر ، كنت حريصة جداً على إحضار كل ما يخص هذا الموضوع من فتاوى ونشرات وكتيبات ، فأضعها قريبة من متناول يده إما قريبة من مكان جلوسه أو قرب سريره ولا أطلب منه إطلاقاً قراءتها ، وقد تجلس أياماً دون أن يقرأها ، وربما قرأها فور رؤيته لها وربما لا يقرؤها أبداً .
ومع ذلك أجعل مهمتي مقتصرة على جعلها قريبة منه فقط ، وأحياناً كثيرة قد آخذها وأقرؤها وكأنني لم أقرأها من قبل ، ثم أعلق على بعض ما اقرأه سواء قصة أو فتوى ، دون أن أوجه أي تهمة إليه أو أشعره بأني أقصده هو ، وكأنني أوجه الحديث إلى أبنائي وأيضاً الأشرطة أحاول أن أسمعه إياها في السيارة وكأنني أرغب في سماعها وأذكره بالأجر الذي نأخذه حين يكون وقتنا في سماع محاضرة أو كلمة تذكرنا بالله .
- وينبغي العناية باختيار الشريط المؤثر الذي يحبب الزوج في متابعة الاستماع وبرغبة في سماع أشرطة جديدة غيره . ومن تجربتي أطمئن أخواتي إلى أن الزوج بمجرد أن يسمع شريطاً أو شريطين حتى يحبها ولا يمانع من سماع أي شريط آخر تحضرينه ، المهم هو أن ترغميه على سماعها ... فإذا لم يوافق المرة الأولى فاتركيه دون ممانعة وتحيني الفرصة في وقت لاحق .
لكن أهم شيء على المرأة أن تنتبه إليه هو أسلوبها في النصح فلا تلجأ إلى أي أسلوب يشعره بأنها أفضل منه أو أنه سيء ومقصر ، بل تتحدث معه بكل رقة ولطف وأدب وتحاول أن تجعل حديثها معه من باب الاستشارة وأخذ رأيه ، وكذلك ضرب الأمثلة وتركه يتفاعل في الحديث ويستنتج بنفسه دون إملاءات المرأة وذلك حتى يشعر بالثقة في نفسه وبالتالي حين يترك أي شيء يتركه عن قناعة وعزة نفس ، لأنه لو شعر بأنه سيترك شيئاً خوفاً من المرأة أو بتأثيرها فلن يتركه لأن الرجل لا يحب بفطرته إملاءات المرأة عليه ولا تفوقها عليه ولو في الدين .
فمثلاً بدلاً من أن تقولي : متى تُخرج هذا الجهاز الذي أخذ قلبك ودينك ، قولي : "أنا متأكدة بأن مكثه عندنا لن يطول لأن الإيمان في قلبك عظيم وسينتصر إيمانك على الشيطان " . هذه خطوات لكنها ثقيلة ومضنية مع ثقلها كان الطريق طويلاً إلا أني وصلت إلى آخره بعد أربع سنوات مؤرقات حين دخل عليَّ في إحدى الليالي وبشرني بأنه قرر إخراجه من المنزل .
"هذه التجربة الحكيمة لا تحتاج إلى أي تعليق "
(6) زوجي عصبي وبذيء اللسان
تقول أم لمياء : "حين تزوجت تفاجأت بزوج شديد العصبية ويملك قاموساً قذراً من الألفاظ النابية والدارجة في مجتمعنا ، حتى اللعن لم يسلم لسانه منه .
وكان هذا ديدنه على كل صغيرة تافهة أو كبيرة فكل شيء عنده جرائم .
لن أقول لكم بأني حزنت بل ذرفت الدموع تلو الدموع لأني تمنيت زوجاً هادئاً لطيفاً رومانسياً لا زوجاً يصيبني بالقلق والتوتر ليلي ونهاري .
