درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
اريد تفسيره مع مثال :angry:
فروالي @froaly
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
*هبة
•
السؤال: يقول العلماء في كلامهم: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، وغيرها من القواعدفما المقصود بهذه القواعد، ومن هو الذي وضعها، هل هو النبي صلى الله عليه وسلم، أم العلماء استنبطوها؟
استنبطها العلماء من الأدلة، الأدلة الشرعية كون الإنسان يدرأ مفسدة أعظم من كونه يجلب مصلحه التي يتخيلها ويظنهافإذا كان اجتماعه بزيد أو بعمرو يترتب عليه شر فيترك هذا الاجتماع الذي يخشى منه شر، وإن كان يرجوا فيه مصلحة بأن يعطيه فلوس أو يدعوا له أو ما أشبه ذلك، لكن إذا كان يترتب عليه سوء ظن، أنه يظن به شر أن هذا الرجل الذي يحب أن يجتمع به مشهور بالشر أو بشرب المسكر أو بتعاطي ما حرم الله من اللواط أو ما أشبه ذلك يبتعد عما يظن به السوء من أجله، وكذلك إذا كان تعاطيه بصفة معينة يجر عليه شراً يبتعد عنها، وهكذا إذا كان ذهابه إلى حارة من الحارات يجر شراً يبتعد، ولو كان فيها مصلحة أنه يزور مريض أو يتصدق على أحد ما دام دخول هذه الحارة ظاهرها يتهم بالشر والفساد لا يذهب، درء المفسدة مقدمة على المصلحة، وهكذا ما أشبه ذلك. شكر الله لكم..
للشيخ ابن باز
.
استنبطها العلماء من الأدلة، الأدلة الشرعية كون الإنسان يدرأ مفسدة أعظم من كونه يجلب مصلحه التي يتخيلها ويظنهافإذا كان اجتماعه بزيد أو بعمرو يترتب عليه شر فيترك هذا الاجتماع الذي يخشى منه شر، وإن كان يرجوا فيه مصلحة بأن يعطيه فلوس أو يدعوا له أو ما أشبه ذلك، لكن إذا كان يترتب عليه سوء ظن، أنه يظن به شر أن هذا الرجل الذي يحب أن يجتمع به مشهور بالشر أو بشرب المسكر أو بتعاطي ما حرم الله من اللواط أو ما أشبه ذلك يبتعد عما يظن به السوء من أجله، وكذلك إذا كان تعاطيه بصفة معينة يجر عليه شراً يبتعد عنها، وهكذا إذا كان ذهابه إلى حارة من الحارات يجر شراً يبتعد، ولو كان فيها مصلحة أنه يزور مريض أو يتصدق على أحد ما دام دخول هذه الحارة ظاهرها يتهم بالشر والفساد لا يذهب، درء المفسدة مقدمة على المصلحة، وهكذا ما أشبه ذلك. شكر الله لكم..
للشيخ ابن باز
.
*هبة
•
درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
للشيح محمد حسن عبالغفار
لقد نهى الإسلام عن مضرة الآخرين، وأصَّل في ذلك قاعدة تندرج تحتها كثير من المسائل العلمية، وهي: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والأدلة على هذه القاعدة ثابتة بالكتاب والسنة، ولها صور من الواقع الذي نعيشه.
~.~.~بيان القاعدة الفقهية درء المفاسد مقدم على جلب المصالح~.~.~
المعنى العام لقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ثم أما بعد: فإنَّ القاعدة الفقهية تقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. والمفسدة: هي التي تلحق بمن وقعت عليه الضرر، وهي مرتبطة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار). والمصلحة: هي التي تجلب المنفعة لمن كانت له هذه المصلحة. والمعنى العام للقاعدة كما بينا في القواعد الفقهية: أنه إذا تعارضت مفسدة مع مصلحة فالأولى أن لا ننشغل بالمصلحة، بل الأولى إزالة المفسدة؛ لأن إزالة الضرر أولى من جلب المنفعة؛ لأن إزالة المفسدة أو درءها فيها منفعتان: المنفعة الأولى: عدم وقوع المفسدة. المنفعة الثانية: تركُ المرء سالماً؛ لأن الضر إذا وقع على الإنسان فإنه يعيقه عن كثير من المصالح التي لا بد أن يتقدم لها. ففيها منفعتان: قطع هذه المفسدة التي كانت ستقع، وأيضاً قطع أبواب مفاسد أخرى يمكن أن تجرها هذه المفسدة.
