الحاج متولي: حلم ولا علم!
مقالات و نداءات و جمعيات لا حصر لها تطالب و أخرى تندد بتعدد الزوجات...يتصدى الباحثون في الادلاء باحصائيات العنوسة و الطلاق تشجيعا لانتشار التعدد لما فيه من "الستر" على ولايا المسلمين... و ناشطات سعوديات اخرهن الاستاذة سحر خان تحض على هذه الظاهرة المحللة شرعا للحد من انتشار الزواجات التيك اوي كالميسار و المصياف والمطيار و لمحاربة الزنا المحرم الذي في رأيها كان نتيجة طبيعية لقلة ممارسة التعدد وعدم تقبله اجتماعيا كما كان الحال فيما مضى .
و من ناحية اخرى , تطل علينا الكاتبة ندين البدير باقتراح ساخر ينص على تحليل تعدد الأزواج للنساء كما هو الحال لنظرائهن من الرجال ...فكم من سيدات في امة محمد ذوات نفوس خضراء قد يعشقن التنوع و الجمع بين عدة أزواج!!
وقد ضجت الهيئات و الصحف في الرد على مقالها بل أخذ بعضهم الرد الى حد المواقف قانونية ضد الكاتبة لما في اقتراح الزميلة "المتحررة جدا" في رأيهم من خدش للحياء العام واهانة للشريعة الغراء.
اما ضعيفة الله, أنا, و أعوذ بالله من كلمة أنا, فقد وجدت في المقال ما هو أعمق مما ذكر على السطح, فالاستاذة ندين لم تقترح الجمع فعليا ولكنها انتقدت الجمع و التعدد لسبيل الجنس و التنوع بحجة غريزة الرجل التواقة للتجديد, اتضح لي ان هذه الدوافع, في رأيها, لا تسمو بأن تكون أساسا لتحليل التعدد في اطار شريعة متكاملة كشريعة المسلمين..
امام هذه التيارات, اجد ني حائرة.. فبدون شك, التعدد شريعة رب العالمين منذ اكثر من الف واربعمائة سنة, حقيقة لا تغيب عن الف و خمسمائة مليون مسلم و نغمة لا تفارق البيوت العربية في المشرق و المغرب.. وبعبعا يطارد النساء لا سيما ان تقدم بهن العمروظهرت عليهن اثار الدهر ..
كالعادة, حتمت علي " لقافتي" ان اسعى لفهم القضية بشكل موضوعي رغم صعوبة ذلك لكوني الطرف المتضرر.....المرأة. ومن حسن حظي, تزامنت حيرتي مع غيظ أحد الأصدقاء "المحرومين" على حد قوله من التعدد بسبب الضغط الاجتماعي, فوضع على عاتقي أن أبحث القضية مع مجموعة مماثلة من الشباب الناجح الملتزم دينا و خلقا لتفهم مدى حاجة الرجال "للتنوع" وحجم الكوارث التي يعاني منها المجتمع بسبب حرمان الأزواج "الغلابة" من حقهم الشرعي هذا.
في الحقيقة, لم أسعد بلقاء أكثر من سعادتي بلقاء مجموعة أنصار التعدد! شباب في مقتبل العمر..في عنفوانه.. اتسم جميعهم بالنجاح المهني و الطموح و سعة المدارك. الأهم من ذلك كله, تميز جميع أفراد هذه المجموعة بتمسكهم الشديد بالمبادئ على كل أوجهها الدينية و الأخلاقية. دينا منعهم من مزاولة الرذيلة و خلقا أبى عليهم اقتناء أحد زواجات "التيك اوي" في سوق توفرت فيه أنواعا من هذه الحلول ليجد الرجال فيه متنفسا لغرائزهم دون تحمل أعباء الزواج و مسؤولياته. هؤلاء شباب لم يجدوا في معنى التعدد سوى ما عرفناه في زمن النبي الكريم و صحابته: الزواج مكتمل الأركان الذي يضاعف مسؤوليات من رغب في أكثر من امرأة!
الان, في هذه اللحظة, قد تتمنى معظم القارئات من النساء شنقي في ميدان أو دفني حية. ولكن القول هنا يا سيدات أننا لا نشجع الرجال على التعدد, و لكننا نحيي من تمسك بشرع الله عز و جل وعفته نفسه عن الحرام وما شابهه. وهذا المنطق لا يسري على الزواج فحسب بل على كل زوايا الحياة.. فقلة قليلة من الناس في زمننا هذا همشت غرائزها و احتياجاتها ولم تلتمس المبرارت حتى وان حللت لشدة تسمكها بمبدأ أسمى.. هذه القلة هي فوق القمة شئنا أم أبينا.. عددوا أم لم يعددوا هم رجال بحق الكلمة و المعنى.