والمفترض أن لا تكون هذه الألفاظ وهذه العصبية بين الزوجين لأنها تقتل كل معاني الاحترام والود والحب بينهما ، فكيف وهي ألفاظ ستخط الله تعالى وورد النهي الصريح عنها في كتابه جلّ وعلا فقال : ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ وقال في نهاية هذه الآية ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ فليت المصرين على عدم التوبة والمشاهلين بها يتأملون هذه الآية جيداً ويسألون أنفسهم هل يرضيهم أن يقدموا على الله بصحيفة طبع فيها عباة "الظالم" ؟!
أعود لزوجي الذي أسمع أذني من غثاءه أكثر مما أسمعها من عذب حديثه ، فلم يكن الاستسلام للواقع والرضا به منهجاً لي أبداً وإنما قررت المواجهة رغم بذاءة لسانه وشدة غضبه
فأولاً : أهم شيء لإصلاحه أن لا أبادله غضباً بغضب ، ولا كلمة سيئة بأسوأ منها ، كنت إذا غضب – ولا يمكن أن يمر يوم دون أن يغضب - ، ألزم الصمت مهما ظلمني واعتدى عليَّ وأحاول أن أدفع غضبه بابتسامة وطبطبة على كتفه وكلمة طيبة رغم براكين القهر والكره التي تتفجر في نفسي تلك الساعة ، لكني أستعين بالله المعين وأردد في نفسي : "حسبي الله الذي لا إله إلا هو ، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " ، وأحاول أن أرضيه تلك الساعة بأي شيء ولا أخالفه في رأيه ، ولا أقول له أنت مخطئ ، أو تظلمني ، أو أنت عصبي ، أو ما أقبح أخلاقك .
وأما ألفاظه النابية فلا أرد عليه بمثلها ، وإنما أظهر كرهي وامتعاضي من خلال تعابير وجهي . وأحاول أن أسمعه دعاء له طيباً مثلاً . أقول : رب اغفر لي وله ، أسأل الله أن لا يسلط علينا شيطاناً يحرمنا الجنة ، وهكذا . اللهم لا تؤاخذنا بما ظلمنا به أنفسنا وأحياناً أهدئه وأقول : "استعذ بالله من الشيطان الرجيم ولن يكون إلا ما يرضيك " .
أما أن أبادله التراشق بتلك الألفاظ فلم يحصل أبداً ، ليس احتراماً أو خوفاً من كما تفعل بعض النساء ، بل خوفاً من الله تعالى واحتساباً لما عنده ، وقناعة تامة تجلجل في نفسي بأنه داء لا بد أن يتطهر منه بيتي ولن أطهره بالمشاركة فيه حتى أبنائي – رغم أنهم يثيرون غضبي – لم أكن اسمعه هذه الألفاظ أبداً رغم انتشارها في مجتمعي . وإنما كنت أكتفي بالدعاء لهم : الله يهديكم .. الله يصلحكم .. وأستغفر الله .
وأعتقد بأن هذا السبب من أقوى الأسباب ولو جاء وحده لكفى فكيف إذا دعم بأسباب أخرى .
وذلك لأن الله إذا رأى صدق عبده في تجنب منكر ما أعانه على نفسه وعلى من حوله ، يقول تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ .
أما السبب الثاني : فهو استمراري على رفض هذه العصبية وهذه الألفاظ ، واستنكارها كلما خرجت من فمه ، حتى ولو كررها مليون مرة . لم أيأس أبداً وهذا الذي ينبغي أن تكون عليه الزوجة ، فتكون حازمة في عدم تقبل ما تكرهه من زوجها ، وتستمر على الإنكار مهما طال الأمر وتكرر ، أما من تنكر في البداية ثم تيأس وتستسلم للواقع ، فهي لم تبذل شيئاً من الجهد ولم تفعل شيئاً تستحق عليه العون من الله والتوفيق .
