بسم الله الرحمن الرحيم
اسطول الحرية
عجيب أمر الناس !! لا أدري كيف انغمس البعض في أوهام "الأعراف الدولية" وخيالات ما تسمى بـ "المنظمات الإنسانية" وأكاذيب ما يسمى بـ "قوانين مجلس الأمن" ، وخبال آخر لا يكاد يُستساغ ولا بالسمع يُطاق وهو قضية "إحراج السلطة اليهودية" في فلسطين المحتلة !!
ما هو اسطول الحرية !!
جاء في موقع الجزيرة بأن "أسطول الحرية تجمّع من ثماني سفن يقوده ائتلاف مكون من الحملة الأوروبية ، وحركة غزة الحرة ، والإغاثة الإنسانية في تركيا ، إضافة إلى حملتين : يونانية وسويدية.
يقلّ الأسطول نحو 650 متضامنا من أكثر من أربعين دولة بينهم 44 شخصية رسمية وبرلمانية وسياسية أوروبية وعربية ، ومن ضمنهم عشرة نواب جزائريين.
ويحمل على متن سفنه نحو عشرة آلاف طن من المساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان غزة ومنها ستة آلاف طن من الحديد ، وألفا طن من الإسمنت ، إضافة إلى مولدات كهربائية وأجهزة طبية وأدوية وكمية من المعونات الغذائية.
انطلقت ثلاث من سفن الأسطول صباح الجمعة الـ28 مايو/أيار من ميناء أنطاليا التركي على أمل أن تلحق بها سفن أخرى قادمة من اليونان وإيرلندا والجزائر ، غير أن سفينتين من الأسطول تعطلتا لأسباب فنية. وكان متوقعا أن تصل القافلة إلى قطاع غزة في حدود الساعة العاشرة من صباح الاثنين ". (انتهى باختصار) ..
ماذا فعل اليهود !!
هاجم مئات جنود البحرية اليهود - المدعومين من الجو - سفن الأسطول في وقت واحد واستخدموا الرصاص والغازات ، وقتلوا بعض من في السفينة من العُزّل ، واقتادوا البقية إلى داخل فلسطين المحتلة - إلى ميناء أسدود - تمهيدا لطردهم إلى بلادهم باعتبارهم مهاجرين غير شرعيين ، واعتقال من يرفض التعريف بنفسه ، والتوقيع على تعهد بعدم العودة.
هذا هو اسطول الحرية ، وهؤلاء هم اليهود !!
ماذا تغيّر !!
الذي تغيّر ، والذي أثار انتباهي أن اليهود أصبحوا أقل غلظة وشدة من ذي قبل ، وقد تعاملوا مع هذه السفن بنوع من اللين والهدوء .. لعل البعض يعجب من هذا الكلام ، ولكنها الحقيقة ..
من المعلوم لدى المسلمين بأن اليهود من أجبن خلق الله ، والجبان من أكثر الناس شراسة إذا ما قدِر على خصمه وكانت له فضل قوة ، فالجبان في مثل هذه الحالة يفجر ، وهؤلاء الأفراد في الأسطول اقتربوا من السواحل الفلسطينية بدون سلاح أو دعم عسكري ، واليهود عندهم طائرات ومروحيات وزوارق حربية وغواصات وبارجات وغيرها من الأسلحة !! ماذا كان يتوقع هؤلاء من اليهود !!
لعل استثارة الذاكرة تضيء لنا طريقنا اليوم .. اليهود خذلوا موسى عليه السلام ورموه بأمور عظام وعبدوا العجل ولم تبل ارجلهم من البحر المشقوق بعد !! أبدل الله ذلك الجيل بغيره فدخلوا فلسطين وسرعان ما عبدوا فيها الأصنام ..
قتلوا الكثير من الأنبياء ، وعلى رأسهم يحيى بن زكريا ، وكادوا أن يقتلوا عيسى عليه السلام لولا أن رفعه الله إليه ..
