أعداء الحب بين الزوجين
في هذه الأطروحة أشير إلى:
ثلاثية قاتلة!!
شرهة شرسة.. !!
واحدها يكفي ليحلّ الدمار والانهيار فى الحياة الزوجية!!
فكيف بها ثلاثية مجتمعة؟!
العدو الأول: الصمت!
جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً!
تبثّ كل واحدة منهنّ شكواها، وتبرّح نجواها..
منهنّ واحدة شكت تقول: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث. !!
هكذا حياة روتينية..
خروج ودخول بكل هدوء!!
إلا من أصوات الشفّ واللفّ!!
أو نغمات الشخير في منتصف الليالي!!
إن من أسوأ أعداء الحب في الحياة الزوجية خصوصاً وفي الحياة الأسرية عموماً هو عدو (الصمت) !
ولئن كان الحكيم الأول قال في زمنه: إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب!!
وكان يقول: الصمت حكمة!!
لكن!!
بقدر ما تتمتع به علاقتك من صفات جميلة وصادقة وحنونة فمن الواضح أنك سوف تصادف قدراً كبيراً من التضارب والخلافات حيث أن لدى كل زوجين أموراً ومواضيع عارضة يجب عليهما أن يتوصّلا إلى حل بشأنها لأنها تبدأ في التراكم داخل علاقتهما!!
ولذلك كان من الضروري اتقان فن التواصل من خلال الحوار الهادئ البنّاء!
أوقل: (اتقان مهارة الصمت)!!
فإن الصمت مهارة، ويكون حكمة حين يناسب الحال الصمت!
ومن الحكمة أن يتبدد الصمت في الحال التي لا يناسبها الصمت!!
والحكيم هو الذي يجيد التعامل مع هذه المهارة السلوكية (الصمت).
ويمكن تلخيص بعض أهم مظاهر وآثار هذا العدو الخفي (الصمت) على الزوجين وعلى الأسرة في نقاط:
- عدم المصارحة بالحب بين الزوجين.
تقول: عشت معه ثلاثين سنة لم يتعوّد فيها لساني على كلمة (الحب) ولا ألفت أذني سماعها!! أبعد كل هذاالعمر تريدني أن أقول لزوجي (إني أحبك)!!
وتقول أخرى: مرّة داعبت زوجي وقلت له على استحياء (يا حبيبي) فتغيّرت ملامح وجهه وبدأ يتهكّم بي ويقول: لا زلت مراهقة صغيرة!!
للأسف أن بعض الأزواج والزوجات ينظرون إلى الحب على أنه العار الذي ينبغي أن يُوارى ويكبت ولا يشاع!!
فلا هم يمنحونه، ولا هم يقبلونه!!
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة يُسأل: من أحب الناس إليك؟!
فيقولها بلا غضاضة: عائشة!!
بل إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحرّض ابنته فاطمة - رضي الله عنها - على حب عائشة - رضي الله عنها - ويقول لها: " أوليس تحبين ما أحب؟ " فتقول: بلى!!
فيقول: " أحبي هذه - ويشير إلى عائشة - "!
وفي ليلة هادئة ساكنة تجلس عائشة - رضي الله عنها - بين حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تهامسه بدفء الحب وتقول: " والله يا رسول الله إني أحبك وأحب قربك "!!
إن المصارحة بالحب وإشاعته في الحياة الزوجية والأسرية من أكثر الأمور التي تزيد الألفة بين الزوجين، بل بين أفراد الأسرة كلها!!
ولئن كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يندب المتحابين في الله إلى أن يخبر أحدهما الآخر بحبه له ولا يكتم ذلك فيقول: " إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله - عز وجل - ".
قال الخطابي: معناه الحث على التودد والتألف، وذلك أنه إذا أخبره أنه يحبه:
. استمال بذلك قلبه
. واجتلب به ودّه ؛ وفيه أنه إذا علم أنه محب له وواد له:
. قبل نصيحته
. ولم يرد عليه قوله في عيب أن أخبره به عن نفسه أو سقطه إن كانت منه وإذا لم يعلم ذلك منه لم يؤمن أن يسوء ظنه فيه فلا يقبل منه قوله، ويحمل ذلك منه على العداوة والشنآن انتهى. !!