لقد كنت أنكرها باستمرار رغم أني واجهت منه سخرية واستهزاء ولكني أنبه إلى أن المرأة إذا غضبت من هذا التصرف فلا ينبغي أن يدفعها غضبها إلى التقصير في حقوق زوجها أو إساءة المعاملة له . بل تلزم الصمت فإذا أصبح هادئاً تأتيه بانشراح صدر ، وتتحدث حديثاً تظهر فيه الشفقة عليه والحب له ، وأنها تتمنى الاجتماع به في الجنة وأن في الجنة وأن ما تراه يضايقها ، وتربط ما تقول بوعد الله ووعيده وأمره ونهيه بعد أن تكون تهيأت له في نفسها وزينتها وتجملها .
أما السبب الثالث : فهو شدة الدعاء والإلحاح على الله ، فكنت دائماً أدعو الله أن يرزقني وزوجي الحلم والصبر وحسن الخلق ، وأن يطهر فم زوجي وقلبه مما لا يرضيه وكنت أردد : "اللهم اهدنا لأحب الأعمال إليك وأحب الأقوال إليك ، وأحب الأخلاق إليك ، لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت" .
السبب الرابع : إني ما كنت لأسمح لأبنائي أن يقلدوا والدهم في التلفظ بالألفاظ السيئة وكل من يزل لسانه أعقابه فأضع في فم المخطيء منهم "الفلفل الحار" ليرتدعوا .
والآن ولله الحمد بعد سنة كاملة تخلص من تلك الألفاظ بالتدريج ، إذ بدأ يخفف كثيراً ثم أصبح لا يقوله سوى مرتين في السنة أو ثلاث ثم غادرت فمه بتأشيرة خروج بلا عودة ، فأصبح أكثر هدوءاً من ذي قبل إذ خفت نسبة عصبيته بنسبة 80% وذلك من فضل الله . أسأل الله أن يرزقنا شكره .
لنتأمل
قد يقول من من يقرأ هذه التجربة بأنه ليس فيها كبير فائدة ، لكن إن أمعن النظر في واقع بعض الأسر والزوجات على وجه الخصوص ، وما يعانينه من قلة احترام أزواجهن لهن ، وكثرة إهانتهن بالكلام البذيء حتى أمام الأبناء والأهل ليدرك بحق أهمية هذه التجربة .
إحدى الزوجات كانت تبكي كثيراً إذا واجهت مثل هذا التصرف من زوجها ، ومن أبنائها أيضاً . وكانت دائماً تتمنى لو يهدي الله أبناءها على الأقل ، ولكن لم تبذل أي جهد في إصلاح الوضع ، بل إذا غضبت تفوهت هي أيضاً بهذه الألفاظ على أبنائها ، وأصبح لسانها كالبركان يقذف حمماً من شدة الغضب ، وحين حثثتها على محاولة إصلاح الوضع وتغيير الزوج ، قالت : بيأس وحرقة : خلاص هذا رجل ، والرجال ميؤس منهم ، وتركت حياتها تعج بالغثاء .
بل لم تصدق هي مع الله فتطهر فمها من هذه الألفاظ ولو صدقت مع الله لأعانها ووفقها ولو أحسنت الظن بالله وتوكلت عليه وعلمت بأنه لا يأس مع الله ، وأنه على كل شيء قدير ، قادر على أن يحيل الصخر ماء بعظيم قدرته ؛ لما يئست بل عملت وكلها ثقة بما عند الله ، ولو وجدت من ربها الكريم ما تتمنى .