"كل فطير و طير" أو "عشيقة ولا لصيقة" نداءات هدامة ترعرت في بيئة غاب فيها الوعي الديني الصحيح, أو العميق على وجه أصح. بطبيعة الحال, تميل غريزة الأنثى الى الاستقرار و تملك الزوج من باب الحفاظ على كيان الأسرة و الأبناء..لذلك, يغلب تقبل الزوجة لنزوات مؤقتة عن تقبلها لشريكة دائمة تهدد أمنها و كيانها. ولا تلام الأنثى على هذا الاحساس بحد ذاته, فهو يوازي فطرتها. ولكن المبدأ يا سيدات يعلو فوق الفطرة, فبالرغم من ميلنا "للفطير" حينما نواجه اختيار أحد الأمرين الا ان المر الحلال هو الأصلح و الأقوم و الأقرب الى الله. و لأكبر كذبة هي تلك التي يدعيها الرجل عن قداسة بيته و زوجته الاتي يحتمان عليه الزنا كي لا "تقهر" العشيرة و تهدم الأسرة بالزواج من أخرى على سنة الله ورسوله!
وهنا, من خلال هذا المضمون, نرد على الناشطات و النداءات التي تحث على التعدد لمنع انتشار الفاحشة و الزواجات التي تخلو من المقومات الشرعية. في ظل انتشار الحرام و الحلال المشبوه, يجد الكثير من اخواننا الرجال المتعة المتاحة "بلوشي", بدون التزامات ابدية تثقل كواهلهم التي امتلأت بمشاكل العيال و أمهم. و السؤال هنا, ان كان التعدد المشرع به في ديننا بما ينص عليه من عدل و مسؤوليات للزوجتين او الثلاثة أو الأربعة لمن أراد أن يكمل النصاب هو الحل الوحيد لمن رغب في أكثر من امرأة, هل يقبل كل من يزني و كل من يتزوج مسيار و مطيار و مسفار عليه؟؟ قطعا لا..
من اقبل على الزنا لم يفعل ذلك استبدالا لزواج اخر, فحتى في حال موافقة زوجته على التزوج باخرى على سنة الله و رسوله, قد يتخاذل صاحبنا خوفا من "الدوشة" التي توافق الزوجة الجديدة, دوشة قد تنسيه لذة التجديد و التنويع ليجد نفسه قد انتقل من نقرة الى دحديرة!
في لقائي مع الشباب المتميز, فهمت لأول مرة كيف يتجلى التشريع بصحة التطبيق, فكم ظلمت الشريعة بأبناء مارسوا ظاهرها وهمشوا اللب, فنسب الظلم و النفاق اليها بهتانا لقلة من تعمق فيها و فطن الى جوهرها. رجال اتفقوا جميعا على أن التعدد حاجة ملحة لكل رجل باختلاف نوع هذه الحاجة و حجمها. و على الرغم من ذلك, لم يقدم عليها معظمهم لأسباب تلخصت في الخوف من الله.. الخوف الذي يمنعهم من الميل لزوجة دون الاخرى, او التقصير مع الأبناء, أو عدم توفر الوقت الكافي لأعطاء كل بيت حقه. الرجل المتدين حقا, بقدر ما زين له التعدد و بقدر ما هو مؤمن بحقه فيه, الا انه يتخاذل حينما يتذكر ما اقترن بهذه المتعة المشرعة من أثقال, كي لا يصبح الحلال مصدرا للاثم وغضب الرب.