تآمروا على قتل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهم يعلمون يقيناً ويعرفون أنه نبي كما يعرفون أبنائهم ..
قساة القلوب ، قليلوا العقول ، عديموا الأدب ، أهل غش وخداع وخبث وكفر وزندقة وشرك ، نبذهم وأبغضهم وسامهم العذاب كل من عاشرهم وجاورهم من البشر في المشرق والمغرب ، حتى قال هتلر : لقد كنت أستطيع قتل جميع اليهود في العالم ولكني تركت بعضهم أحياء حتى يعلم العالم كله لم قتلت اليهود .. وكان جورج واشنطن - مؤسس أمريكا - يحذّر الشعب الأمريكي من إدخال اليهود إلى أمريكا ويقول لهم بأنهم : إذا أدخلوهم فإن أبنائهم سيكونون خدماً عند اليهود ، وقد حصل ..
لقد قتّل الفرنسيون والأسبان والإنجليز والألمان وسائر شعوب أوروبا اليهودَ حتى ألجأوهم للدول الإسلامية التي استقبلتهم برحابة صدر كونهم أهل كتاب ، ثم عمل هؤلاء اليهود على إسقاط الخلافة العثماية رداً للجميل ..
من كانت هذه بعض صفاته ، ماذا كان ينتظر منه أفراد اسطول الحرية !!
لو لم يكن يعرفهم الأتراك والجزائريون والغربيون واللبنانيون وغيرهم ، فإن الشيخ رائد صلاح يعرفهم جيداً ، فماذا كان يفعل في هذا الأسطول !!
إن الذين استنكروا على المجاهدين عمليات الإنغماس - التي يسميها البعض "العمليات الإستشهادية" – ويطلقون على هذه العمليات "عمليات انتحارية" حري بهم أن يستنكروا فكرة مثل هذه الأساطيل التي هي انتحار بمعنى الكلمة ..
اليهود يحاصرون المسلمين منذ أربع سنوات ولم يفعل العالم كله أي شيء ، هل يعتقد هؤلاء بأن اليهود لو قتلوهم أنه بمقتلهم يستثيرون ذبابة !!
ماذا يرجون !!
ومَن يرجون !!
الأمر الأشد غرابة من تحركات هذا الأسطول ، هو : الموقف التركي الشعبي !! كنا ننتظر من الشعب التركي أكثر مما رأيناه .. نحن نعلم بأن أكثر الشعوب العربية ميتة قد دفنها الحكام في تابوت الفقر والعوز والخنا والهوى والذل والقهر ، ولكن الشعب التركي لا زال فيه قطرات كرامة لكونه لم يتمدّن بعد ، ولم يُوضع على ظهره الإكاف بعد ، فلا زالت فيه بعض الوحشية الفطرية ..
كنا ننتظر اقتحام السفارات اليهودية وحرقها وملاحقة من فيها وقتلهم وقتل كل يهودي في تركيا وتهديد بقية اليهود في العالم بغضبة تركية تعيد ذكريات الدولة العثمانية الرهيبة ، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث ، بل وقف بضع مئات من الأتراك أما السفارة اليهودية يرفعون شعارات وينددون ويستنكرون وكأنهم شعب عربي ، لا تركي !!
الشعب الجزائري الذي استشاط غضباً وكاد أن يخرج عن طوره عندما حدثت مشادّة بينه وبين صحف رياضية مصرية على خلفية مباراة لكرة القدم !! أين هو الآن من أسر يهود لبعض الجزائريين !! أم أن الهزيمة الكروية أشد وطأة على جباههم من اللطمة اليهودية !! عشرة نواب جزائريين يأسرهم اليهود !! أهؤلاء هم ابناء محمد حسن باشا والحاج بكير ، أهذه هي الجزائر قاعدة بابا خير الدين "باربروس" رحمه الله !!