ولو وجدت من ربها الكريم ما تتمنى .. كان الصحابة رضي الله عنهم يقولون : "يُسْلم حمار عمر ولا يُسلم عمر" أي نصدق بأن حمار عمر بن الخطاب يسلم ونتوقع ذلك ولا نتوقع إسلام عمر ولا نصدقه ، فهو أمر مستحيل ؛ وذلك من شدة يأسهم منه ، فلما سمعهم رسول الله الذي يعلم بأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء . قال : "اللهم أعز الإسلام بأحد العُمرين " يقصد عمرو بن هشام وعمر بن الخطاب . ليُعلم صحابته بأن لا ينظروا في كل أمر إلى قدرة البشر وحالهم ، وإنما ينظرون إلى قدرة الله تعالى ، فيعلمون وهم يتطلعون إلى قدرة الله دون أن ينظروا بيأس إلى أسباب البشر
تقول أم لمياء : "حين تزوجت تفاجأت بزوج شديد العصبية ويملك قاموساً قذراً من الألفاظ النابية والدارجة في مجتمعنا ، حتى اللعن لم يسلم لسانه منه .
وكان هذا ديدنه على كل صغيرة تافهة أو كبيرة فكل شيء عنده جرائم .
لن أقول لكم بأني حزنت بل ذرفت الدموع تلو الدموع لأني تمنيت زوجاً هادئاً لطيفاً رومانسياً لا زوجاً يصيبني بالقلق والتوتر ليلي ونهاري .
والمفترض أن لا تكون هذه الألفاظ وهذه العصبية بين الزوجين لأنها تقتل كل معاني الاحترام والود والحب بينهما ، فكيف وهي ألفاظ ستخط الله تعالى وورد النهي الصريح عنها في كتابه جلّ وعلا فقال : ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ وقال في نهاية هذه الآية ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ فليت المصرين على عدم التوبة والمشاهلين بها يتأملون هذه الآية جيداً ويسألون أنفسهم هل يرضيهم أن يقدموا على الله بصحيفة طبع فيها عباة "الظالم" ؟!
أعود لزوجي الذي أسمع أذني من غثاءه أكثر مما أسمعها من عذب حديثه ، فلم يكن الاستسلام للواقع والرضا به منهجاً لي أبداً وإنما قررت المواجهة رغم بذاءة لسانه وشدة غضبه
فأولاً : أهم شيء لإصلاحه أن لا أبادله غضباً بغضب ، ولا كلمة سيئة بأسوأ منها ، كنت إذا غضب – ولا يمكن أن يمر يوم دون أن يغضب - ، ألزم الصمت مهما ظلمني واعتدى عليَّ وأحاول أن أدفع غضبه بابتسامة وطبطبة على كتفه وكلمة طيبة رغم براكين القهر والكره التي تتفجر في نفسي تلك الساعة ، لكني أستعين بالله المعين وأردد في نفسي : "حسبي الله الذي لا إله إلا هو ، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " ، وأحاول أن أرضيه تلك الساعة بأي شيء ولا أخالفه في رأيه ، ولا أقول له أنت مخطئ ، أو تظلمني ، أو أنت عصبي ، أو ما أقبح أخلاقك .
وأما ألفاظه النابية فلا أرد عليه بمثلها ، وإنما أظهر كرهي وامتعاضي من خلال تعابير وجهي . وأحاول أن أسمعه دعاء له طيباً مثلاً . أقول : رب اغفر لي وله ، أسأل الله أن لا يسلط علينا شيطاناً يحرمنا الجنة ، وهكذا . اللهم لا تؤاخذنا بما ظلمنا به أنفسنا وأحياناً أهدئه وأقول : "استعذ بالله من الشيطان الرجيم ولن يكون إلا ما يرضيك " .
أما أن أبادله التراشق بتلك الألفاظ فلم يحصل أبداً ، ليس احتراماً أو خوفاً من كما تفعل بعض النساء ، بل خوفاً من الله تعالى واحتساباً لما عنده ، وقناعة تامة تجلجل في نفسي بأنه داء لا بد أن يتطهر منه بيتي ولن أطهره بالمشاركة فيه حتى أبنائي – رغم أنهم يثيرون غضبي – لم أكن اسمعه هذه الألفاظ أبداً رغم انتشارها في مجتمعي . وإنما كنت أكتفي بالدعاء لهم : الله يهديكم .. الله يصلحكم .. وأستغفر الله .