فلئن كانت هذه المصارحة بين أخوين ربما لايلتقيان في يومهما إلا ساعات تُحدث لهما هذا الأثر من الألفة والمحبة والتوادّ والتقارب، فكيف بها مع زوجين يعيش كل منهما في كنف الآخر؟!
- الخجل من التواصل اللفظي عند اللقاء وبعده!!
جاء في أثر: " لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول "
قيل: وما الرسول يا رسول الله؟ قال: " القبلة والكلام. "
وعند الديلمي "ثلاثة من العجز"، وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها.. "
أصبحت عملية اللقاء عند بعض الأزواج (عملية ميكانيكية) تبدأ في وقت معين ثم تنتهي في حينها!!
ثم يتعدّى هذا الصمت إلى ما بعد اللقاء.. !!
فيبدأ اللقاء وينتهي كأن لم يكن من شيء إلا الجهد والتعب!!
إن التواصل اللفظي حين اللقاء يحافظ على لذة الامتاع، كما أن هذا التواصل اللفظي لا ينقطع بانقضاء الوطر إنما يستمر كسلسلة ممتدة للامتاع واللذة.
إن الزوجة تخاف أن تعبر عن رغبتها في وضع معين أو معرفتها بصورة معينة من الممارسة أو الإثارة خوفًا أن تثير شكوك زوجها.. في مصدرها للمعرفة.. أو للممارسة السابقة لمثل هذا الأمر فتفضل أن تسكت وهي لا تحصل على متعتها وقد تظل كذلك طول عمرها.. وربما لا تدرك ما معنى الوصول للذروة أو لو علمت فإنها تخجل أن تطلب من زوجها أن يفعل ما يوصلها لها.. أو أن يصبر عليها حتى تصل لذروتها لأن بعض النساء يتأخرن عن الرجال..
وبسبب هذا الخجل من جانب وعدم وعي الزوج بأهمية هذا الحوار الزوجي في هذه اللحظة من لحظات حياتهم يصبح عند الزوجة نفوراً من زوجها، وربما تطلّعت إلى غيره.. !!
فإن عفّت و كتمت أثّر ذلك عليها في أعراض جسمية مثل الصداع أو الآلام المتنقلة في الجسم والتي تحتار ويحتار معها الأطباء في التشخيص، وهي ببساطة لا تستمتع أثناء لقائها مع زوجها الذي تحبه، وربما أثّر ذلك عليها نفسياً فصارت عصبية كثيرة السخط والجزع!!
- عدم التبريح عن مشاعر المدح والثناء بين الزوجين.
مرّة قدّمت الزوجة لزوجها على مائدة الطعام (تبناً) - أكرمكم الله -!!
ثارت ثائرته.. !
وارتفع صوته، وانتفخت منه الأوداج غضباً وحنقاً!!
همست في أذنه بكل هدوء.. زوجي العزيز: كنت من قبل أحاول جَهدي وجُهدي أن أطعمك أطيب الطعام فما سمعت منك كلمة ثناء أو تقدير أو إعجاب !!!
إن كلمة الثناء و التشجيع و المدح حتى على الشيء القليل، يحفّز للانجاز، ويصنع المتعة من التعب!!
كلمة ثناء تُنسي الآلام، وتمسح العناء، وتزيد الحب بين الزوجين!!
حتى أطفالنا يصنعهم التشجيع ويحفّزهم التقدير، ويقوّي ارتباطهم بأبائهم وينمّي النضج العقلي والعاطفي عندهم.
- الخجل من المصارحة والحوار بين الزوجين.
فلربما عاشت الزوجة سني عمرها مع زوجها وهي لا تستطيع أن تصارحه بأمر يضايقها من جهته!!
ولربما عاش هو ردحاً من عمره يكابد نفسه ويصارعها متحمّلاً من زوجته خُلقاً لا يروق له!!
قد تكون الزوجة جاهلة بهذا الخُلق الذي يضايق زوجها أو ربما تظنه أمراً أريحياً عادياً في حياتهما طالما وأنه لم ينبه عليه!!
وهكذا تظن الزوجة نفسها صابرة!!
ويظن الزوج أنه مخلص وفيّ!!
والصبر والوفاء والإخلاص في الحياة الزوجية إنما يكون حقيقياً عند ما يكون هناك حوار بنّاء بين الزوجين للرقي والارتقاء!!