~.~.~الأدلة على أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح~.~.~
والأدلة على هذه القاعدة العظيمة العريضة التي يندرج تحتها كثير من المسائل العلمية: قول الله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ . فالله جل وعلا نهى الصحابة الكرام أن يسبوا الآلهة أو يسفهوا أحلام من يعبد هذه الآلهة، مع أن سب الآلهة الباطلة ممدوح، بل محثوث عليه، وتسفيه أحلام من يفعل ذلك ممدوح، بل محثوث عليه، بل يثاب المرء إذا فعل ذلك، لكن منع الله جل في علاه هذه المصلحة لدرء مفسدة أعظم منها، أو لتعارض مفسدة مع هذه المصلحة، ألا وهي سب الله جل في علاه، فإن من أعظم المفاسد أن يسب الله جل في علاه. ولذلك بين لنا الله جل في علاه قاعدة شرعية لا بد أن نسير عليها طيلة تعبدنا لله جل في علاه، ألا وهي: دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، فإن كان في سب الآلهة مصلحة فإن دفع المفسدة أولى. ومن الأدلة التي تثبت ذلك: حديث النبي صلى الله عليه وسلم عموماً: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا). ففي هذا الحديث دلالة على هذه القاعدة العظيمة، ووجه الدلالة: أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه منفعة، فسهل فيه وعلقه بالاستطاعة، وأمر بامتثال النهي مطلقاً لأنه مفسدة تجتنب، فالحديث يبين أن الشرع يهتم بالانتهاء عن المنهيات، بدفع المفاسد كلها. فالمنافع فيها التسهيل، قال صلى الله عليه وسلم: (فأتوا منه ما استطعتم)، أما في المنهيات وفي المفاسد قال: (فانتهوا). وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنه وأرضاها وقال لها: (لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة، ولبنيتها على قواعد إبراهيم، ولجعلت لها باباً منه يدخل الناس، وباباً يخرجون منه)، ولم يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. فالمصلحة هنا: أن تكون الكعبة كما بنيت على عهد إبراهيم. والمصلحة الثانية: أنه لا يفرق بين الناس، حيث إنَّ أهل مكة كانوا قد جعلوا مصعداً يصعد عليه الشرفاء ليدخلوا الكعبة، لكن الضعفاء أو الفقراء لا يدخلون. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يريد مصلحة أعظم من ذلك ألا وهي عدم التفريق؛ لأن رب أشعث أغبر عند الله أفضل من آلاف من هؤلاء المعظمين، فقال: (ولجعلت لها باباً يدخل منه الناس)، والمصلحة العظمى: باب يخرجون منه خشية التزاحم. فهذه مصلحة عظيمة جداً أن تبنى الكعبة على قواعد إبراهيم، لكن نازعت هذه المصلحة مفسدة فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الشاهد، والمفسدة هي: حدوث الفتنة وهو ارتدادهم عن الإسلام، فإنَّ أهل مكة كانوا يعظمون الكعبة، ويعظمون الشعائر، فإذا رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يهدم الكعبة سيقولون: النبي صلى الله عليه وسلم لا يعظم الكعبة فتحدث الفتنة بينهم، فيرتدون عن الإسلام؛ لأنهم لا يفقهون أن النبي صلى الله عليه وسلم يبين أن هدم الكعبة وبناءها على قواعد إبراهيم مصلحة كبيرة جداً، بل سيقولون: لم يعظم شعائر الله جل في علاه، كيف يأمرنا أن نعظم شعائر الله وهو لم يعظم شعائر الله حين هدم الكعبة؟ ومن الأدلة على ذلك: الرجل الذي جاء ينظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم، فقال: اعدل يا محمد! هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ويحك، ومن يعدل إن لم أعدل)، وفي رواية قال: (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟! فقام خالد بن الوليد ، وقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا، حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه). فوجه الدلالة في هذا الحديث قوله: (لا، حتى لا يتحدث الناس أن محمداًً يقتل أصحابه) فالمصلحة: كل من تطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحده القتل حتى لا يتجرأ أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما المفسدة: فهي أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، وتحدث مفسدة ناجمة عن ذلك بعدم دخول الناس في الإسلام خوفاً، فيقولون: ما من أحد يكلم هذا الرجل إلا وقتله. إذاً: في قتل هذا المنافق مفسدة وهي تنفير الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقدم درؤها على مصلحة قتله.
للشيح محمد حسن عبالغفار
لقد نهى الإسلام عن مضرة الآخرين، وأصَّل في ذلك قاعدة تندرج تحتها كثير من المسائل العلمية، وهي: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والأدلة على هذه القاعدة ثابتة بالكتاب والسنة، ولها صور من الواقع الذي نعيشه.