وأعتقد بأن هذا السبب من أقوى الأسباب ولو جاء وحده لكفى فكيف إذا دعم بأسباب أخرى .
وذلك لأن الله إذا رأى صدق عبده في تجنب منكر ما أعانه على نفسه وعلى من حوله ، يقول تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ .
أما السبب الثاني : فهو استمراري على رفض هذه العصبية وهذه الألفاظ ، واستنكارها كلما خرجت من فمه ، حتى ولو كررها مليون مرة . لم أيأس أبداً وهذا الذي ينبغي أن تكون عليه الزوجة ، فتكون حازمة في عدم تقبل ما تكرهه من زوجها ، وتستمر على الإنكار مهما طال الأمر وتكرر ، أما من تنكر في البداية ثم تيأس وتستسلم للواقع ، فهي لم تبذل شيئاً من الجهد ولم تفعل شيئاً تستحق عليه العون من الله والتوفيق .
لقد كنت أنكرها باستمرار رغم أني واجهت منه سخرية واستهزاء ولكني أنبه إلى أن المرأة إذا غضبت من هذا التصرف فلا ينبغي أن يدفعها غضبها إلى التقصير في حقوق زوجها أو إساءة المعاملة له . بل تلزم الصمت فإذا أصبح هادئاً تأتيه بانشراح صدر ، وتتحدث حديثاً تظهر فيه الشفقة عليه والحب له ، وأنها تتمنى الاجتماع به في الجنة وأن في الجنة وأن ما تراه يضايقها ، وتربط ما تقول بوعد الله ووعيده وأمره ونهيه بعد أن تكون تهيأت له في نفسها وزينتها وتجملها .
أما السبب الثالث : فهو شدة الدعاء والإلحاح على الله ، فكنت دائماً أدعو الله أن يرزقني وزوجي الحلم والصبر وحسن الخلق ، وأن يطهر فم زوجي وقلبه مما لا يرضيه وكنت أردد : "اللهم اهدنا لأحب الأعمال إليك وأحب الأقوال إليك ، وأحب الأخلاق إليك ، لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت" .
السبب الرابع : إني ما كنت لأسمح لأبنائي أن يقلدوا والدهم في التلفظ بالألفاظ السيئة وكل من يزل لسانه أعقابه فأضع في فم المخطيء منهم "الفلفل الحار" ليرتدعوا .
والآن ولله الحمد بعد سنة كاملة تخلص من تلك الألفاظ بالتدريج ، إذ بدأ يخفف كثيراً ثم أصبح لا يقوله سوى مرتين في السنة أو ثلاث ثم غادرت فمه بتأشيرة خروج بلا عودة ، فأصبح أكثر هدوءاً من ذي قبل إذ خفت نسبة عصبيته بنسبة 80% وذلك من فضل الله . أسأل الله أن يرزقنا شكره .
لنتأمل
قد يقول من من يقرأ هذه التجربة بأنه ليس فيها كبير فائدة ، لكن إن أمعن النظر في واقع بعض الأسر والزوجات على وجه الخصوص ، وما يعانينه من قلة احترام أزواجهن لهن ، وكثرة إهانتهن بالكلام البذيء حتى أمام الأبناء والأهل ليدرك بحق أهمية هذه التجربة .
إحدى الزوجات كانت تبكي كثيراً إذا واجهت مثل هذا التصرف من زوجها ، ومن أبنائها أيضاً . وكانت دائماً تتمنى لو يهدي الله أبناءها على الأقل ، ولكن لم تبذل أي جهد في إصلاح الوضع ، بل إذا غضبت تفوهت هي أيضاً بهذه الألفاظ على أبنائها ، وأصبح لسانها كالبركان يقذف حمماً من شدة الغضب ، وحين حثثتها على محاولة إصلاح الوضع وتغيير الزوج ، قالت : بيأس وحرقة : خلاص هذا رجل ، والرجال ميؤس منهم ، وتركت حياتها تعج بالغثاء .