إن هذا الكبت يشكل ضغطاً نفسياً سواء على الزوجة أو على الزوج الأمر الذي ينعكس سلباً على رصيد الحب بينهما، أو يقلل حظوظه وفرصه في حياتهما!!
- السكوت عند الخطأ أو الريبة!
ولو أنه سكوت في تغافل لكان حسناً!!
لكنه سكوت من (أجل أرشفة الأخطاء) ومن ثم نثرها في لحظة غضب نفد عنده الصبر!!
أو أنه سكوت تؤزّه الأنفة أو الإستحياء!!
- التهرّب من أسئلة الأبناء وعدم محاورتهم!
إمّأ بالتجاهل أو التوبيخ و النكير على الطفل حين يسأل أويكثر من أسئلته البريئة - الجريئة - على والديه!!
والأخطر من ذلك الجواب بخلاف الحقيقة والواقع !!
إن كبت هذه المشاعر البريئة من أن تكتشف واقعها بالطريقة الصحيحة يجعل أطفالنا فريسة سهلة للآخر الذي يصنع لهم واقعهم من خلال أريحيته في الإجابة عن أسئلتهم وما ينازعهم من نوازع الاستكشاف!!
إن هذا الكبت يولّد عند الطفل قلقاً نفسياً وضموراً في النضج العاطفي، وتأخراً في التواصل اللغوي مع مجتمعه.
- الجمود والبرود في المشاعر والعواطف أمام الأبناء!
كتبت شكواها وتقول: مرّ على زواجي (15) عاماً !
أشعر أن زوجي لا يفهمني ولا أفهمه.. أعيش الملل والجمود في حياتي مع زوجي..
أستطيع الاستغناء عنه لكن.. لا أستطيع تعذيب أبنائي!!
وهكذا باستطاعتها أن تقضي بقية عمرها على هذا النحو من الجمود في المشاعر والبرود في العاطفة من أجل أبنائها!!
نخطئ حينما نظن أن من مصلحة الأطفال أن يعيشوا بين أبوين جامدين باردين متنافرين!!
الطفل يحتاج إلى أبويه لكن لا يحتاج إلى شخوصهما لحماً ودماً!!
إنما يحتاج إلى أن ينشأ سوي السلوك والعاطفة، وحين لا يجد الطفل المناخ المهيّئ لينشأ سويّاً في سلوكه وعاطفته فإنه سرعان ما ينحرف أو ينجرف حين يشتدّ عنده نازع الإشباع الذي لا يجده في البيت فيبحث عنه في مكان آخر!!
إن سعادة الوالدين تنعكس انعكاساً إيجابياً على الأبناء في اكتمال النضج العقلي والعاطفي، والعكس بالعكس!!
إن الحوار والمصارحة بين أفراد الأسرة عموما وبين الزوجين خصوصاً يعمّق معنى الحب ويزيده ترابطاً بين أفراده، وإضافة إلى ذلك فإن هذا الحوار يزيد من:
- تنمية الملكة اللغوية عند أفراد الأسرة.
- الإشباع الغريزة العاطفية بين أفراد الأسرة.
- الشعور بالأمان النفسي والثقة بين الزوجين والأبناء.
- يساعد على احتواء المشاكل الأسرية من أن تخرج خارج أسوارالبيت.
- يزيد من التقارب والفهم بين الزوجين.
- يزيد من الألفة والمحبة.
- يتيح مجالاً للتفكير بعيداً عن أي ضغوطات نفسية.
- يساعد على اتخاذ القرار الصحيح.
- يخفف من تراكمات الأحداث والمشاكل!!
- عنصر مهم في اللذة والامتاع: والأذن تعشق قبل العين أحياناً!
أيها الكرام..
إن الحوار والمصارحة الزوجية لا تعني رفع الصوت ضرورة!
كما لا تعني التسفيه و التحقير و التشفّي.. !!
والحوار والمصارحة لا يعني التهديد!!
إنما يعني:
الشفافية الصادقة..
والمشاركة في المشاعر..
والإصغاء الحاني..
يا سادة يا كرام..
امنحوا أنفسكم فرصة..
لنحطّم جدار الصمت، ونكسر حاجز الخجل!
بالوعي المتزن، والكلمة الدافئة، والنصيحة المشفقة، والتوجيه الواعي.
العدو الثاني: الشك!!
الشك إذا تسلل إلى الحياة الزوجيّة..
أفسدها..
وهدّم بنيانها...
