الاعتداء الجنسي على الأطفال.. الى متى ....؟

الأسرة والمجتمع

ماذا يتبقى لنا حين يتحول الأب أو العم أو الخال إلى ذئب ينهش أجسادنا البريئة بلا تمييز؟ ماذا يتبقى لنا حين نضطر للعيش مع من أفقدونا كرامتنا وإنسانيتنا، مع من تركونا كالعصب العاري عرضة لكل أنواع العقد والأمراض النفسية؟ هل يصلح الطب والقانون ما أفسدته الشهوة العمياء وانعدام الضمير وموت القلوب؟.
أسئلة كثيرة دارت في ذهني حين جلس أمامي طفل لم يتجاوز تسع سنوات. كان مرتبكاً ويبدو عليه الخجل الشديد، وبعد فترة صمت طويلة قال بصوت أنهكه البكاء: «عمي اعتدى علي جنسياً».. ألقى العبارة في وجهي كقنبلة أوشكت على الانفجار. تزلزلت الأرض تحت قدمي. لقد مرت علي حالات كثيرة تدعو للفزع وأخرى للخجل إلا أنني مازلت أرتبك حين أقابل نوعية معينة من الاضطرابات والمشكلات النفسية منها الانتهاك الجنسي لطفل، ويزداد الأمر صعوبة حين أعرف أن الجاني من محيط الأسرة أو المعنيين برعاية الطفل وحمايته، فكما قال الشاعر طرفة بن العبد:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
كنا بالأمس القريب نتلقى هذا النوع من المشكلات كأنه استثناء أو حالات شاذة تحدث فقط في ظروف ملتبسة، ويكون الجاني فيها غالباً شخصا غريبا عن الأسرة يفترس الطفل نتيجة إهمال الأهل، أما الآن فقد انتشرت ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال بشكل يدعو للقلق الشديد .. كل يوم تطالعنا الصحف بحوادث من هذا النوع، وما بين التصديق والتعتيم على المشكلة نعيش كارثة حقيقية تنذر بانهيار قيم المجتمع.

مؤامرة الصمت
يزعم البعض أنها حالات ضئيلة مازالت محصورة بين الشواذ والمنحرفين والمجرمين.. لكن هل هذا صحيح أم أننا ندفن رؤوسنا في الرمال ونخشى الفضيحة وكسر التابو الأسري؟. مازالت قضية التحرش الجنسي بالأطفال أسيرة لمؤامرة الصمت المتفق عليها ضمناً من كل الأطراف، الطفل صامت لا يفصح غالباً عن مشكلته بسهولة، نظراً لخوفه، أو وقوعه تحت تهديد الجاني، أو جهله بحقيقة ما يتعرض له، والأسرة صامتة خوفاً على سمعة العائلة ودرءا للفضيحة والعار ولعدم رغبتها في التعرض لمشكلات قانونية قد لا تحسم لمصلحتها. كما يبقى المجتمع في بوتقة الصمت نفسها حفاظاً على وجه ملائكي زائف، فأصبحنا نشم رائحة الانتهاك من دون أن نتعب أنفسنا في تعقب مصدرها، تاركين الطفل وحده يدفع ثمن جريمة أخلاقية تتحمل مسؤوليتها الأسرة بل المجتمع كله بشكل أو بآخر.
لذلك تؤكد Carol A. Plummer أن الأسرة، وخاصة الأم، تلعب دورا مهماً في عدم تعرض أطفالها للإساءة الجنسية، بل وفي شفائهم وقدرتهم على تجاوز الصدمة إذا ما تعرضوا للاعتداء بالفعل. لكن كثيرا من الأمهات لا يشكلن عنصر أمان نفسي واجتماعي لأطفالهن، وغير قادرات على اكتشاف الاعتداء الجنسي، خاصة أن حوالي من20 و50% من الأطفال المستغَلين جنسياً لا تظهر عليهم علامات واضحة، وقد يمر الأمر ولا يكتشف، ونفاجأ كمعالجين نفسيين بمشكلات عميقة يعاني منها الطفل، أو المراهق من دون معرفة السبب الحقيقي إلا من خلال الجلسات العلاجية. من هذا المنطلق هناك أسئلة كثيرة تفرض نفسها بحثاً عن إجابة، أهمها كيف تعرف الأم أن طفلها تعرض للاعتداء الجنسي؟ وكيف تتصرف معه بطريقة إيجابية لا تؤدي إلى نتائج عكسية تكرس الأزمة بدلا من أن تحلها؟.