آه لو كانت هذه السفن التي خاضع عباب البحر المتوسط : بقيادة خير الدين وأخيه عُرُوج أبناء يعقوب "أصحاب اللحى الشقراء" الذين لا زال يذكرهم أطفال اسبانيا بينما نسيهم شباب الإسلام .. أهؤلاء هم أهل الجزائر الذين قضوا على حملة "شارلكان" ملك أوروبا في نازلة تأريخية تحاكي اليرموك وحطين وعين جالوت !!
إن اسطول الحرية هذا عملية انتحارية بمعنى الكلمة ، إذ كيف يرمي الإنسان بنفسه في يد عدوه – اليهودي- بدون سلاح !! هل يتوقع هؤلاء أن يرحمهم يهود !! هؤلاء لم يرحموا الأنبياء !! هؤلاء الذين لعنهم الله ولعنوا على لسان داود وعيسى بن مريم بما عصوا وكانوا يعتدون ..
هل يريد هؤلاء إحراج يهود !! لقد قتل اليهود يحيى عليه السلام وقدّموا رأسه على طبق من ذهب لإرضاء بغيّ من البغايا ، وقالوا يد الله مغلولة ، وقالوا بأنهم أغنياء والله فقير ، وقالوا لموسى اذهب أنت وربّك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، وقيل لهم ادخلوا الباب سُجداً وقولوا حطة تُغفر خطاياكم فقالوا حبة حنطة واستقبلوا الباب بأدبارهم .. نعم لقد أحرجوا اليهود : فالقتلى من 16 إلى 20 فقط ، وهذا احراج كبير لليهود الذين ربما قتلوا من أنبيائهم أكثر من هذا العدد ..
آه لو كان اسطول جهاد انطلق من "اسلامبول" بأمر من الخليفة "رجب طيّب أردوغان" لتحرير فلسطين ، وكان على الأسطول جيوش الإنكشارية العثمانية بقيادة "الباب العالي" "عبد الله غل" مع المتطوّعة من مجاهدي الشام ومصر وجزيرة العرب والمغرب الإسلامي ، لو كان هذا هو الأسطول الذي توجّه إلى فلسطين لرأينا غير الذي رأيناه الآن .. لو كان هذا هو الأسطول لرأينا الرأي العام العالمي كله يتعاطف مع غزّة ويطالب اليهود بفك الحصار - لا حباً في الخير والسلام - ولكن رعباً ورهبة من جحافل الإسلام ، ولرأينا أطفال غزّة يجرّون أحبار اليهود في شوارعها آخذين بلحاهم النجسة ، ولرأينا إخوان القردة وقد تكدسوا في الطائرات والسفن ميمّمين شطر أوروبا وروسيا وقد تركوا خلفهم كل شيء ، ولا يلوون على شيء ..
من أراد أن يعرف الفرق بين "أسطول الجهاد" التركي و"أسطول الحرية" التركي فليقرأ رسالة السلطان سليمان القانوني إلى ملك فرنسا "فرانسوا الأول" الذي طلب من السلطان التحالف معه ضد امبراطور معظم أوروبا "شارلكان" :
"الله العلي المعطي المعين .. بعناية عزة الله جلّت قدرته ، وعلَت كلمته ، وبمعجزات سيد زمرة الأنبياء ، وقدوة فرقة الأصفياء ، محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم ... أنا سلطان السلاطين ، وبرهان الخواقين ، متوّج الملوك ، ظل الله في الأرضين ، سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والأناضول والرميلي وقرمان وولاية ذمي وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم والشام وحلب ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب واليمن وممالك كثيرة أيظا التي فتحها آبائي الكرام وأجدادي العظام بقوتهم القاهرة أنار الله براهينهم ، وبلاد أخرى كثيرة افتتحَتها يد جلالتي بسيف الظفر ، أنا السلطان سليمان خان بن السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد خان ..
إلى فرنسيس ملك ولاية فرنسا ..
وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم "فرانقيان" النشيط ، مع بعض الأخبار التي أوصيتموه بها شفاهيا ، وأعلمتنا أن عدوكم استولى على بلادكم ، وأنكم الآن محبوسون ، وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم ، وكل ما قلتموه وعرض على أعتاب سرير سدّتنا الملكية ، وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل فصار معلوما ، فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم ، وكن منشرح الصدر ولا تكن مشغول الخاطر ، فإن آبائي الكرام واجدادي العظام – نوّر الله مراقدهم – لم يكونوا خالين من الحرب لأجل فتح البلاد ورد العدو ، ونحن أيظاً سالكون على طريقتهم وفي كل وقت نفتح البلاد الصعبة والقلاع الحصينة ، وخيولنا ليلاً ونهاراً مسروجة وسيوفنا مسلولة ، فالحق سبحانه وتعالى ييسر الخير بإرادته ومشيئته ، وأما باقي الأحوال والأخبار فستفهمونها من تابعكم المذكور ، فليكن معلومكم هذا .. تحرير في أوائل شهر آخر الربيعين ، سنة اثنين وثلاثين وتسعمائة (1525م) بمقام دار السلطنة العلية ، القسطنطينية المحروسة المحمية ..(انتهى) ..
هذا هو سليمان القانوني الذي أتاه وفد موسكو فسجدوا له وقبلوا الأرض بين يديه يستعطفونه أن يأمر التتار المسلمين بفك الحصار عن موسكو ، فكان لهم ذلك ، غفر الله له ..
إذا كانت الحكومة التركية جادة في ردها فإن أقل ما يجب أن تفعله هو معاملة اليهود بالمثل ، ويكون ذلك بإعطاء أمر للأساطيل التركية باعتراض السفن اليهودية في أعالي البحار وقتل بعض من فيها وأسر البقية واقتياد السفن إلى داخل الأراضي التركية .. هذا أقل شيء يفعله الأتراك .. أما الواجب الشرعي ، فهو : إعلان الجهاد في سبيل الله لاستخلاص فلسطين من أيدي اليهود وإعادتها إلى حضيرة الإسلام .. هذا هو الواجب الشرعي الذي لا بد منه لأية دولة تدعي الإسلام اليوم ..
غريب أمر الذين طالبوا بتحقيق دولي !! هل غفلوا عن أن المنظمات الدولية يتحكم فيها اليهود !! طلبوا إدانة اليهود وعند أمريكا حق نقض !! والله لو بقر اليهود بطون الركاب وجعلوا من أمعائهم خيوطاً وجعلوا أسنانهم سنارات يصطادون بها الأسماك في البحر المتوسط وشووا هذه الأسماك بنيران أجساد الركاب وجلودهم ثم صوّروا كل ذلك ونشروه على الملأ لاستخدمت أمريكا حق النقض لأن حكومتها تؤمن بوجوب نُصرة يهود في فلسطين حتى ينزل عيسى عليه السلام فيؤمن به اليهود ، وهذا لا يكون إلا بعد بناء "هيكل سليمان" على أنقاض الأقصى ، ومن لم يؤمن بهذا من حكام أمريكا فإن (97%) من الإعلام الأمريكي بيد يهود ، وهناك المنظمات اليهودية في واشنطن وعلى رأسها "ايباك" ، وهناك كبريات مراكز الدراسات الأمريكية اليهودية ، وكبريات الشركات الأمريكية اليهودية ، فهل تبيع حكومة أمريكية نفسها من أجل عيون مسلمين في فلسطين ..
يريدون أن يتحاكموا إلى قوانين دولية أسسها اليهود وكتبوها وهم أدرى الناس بمداخلها ومخارجها !! يريدون من الدول الغربية أن تتحرّك وهي التي لا زالت تدعم العصابات اليهودية في فلسطين منذ أكثر من قرن !!
