أكثروا من ذكر هاذم اللذات
عن أبي هريرة ،وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (أكثروا من ذكر هاذم اللذات0 قيا وما هاذم اللذات يا رسول الله ؟ قال الموت ))وفي رواية عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال(أكثروا من ذكر هاذم اللذات ، فإنه ما ذكر وأحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ، ولا في سعة إلا ضيق عليه))صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم
إن الرسول الأعظم يوصينا أن نكثر من ذكر هاذم اللذات وهو الموت ، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم يريد أن يوقظ أذهان الأمة أن الكل صائر إلي الفناء ،الكل لابد أن يذوق الموت (كل نفس ذائقة الموت ) وقد ذكرها رب العالمين ،وكررها في كتابه العظيم في ثلاثة مواطن :في سورة آل عمران(185) وفي سورة الأنبياء (35) وفي سورة العنكبوت(57)
وذلك لأن العالم إما عالم دنيوي وهو عالم البشر،عالم بني آدم ، وإما عالم ملكوتي علوي وهم الملائكة الكرام ،وإما عالم جبروتي وهو عالم الذين اصطفاهم الله من الملائكة مثل حملة العرش ،وغيرهم قال تعاليالله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس){الحج :75}فالكل صائر إلي الفناء، وهو وحده المتفرد بالبقاء0
فما أحوجنا إلي هذه الوصية نتذاكها في عصر طغت فيه الماديات والشهوات،في عصر انشغل فيه كثير من الناس عن لقاء رب الأرض والسماء ولقد جعل الرسول الأعظم صلي الله عليه وسلم أعقل الناس ،وأكرمهم ،وأكثرهم للموت ذكرا يقول عبدالله بن عمر رضي الله عنه :أتيت النبي صلي الله عليه وسلم عشرة،فقال رجل من الأنصار:من أكيس الناس؟(أي أعقلهم)وأكرم الناس يا رسول الله؟ قال(أكثرهم للموت ذكرا،وأشدهم له أستعداد، اولئك الأكياس ،ذهبوا بشرف الدنيا ،وكرامة الآخرة))
وشكت امرأة إلي السيدة عائشة قساوة قلبها ،فقالت لها أكثري ذكر الموت يرق قلبك ففعلت فرق قلبها 0إن الحياة في هذه الدار موقوتة محدودة بأجل ،حتي إذا ما جاءت نهايتها حتما يموت الصالحون ،ويموت الطالحون ،ويموت الجميع،فلا بد أن تستقر هذه الحقيقة في أذهان عقلك وقلبك أيها المؤمن (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) الجمعة:8فالناس تجاه الموت ثلاثة:منهمك،وتائب ،وعارف
(1)أما المنهمك فلا يذكر الموت ،وإن ذكره فيذكره للتأسف علي دنياه،ويشتغل بمذمته وهذا يزيده ذكر الموت من الله بعدا
(2) وأما التائب:فإنه يكثر من ذكر الموت ،ليبعث الخوف والخشية في قلبه، فيكون موفيا بتمام التوبة ،وربما يكره الموت خشية أن يدخل تحت قول الرسول صلي الله عليه وسلم (من كره لقاء الله كره الله لقاءه)) فالحقيقة أنه ليس بكاره الموت ،ولا للقاء الله ،وإنما هو خائف من فوت لقاء الله لتقصيره،ولقصور عمله الصالح فهو يريد أن يتزود ،ومثله كمثل الذي يتأخر عن لقاء حبيبه مشتغلا بالاستعداد للقائه علي وجه يحبه ويرضاه
(3)وأما العارف :فإنه يذكر الموت دائما ،لأنه موعد لقاء حبيبه، والمحب لا ينسي قط موعد لقاء حبيبه ،وهو في غالب الأمر يستبطئ مجئ الموت، لكي يتخلص من دار العاصين، وينتقل ؟إلي جوار رب العالمين0 وهذا معذور في حب الموت0
ولذلك فإن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه لما حضرته الوفاة قال :((حبيب جاء علي فاقة ،لا أفلح من ندم،اللهم إن كنت تعلم أن الفقر أحب إلي من الغني ، والسقم أحب إلي من الصحة ،والموت أخب إلي من العيش ،فسهل علي الموت حتي ألقاك))
فجدير بمن كان الموت مصرعه ، والتراب مضجعه ،والدود أنيسه ،ومنكر ونكير جليسه،والقبر مقره ،وبطن الأرض مستقره،والقيامة موعده ،والجنة أو النار مورده ،ألا يكون له فكر إلا في الموت ،ولا استعداد إلا لأجله،فما بقي من العمر ‘لا القليل ،والخلق عنه غافلون ((اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ))الأنبياء:1
اللهم أحيينا في الدنيا مؤمنين طائعين
وتوفنا مؤمنين تائبين
اللهم أرحم تضرعنا بين يديك
وكن لنا ولا تكن علينا
اللهم آمييييييييين
لا تنسونا من دعائكم
9
وتوفنا مؤمنين تائبين
اللهم أرحم تضرعنا بين يديك
وكن لنا ولا تكن علينا
اللهم آمييييييييين
أستاذه جزاك الله خير الدنيا والاخرة
ونفع الله بك