*+*+أسباب رفع البلاء أو تخفيفه+*+*
ذكر الله - سبحانه وتعالى - في كتابه الكريم أن المصائب والكربات التي تصيب المؤمنين
من عباده هي من عند أنفسهم سواء كانت هذه المصائب فردية أو جماعية ،
قال - عز وجل ( ومَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ويَعْفُو عَن كَثِيرٍ )
ومن رحمته - سبحانه - أنه جعل هذه الكربات أو البلايا التي يصيب بها عباده المؤمنين بمثابة
الدواء المر الذي يتجرعه المريض ليشفي من مرضه ،
وهذا المرض هو الذنوب التي تتراكم في صحائف أعمال العباد فتأتي هذه المصائب لتكفر الذنوب ،
ولتنبه ذوي القلوب الحية إلى العودة إلى الله بالتوبة إن أراد الله بها خيراً .
وقد يستطيع المؤمن أن يفعل بعض الأسباب التي - مشيئته -
يرفع الله بها بلاءً كتبه عليه أو يخففه عنه بهذه الأسباب .. ومن هذه الأسباب وأهمها :
(1) التقوى :
ومعنى التقوى كما هو معروف : هو فعل أوامر الله واجتناب معاصيه الظاهرة والباطنة
ومراقبة الله في السر والعلن في كل عمل .قال - سبحانه وتعالى ( ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ) .
جاء في تفسير ابن كثير : قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه
الآية : أي ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة . وقال الربيع بن خُثيم : ( يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً )
أي من كل شيء ضاق على الناس .ويأتي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لعبد الله بن عباس ليوضح نتيجة هذه التقوى أو أثرها في حياة المؤمن حين
قال له : ( يا غلام ، إني معلّمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ،
تعرف إلى الله في الرخاء ، يعرفك في الشدة ) .
ومعنى احفظ الله : أي احفظ أوامر الله ونواهيه في نفسك .
ومعنى يحفظك : أي يتولاك ويرعاك ويسددك ويكون لك نصيراً في الدنيا والآخرة .
قال - سبحانه - : ( أَلا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .
(2) أعمال البر :
(كالإحسان إلى الخلق بجميع صوره)،
والدعاء :
ونستدل هنا على ذلك بقصة الثلاثة الذين انسدَّ عليهم الغار بصخرة سقطت من الجبل ،
فقالوا : ( ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم )
فكلٌّ دعا بصالح عمله فانفرجت الصخرة وخرجوا جميعاً ، وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم .
وقد جاء في الحديث
من صحيح الجامع الصغير : ( صدقة السر تطفئ غضب الرب ، وصلة الرحم تزيد في العمر ،
وفعل المعروف يقي مصارع السوء ) .
وجاء في الدعاء من صحيح الجامع الصغير : ( لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر ) .
فليثق بالله كل مؤمن ومؤمنة لهما عند الله رصيد من أعمال الخير ،
فليثق كل منهما أن الله لن يخذل من يفعل الخير خالصاً لوجهه الكريم وأنه سيرعاه ويتولاه .
فكما قالت خديجة - رضي الله عنها - للرسول -صلى الله عليه وسلم -
عندما عاد إليها من غار حراء وهو خائف بعد نزول جبريل - عليه السلام -
مذكِّرة له بسجاياه الطيبة ، وأعماله الكريمة وأن مَن تكون هذه سجاياه وأعماله
فلن يضيعه الله وسيرعاه ويتولاه بحفظه .
قالت له : » كلا ، أبشر ، فوالله لا يخزيك الله أبداً ، إنك تصل الرحم ، وتصدق الحديث ،
وتحمل الكَلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف وتعين على نوائب
الحق « .ومن أمثلة أثر الدعاء في رفع البلاء قبل وقوعه :
قصة قوم يونس .
قال - تعالى - : (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إيمَانُهَا إلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ
الدُّنْيَا ومَتَّعْنَاهُمْ إلَى حِينٍ ) .
وذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية : أنه عندما عاين قوم يونس أسباب العذاب الذي أنذرهم به يونس
خرجوا يجأرون إلى الله ويستغيثونه ، ويتضرعون إليه وأحضروا أطفالهم ودوابهم ومواشيهم
وسألوا الله أن يرفع عنهم العذاب ؛ فرحمهم الله وكشف عنهم العذاب .
وتحدث ابن قيم الجوزية في كتابه (الجواب الكافي) عن الدعاء قائلاً :
( والدعاء من أنفع الأدوية ، وهو عدو البلاء ، يدافعه ويعالجه ، ويمنع نزوله ،
ويرفعه أو يخففه إذا نزل ، وهو سلاح المؤمن ،
وله مع البلاء ثلاث مقامات :
أحدها : أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه .
الثاني : أن يكون أضعف من البلاء ، فيقوى عليه البلاء ، فيصاب به العبد ،
ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفاً .
الثالث : أن يتقاوما ويمنع كل واحد منها صاحبه ) .
وقال أيضاً : ( ولما كان الصحابة - رضي الله عنهم - أعلم الأمة بالله ورسوله ،
وأفقههم في دينهم ، كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم ،
وكان عمر - رضي الله عنه - يستنصر به على عدوه
وكان يقول للصحابة : لستم تنصرون بكثرة ، وإنما تُنصرون من السماء ) .
(3) الإكثار من الاستغفار والذكر :
قال - سبحانه - : (ومَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) .
وقد كشف الله الغمة عن يونس - عليه السلام -
وهو في بطن الحوت لكثرة تسبيحه واستغفاره ،
قال - سبحانه - في سورة الصافات :
( فَالْتَقَمَهُ الحُوتُ وهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ )
وكان من استغفاره - عليه السلام - وهو في بطن الحوت
قوله : ( لاَّ إلَهَ إلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )
وقال- صلى الله عليه وسلم - عن هذا الدعاء : » دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :
* لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين *
لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له « .
وهكذا سيجد المؤمن والمؤمنة - بإذن الله - أثراً محسوساً في حياتهما بهذه
الأسباب السالفة الذكر إن فعلاها وبالأخص في وقت الرخاء »
""""""""""""""""""""""""""
منقــــــــــول للفائدة
عصير الخوخ @aasyr_alkhokh
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
صراحه ما هقيتها منكم