من أروع المقالات التي قرأتها
بالقرب من الحرم في رحلة عمرة كان أحد المعتمرين وهو بلباس الإحرام في غفلة عن نفسه , مما كان ينذر بأن يُرَى منه ما لا يُرَى !!!
وإذ بابن أختي الذي كان في الصف الأول متوسط يصرخ على الملأ قائلا : ( يا شيخ ..ياشيخ ..حرام عليك غطي ) وهو يكررها حتى يتأكد من استيعاب الأخ له , فما كان مني إلا أن وضعت يدي على فمه و أنا أقول : ( صلي على النبي , انت كدا حتخليه يشلح الباقي ) .
لكن ألا ترون أن أغلبنا يمارس هذه المهمة - مهمة التشليح - بأسلوب أو بآخر .
ما إن يخطأ أحد ما أو يبدي لنا مالا يعجبنا حتى نقوم بتشليحه على الملأ , طبعا نحن لا نعترف على أرض الواقع بكلمة تشليح و إنما نرادفها بالكلمة المظلومة - نصيحة - .
هذه الكلمة التي أدخلت معامل التكرير حتى أنهكت وخرجت لنا على صورة - فضيحة - .
فلا تستغرب إن فتحت قناة ووجدت برنامج حوار , يتخلله اتصال من أخ ناصح ينزل فيه تقريعا وتوبيخا على الضيف حتى تتساءل هل قصده النصح للتعديل أم للتهريج ..
ولا تستغرب إن قرأت مقالا لكاتب اعتراه فيه ما يعتري ابن آدم من الهفوات ثم وجدت ردودا - وربما من مؤيدين سابقين - تخجل أن تكمل القراءة من سفاهتها...
و أنا أظن أن كل أولئك لو أسروا بنصحهم وحاولوا أن يلطفوا من كلماتهم , وهو مجهود لا يحتاج إلى كثير تعب , لاستطعنا أن ننتشل كثيرا من أوحالهم بدل أن نرغبهم في الانغماس فيها من حيث لا ندري .
أنا لا أنكر أنك قد تجد من التصرفات والمقالات والمشاركات ما يثير الحنق والاستهجان , وتشعر معه بغليان الدم في عروقك , مما تود معه لو أنك تدق عنق المخطيء ..
ولكن ألا ترى معي أنك إن دققت عنقه أخرجته بعاهتين بعد أن كان بعاهة واحدة , وهذا ما يحدث فعلا , فبعد أن كان المخطيء مشبعا بخطأ واحد وهو خطأ فكرته أو تصرفه الذي صدر منه ,فإنه بعد أسلوب التوجيه - اللاحضاري قبل أن يكون اللاإسلامي - أصبح مشبعا بخطأين , هو خطأ تصرفه , والثاني خطأ إصراره على الخطأ و الذي كنت أقوى داعم له .
اننا بحاجة الى أن نتأمل مرات ومرات في قوله تعالى : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } .
وعن تجربة شخصية تأنى ثم تأنى ثم تأنى قبل أن تقدم على النصح , حتى تعطي نفسك فرصة كافية أن تقدم أفضل ما لديك , وسأورد هذه القصة للتأكيد ..
من خلال اشتراكي في أحد المجموعات كان أحد الأعضاء يقوم بنشر مشاركات تحمل في طياتها مخالفات واضحة , فأرسلت له على بريده كلمات نصح حرصت على أن تكون في غاية التهذيب و اللطف , وهذا أقصى ما تسمح به أخلاقي التي كنت أظنها ذات مستوى جيد , لكني اكتشفت بعد ذلك خطأ ظني , لأنه ما إن نشر مشاركته التالية والتي كانت تحمل نفس أسلوب سابقيها حتى ثارت ثائرتي , واعتبرت ذلك تحديا لي , خصوصا أنه لم يقم بالرد
على رسالتي بحق أو باطل , فأمسكت بكيبوردي كأسد همام لأرد عليه , ولكن هذا المرة بتهزيء منمق !!! وما إن هممت بذلك حتى قابلتني الرسالة المزعجة دوما والتي تخبرك عن انقطاع الاتصال , ومما زاد في حنقي أن لدي موعد سيجبرني على أن أغادر المنزل إلى وقت متأخر , ( ماعليه !! كل تأخيرة فيها خيرة ) وعدت مساء وفتحت بريدي لأسطر الرد ..
لأفاجأ برسالة اعتذار منه ووعد باختيار الأصلح من المشاركات .
لكم أن تتخيلوا مشاعر الإحراج التي شعرت بها لحظتها لتسرعي في سوء الظن به , و الإحراج الأكبر لو أرسلت له ردي ذو التهزيء المنمق !!!كنت سأهدم كل ما بنيته إلى الآن ..
بقي أن أقول لكم أن مشاركاته بعد ذلك أصبحت من أجمل ما يمكن , والأجمل أنني تعلمت درسا لا ينسى من تلك الحادثة ..
لا تفسد من حيث تريد أن تصلح
عاسفة الخرفان @aaasf_alkhrfan
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
بالفعل هذا ما نحتاجه
جزاك الله خير