يريدون احتجاجات شعبية !! ثم ماذا ؟ سوف تحل على الناس تصفيات كأس العالم بعد أيام لينسوا غزة وأم غزّة .. جاء في بروتوكولات حكماء صهيون "ولكي نمنع الجماهير من أن تتخذ ، مستقلة ، أي قرار فإننا نلهيها بالألعاب ومشاهد الترفيه والأهواء ومراكز الثقافة الشعبية ، وسنبدأ قريباً ، عن طريق الصحافة ، بعرض جوائز مسابقات في نطاق الفن والرياضة البدنية بكل أنواعها" ..
!! أليس هذا ما يحدث في كل مرة تُكسر جرّة في فلسطين !! ألم نتعلم الدرس بعد وقد تعلمه أغبى خلق الله : اليهود !! ألم يقل قائل اليهود : اتركوهم يصرخون ثم يتعبون فيسكتون !! وصدق !! يجتمع أكثر من ستين ألف شاب في مبارة لكرة القدم ، ولا يجتمع إلا بضع مئات للإحتجاج ضد اليهود ، وليست الروح هي الروح ، ولا الحماس هو الحماس ..
ها هم اليهود يقصفون غزة - بعد حادثة أسطول الحرية بيوم واحد أو يومين - ويقتلون بعض الفلسطينيين والناس مشغولون بالسفن ومَن عليها ، ورسالة اليهود في القصف واضحة ، ونقولها بالعامية التي يفهمها جميع العرب : طز فيكم وفي مؤتمراتكم ومناشداتكم ومظاهراتكم وبياناتكم وتصريحاتكم وكل ما قلتم وسوف تقولون يا حمير .. هذه هي رسالة اليهود الواضحة التي أرادوا إيصالها بقصف غزة بعد حادثة السفن بيومين ..
حكومات الدول العربية عندها اتفاقيات مع اليهود مبنية على مصالح الحكام الشخصية ، هل يتوقع عاقل أن يترك حاكم عربي مصالحه الشخصية من أجل عيون الغزاوية !! الحكومة التركية عندها مصالح اقتصادية وعسكرية مع اليهود ، وتركيا يحكمها الجيش الذي نخر فيه سوس يهود الدونمة ، والإعلام التركي بيد اليهود .. من أين جاءنا هؤلاء بمطالبة الحكام بعمل شيء !! لو نوى الحكام فعل شيء لسجنوا وقتلوا كل من يعكّر صفو علاقاتهم مع اليهود ، فليسكت قوم يريدون سلامة أنفسهم ولا يُحرجوا الحكام معهم ..
متى كانت الحريّة تُنال دون قتال !!
متى كانت الكرامة تباع في سوق التخاذل والإستذلال !!
متى كانت العزة توهب في غير ساحات النزال !!
غزّة لا تحتاج لكل هذه التغطية الإعلامية ولا البهرجة الكلامية ولا المؤتمرات الأممية ولا حتى الشعبية ، غزة تحتاج إلى سواعد رجال ، وقلوب قدّت من صخور الجبال ، وإيمان يغشاه الجلال ، وجيوش جرارة كأنها وابل المُزْن الثّقال ..
غزة تحتاج إلى جهادٍ :
قاعدته : إعلاء كلمة الله ،
وهدفه : نُصرة دين الله ،
وشعاره : لا قوة إلا بالله ،
وعُدّته : التوكّل على الله ،
وعتاده : إرهاب أعداء الله ،
وأفراده : أولياء لله لا يخشون سواه ،
غزة تحتاج إلي قنابل ورصاص وحديد ونار وصواريخ ودبابات وألغام وراجمات على أكتاف ضراغم من طراز ثامر السويلم "خطاب" ، وأبو الوليد الغامدي ، وأبو مصعب الزرقاوي ، ويحيى عيّاش ..
غزة تحتاج إلى علماء مجاهدون من أمثال : المولوي يونس خالص ، والمولوي جلال الدين حقاني ، والشيخ أحمد ياسين ، والشيخ عز الدين القسام ، والشيخ عبد الله عزام ..
