. تربينا على مثاليات لا تتناسب مع حياتنا ولا مع الواقع أو الطبيعة البشرية. تربينا على أن التفاني وإنكار الذات هو ما يجعل من المرأة زوجة صالحة وأماً مثالية. تربينا على أن المرأة التي لا تنكر ذاتها و راحتها من أجل زوجها، فإنها ستخسره لأنه قد يذهب لامرأة أخرى، و تربينا على أن الأم الصالحة هي التي تضحي (بكل شيء) من أجل أولادها أو من أجل الآخرين (سواء كانوا أهلاً أو صديقات)، و هذا كلام رومانسي جميل لكنه مبالغ فيه لأن نتيجته مؤلمة وحزينة كما نرى في معظم البيوت حولنا.
العطاء هو نبع الحياة وأسمى مظهر من مظاهر الحب بلا شك، لكن المبالغة في العطاء و التفاني و نسيان الذات ما هي إلا موت بطيئ، لأن الأبناء و الزوج بطبيعتهم إذا تعودوا على شيء، فلن يقبلوا بغيره أو بأقل منه، و أي تغيير تطالب به المرأة بعد سنوات من التفاني، سوف يبدو كتمرد أو كتقصير منها.
و الحل؟
تقول البريطانية رينيه وايد خبيرة الأنوثة و العلاقات بأن هناك فرق بين العطاء من منطلق فخر وقوة ومقدرة وبين العطاء من منطلق خوف من الخسارة أو فقط للمحافظة على الحياة. و تضرب رينيه بضعة أمثلة على العطاء “الضعيف” فتقول بأن العطاء الذي يجبرك للتنازل عن راحتك أو عن موعد مع الطبيب أو صديقة من أجل احتياج ثانوي قابل للتأجيل للأولاد أو الزوج ما هو إلا عطاء ضعيف. عندما تجاملين صديقتك وتخبرينها بأنها جميلة كما هي و لا تحتاج لانقاص وزنها والاهتمام بصحتها مثلاً، فهذا ليس عطاء بل مجرد إسعاد للآخرين على حساب الحقيقة أو على حساب ما يحتاجونه فعلا. عندما تقومين بترتيب غرفة ابنتك المراهقة لمجرد أنها لا تحب الترتيب وتجده مملا، فهذا “عطاء خاسر” لأنكِ تعطينها درسا عملياً في الإهمال وفي عدم تحمل المسؤولية وتلقين على أكتافكِ مسؤولية ليست مسؤوليتك. عندما لا تًشعِرين زوجك أبدا بأنكِ قد تعبتي أو بأنكِ تشعرين بالملل من عمل البيت، فهذا سيجعله يعتقد بأنك سعيدة هكذا و بأن لا شيء يناسبك أو يسعدك سوى عمل البيت.
ليس هناك خطا في أن تشعري بالتعب وليس هناك عيب في أن تعتذري لزوجك بأدب ورفق يوما ما عن تأدية خدمة ما له، و ليس هناك عيب في أن تعتذري عن حضور حفلة ما لمجرد أنكِ تريدين الاسترخاء قليلا في المنزل.
إن الخطأ الكبير هو أن تحرصي (باستمرار) على أن تسعدي الآخرين على حساب راحتك و سعادتك. إن الخطأ الكبير الذي تخطئينه بحق نفسك هو أن يصبح إسعاد الآخرين على حساب سعادتك هو (أسلوب حياتك الدائم). من الجميل أن نضحي قليلا أو أن نعطي و نضحي من فترة لأخرى من أجل الآخرين، لكن من المدمر لنا أن نعطي بلا توقف ولا نطالب بالمقابل من تقدير أو خدمة و أن ننسى أنفسنا في غمار (هوسنا) بإسعاد الآخرين على حساب راحتنا …أو حتى يقول عنا الناس أننا مثاليون!
