احفظ الله يحفظك ( قصة رائعة )

ملتقى الإيمان

عزم قوم من أهل الثراء في بلاد الشام على الحج فأرادوا أن يصحبهم من يقوم على خدمتهم فأشاروا عليهم برجل خدوووم طباخ خفيف الظل لم يحجّ، فعرضوا عليه أن يصحبهم ويخدمهم فيصنع طعامهم ويقضي حوائجهم وتكون أجرته الحجّ معهم، فوافق فرحاً بهذا العرض السخيّ، وكان الحج من أمانيه التي حال بينه وبينها الفقر، وكم في المسلمين من نظرائه !!

عندما وصلوا مكة استأجروا بيتاً وخصصوا فيه حجرة تكون مطبخاً و بدأ الخادم بالعمل جاداً فرحاً، وفوجئ ذات يوم و هو يدق بالهاون (وهي آلة تدق بها الحبوب القاسية ) أن الأرض تُطَبْطِبُ وتهتز وتوحي بأنّ شيئاً مدفوناً في قعرها، ودعته نفسه أن يبحث عن المُخبَّأ فلعل رزقاً ينتظره في جوف الأرض .


و كانت المفاجأة السعيدة: كيسٌ من الذهب الأحمر في صندوق صغير من الحديد .

التفت يمنة ويسرة لئلا يكون أحد قد اطلع على الرزق المستور، و بعد تفكير رأى أن يعيده مكانه حتى يأذن القوم بالرحيل فيأخذه معه، ويخفيه عنهم .

وبدأ مع تلك الساعة سيل الأفكار و الأماني، ماذا يصنع بهذا المال وكيف سيودّع أيام الفقر و الحاجة، ونسي في غمرة ذلك أن هذا المال حرام عليه في بلد حرام لا تحل لقطته إلا لمُنْشِد ولو كان شيئا قليلا،
ولكنه الإنسان كما وصفه الله
(وإنه لحب الخير لشديد)العاديات: 8

لما آذنوا بالرحيل جعل الصرّة بين متاعه و حملها على جمله و أحكم إخفاءها و خبرها،

و سار القوم و صاحبنا لا يشعر بمشقة السفر و لا بالضيق من بعد الطريق ، والأماني تحوم حول رأسه و الخوف الشديد يحاصره شفقة على المال من الزوال.
عندما وصلوا منطقة قرب تبوك نزلوا ليرتاحوا، و نزل صاحبنا وبدأ عمله المعتاد في الخدمة والطبخ،
وفجأة شرَدَ جمل الخادم بما حمل، فتسارع القوم لردّه و كان أشدّهم في ذلك صاحبه ، و لكنّ الجمل فات على الجميع و لم يدركه أحد فعاد الناس بالخيبة، و تأثر الخادم حتى بلغ الأمر حدّ البكاء الذي لا يليق بثبات الرجال.

لما رأى أصحابه منه هذا الجزع طمأنوه و وعدوا أن يضمنوا جمله و يعوضوه خيراً منه و خيراً مما عليه، لكنه أبدى لهم بأنّ عليه أشياء لا يمكنه الاستغناء عنها وهدايا وتحفاً
اشتر‏​​​​​​​​​‏​​​‏​​​اها من مكة والمدينة لأهله، وهذا سبب حزنه.
لكن القوم لم يلتفتوا لما أصابه و طلبوا الرحيل لمواصلة المسير و التعجّل إلى الأهل، و رَضخ مُكرهاً لطلبهم و سار معهم حتى وصل بلده مغموماً من ذهاب الذهب وفقدان الأمل.