بل لم تصدق هي مع الله فتطهر فمها من هذه الألفاظ ولو صدقت مع الله لأعانها ووفقها ولو أحسنت الظن بالله وتوكلت عليه وعلمت بأنه لا يأس مع الله ، وأنه على كل شيء قدير ، قادر على أن يحيل الصخر ماء بعظيم قدرته ؛ لما يئست بل عملت وكلها ثقة بما عند الله ، ولو وجدت من ربها الكريم ما تتمنى .
ولو وجدت من ربها الكريم ما تتمنى .. كان الصحابة رضي الله عنهم يقولون : "يُسْلم حمار عمر ولا يُسلم عمر" أي نصدق بأن حمار عمر بن الخطاب يسلم ونتوقع ذلك ولا نتوقع إسلام عمر ولا نصدقه ، فهو أمر مستحيل ؛ وذلك من شدة يأسهم منه ، فلما سمعهم رسول الله الذي يعلم بأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء . قال : "اللهم أعز الإسلام بأحد العُمرين " يقصد عمرو بن هشام وعمر بن الخطاب . ليُعلم صحابته بأن لا ينظروا في كل أمر إلى قدرة البشر وحالهم ، وإنما ينظرون إلى قدرة الله تعالى ، فيعلمون وهم يتطلعون إلى قدرة الله دون أن ينظروا بيأس إلى أسباب البشر
الصفحة الأخيرة
هذه هي إجابة أم عبدالله عندما سألتها : ما هي مشكلتك مع زوجك ؟
ثم قالت : تفاجأت من حالة زوجي هذه لأنه مدح لي كثيراً قبل الزواج .. تضايقت بشدة وأحياناً كنت أبكي حين آراه أمامي غارقاً في نومه والمسلمون في المساجد يتعبدون ، ولكني لم أستسلم للواقع .. قررت أن أغير هذا الواقع المزعج وأن أظل وراءه حتى يتغير مهما طال بي الأمر ومهما واجهت .
لقد كنت أدرك بأننا لن نصلح أي شخص إلا بعد أن نصلح أنفسنا أولاً ، ولذا كنت ولله الحمد محافظة تماماً على أداء صلاة الفجر في وقتها ، وعاهدت الله ثم نفسي على الحرص عليها وعدم التأثر به أو بغيره ... أسأل الله الثبات .
ثم جعلت البداية مع الله ، فالبداية والنهاية ومسافة الطريق كلها لابد أن تكون مع الله ... طرقت بابه .. تضرعت بين يديه .. أكثرت من الدعاء في كل وقت وبالذات في السجود وبين الأذان والإقامة ولا أكر أن يوماً مر دون أن أدعو له بالهداية إلا ما قل .
وكلما صدح الفجر دنت منه يدي لتمسح على جبينه وتوقظه وتذكره بموعد مع قرآن الفخر ، ولكن الرفض التام كان نصيبي في كل مرة ، وكلما ألححت عليه شتمني بألفاظ قذرة وأحياناً يضربني أو يدفعني بقوة ويطردني خارج الغرفة .. وربما لجأ إلى العناد وصرح به فيقول : " عناداً لك فقط لن أصلي " .
تألمت كثيراً لما يصيبني منه بشكل يومي ، وبكيت أكثر وأكثر لكن ذلك لم يكن أبداً سبباً لكي أيأس وأدعه ، ولا سبباً في الانتقام منه أو الغضب أو الهجر له أو التقصير في حقوقه بسبب معاملته السيئة تلك .