اتفق الشباب في المجموعة أنه بالرغم من الحاجة الملحة لتعدد الزوجات في المجتمع, الا ان الاقدام على هذه الخطوة يلزمها خصال قيادية ان لم تتوفر في صاحبها فهو غير مؤهل لأن يكون زوجا لأكثر من واحدة. و حينما استفسرت عما قد يدفع الرجل أو يؤجج رغبته في الاقدام على الزواج باخرى اكد احدهم بالاجماع مع الباقون أن للرجل" دوافعا" ثابتة للتعدد دائما ما نخلطها" بالمبررات". فالدوافع غالبا ما تكون جنسية, لأن حاجة الرجل في احيان كثيرة لا توفى بامرأة واحدة.. هذا بالاضافة الى المتعة التي تصطحب احتياج أكثر من امرأة له (لأن احتياج حواء لادم و تمكنه من عطاءها و التوفير لها أساس سعادته) و شعوره بالانجاز لقيامه على أكثر من أسرة. كل هذه احاسيس وصفها أحدهم بكونها "صحية" للرجل, وما يعانيه من متاعب مع الزوجة الحالية سواء على صعيد اهمالها له و انشغلها بالأطفال أو عدم قدرتها على اسعاده عموما ما هي الا "مبررات" تتصدر دفاع كل مقبل على الزواج بأخرى! فالواقع أن الدوافع هي أساس التعدد. وقد علق احدهم ان الرجل الذي يتزوج بالثانية هروبا من التعاسة مع الاولى أجدر بأن لا يجد السعادة مع أي منهن لأنه لا يملك مقومات قيادة الزواج و انجاحه.
في مجموعة أنصار التعدد لم يتزوج الثانية سوى واحد من ستة رجال. اما الباقون فلم يقدموا على هذه الخطوة الى الان, لعدم تسني الظروف الملائمة من وقت و مجهود كاف هذا بالاضافة الى عدم تهيئ الزوجة الأولى لاستقبال الضرة! و أجمل ما قيل في هذا اللقاء عن رأي الشباب عموما في رفض النساء لفكرة التعدد أنها ليست فطرة, ولكنها نتاج لضعف الوازع الديني و التأثر بالتيارات الغربية, فلا نرى هذا الاحتجاج بين النساء من الطبقات الاجتماعية و الاقتصادية الأكثر بساطة. و علاوة على "قلة الدين" التي هي اس البلاء في محاربة النساء لفكرة التعدد , زادت المصطلحات الاجتماعية الظلام كحلا و الطينة بلة..كما علق أحد الظرفاء أثناء اللقاء. ليش اتزوج "عليها"؟ من قال أن الزوجة الأخرى هي على أو فوق الاولى؟! الأدهى من ذلك, أن صاحب هذه النظرية لا يرى بدا من قيام العداوات و الغيرة بين الزوجات, فما هو الفرق بين الزواج بأخرى و انجاب طفل ثان بعد الأول؟ هل يلام الأب حينما ينجب اخا لأخيه لما قد يعانه الأول من الغيرة؟ فلماذا لا ترى النساء موضوع التعدد بنفس المنطق؟؟ والله حكم!!!
لا شك أن للأعراف الاجتماعية دورا في رفضنا نحن النساء لفكرة زواج بعلنا بأخرى, و لكن هل هو ضعفا للوازع الديني كما يدعي اخواننا الرجال؟
بالطبع, كلما شحت اساسيات الحياة أصبحت مقومات الزواج و متطلباته أكثر أساسية. فيكون المسكن و المأكل و الملبس جوهر ما تطلبه المرأة و يصبح شبح زوال ما نعتبره "مسلمات" كابوسا ينغص عليها العيشة أكثر من ذلك التنغيص الذي تصطحبه سماجة و لؤم الضرة!
ينسى السادة الرجال, حتى العظماء منهم, نظرية الشمول و التكامل أو ال "packages “حينما يقيمون شريكة الحياة, فتلك التي فتنتك بخصال ملأت عينيك و أرضت غرورك و اطمئنت اليها نفسك تراك تنكر عليها نفس الخصال التي جعلت منها امرأة أبية يصعب عليها تقبل ما رضيت به من لم يكن لها الخيار؟ يا سادة, كيف تطلب المرأة أن تسمو من مكانة الزوجة لتصبح الرفيقة و الونيسة و الشريكة لتفاجأ أنها في لحظة يجب أن تتغير 180 درجة لتصبح أمينة التي لا ترفض أن يتزوج سي السيد غيرها لأن مزاجه فوق راحة الكل!
الان, في هذه اللحظة, تنتقل امنية شنقي و حرقي من مخيلة النساء و تتمكن من ذهن كل رجل يقرأ كلماتي.. و مرة أخرى, أوضح أن القول هنا ليس هجوما على التعدد, فقد اتضحت مقوماته و أركانه ومؤهلاته, ولكن الهجوم على الازدواجية التي لمسناها مرة مع النساء حينما فضلن الخيانة على الزواج لمصالحهن الشخصية و همشن المبدأ و مرة اخرى مع الرجل الذي يسعى الى دمج ال package الذي اقتناه مع نقيضه بما يلائم رغباته!