و ربما يفيد أن نضع خطوات للعطاء بذكاء حتى لا نقصر في واجباتنا نحو الآخرين و حتى لا نظلم أنفسنا في ذات الوقت:
1- لا تقصري في واجباتك أبدا نحو زوجك و أولادك فأداء الواجب منبع للقوة وهو سبيلك الأول للحصول على حقوقك
2- لا تتنازلي عن حقوقك، فكل واجب تقومين به يقابله حق يجب أن تحصلي عليه
3- على كل إنسان تتعاملين معه حقوق تجاهك، فلا تنسيها و لا تخجلي من المطالبة بها بإحترام وأدب…و لا تيأسي من أول محاولة فاشلة للمطالبة بحقوقك!
4- رتبي أولوياتك وحددي أهدافك، و دربي نفسك على حسن إدارة الوقت، فمعظم مشاكل النساء و إهمالهن لأنفسهن تنبع من عدم معرفتهن بإدارة و تنظيم أوقاتهن، و تذكري أن التوازن وتنظيم الوقت هو سر نجاحك كزوجة و أم و امرأة!
5- عندما تكونين متعبة أو مرهقة فعلا، لا تخجلي من أن تقصري في أداء واجباتك، فأنتِ بشر و لا أحد كامل!
6- عندما تحتاجين للراحة، لا تترددي في أن تطالبي بها
7- عودي أولادك على أن يكون هناك وقت خاص لكِ وحدكِ أو لكِ أنتِ و والدهم، و ربيهم على أن أوقاتك الخاصة هي أوقات مقدسة لا يحق لهم المساس بها إلا في حالات الطواريء لا سمح الله
8- عودي زوجك و أولادك على أن يكون هناك وقت مخصص لكِ لتمارسي فيه هوايتك كالقراءة أو الخروج مع الصديقات أو حتى للاهتمام بصحتك كممارسة الرياضة.
9- عبري عن مشاعركِ لزوجك أو أولادك أو أهلك أو صديقاتك…عبري عن مشاعر الغضب أو الحزن أو أي مشاعر أخرى مهما كنتِ تعتقدين أن مشاعركِ سخيفة أو غير مهمة…لا تكتمي مشاعرك، فمجرد الحديث مع زوجك أو ابنتك سيريحك وقد يفتح لكِ آفاقا أخرى و يلهمك ويلهمهم بأفكار جديدة تسعدك وتسعد الجميع.
10- تأكدي أن لا أحد سيشعر بإحساسك و بمعاناتك إذا لم تتحدثي عنها!
11- علمي جميع من حولكِ أن عليهم بذل جهد لإسعادك كما تسعدينهم و تلبين طلباتهم!
12- تذكري دائما أن تريحي الأم لتسعدي الأنثى في داخلك و تذكري أن أنثى سعيدة تعني أما ناجحة!
و ارجعي لصورة المرأة التي في القصة أعلاه…أنتِ لا تريدين أن تكوني تلك المرأة أبدا! لا تريدين أن ينتهي بكِ المطاف امرأة عصبية أو حزينة تنتظر الموت والجزاء من الله فقط، أنتِ تريدين أن تكبري وتشعري بالحياة أكثر و تستمتعي بكل تفاصيلها أيضا، فالسعادة في الدنيا جزء مما يطلبه المسلم و يدعو الله لتحقيقه، فلا تعيشي و كأنكِ راهبة أو خادمة لا تريد شيئا سوى المأوى و المطعم و الملبس من زوج لا تشعرين معه بطعم الحياة و من أولاد لا يعطونك ما تستحقينه من التقدير!
أعطِ ، و لكن لا تنسي نفسك واستمتعي بالحياة ليستمتع جميع من حولك بها!
:العطاء بذكاء
كلام رائع
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
أحلى من كلمة حلا
•
استغفر الله
(وبالأسحار هم يستغفرون)
بالاستغفار..راحة البال، وانشراح الصدر، والقوة، والرزق،وطمأنينة القلب،والمتاع الحسن
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْه
بالاستغفار..راحة البال، وانشراح الصدر، والقوة، والرزق،وطمأنينة القلب،والمتاع الحسن
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْه
الصفحة الأخيرة