فما أن تحين الساعة السابعة صباحاً موعد استيقاظه للدوام إلا وأستقبله بابتسامة أرق من نسيم الصباح ، وقد جهزت له ملابسه وإفطاره وكل ما يحتاج إليه ثم أودعه بدعوات صادقات بأن يكتب له التوفيق في يومه ، وكأني لا أواجه معه أي مشكلة ولا يصيبني منه أي أذية ... ليس لأني لا أملك إحساساً كالأخريات ، ولكني أعرف أني لن أتمكن من أسر قلبه إلا بالمعروف والدفع بالتي هي أحسن وطيب المعاملة وحلاوة الكلمة وبريق الابتسامة الذي ينبغي أن لا ينطفئ أبداً ... وقمة الاهتمام بما تقع عليه عينه من ملابسي وبشكلي وبيتي .. "فالدين – قبل كل شيء – المعاملة " .
حاولت أن أذكره بمعظم هذه الفريضة بين فترة وأخرى استجابة لأمر الله ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ . ولكن لا أفتح معه موضوع الصلاة في أي وقت ، وإنما إذا حان وقت أي صلاة وتقاعس عن القيام لها وأقيمت الصلاة وهو لم ينهض بعد ..
حاولت أن أسمعه بعض الأشرطة عن الصلاة وعظمها وعن الموت وغيره كلما ركبنا السيارة وأذن لي ، وكذلك أضع بالقرب منه بعض الفتاوى والمنشورات ولكن لا أطلب منه سماع الشريط ولا قراءة الكتب حتى لا يشعر بأني أتهمه بالذنب والتقصير أو أنني أفضل منه .. والرجل لا يقبل نصح المرأة بسهولة ولا يحب أن يدع شيئاً بتأثير منها ولذلك لابد أن تدرك المرأة أن نصح الزوج يختلف تماماً عن نصح باقي البشر .
وللزوج حق عظيم عليها ، يحرم عليها أن ترفع صوتها عليه ولو قصر في حق الله تعالى ، ولا أن تجعل من ذلك سبباً في التقصير في حقوقه ، وإنما تخاطبه حال النصح بكل هدوء وتلطف ورقة وحنان وذل وشفقة ، بحيث لا تظهر له أنها أفضل منه أو أنه سيء وآثم ، وإنما تتحدث عن الذنب بطريقة غير مباشرة دون أن تتحدث عنه هو وأنه لا يقوم لصلاة من خلال قصة مؤثرة ، أو فتوى تذكرها ، أو غير ذلك .
سنة كاملة هي قصة جهادي اليومي مع زوجي لم أتخلف عن إيقاظه يوماً واحداً وبكل إلحاح ، والآن – ولله الحمد على ذلك – زوجي يوقظ نفسه لصلاة الفجر دون أن أوقظه .
لنتأمل
1."أم عبدالله " محافظة على صلاة الفجر في وقتها : وهذا السر الأول من أسرار نجاحها في مواجهة هذه المشكلة ، لأنها تعلم قول الشاعر : لن تصلح الناس وأنت فاسد .. وكثير من النساء اللاتي اشتكين من هذا الموضوع حين سألنهن عن مدى مداومتهن على القيام لصلاة الفجر يقلن أنها تفوتهن كثيراً .
هيهات ، هيهات ،﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ .
2.الصبر والاستمرار على طريق العلاج : حتى ظهور النتائج وعدم اليأس إذا طالت المدة والسقوط في منتصف الطريق ، " فأم عبدالله " ظلت توقظ زوجها سنة كاملة وبشكل يومي رغم أنه لا يستجيب بل ويؤذي أيضاً .
وهذا عكس حال كثير من النساء اللاتي وقفت بنفسي على حالاتهن ، توقظه ثلاثة أيام أو أربعة فإذا لم يستجب قالت : حالة ميؤس منها ، ثم نامت معه ، وهذا هو السر الثاني .
3.طيب المعاملة مع الزوج واحترامه وطاعته : وعدم الغضب منه أو معاملته بالمثل والتقصير من حقوقه إن هو أساء سر ثالث من أسرار نجاح هذه التجربة .
4.ولزوم الدعاء من أقوى : الأسباب وأعظمها ، إن لم يكن سر الأسرار على الإطلاق .