الجنة تشتاق الى ثلاثة

ملتقى الإيمان

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّالْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ،وَسَلْمَانَ» رواه الترمذي، وهو حسن بمجموع طرقه كما في صحيح الجامع.مثلهذه الأحاديث الواجب على المسلم أن يمرها على ظاهرها، فيؤمن بما قاله رسولالله صلى الله عليه وسلم، فالجنة تشتاق إلى ثلاثة ذكرهم النبي صلى اللهعليه وسلم في الحديث، ولا نقول: المقصود أنهم من أهل الجنة، فبالغ في بيانذلك حتى قال: إن الجنة تشتاق إليهم. ولا نقول: المراد اشتياق أهل الجنة،من الحور والغلمان والملائكة. الذي أوجد هؤلاء وأمكنهم من الاشتياق لقادرعلى أن يوجد ذلك في الجنة. يقول العلامة ابن عثيمين عليه رحمة الله –فيتفسيره لسورة الكهف في الآية: }فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ{-"أي: أنه مائل يريد أن يسقط، فإن قيل: هل للجدار إرادة؟ فالجواب: نعم لهإرادة، فإن ميله يدل على إرادة السقوط، ولا تتعجب إن كان للجماد إرادة فهاهو "أُحُد" قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم إنه: «يُحِبُّنَاوَنُحِبُّهُ»، والمحبة وصف زائد على الإرادة، أما قول بعض الناس الذينيجيزون المجاز في القرآن: إنَّ هذا كناية وأنه ليس للجماد إرادة فلا وجهله". ويقولالعلامة القرآني الشنقيطي رحمه الله في الآية نفسها: "هذه الآية الكريمةمن أكبر الأدلة التي يستدل بها القائلون: بأن المجاز في القرآن. زاعمين أنإرادة الجدار الانقضاض لا يمكن أن تكون حقيقة، وإنما هي مجاز. وقد دلتآيات من كتاب الله على أنه لا مانع من كون إرادة الجدار حقيقة، لأن اللهتعالى يعلم أنّ للجمادات إراداتٍ وأفعالاً وأقوالاً لا يدركها الخلق، كماصرح تعالى بأنه يعلم من ذلك ما لا يعلمه خلقه في قوله جل وعلا: }وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ{ (الإسراء:44)، فصرح بأننا لا نفقه تسبيحهم، وتسبيحهم واقع عن إرادة لهم يعلمها هوجل وعلا ونحن لا نعلمها. وأمثال ذلك كثيرة في القرآن والسنة.فمن الآيات الدالة على ذلك: قوله تعالى: }وَإِنَّمِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَالَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَايَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ{ (البقرة:74). فتصريحه تعالى بأن بعض الحجارة يهبط من خشية الله دليل واضح في ذلك.لأن تلك الخشية بإدراك يعلمه الله ونحن لا نعلمه. وقوله تعالى: }إِنَّاعَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِفَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَاالْأِنْسَانُ...{ (الأحزاب:72). فتصريحه جل وعلا بأن السماء والأرض والجبال أبت وأشفقت أي خافت، دليلعلى أن ذلك واقع بإرادة وإدراك يعلمه هو جل وعلا ونحن لا نعلمه.ومنالأحاديث الدالة على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم: أن النَّبي صلى الله عليهوسلم قال: «إني لأعرف حجراً كان يسلم علي بمكة». وما ثبت في صحيح البخاريمن حنين الجذع الذي كان يخطب عليه صلى الله عليه وسلم جزعاً لفراقه.فتسليم ذلك الحجر، وحنين ذلك الجذع كلاهما بإرادة وإدراك، يعلمه الله ونحنلا نعلمه، كما صرح بمثله في قوله: }وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ{ (الإسراء:44)، وزعْمُ من لا علم عنده أن هذه الأمور لا حقيقة لها وإنما هي ضَرْبُأمثال زعم باطل؛ لأن نصوص الكتاب والسنة لا يجوز صرفها عن معناها الواضحالمتبادر إلا بدليل يجب الرجوعُ إليه. وأمثال هذا كثيرة جداً. وبذلك تعلمأنه لا مانع من إبقاء إرادة الجدار على حقيقتها لإمكان أن يكون الله علممنه إرادة الانقضاض، وإن لم يعلم خلقه تلك الإرادة، وهذا واضح جداً كماترى" (أضواء البيان: 3/339).فالجنة تشتاق، وأهلها يشتاقون لهؤلاء الثلاثة، وسأذكر لكل واحد شيئاً يسيرا من المناقبأولهم: علي بن أبي طالب وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها.. لم يسجد لصنم قط..في الصحيحين لما خَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم إِلَى تَبُوكَ اسْتَخْلَفَ عَلِيًّا t،فَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ؟ فقَالَ له صلىالله عليه وسلم: «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِهَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي». وهذهمنقبة عظيمة لعليٍّ t.وفيهما عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ t،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يحب الله ورسوله، ويحبه اللهورسوله، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ». قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُيَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَالنَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيُّبْنُ أَبِي طَالِبٍ»؟ فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَاللَّهِ. قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ، فَأْتُونِي بِهِ». فَلَمَّاجَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْيَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: يَارَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ:«انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْإِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّاللَّهِ فِيهِ؛ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًاوَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ».وفي صحيح مسلم، قَالَ عَلِيٌّ t:"وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ: أَنْلَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ".وهو ممن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنه راضٍ. وقبل أن أغادر علياً tإلى غيره اذكر بمقالة لابن كثير رحمه الله، قال: "وقد غلب هذا في عبارةكثير من النساخ للكتب، أن يفرد علياً رضي الله عنه بأن يقال: "عليهالسلام" من دون سائر الصحابة، أو"كرم الله وجهه"، وهذا وإن كان معناهصحيحا، لكن ينبغي أن يُسَاوى بين الصحابة في ذلك؛ فإن هذا من باب التعظيموالتكريم، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان بن عفان أولى بذلك منه، رضي اللهعنهم أجمعين" (تفسير القرآن العظيم: 6/478-479).وأما الثاني: فعمار بن ياسر tوأمه سمية مولاة بني مخزوم، من كبار الصحابيات رضي الله عنها..وأول من أعلن إسلامه من الناس ستة: أبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، رضي الله عنهم.وأول شهيدة في الإسلام أمه سمية طعنها أبو جهل لعنه الله بحربة في قبلها فقتلها.وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لآل ياسر وهم يعذبون: «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة» رواه أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة.ولماعذَّبه المشركون بالنار، كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر به، فيُمِرُّيدَه على رأسه، ويقول: «يا نارُ كوني برداً وسلاماً على عمار كما كنت علىإبراهيم، تقتلك الفئة الباغية» رواه ابن سعد.وقد نزلت هذه الآية فيه: }إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان{ كما قال قتادة رحمه الله. قال ابن حجر في الإصابة: "واتفقوا على أنها نزلت في عمار t".وذلكأنه لما أكره ذكر آلهتهم بخير، وشكا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقالله: «كيف تجد قلبك»؟ قال: مطمئنا بالإيمان. قال: «إن عادوا فعد» رواهالحاكم في المستدرك. وفي سنن الترمذى، عَنْ عَلِيٍّ tأنه قَالَ: جَاءَ عَمَّارٌ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ، مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِالْمُطَيَّبِ». وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اقْتَدُوابِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي -وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ-وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَمَا حَدَّثَكُمْ ابْنُ مَسْعُودٍفَصَدِّقُوهُ». وقال فيه: «ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه» أخرجه النسائي.والمُشاش: رؤوس العظام الليّنة التي يمكن مضغُها.وأما الثالث: فسلمان الفارسي tويكفي لبيان فضله t ما ثبت في جامع الترمذي رحمه الله من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ tأَنَّهُ قَالَ: قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِالَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ إِنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُوا بِنَا ثُمَّلَمْ يَكُونُوا أَمْثَالَنَا؟ وَكَانَ سَلْمَانُ بِجَنْبِ رَسُولِ اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخِذَ سَلْمَانَ وَقَالَ: «هَذَاوَأَصْحَابُهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ الْإِيمَانُمَنُوطًا بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ».ومما ينسب إليه: أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم.كان tحكيماً واعظاً ذا رأي سديد، فهو الذي أشار على النبي صلى الله عليه وسلمبحفر الخندق، ومن مواعظه: "العلم كثير، والعمر قصير؛ فخذ من العلم ماتحتاج إليه في أمر دينك، ودع ما سواه فلا تعانه".وفيصحيح البخاري لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي الدرداء رضيالله عنهما، زار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء مُتَبَذِّلَةً()فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَلَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُطَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: مَا أَنَابِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَأَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ. ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ،فَقَالَ: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ:قُمْ الْآنَ، فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَعَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَحَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ سَلْمَانُ».فرضي الله عن عليٍّ وعمارٍ وسلمانَ وسائر الصحب الكرام. / التبذل: ترك التزين، والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة، على جهة التواضع.مهران ماهر عثمان
7
991

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خووخة50
خووخة50
يارب يارب قربك يارب وجنه عرضها السموات والارض يارب يارب
خووخة50
خووخة50
﴿ وَ أذكر رَبّك إذا نسِيت ﴾

سُبحان الله🌼
الحمدلله🍂
لا إله إلا الله🍃
اللهُ أكبر💭
لاحول ولاقوة إلا بالله🍁
استغفرالله وأتوب اليه🌸
خووخة50
خووخة50