~.~.~بيان القاعدة الفقهية درء المفاسد مقدم على جلب المصالح~.~.~
المعنى العام لقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ثم أما بعد: فإنَّ القاعدة الفقهية تقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. والمفسدة: هي التي تلحق بمن وقعت عليه الضرر، وهي مرتبطة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار). والمصلحة: هي التي تجلب المنفعة لمن كانت له هذه المصلحة. والمعنى العام للقاعدة كما بينا في القواعد الفقهية: أنه إذا تعارضت مفسدة مع مصلحة فالأولى أن لا ننشغل بالمصلحة، بل الأولى إزالة المفسدة؛ لأن إزالة الضرر أولى من جلب المنفعة؛ لأن إزالة المفسدة أو درءها فيها منفعتان: المنفعة الأولى: عدم وقوع المفسدة. المنفعة الثانية: تركُ المرء سالماً؛ لأن الضر إذا وقع على الإنسان فإنه يعيقه عن كثير من المصالح التي لا بد أن يتقدم لها. ففيها منفعتان: قطع هذه المفسدة التي كانت ستقع، وأيضاً قطع أبواب مفاسد أخرى يمكن أن تجرها هذه المفسدة.
~.~.~الأدلة على أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح~.~.~
والأدلة على هذه القاعدة العظيمة العريضة التي يندرج تحتها كثير من المسائل العلمية: قول الله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ . فالله جل وعلا نهى الصحابة الكرام أن يسبوا الآلهة أو يسفهوا أحلام من يعبد هذه الآلهة، مع أن سب الآلهة الباطلة ممدوح، بل محثوث عليه، وتسفيه أحلام من يفعل ذلك ممدوح، بل محثوث عليه، بل يثاب المرء إذا فعل ذلك، لكن منع الله جل في علاه هذه المصلحة لدرء مفسدة أعظم منها، أو لتعارض مفسدة مع هذه المصلحة، ألا وهي سب الله جل في علاه، فإن من أعظم المفاسد أن يسب الله جل في علاه. ولذلك بين لنا الله جل في علاه قاعدة شرعية لا بد أن نسير عليها طيلة تعبدنا لله جل في علاه، ألا وهي: دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، فإن كان في سب الآلهة مصلحة فإن دفع المفسدة أولى. ومن الأدلة التي تثبت ذلك: حديث النبي صلى الله عليه وسلم عموماً: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا). ففي هذا الحديث دلالة على هذه القاعدة العظيمة، ووجه الدلالة: أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه منفعة، فسهل فيه وعلقه بالاستطاعة، وأمر بامتثال النهي مطلقاً لأنه مفسدة تجتنب، فالحديث يبين أن الشرع يهتم بالانتهاء عن المنهيات، بدفع المفاسد كلها. فالمنافع فيها التسهيل، قال صلى الله عليه وسلم: (فأتوا منه ما استطعتم)، أما في المنهيات وفي المفاسد قال: (فانتهوا). وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنه وأرضاها وقال لها: (لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة، ولبنيتها على قواعد إبراهيم، ولجعلت لها باباً منه يدخل الناس، وباباً يخرجون منه)، ولم يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. فالمصلحة هنا: أن تكون الكعبة كما بنيت على عهد إبراهيم. والمصلحة الثانية: أنه لا يفرق بين الناس، حيث إنَّ أهل مكة كانوا قد جعلوا مصعداً يصعد عليه الشرفاء ليدخلوا الكعبة، لكن الضعفاء أو الفقراء لا يدخلون. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يريد مصلحة أعظم من ذلك ألا وهي عدم التفريق؛ لأن رب أشعث أغبر عند الله أفضل من آلاف من هؤلاء المعظمين، فقال: (ولجعلت لها باباً يدخل منه الناس)، والمصلحة العظمى: باب يخرجون منه خشية التزاحم. فهذه مصلحة عظيمة جداً أن تبنى الكعبة على قواعد إبراهيم، لكن نازعت هذه المصلحة مفسدة فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الشاهد، والمفسدة هي: حدوث الفتنة وهو ارتدادهم عن الإسلام، فإنَّ أهل مكة كانوا يعظمون الكعبة، ويعظمون الشعائر، فإذا رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يهدم الكعبة سيقولون: النبي صلى الله عليه وسلم لا يعظم الكعبة فتحدث الفتنة بينهم، فيرتدون عن الإسلام؛ لأنهم لا يفقهون أن النبي صلى الله عليه وسلم يبين أن هدم الكعبة وبناءها على قواعد إبراهيم مصلحة كبيرة جداً، بل سيقولون: لم يعظم شعائر الله جل في علاه، كيف يأمرنا أن نعظم شعائر الله وهو لم يعظم شعائر الله حين هدم الكعبة؟ ومن الأدلة على ذلك: الرجل الذي جاء ينظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم، فقال: اعدل يا محمد! هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ويحك، ومن يعدل إن لم أعدل)، وفي رواية قال: (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟! فقام خالد بن الوليد ، وقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا، حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه). فوجه الدلالة في هذا الحديث قوله: (لا، حتى لا يتحدث الناس أن محمداًً يقتل أصحابه) فالمصلحة: كل من تطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحده القتل حتى لا يتجرأ أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما المفسدة: فهي أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، وتحدث مفسدة ناجمة عن ذلك بعدم دخول الناس في الإسلام خوفاً، فيقولون: ما من أحد يكلم هذا الرجل إلا وقتله. إذاً: في قتل هذا المنافق مفسدة وهي تنفير الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقدم درؤها على مصلحة قتله.