وصدّع فيها أركان الحب و الألفة و الودّ و الرحمة. !
حتى إن الحياة تستحيل - أو تكاد - أن تدوم على أنقاض نيران الشك ودخانه!!
ولخطورة هذا العدو - الإبليسي - فإن توجيهات الوحي جاءت لتبني حصناً منيعاً أمام هذه العاصفة الهوجاء التي ما حصلت في مجتمع (عام أو خاص) إلاّ أفسدته وقوضته!!
فمن ذلك: - نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن (ابتغاء الريبة) وتتبع الناس بالشك، حيث جاء
في حديث أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " إِنَّ الأمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ في النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ".
ولئن كان النصّ ذكر الأمير (العام)، فالزوج يشمله اللفظ لأنه هو الأمير الراعي في بيته لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته فالزوج راعٍ ومسئول عن رعيته.. "
فتأمل هذا التحذير الشديد من ابتغاء الريبة والشك وكيف أن نتيجة ذلك هو الفساد و التجاسر على العدوان والظلم، حيث جاء في حديث آخر: " " وَإنَّ مَنْ خَالَطَ الرِّيبَةَ يُوشِكُ أَنْ يَجْسُرَ "!!
- أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى الرجل القادم من سفر أن يطرق أهله ليلاً.
ثبت في النص قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قدم أحدكم ليلاً فلا يأتين أهله طروقاً حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة) وفي الرواية الأخرى: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أطال الرجل الغيبة أن يأتي أهله طروقاً) وفي الرواية الأخرى: (نهى أن يطرق أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم).
قال النووي - رحمه الله -: وفي هذا الحديث استعمال مكارم الأخلاق و الشفقة على المسلمين والاحتراز من تتبع العورات واجتلاب ما يقتضي دوام الصحبة. أ. هـ
* مظاهر الشك بين الزوجين.
- كثرة الأسئلة التحقيقية في كل خروج ودخول (أين ومتى وكيف ولماذا.. ؟؟ )!
- كثرة الاتصال لغير مبرر إلاّ التأكّد من مكان الآخر أين يكون!!
- كثرة التنقيب والتفتيش في الأغراض الخاصة.
(جهاز الجوال - أدراج المكتب - الحقائب الخاصة - جهاز الحاسب.. ) فالزوج يستغل أي فرصة للتفتيش والزوجة تستغل أي غفلة من زوجها للتفتيش والتنقيب.
- النظر المرتاب بين الزوجين.
وذلك في حالة ارتيادهما لأماكن التجمّعات العامة كالأسواق والمتنزهات، فتجد الزوج ينظر إلى زوجته بنظر الريبة، وهي تنظر إليه وكأنها تقرأ في وجهه نظرات خائنة!!
- استخدام الجواسيس للمراقبة!
والخطير في هذا المظهر هو استخدام الأطفال والأبناء وسيلة للتجسس سواء على والده أو على والدته الأمر الذي يؤثر سلباً على نفسية الطفل وسلوكه مستقبلاً.
- استخدام عامل المفاجأة.
فالزوجة تفاجئ زوجها حين يخلو بنفسه مع الانترنت - مثلاً - وهو يفاجئها في الدخول إلى البيت بخطوات رتيبة!!
- قطع وسائل الاتصال عن الزوجة في بيتها (كقطع الهاتف عنها أو عمل جهاز مراقبة لتسجيل المكالمات) أو نحو ذلك.
تلك جملة من مظاهر الشك التي تقع من الزوجين أو أحدهما مع الآخر ولا تزال بهم هذه المظاهر يثيرها نفخ الشيطان ونفثه حتى تستحيل الحياة بينهما!!
* أسباب الشك.
الشك في الحالة الطبيعية إنما يكون نتيجة لأسباب ومقدمات أفرزته، وقد يكون بلا مقدمات - منطقية - وذلك لا يكون إلا في حالات مرضية بالوسواس القهري أو نحوه، فمن أسباب الشك:
- التعرّض لمواطن الريب والشك.
فالزوج - مثلاً - يُدخل القنوات الفاضحة إلى بيته التي تعرض العاهرات الفاجرات ثم هو يشتكي من حساسية زوجته وشكّها به!!
أو تراه كثير السفر والتأخر والغياب عن البيت لغير ما سبب أو ضرورة!!
أو الخلوة المفرطة بجهاز الحاسب على شبكة الانترنت.. ونحو ذلك.
