أعمــال يمحــو الله بـهـا الخطــايــا
======================
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألا أدلُكم على ما يمحـو اللهُ بهِ الخطايـا ويرفعُ بهِ الدرجـاتِ ؟ قالوا : بلى . يا رسولَ اللهِ ! قال إسبـاغُ الوضـوءِ على المكـارهِ .
وكثـرةُ الخطـا إلى المسـاجِـدِ . وانتظـارُ الصـلاةِ بعـدَ الصـلاةِ .
(فـذلكـمْ الـربـاطُ
هذه ثلاثة أعمال صالحة يمحو الله بها الخطايا ويرفع بها الدرجات
قال النووي رحمه الله :
) إسباغ الوضوء ) : تمامه . و ( المكاره ) تكون بشدة البرد ، وألم الجسم ، ونحو ذلك " انتهى . "شرح مسلم"
وقد بين أهل العلم أن ذلك لا يعني قصد المشقة وتطلبها ، فالمشقات ليست من مقاصد الشريعة ولا من مراد الشارع ، ولكن إذا لم يتيسر سبيل العبادة إلا بوقوع المشقة ، فيعظم الأجر في هذه الحالة ، وفرق بين الأمرين .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
) إسباغ الوضوء على المكاره ( يعني :
أن الإنسان يتوضأ وضوءه على كره منه ، إما لكونه فيه حمى ينفر من الماء فيتوضأ على كره ،
وإما أن يكون الجو باردا وليس عنده ما يسخن به الماء فيتوضأ على كره، وإما أن يكون هناك أمطار تحول بينه وبين الوصول لمكان الوضوء فيتوضأ على كره ، المهم أنه يتوضأ على كره ومشقة ، لكن بدون ضرر ، أما مع الضرر فلا يتوضأ بل يتيمم ،
هذا مما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات .
ولكن هذا لا يعني أن الإنسان يشق على نفسه ويذهب يتوضأ بالبارد ويترك الساخن ، أو يكون عنده ما يسخن به الماء ،
ويقول : لا ، أريد أن أتوضأ بالماء البارد لأنال هذا الأجر ،
فهذا غير مشروع ؛ لأن الله تعالى يقول :
( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ) ،
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا واقفا في الشمس ، قال : ما هذا ؟ قالوا : نذر أن يقف في الشمس ، فنهاه عن ذلك وأمره أن يستظل ، فالإنسان ليس مأمورا ولا مندوبا إلى أن يفعل ما يشق عليه ويضره ،
بل كلما سهلت عليه العبادة فهو أفضل ، لكن إذا كان لا بد من الأذى والكره ، فإنه يؤجر على ذلك ؛ لأنه بغير اختياره.
أولاً : إسباغ الوضوء على المكاره ،
يعني إتمام الوضوء في أيام الشتاء ؛ لأن أيام الشتاء يكون الماء فيها بارداً . وإتمام الوضوء يعني إسباغه ، فيكون فيه مشقة على النفس ، فإذا أسبغ الإنسان وضوءه مع هذه المشقة ، دل هذا على كمال الإيمان ، فيرفع الله بذلك درجات العبد ويحط عنه خطيئته .
ثانياً : كثرة الخطا إلى المساجد ،
يعني أن يقصد الإنسان المساجد ، حيث شرع له إتيانهن ،
وذلك في الصلوات الخمس ، ولو بعد المسجد فإنه كلما بعد المسجد عن البيت ازدادت حسنات الإنسان ، فإن الإنسان إذا توضأ في بيته وأسبغ الوضوء ، ثم خرج منه إلى المسجد ، لا يخرجه إلا الصلاة ،
لم يخط خطوة واحدة إلا رفع الله له بها درجة ،
وحط عنه بها خطيئة .
وليس المعنى أن يتقصد الطريق البعيد ، أو أن يقارب الخطا ،
هذا غير مشروع ، بل يمشي على عادته ، ولا يتقصد البعد ،
يعني مثلا : لو كان بينه وبين المسجد طريق قريب ،
وآخر بعيد : لا يترك القريب ، لكن إذا كان بعيدا ، ولا بد أن يمشي إلى المسجد ، فإن كثرة الخطا إلى المساجد مما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات.
ثالثاً : انتظار الصلاة بعد الصلاة ،
يعني أن الإنسان من شدة شوقه إلى الصلوات ، كلما فرغ من صلاة ، فقلبه متعلق بالصلاة الأخرى ينتظرها ، فإن هذا يدل على إيمانه ومحبته وشوقه لهذه الصلوات العظيمة ، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) .
فإذا كان ينتظر الصلاة بعد الصلاة ، فإن هذا مما يرفع الله به الدرجات ، ويكفر به الخطايا .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فذلكم الرباط )
أصل الرباط : الإقامة على جهاد العدو بالحرب وارتباط الخيل وإعدادها ، وهذا من أعظم الإعمال ، فلذلك شبه به ما ذكر من الأفعال الصالحة والعبادة في هذا الحديث ، أي أن المواظبة على الطهارة والصلاة والعبادة كالجهاد في سبيل الله .
وقيل : إن الرباط هاهنا اسم لما يربط به الشيء ،
والمعنى : أن هذه الخلال تربط صاحبها عن المعاصي وتكفه عنها .
والله الموفق .
"شرح رياض الصالحين"
لو باقي ليلة @lo_baky_lyl
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
ولايحرمش الاجر