وبالرغم من كون التعدد رغبة لدى كل رجل, الا أن حجم هذه الرغبة قد يختلف من زوج الى اخر. وقد اتضح لي ذلك من خلال تصريح بعض افراد المجموعة انهم بالرغم من مناصرتهم لمفهوم التعدد الا انهم لا يشعرون بحاجتهم للزواج حتى و ان وافقت الزوجة الأولى ! اذن, هل تبقى الدوافع مستقلة عن أي مؤثرات خارجية؟ بالطبع لا. للمرأة دور فعال في التحكم بحجم هذا الدافع. يا سيدات, تسكن المرأة منا للرجل مع مرور الزمن لأن مرور الوقت يعني الاستقرار بينما يتحرقص الرجل شوقا للتجديد كلما مر به الزمن و ان أحب زوجته و هام بها عشقا. مع هذه المجموعة, ذكرت كلمة تجديد الرومانسية عشرات المرات حينما ذكر التعدد, وحتى حين التخوف منه كان ذلك لأن الرومانسية قد تضمحل مع الزوجة الثانية ايضا مع مرور الوقت ليجد الزوج نفسه "متدبسا" في حياتين روتينيتين بدلا من واحدة! تطغى نرجسية الرجل كل احتياج اخر, هكذا تعلمت من افراد المجموعة المتميزة, فغالبية الشلة قد تتنازل عن الزوجة الثانية ان تفننت الزوجة الاولى (والوحيدة ان شاء الله) في تزويدهم بكوكتيل الأحاسيس: سي السيد, شمشون الجبار, العريس... و برضه احسن من الضرة!
يبقى صديقنا البطل المغوار الذي خاض التجربة و تزوج بالثانية. رجل مسؤول أبى عليه خلقه أن ينزلق الى الحرام فتزوج بمن أعجبته و تحمل ما حل على رأسه من أم العيال الى أن سكنت اليه و صبرت على ما حل بها.. لا نختلف أن مميزات التعدد تجلت مع صديقنا حينما صرح أن نفسه قد عفت بعدالزواج بالثانية.. فلم يعد يأبه بأي من النساء من حوله ولا بنظرة ولا ابتسامة ولا غيره..أو من يدري قد تكون نفسه" اتسدت"! والحق يقال, سد حاجة الرجل ليعف عن الحرام ليس بالقليل, و لكن الشاهد هنا أن صديقنا هذا صرح في اخر الجلسة أن من سعد مع الأولى و لم يجد الحاجة الملحة للزواج من الثانية فليكتفي بأم العيال حفاظا على رأسه و حماية لمزاجه من الدوشة و النكد الذي تحتمانه زوجة واحدة فما بالك بالاثنين!
بتصريح البطل, سكنت خواطر الرجال في المجموعة المتميزة عدا واحد, ذلك الذي تزامن غيظه مع حيرتي, فهو من أشد المحتجين على كلمة تعدد لانه يراه "تنوعا". فمحروم من النساء ذاك الذي لم ينوع و يجرب أصنافا مختلفة يستحيل أن تجتمع في امرأة واحد!
من وجهة نظر شخصية, أرى أن ما وصفه صديقي بالدافع من أجل التنوع يستحيل أن يمت بصلة الى شريعة هدفت الى اعمار الأرض.. فلم يشرع التعدد ليتلذذ الرجل ويتمتع ولكنه شرع كجزء من التكافل الاجتماعي الذي لا يستغني مجتمع عنه ان طبق صحيحا. و حينما نرى نبينا العظيم يعدد في الزوجات كما شرع رب العالمين لم يتزوج سوى بكرا واحدة, و البقية من الثيبات و ممن اجتزن سن اليأس لأن الرجل يتزوج في الأساس ليكفل و ليعمر أسرة وليس لسد نهمه في تذوق أصناف النساء!
وقد تلقيت مؤخرا مكالمة هاتفية من احداهن تطلب رؤيتي لأنها أيضا من أنصار التعدد!! هرعت اليها أراها هل هي من سكان زحل أو المريخ؟؟ فاذا بي وسط مجموعة من النساء أشد ظرفا و بهاء من المجموعة التي سبقتها, مجموعة قصدت بالتعدد تعدد الأزواج وليس الزوجات!!!!
"يعدد الرجال بالتوازي و تعدد النساء على التوالي", مبدأ صديقاتنا ممن اعترض عليهن ولاة امورهن من أن يعدن تجربة الزواج بعد فشلها في المرة الأولى أو الثانية..
ولنا معهن لقاء اخر...
ام سلمان
مارس 2010
umsalman78 @umsalman78
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️