غزة تحتاج إلى قيادة فذّة من طراز أسامة بن لادن ، والملا محمد عمر ، وأبو عمر البغدادي ، وشامل باساييف ..
غزة تنتظر الطائفة المنصورة التي تقاتل في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس .. تقاتل ، لا تهادن أو تُسالم أو تقيم مهرجانات وترفع شعارات وتطبع إعلانات وتستجدي المنظمات والحكومات ..
غزة لا تقبل بمهادنة يهود ، بل هي عطشى تريد شرب دماء أبناء القردة والخنازير ، وجوعى تشتهي التهام أشلاء هؤلاء الجبناء ..
غزة الأبيّة تهتف في المسلمين : أنها لا تريد من يدافع عنها ، وإنما تريد من ينطلق منها لتحرير فلسطين وطرد يهود الملاعين ..
غزة لا تريد "سفن حرية" يركبها نساء شقراوات مع رجال مسلمين ونصارى مع يهود ولا دينيين ، بل تريد اسطولاً بحريا وجيشاً بريّاً برايات سود خراسانية شامية مصرية مغربية يمنية تركية كردية إسلامية تكون في شرقي نهر الأردن واليهود في غربيّ ذلك النهر ، والشرر يتطاير من عيون المسلمين ..
غزة تحن إلى الإسلام ، تريد الإسلام ، تتلهّف على الإسلام ، والإسلام : استسلام لله لا إلى غيره ، وعبودية لله لا لغيره ، وجهاد في سبيل الله لا في سبيل غيره ، سُئل النبي صلى الله عليه وسلم "أي الأعمال أفضل ؟ قال : "إيمان بالله وجهاد في سبيله" (الطبراني ورجاله ثقات) ..
غزة لا تنتظر مظاهرة في اليمن ، ولا مسيرة في الكويت ، ولا حفلة في مصر ، ولا رسائل احتجاج من الجزيرة ، ولا مؤتمراً صحفيا في أنقرة .. غزة تريد أجناد الشام الكماة ، ومدد اليمن العنيد ، وجند مصر الأماجد ، وجيش الترك الوحشي ، وبرابرة المغرب الأشداء ..
المشكلة - التي لا يريد أحد ذكرها ، والتي نسيها الجميع ، والتي تغافل عنها حتى العلماء والعقلاء - لا تكمن في حصار غزة ، المشكلة الحقيقية هي فلسطين المحاصرة .. فلسطين التي نسيها الجميع وأصبحت المشكلة عند الكل محصورة في غزة وحماس !!
فلسطين هي المحاصرة ، وليس الحصار من قِبل اليهود ، بل هي محاصرة من الجنوب والشرق من قِبل الماسون ، ومن الشمال الشرقي من قبل النصيريين ، ومن الشمال من قِبل النصارى والرافضة ، ومن الغرب من قِبل من هو أكفر من هؤلاء جميعاً : الذي يمد اليهود بالغاز والإسمنت لبناء الجُدر داخل فلسطين ، والذي يبني جداراً فولاذياً ليُحكم الحصار على فلسطين ، والذي يقتل الفلسطينيين في الأنفاق بالغازات السامة ، والذي أحكم إغلاق المنافذ التي لم يهتدي إليها اليهود ، هذا هو الحصار الحقيقي لفلسطين ، وغزة جزء صغير من فلسطين ..
إن تحرير فلسطين لا يمكن أن يكون إلا بفك الحصار الخارجي الشامل ، وهذا الحصار لا يمكن كسره إلا بالقوة ، وهو في حقيقته أشد من الحصار اليهودي وأحكم ، ويحتاج فكه إلى جماعات جهادية تدعمها القوى الشعبية ، ولكن المشكلة اليوم تكمن في جهل معظم الشعوب وغفلتها وخوفها وهلعها ورعبها وانشغالها بملذاتها أو قوت يومها ، ومتى ما انتبهت هذه الشعوب وأدركت حقيقة دورها المنوط بها ، عندها يكون تحرير فلسطين أبسط مما يتصوره الكثيرون ، لأن مشكلتنا الحقيقية ليست مع اليهود الذين هم أحرص الناس على الحياة والذين يود أحدهم لو يُعمّر ألف سنة ، إنما مشكلتنا الحقيقية في هذه الأنظمة التي تحمي اليهود الذين تربطهم معهم مصالح شخصية من ضمنها : استثمارات بعشرات المليارات ، وعروش يورثها الآباء للأبناء وكأن الدول شركات ..