ومن صور التعرّض لمواطن الريب ويتساهل فيه كثير من الناس (الاختلاط العائلي)
رجالاً ونساءً من غير اعتبار لجانب المحارم.
- الكبت الزوجي.
فالزوج لا يرضى من زوجته أن تسـأله، وإن سألته نفّرها وأغلظ عليها وتهرّب من إجابتها!!
والزوجة كذلك تتمنّع من أن تتواصل مع حديث زوجها حين يسألها في بعض شأنها وأمرها!!
هذا الكبت يولّد (الشك)!
- الصمت الزوجي وغياب الروح العاطفية بيهما.
باب من أبوب الشك، ومفتاح من مفاتيحه!!
فلا الزوج يشبع مشاعر زوجته وعاطفتها، ولا الزوجة تحرص على أن تمنح زوجها عبارات الحب والمودّة.
مما يثير شك أحدهما: لماذا لا يصارحني ويمنحني الحب؟!
- المجالس والتجمّعات مع الأصحاب.
فالنساء في مجالسهنّ يتفننّ في ابتكار الوسائل والطرق التي تطوّع الزوج لزوجته!!
والرجال في مجالسهم يتذاكرون مكر النساء وكيدهنّ!!
- التأثر بالقصص والمسلسلات والأفلام. !
فلربما يقع الزوج على قصة تحكي خيانة زوجية، أو تتابع الزوجة مسلسلاً يقصّ أحداث خيانة زوجية، فيبدأ الشيطان ببذر بذرة الشك بينهما وتخيّل وتفسير المواقف على هذه الخلفيات التي صنعتها القصص والرويات والمسلسلات!!
- الأفكار السلبية تولّد الشكوك والقلق.
والاسترسال مع هذه الأفكار يزيدها تكاثراً.
- الغيرة المفرطة!!
- استدعاء ذاكرة الماضي!!
كموقف معين حدث لأحد الأصدقاء مع تخيل إمكانية حدوثه للشخص نفسه.
* الحلول.
1 - حسن الاختيار ابتداءً.
فالزوج الصالح للحياة الزوجية من كان (صاحب دين وخُلق)، والزوجة الصالحة لدوام الاستقرار الأسري هي ( ذات الدين والودّ).
فالحياة الزوجية عبارة عن بناء يرتبط بعضه ببعض، والحرص على سلامة الأساس يكون أثره أكثر إيجابية في دوام الحياة الزوجية بينهما في مستقبل أيامهما.
2 - البعد عن مواطن الريب، والبعد عن اجتلاب ما يثير الشك والريبة.
فمن ذلك تطهير البيوت من مظاهر الفتنة كالقنوات والاختلاط والتساهل مع الخادمات أو السائقين ونحو ذلك.
3- خلق وتفعيل جوّ حواري هادئ بين الزوجين. يصارح بعضهما الآخر بما يجد نفسه بكل شفافية وأريحية، ويصارح كل منهما صاحبه بالحب ويمنحه الودّ و الوفاء.
4 - تهذيب الغيرة.
الغيرة.. سياج منيع من الوقوع في الرذيلة.
والغيرة.. آية الطُهر والحياء.
وهي كذلك لا تزال حين تكون في إطار مقبول بحيث لا تتعدّى إلى الإضرار سواء بالنفس أو بالغير.
وأصل الغيرة عند النساء غير مكتسب، لكن الإفراط في ذلك والاسترسال مع الأوهام والأفكار السلبية وتغليف ذلك بغلاف (الغيرة) هو الأمر المذموم.
ولذلك من المهم أن يضبط الزوج غيرته على زوجته وأن تضبط الزوجة غيرتها، إذ الأصل في معنى الغيرة: أنها تمنع صاحبها من الوقوع في المحظور أو المذموم.
وإن من وسائل تهذيب الغيرة:
- مدافعة هذه الغيرة عند عدم وجود الريبة والشك.
قال - صلى الله عليه وسلم -: " مِنَ الغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ الله ومِنْهَا مَا يُبْغِضُ الله، فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا الله عَزَّوَجَلَّ فَالغَيْرَةُ في الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الَّتِي يَبْغَضُهَا الله فالْغَيْرَةُ في غَيْرِ رِيبَةٍ.. "
ومعنى الغيرة في الريبة: اي الغيرة عند وجود الريبة المتحققة - وليست الريبة المظنونة - كأن يغار الرجل على زوجته حين يراها على منكر والعكس بالنسبة للزوجة.
