بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الإخوات: ها نحن الآن قد انطوت صفحات من أعمارنا وانقضت الإجازة الصيفية بما فيها من الخير والشر، لنبدأ مشوار العام الدراسي الجديد فمن شمر واجتهد من البداية نال مبتغاه ومن قصّر وغفل ولهى ولعب لم ينل مراده وخسر عاما كاملا لم يستفد منه شيئا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهكذا الدنيا اخواتي هي دار العمل والجد في طاعة الله فنحن
في الدنيا كأننا في سنة دراسية فمنا الرابح ومنا الخاسر
والإنسان ما دام يحيا على هذه الأرض ينبغي له أن يغتنم فرصة الصحة والقوة والشباب والراحة ليجعل أوقاته كلها طاعة لله عز وجل فها هي أسواق الجنة تفتح أبوابها لترى منافسة العباد في المتاجرة مع الله عز وجل، متاجرة ومنافسة كما قال بعض السلف: إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة. قال
تعالى: وفي ذلك فليتنافس المنافسون
فأصحاب الدنيا يتنافسون من أجل مال أو متاع من متاع الأرض الزهيد، يريد كل منهم أن يسبق إليه وأن يحصل على أكبر نصيب منه ومن ثم يظلم ويفجر ويأثم ويرتكب ما يرتكب في سبيل متاع من متاع الأرض زائل وفان.
ــــــ****ــــــــ
وأما أصحاب الآخرة الذين يريدون الجنة الذين يبحثون عن السعادة الحقيقية فهم الذين يجعلون حياتهم وقفا على معرفة الله ومرضاته، وإرادتهم مقصورة على محابه فتنافسهم في الدنيا من أجل تحصيل النعيم المقيم في الدار الآخرة وهذه الهمة أعلى همة شمر إليها السابقون وتنافس فيها المتنافسون، فهو مطلب يستحق المنافسة وهو أفق يستحق السباق والتنافس هو التسابق والتغالب وأصله من المنافسة وهي مجاهدة النفس للتشبه بالأفاضل واللحوق بهم.
ــــــــ****ـــــــــــ
ومن عجب أن التنافس في أمر الآخرة
يرتفع بأرواح المتنافسين جميعا حتى يصل بهم الحال إن قتل أحدهم في سبيل الله يقول في لحظة فراقه للدنيا: (فزت ورب الكعبة). إنه الفوز بالشهادة لدخول دار الكرامة بل يصل الأمر ببعضهم أن يشم رائحة الجنة ويأتيه من روحها ونسيمها وهو في هذه الدار كما حدث لأنس بن النضر في أُحدٍ عندما قال: إني لأجد ريح الجنة دون أحد فقاتل حتى قتل ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لاحد يرد يتبع
ام حنان 2 @am_hnan_2_1
محررة ذهبية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
اللهم لاتجعل للآهات مقرا في جوفها ولا للهم مستقرا في صدرها
اللهم اكسي قلبها نوراواجعل حياتها أنسا وفرحا وسرورا
طرح هادف وقيم جعله الله في موازين حسناتك
وغفرالله لك ولوالديك وأسكنكم الفردوس الأعلى
اللهم اكسي قلبها نوراواجعل حياتها أنسا وفرحا وسرورا
طرح هادف وقيم جعله الله في موازين حسناتك
وغفرالله لك ولوالديك وأسكنكم الفردوس الأعلى
الصفحة الأخيرة
كما كان يفعل أبو مسلم الخولاني عندما كان يقوم الليل فإذا تعبت قدماه ضربها بيديه قائلا: أ يحسب أصحاب محمد أن يسبقونا برسول الله والله لنزاحمنهم عليه في الحوض، فهو يريد المنافسة ويريد أن يزاحم صحابة رسول الله في الدار الآخرة، وهنيئا له بهذه المنافسة الشريفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعلمن غالياتي إن عمر المرء في هذه العاجلة محدود وعمره في الآخرة ليس له نهاية ولا حدود، وإن متاع الدنيا في ذاته محدود، ومتاع الجنة لا تحده تصورات البشر، وإن مستوى النعيم في هذه الدنيا معروف ومستوى النعيم في الآخرة يليق بالخلود فأين مجال من مجال؟ وأين غاية من غاية؟ متى يحاسب الربح والخسارة فيما يعهد البشر من الحساب لا توجد مقارنة ألا إن السباق إلى هناك، فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى فيها المخيم،
ولهذا حض النبي عليه الصلاة والسلام أمته للعمل الصالح، فوصف لهم الجنة جلاّها لهم ليخطبوها فقال: ((ألا من مشمر للجنة؟ فإنها ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانه تهتز، وزوجة حسناء، وفاكهة نضيجة، وقصر مشيد نهر مطّرد، فقال الصحابة: يا رسول الله نحن المشمرون لها فقال: قولوا إن شاء الله)) وقال عليه الصلاة والسلام لمن سأله مرافقته في الجنة: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وذلك لأن مقامات الناس في الجنة حسن أعمالهم
أيها الإخوات: إن الله عز وجل يسوق الفرص للبشر لاغتنامها وهي أسواق تعقد ثم تفض يربح منها من يربح ويخسر فيها من يخسر والمسلم سبّاق للخير ولا يدع لحظة من لحظات حياته تمر دون فائدة والزمن له قيمة كبرى في حياة المسلم بل الزمن هو حياة الإنسان، وقيل قديما: "الوقت من ذهب" والحقيقة أن الوقت أغلى من الذهب لأن الوقت هو الحياة والحياة لا تقدر بثمن
وكما قال الوزير الصالح يحي بن هبيره:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيع
وما أجمل كلام أمير الشعراء شوقي حين قال:
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
اخواتي من صغار وكبار إن لم تعبدوا الله اليوم فمتى تعبدون؟ وإن لم تصلوا اليوم فمتى تصلون؟ وإن لم تجتهدوا في العبادة اليوم فمتى تجتهدون؟ إن لم تدخلوا مضمار السباق في الطاعة فمتى تدخلون؟
فهيا إلى المبادرة للأعمال الصالحة قبل ظهور العوائق وقبل فجأة الموت وإستتمام الرحيل كما جاء في وصية النبي عليه الصلاة والسلام: ((اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك)).
فلماذا تدخرين هذه الصحة عن طاعة الله؟ ولماذا تبخلين بهذا الجسم عن عبادة الله؟ ماذا تنتظرين؟ حتى يضعف جسمك ويرق عظمك وتخور قوتك، ثم إذا بلغت الروح التراقي قلت: أفعل وأفعل وأتصدق وأنى أوان العمل حينئذ، فإن كنت باكيه فابكي على نفسك من الآن:
ودمتم بحفظ الله