لا قِبَل لليهود بالمسلمين ، وإنما مشكلة المسلمين الحقيقية تكمن في أهل الردة والكفر من المتسلطين الجاثمين على رقابهم بمساندة ومساعدة أعدائهم ، هذه هي المشكلة الحقيقية ، هؤلاء الذين أهدروا أموال المسلمين في ملذاتهم ، واستعبدوا الأحرار ، وأهانوا العلماء ، وقدّموا الأراذل والفجّار ، وقضوا على كل مظاهر القوة في المسلمين ، وسعوا جاهدين لمحو الهوية الإسلامية في الأمة عن طريق نشر الرذيلة والثقافات الغربية الهزيلة ، ووقعوا على معاهدات ذل وصغار باسم الأمة ، والأمة بريئة من هذه المعاهدات ، وجلبوا الجيوش النصرانية إلى البلاد الإسلامية ومكّنوها وأعانوها ، ومكّنوا اليهود في فلسطين وحرسوهم أشد من حراستهم لأنفسهم ..
لو فُتحت حدود فلسطين الشرقية أو الغربية ، أو تغافل حرس الحدود الأردني أو المصري لساعات لانحدر الشباب المسلم كالسيل الجارف إلى داخل فلسطين يبتغي الموت على عتبات الأقصى ، فالأمة لا ينقصها الرجال ، وإنما ينقصها التنظيم والاجتماع والقيادة الموجِّهة للجموع ، ومتى ما تحقق ذلك : علم العالم كله حقيقة هذه الأمة وعظمتها ..
نعيدها ليعرف المسلمون هذه الحقيقة الغائبة الحاضرة : مشكلتنا ليست غزة ، بل مشكلتنا هي فلسطين ومن يحمي اليهود من الخارج ويمنع دخول المجاهدين إلى داخل فلسطين للجهاد في سبيل الله وتحرير أراضينا المقدّسة ، ولذلك نقول للمجاهدين : من أراد دخول فلسطين وقتال اليهود فليبدا بحرس الحدود ليحمي ظهره ، فالعاقل لا يجعل ظهره مكشوفاً لعدوّه ، ولا حرمة لدماء حرس حدود دولة يهود وإن صلّوا وصاموا ..
إن بعض المسلمين الذين خرجوا في هذه السفن التركية : خرجوا بنيّة طيبة ، وقُتل بعضهم ، فنسأل الله أن يرحم قتلى المسلمين وأن يغفر لهم ، ولكن لا يجوز أن يدعي مدّعٍ بأن له حق إعطائهم وسام "الشهداء" ، فهذه سنة نصرانية سنّتها البابوية باسم "صكوك الغفران" ، وإنما نسأل الله أن يجعل موتى المسلمين من الشهداء ، ولا نجزم بذلك .. أما إذا كان القتلى من الكفار فإنهم في النار خالدين فيها أبدا ، ويبقى لهم بعض الذكر الحسن في الدنيا جزاء ما عملوا ، وهذا لا يغيّر شيئا من مصيرهم ..
لا ينبغي التلاعب بالألفاظ والمفاهيم الشرعية ولو كانت على حساب بعض المصالح الآنية ، فالمصالح متغيّرة وعابرة ، أما المفاهيم والألفاظ الشرعية فهي ثابتة باقية بإذن الله تعالى ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ..
كتبه
حسين بن محمود
17 جمادى الآخرة 1431هـ
منقول
عيون عموري @aayon_aamory
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️