- أن لا يحصل بسببها تعدٍّ على النفس أوالآخرين سواء على ممتلكاتهم أو حرياتهم التي كفلهاالإسلام لهم.
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً خديجة فأطنب في الثناء عليها، فأدركني ما يدرك النساء من الغيرة، فقلت: لقد أعقبك الله يا رسول الله، من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، قالت: فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغيراً لم أره تغير عند شيءٍ قطَّ إلا عند نزول الوحي أو عند المَخْيَلَةِ حتى يعلم رحمة أو عذاب. !!
فالزوج ربما غار على زوجته من مصافحتها لأعمامها أو لأبناء أختها ولربما حرم زوجته من وصل أقاربها لغيرته عليها من مخالطة الرجال من أقربائها!!
والزوجة ربما اشتطت بها غيرتها فتعدّت على نفسها أو على زوجها بالأذى، أو بالحرمان والكبت النفسي.
- كثرة الدعاء.
فإن أم سلمة - رضي الله عنها - لما أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجها قالت له: يارسول الله ما بي أن لا يكون بك الرغبة، لكني امرأة في غيرة شديدة فأخاف أن ترى مني شيئاً يعذبني الله به..
فقال لها: "" أما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله - عز وجل - عنك.. "
5- المصارحة بين الزوجين.
فهي تدفع الشكوك، سواءً كانت المصارحة في الجانب الإيجابي وهو جانب منح الحب، أو في الجانب السلبي من جهة المصارحة بما أوقع الشك في نفسه أو نفسها.
6 - افهم دواع السلوك.
واحصرها فإن رأيت أنها دوافع غير واقعيه وإنما تولّدها الأفكار السلبية فأعرض عن الاستمرار في شكوك، وإن وجدت لها دوافع منطقية فتخلّص من هذه الدوافع.
7 - كن واثقاً.
وازرع الثقة في حياتك بينك وبين زوجتك وبين ابنائك أيضاً، فلا تسأل بدافع الشك، ولا تتردد في قبول الجواب لاعتقادك كذبه!!
العدو الثالث: التجاهل والنسيان.
التجاهل والنسيان عدو خفي يتسلل إلى الحياة الزوجية في مظاهر متكررة قد لا يتنبه لها الزوجان حتى إنه ليصنع من الأشياء الحقيرة مشكلة عظيمة!!
ولا أعني هنا مطلق التجاهل والنسيان، بل أعنيه في جانب الأشياء الجميلة في الحياة الزوجية!
وإلاّ فإن تجاهل الأخطاء والهفوات ونسيان الخلافات في الحياة الزوجية من أنجح وسائل الاستقرار بين الزوجين في حياتهما.
الله جل وتعالى في كتابه يلفت النظر إلى هذا المنعطف في الحياة الزوجية فيقول جل وتعالى: " وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ " وعلى قراءة: " ولا تناسوا الفضل بينكم " (البقرة: من الآية237)!
وهي إشارة لطيفة جاءت بين ثنايا سياق حديث القرآن حول جانب من العلاقات الأسرية (والزوجية خاصة) وفي الآية ندب إلى الإحسان والفضل، وندب إلى حفظ الجميل وعدم نكرانه ونسيانه بين الزوجين.
و رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤكّد على هذا المعنى العظيم مع زوجة من زوجاته وكيف أن تذكّر الأشياء الجميلة في الحياة الزوجية مما يزيد الحب بل هو علامة من علامات الحب، تقول عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: مَا غِرْتُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - على امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ. لِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ إِيَّاهَا. وَمَا رَأَيْتُهَا قَطُّ. !!
وكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: " إنّي رزقت حبها "!!
وكان لا ينسى خلائل خديجة - رضي الله عنها - من أن يكرمهم إذا ذبح شاة ونحو ذلك. !!
وكان - صلى الله عليه وسلم - لا ينسى أو يتجاهل زوجته عائشة - رضي الله عنها - من أن يشاركها أوتشاركه فيما يحب فمن ذلك:
أن جارا، لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فارسيا. كان طيب المرق. فصنع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم جاء يدعوه. فقال (وهذه؟) لعائشة. فقال: لا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا). فعاد يدعوه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وهذه؟) قال: لا. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا). ثم عاد يدعوه.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وهذه؟) قال: نعم. في الثالثة. فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله.