في العام الذي يليه رغب آخرون من الأثرياء الحجّ و سألوا عمّن يرافقهم و يقوم بخدمتهم فأوصاهم الأوّلون بصاحبنا و مدحوه لهم، و أثنوا على عمله خيراً، و في طريقهم للحج نزلوا منزلاً قريباً من المنزل الذي فقد فيه صاحبنا جمله.
ولما ذهب لقضاء حاجته مرّ ببئر مهجورة فأطلّ فيها فوجد في قاعها أثر جمل ميت فنزل والأمل يحدوه أن يكون الجملُ جملَه، فوجده بالفعل ميتا قد بليت عظامه ، وأما المتاع وكيس الذهب بحاله لم ينقص منهما شيء،

أخذ الذهب وأخفاه وعادت إليه أفراحه و أمانيه، و سكن مع أصحابه في البيت نفسه و اتخذ من الحجرة التي خصصت له مطبخاً و رأى أن يعيد المال إلى مكانه ريثما ينتهي الحج فيأخذه مرة أخرى.

في تلك الأيام جاء رجل هِنْدي لعله صاحب البيت و طلب أن يأخذ شيئاً من البيت فأذنوا له، فدخل حجرة صاحبنا وقصد إلى موضع الصندوق فحفر ثم أخرج الصندوق .

كان الخادم ينظر إليه وهو في غاية الذهول، فلمّا رآه قد عثر عليه و أخذه استوقفه
قائلاً له :
ما هذا الذي أخذت؟

قال الهندي:
ذهب كنت خبّأته في هذا الموضع من سنين وقد احتجته اليوم وجئت لآخذه.

لم يتمالك صاحبنا نفسه أن قال للهندي:
و هل تعلم أن مَالَكَ هذا قد وصل إلى أطراف بلاد الشام ثم عاد إلى هذه البقعة لم ينقص منه شيء.

قال الهندي:
والله لو طاف الأرض كلها لعاد إلى مكانه وما ضاع منه شيء لأني أزكيه كل عام لا أترك من زكاته شيئا ، و استودعته ربي فمن استودع ربه شيئا حتما انه سيحفظه له والله يحفظه لي.

كتبه/محمد بن عبد العزيز الخضيري.

قلت :
إن كان المال وهو جزء منفصل عن صاحبه قد حفظه الله بتزكيته !!
فكيف بتزكية النفس !! وتزكية اللسان !! وتزكية العلم !!
(( اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليّها ومولاها ))
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( احفظ الله يحفظك ))

استودعوا الله
أنفسكم ، أهليكم و أحبتكم .

استودعوا الله
دينكم ، أماناتكم و خواتيم أعمالكم .

استودعوه
أول ليلة تكونو فيها بقبوركم .

استودعوه
شهادة أن ﻻاله اﻻ الله بأن ينطقكم هي اذا حانت منيتكم .


أستودع الله الذي لا تضيع ودائعه نفسي و أهلي و أحبتي و ديني و خواتيم أعمالي .




دعائكم في ظهر الغيب
هو زادي فلا تحرموني منه 🌹
15
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نوناآ بنت أبوهاآ
يعطيك العافيه وبالفعل أحفظ الله يحفظك 
ضي الهدى
ضي الهدى
جزاك الله الجنه موضوع رائع بارك الله فيك
ضي الهدى
ضي الهدى
قال الهندي:
والله لو طاف الأرض كلها لعاد إلى مكانه وما ضاع منه شيء لأني أزكيه كل عام لا أترك من زكاته شيئا ، و استودعته ربي فمن استودع ربه شيئا حتما انه سيحفظه له والله يحفظه لي.



سبحان الله
هل الانسان حينما يزكي نفسه بالصيام والاستفغار وسائر العبادات
ربي يحفظه في الدنيا والاخره
كيف ما حفظ ربي مال الرجل بسبب زكاته
فكل تسبيحه وتهليل صدقه
ويصبح على كل سلامى احدهم صدقه
فهذه التزكيه بالمال والصلاه والذكر
تحفظ صاحبها وتحفظ صحته وحياته كلها
سبحان الله

خاااطره كنت افكر فيها وكتبتها لعل الله ينفع بها
mery
mery
جزاك الله خيرا...
فرحه 2002
فرحه 2002
جزاك الله خير وجعله في موازين حسناتك