علامات تحرش
بداية هناك مجموعة من المؤشرات والتغيرات النفسية والجسدية والسلوكية إذا انتبهت إليها الأم مبكراً فإنها تساعد طفلها/ طفلتها على تجاوز تلك المحنة بأقل الخسائر، أهم تلك العلامات:
وجود كدمات أو علامات متكررة على جسده.
احمرار في مناطق حساسة من الجسم، أو نزيف من فتحة الشرج (أو المنطقة التناسلية للبنت).
سلوكيات جنسية غريبة كالتلصص أو الفضول لكل ما يخص الحياة الجنسية، أو العبث بالمناطق التناسلية.
ترديد ألفاظ بذيئة لم يعتدها من قبل.
تحرشه الجنسي بغيره من أطفال الأقارب أو الجيران.
السلوكيات النفسية المفاجئة مثل: التبول اللاإرادي، الخوف الشديد، الانطواء، الخجل، اضطراب الكلام، الكوابيس الشديدة، فقدان الشهية، العصبية الزائدة.
حرص أحد الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران (رجال ونساء) بشكل لافت على الانفراد بالطفل، أو الحضور للمنزل في غياب الأسرة، أو ضم الطفل وتقبيله وملامسته بطريقة غير صحيحة.

كيف تتصرف الأم؟
من المؤكد أن العلاقة الحميمة مع الطفل والحنان عليه، يشجعانه على الكلام والإفصاح عما يسبب له الضيق والأذى. ويمكن للأم إذا أنصتت إلى أسئلته باهتمام واستمعت لأحلامه ومخاوفه أن تستشف ما بين السطور وتكتشف ما إذا كان قد تعرض للاعتداء أم لا. فالإحصاءات تشير إلى أن حوالي 49% من الأمهات لديهن حدس قوي يؤهلهن للإحساس بالمشكلات الجنسية التي يعاني منها أطفالهن.
وفي حال ارتياب الأم أو ظهور علامة معينة غير معتادة فعليها أن تتحقق من الأمر من دون فزع أو تخويف مبالغ فيه للطفل، كذلك لا تبني استنتاجاتها على علامة واحدة فقط، وإنما لابد من توافر علامات أخرى تؤكد الشك. ويمكنها أن تناقش هواجسها مع الأب وإذا ما كان من الأفضل مراجعة طبيب أطفال أو معالج نفسي لأن نسبة كبيرة من الأطفال تُقدر بحوالي 57% ينكرون تعرضهم للإساءة حتى مع وضوح الأعراض عليهم خوفاً من الجاني، أو خوفاً من العقاب الأسري، أو وقوعهم تحت سيطرة المعتدي وإغوائهم بمميزات معينة إذا التزموا الصمت، كشراء الهدايا أو إعطائهم نقوداً أو سجائر والذهاب معهم لأماكن ترفيهية، أو غيرها من المغريات.
بعض الأطفال المعتدى عليهم جنسياً (16% من الأولاد، 27% من البنات) تراودهم أفكار انتحارية، ويشعرون بالذنب لأنهم يتصورون أنهم شركاء في الجريمة ولم يستطيعوا حماية أنفسهم، لذلك فاحتواء الطفل وإشعاره بالأمان، وعدم نبذه أو معايرته أو السخرية منه أو تأنيبه، يساعد بشكل كبير على استعادة ثقته في نفسه وتقديره لذاته تدريجياً.
ولا شك أن الحصول على المعلومات من مصادرها العلمية الصحيحة يحمي الإنسان بدرجة كبيرة من الوقوع في الخطأ.. فحضور الأبوين لندوات أو دورات إرشادية تركز على الثقافة الجنسية، يساعدهما في معرفة علامات التحرش الجنسي، وآثاره، والفرق بينه وبين التلامس الصحي. وعملا بمبدأ «الوقاية خير من العلاج» فإن فهم خريطة الطفل نفسياً وعاطفياً وجسدياً يقلل من مخاطر وقوعه فريسة في يد معدومي الشرف والضمير
14
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

زيزي نجد
زيزي نجد
الله يجزاك خير........
ميارالحجازيه
ميارالحجازيه
والله مدري بس هذا الشي دايما افكر فيه
ومالي الا اني احافظ عليهم واستودعهم الله
مونيا21
مونيا21
احد الضحايا انا


الحمدلله

موضوعك فعلا مهم

وانا اقول لكل ام لا تثقي حتى في اخوكي

ولكل اب لا تثق في اخوك ولا حتى ابوك

اطفالكم معاكم لا تسبيهم عند الناس في بيتهم زي الوجبه الجاهزة
جوري وهبلت من حولي
ايه والله انا شفت كثيييييييييييييييير
وسمعت اكثررررررررر
بس الله يستر
ياناس تكفوووووووون انتبهو لعيالكم وبناتكم
ترى حتى لو عدت على خيييير راح يبقى اثرها في المستقبل
حسبي الله ونعم الوكيل ........
ذات العفاف
ذات العفاف
لاتثقو ولا فاحد حتى اقرب الناس حتى ابوة وخلي الصراحه مفتوحه مع البنات والاولاد واساليهم دايم احيان الخوف يخليهم يسكتو بادري بسؤالهم بعد كل جمعه وزيارة وعزيمة والله اطفالنا امانه لازم نحافظ عليها بكل قوتنا
موضوعك مهم ياريت الامهات يقروة جزاك الله خير