ولعل أحدنا يسأل نفسه كم هي المرات التي يُدعى فيها إلى مناسبة فيشترط لحضوره أن تكون زوجته معه؟!
* بعض مظاهر التجاهل والنسيان.
- كفران العشير عند الخلاف والخصومة.
وهو شأن غالب في طبع النساء، وفي طبع بعض الرجال.
- عدم الثناء والمدح عند حصول التغيير والتجديد في أي جانب من جوانب الحياة الزوجية.
تقول يائسة..
زوجي لا ينظر إليّ !!
بقدر ما أقضي وقتاً طويلاً أمام المرآة أتجمّل فيها وأتزين لزوجي لكنه يتجاهلني!!
لا يدري ما ذا لبست..
ولا تجذبه رائحة العطور التي أغرق بها نفسي إغراقاً لعلّها تحرّك فيه ساكناً!!
كلما شعرت بتجاهل زوجي أحاول أن أستخرج منه كلمات الانتباه!!
مرّة لبست لبساً جديداً..
لم ينتبه..
سألته ما رأيك بهذا يا زوجي العزيز!!
قال: ما أجمله وأروعه !!
ثم بادرني بسؤال - وليته ما سأل - من أين لك هذا؟
قلت بخيبة: نسيت!!
هذا هديتك لي يوم قدمت من سفرك!!
- تجاهل الزوج لزوجته أمام أهلها أو أهله وتجاهلها له أمام أهله أو أهلها.
وكأن عواطف الزوجية ومشاعرها لا تكون إلاّ بين جدران البيت بل في أضيق من ذلك!!
إن الزوجة حين تشعر من زوجها أنه يقدّرها أمام أهله أو أهلها فإن ذلك يزيد من رصيد الحب بينهما.
- عدم الاهتمام بالوعود والمواعيد بين الزوجين.
فربما أن أي صارف - ولو كان تافهاً - يصرف الزوج عن موعد له مع زوجته!!
وكسل الزوجة وتثاقلها وعدم احترامها لمواعيد زوجها ربما يزيد من تناقص رصيد الحب بينهما!!
- تجاهل الأمنيات!!
يتـــــــــــــــــبع
فرائـد نادرة @frayd_nadr
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
إن تجاهل بعض أمنيات زوجاتنا فيما نستطيع أن نحققه لهنّ يُرخي على حياتنا حُجباً قد تتكاثر حتى تحجب عنّأ إشراقة الحب.
لقد كان - صلى الله عليه وسلم - كما وُصف - مع زوجته عائشة - رضي الله عنها -: هيناً ليناً إذا هوت شيئاً تابعها عليه.
- الاستجابة للصوارف والتشاغل بها عن الأهل والأولاد.
(إنتر نت - أصدقاء - استراحات... )
- التجاهل والنسيان في جانب المشاركة الإيمانية بين الزوجين.
فالزوج لا يشارك زوجته بعض البرامج الإيمانية إما تجاهلاً أو نسياناً، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلّمنا أن التعاون على البر والهدى مما يزيد الألفة وينزّل الرحمة على الزوجين.
يقول - صلى الله عليه وسلم -: «رَحِمَ الله رَجُلاً قامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ. رَحِمَ الله امْرَأَةً قامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ في وَجْهِهِ المَاءَ».
- عدم تفعيل جانب الاستشارة بين الزوجين.
فالزوج يستقل باتخاذ قراراته، والزوجة كذلك.. ربماالأمر يعود إلى اعتداد أحدهما برأيه وتجاهل الآخر!!
لقد كان أهل الجاهلية في مكة لا يعدّون النساء شيئاً ولا يدخلونهن في أمورهم، حتى جاء الإسلام وجعل للنساء شأناً يقول عمر - رضي الله عنه -: كنّأ في الجاهلية لا نعدّ النساء شيئاً فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقّاً من غير إن ندخلهن في شيء من أمورنا!
إن الحياة الزوجية بقدر ما يمتعها التجديد ونفض الرتابة، فإنه يزيد من بهاء متعتها التمتع بمخزون الذكريات الجميلة وتذكرها والتفاعل العاطفي والمشاركة
وعدم التهميش والتجاهل
دامت لكم حياة سعيدة قريرة في ظل طاعة الرحمن
منقول