الصفحة الأخيرة
معنى القاعدة:
" إذا تعارض مفسدة ومصلحة; قُدِّم دفع المفسدة غالباً; لأنَّ اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات, ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم, وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه"
وقال العز بن عبد السلام مقرراً كل ذلك أيضاً "إذا اجتمعت مصالح ومفاسد, فإن أمكن درس المفاسد وتحصيل المصالح فعلنا ذلك,
وإن تعذر الجمع, فإن رجحت المصالح حصلناها, ولا نبالي بارتكاب المفاسد, وإن رجحت المفاسد دفعناها, ولا نبالي بفوات المصالح
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه القاعدة من القواعد العظيمة التي يبنى عليها الفقه، بل أرجع الشيخ عز الدين بن عبد السلام الفقه كله إلى اعتبار جلب المصالح ودرء المفاسد،:
ومن الامثلة التي ذكرها العلماء لهذه القاعدة ومنهم الشيخ أحمد محمد الزرقاني في كتابه شرح القواعد الفقهية: أنه ليس للإنسان أن يفتح كوة تشرف على مقر نساء جاره، وكذلك ليس له أن يحدث في ملكه ما يضر بجاره ضررا بينا كاتخاذه بجانب دار جاره طاحونا مثلا يوهن البناء أو معصرة أو فرنا يمنع السكنى بالرائحة والدخان، وكذا لو اتخذ بجانب دار جاره كنيفا أو بالوعة أو ملقى قمامات يضر بالجدار، فلصاحب الجدار أن يكلفه إزالته.
ففي هذه الأمثلة كلها روعي تقديم درء المفسدة على جلب المصلحة.
والله أعلم.
هذه قاعدة عظيمة، من قواعد الفقه الإسلامي، تندرج تحت القاعدة الأم : الضرر يزال، وهي تكشف من خلال تطبيقاتها وما يندرج تحتها من فروع كثيرة، عن مقصد عظيم من مقاصد الشريعة الجليلة، ألآ وهو منع الفعل الضار في جميع صوره؛ قبل وقوعه احترازا، ومعالجة أثره بعد وقوعه، إزالة ودفعا.
قال الشيخ العلامة مصطفى الزرقاء رحمة الله عليه في المدخل: للمفاسد سريانا و توسعا كالوباء و الحريق، فمن الحكمة والحزم القضاء عليها في مهدها، و لو ترتب على ذلك حرمان من المنافع أوتأخيرها، و من ثم كان حرص الشارع على منع المنهيات أقوى من حرصه على تحقيق المأمورات.
و الأصل في هذه القاعدة حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم ) رواه مسلم، باب توقيره صلى الله عليه وسلم.
فروع هذه القاعدة
1 - منع التجارة بالمحرمات من خمر ومخذرات و دخان، و لو أن فيها أرباحا و منافع اقتصادية، و قد تتعلق هذه المسألة بقاعدة أخرى، وهي ما حرم الشارع أكله و شربه لذاته فقد حرم ثمنه، ولا مانع أن يتعلق الفرع الواحد بأكثر من قاعدة.
2 - وكذا يمنع كل جار من التصرف في ملكه تصرفا يضر بجيرانه، كاتخاذ معصرة أوفرن يؤذيان الجيران بالرائحة و الدخّانأوكحفر بئر في أرضه لا ينتفع به، قال الدكتور مصطفى الزرقاء: وهذا غاية ما وصل عليه التفكير القانوني الحديث في نظرية منع التعسف في استعمال الحق.
3 - و منها منع الطبيب الجاهل و منع الاحتكار و التعدي في الأسعار كما بينا في القواعد أخرى متقدمة.
4 - و منها لو اختلطت الميتة مع المذكّاة وجب ترك الجميع.
5 - و منها ولو اشتبه في امرأة أهي امرأته أم هي اجنبية منه، فإنه لا يحل له قربانها.