الحمار الميت والحمار الحي ومسابقاتنا الرمضانيه

الملتقى العام

الحمار الميت والحمار الحي!!
أصبح كل راغب في الثراء -أمام أعين وزارة الإعلام وهيئة الاتصالات- لا يجد صعوبة في الإعلان عن مسابقة "فارغة" من كل هدف, إلا هدفاً واحداً، وهو جمع المال من الضحايا.

وتحول المواطن السعودي إلى منجم ذهب لكثير من الجهات والشركات من داخل البلد ومن خارجه.

وكثير من أصحاب الثروات الضخمة الذين نراهم في الساحة، قد صنعوا ثرواتهم من جيوب المواطن بطرق مختلفة ومتعددة الأساليب.

ولا أجد بأساً في أن أورد هنا قصة قديمة نوعاً ما، نشرتها بعض المواقع العالمية, ولكنها مناسبة للموضوع وتعبر عن الحال, وهي من التراث الأمريكي المليء بالحيل العجيبة لجمع الأموال, والتي يبدو أن بعض أصحاب المسابقات في عالمنا العربي والسعودي خاصة، قد تعلموا تلك الحيل و "سعودوها" وطوروها لتناسب الجيب السعودي، أو كما يزعمون "تناسب الأجواء الرمضانية".

في يوم من الأيام توجه بيلي من مدينته التي يعيش فيها إلى الريف, ‏واتفق مع ‏فلاح ليشتري منه حماراً بمائة دولار، على أن يستلم منه الحمار في اليوم التالي.

وفي الموعد ‏المحدد للتسليم, أخبره الفلاح أن لديه أخباراً سيئة، فقد مات الحمار. فطلب بيلي من الفلاح أن يعيد إليه المائة دولار. فأخبره الفلاح أنه قد صرف الأموال ولا يمكنه إعادتها. فطلب بيلي من الفلاح أن يسلمه الحمار الميت.

فسأله الفلاح: وماذا تفعل بحمار ميت؟ فقال بيلي: سأعمل عليه مسابقة يانصيب. فقال الفلاح: ‏معقول؟ تعمل مسابقة يانصيب على حمار ميت؟ فقال بيلي: نعم سأفعل, فقط انتظر وسترى. وبعد مرور شهر التقى الفلاح وبيلي وسأله عن اليانصيب. فقال بيلي: لقد بعت الحمار الميت بألف دولار.

فاندهش الفلاح دهشة عظيمة وقال له: كيف فعلت ذلك؟! فقال بيلي: أعلنت عن مسابقة يانصيب للفوز بحمار, مقابل دفع دولارين فقط للدخول في المسابقة, وقد اشترك 500 متسابق كل واحد بدولارين فأصبح المجموع 1000 دولار.

فسأله الفلاح: ألم يعترض أحد؟! فقال بيلي: لم يعترض إلا شخص واحد، وهو الذي فاز بالحمار عندما أخبرته أن الحمار قد مات. فأعدت له الدولارين وذهب راضياً.

لقد أصبح الجو العربي مشحوناً بكل أنواع المسابقات "اليانصيب", ولم يعد الكثير يفكرون في مسألة الحلال والحرام, فكل ما يهم هو الفوز بتلك السيارة, والحصول على ذلك المبلغ الكبير الذي يسيل له لعاب الكثير من الناس صغاراً وكباراً.

ومما يؤسف له أنه حتى القرآن الكريم في بعض قنواتنا التلفزيونية وغيرها لم يخل من مسابقات اليانصيب أو الميسر، وهي اللفظة التي استخدمها القرآن الكريم نفسه في وصف ذلك النوع من مسابقات الأموال التي كانت تدار في منتديات قريش, فنزل القرآن ليحرم كل أنواع المسابقات التي فيها هذا الميسر، ووصفها الله سبحانه وتعالى بأنها "رجس من عمل الشيطان" وأمر باجتنابها.

لقد استطاعت تلك القنوات الإعلامية بكل أسف أن تكسر حاجز "التقوى" لدى كثير من مشاهديها عن طريق الإغراء تارة, وعن طريق الإغراق تارة أخرى, وأقصد بالإغراق أن تقوم تلك القنوات الإعلامية بإغراق برامجها بذلك النوع من مسابقات الـ 700 والتلاعب بمسمياتها وفرضها على المشاهدين, حتى اقتنع بها الكثير وأصبحت في نظرهم أمراً عادياً.

وهذا ما لم نعهده من قبل عن المجتمع السعودي خاصة. وما استفتاءات الناس عن أحوال الأسهم قبل كل اكتتاب إلا دليل على حرصهم على نقاء أموالهم من الحرام، ومع ذلك ترى مسابقات شهيرة ومذيعين سعوديين مشهورين يجاهرون بمسابقات الميسر في برامجهم، وتجد خطوط الهاتف وقد ازدحمت بالمتصلين الباحثين عن الوهم في منظر يؤسف له.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال، أمن حلال أم من حرام", ومع ذلك ترى مئات الآلاف من المتصلين السذج يدفعون ثمن بطاقات اليانصيب في مسابقات تزعم أنها إسلامية أو ثقافية أو أدبية, ثم يكتشفون أن الحمار ميت, ويتم الضحك على عقولهم بمبررات ساذجة، وأن المسألة حظ ونصيب, بل هو "اليانصيب" أيها السذج.

وقبل أن ترفع نظرك أيها القارئ عن آخر سطر في هذا المقال, أقول لك: تذكر أنه قد مر بنا في ثنايا هذا المقال شخص ماكر واحد,
وحمار ميت واحد و 500 حمار حي.

وهذه النسبة طبيعية في البيئات الغربية التي تعتبر القمار واليانصيب جزءاً من ثقافتها اليومية, ولكن ما عذرنا كمسلمين, وكتاب الله تعالى بين أيدينا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام تمتلئ بها مكتباتنا ودورنا؟!
ظافر محسن الشهري

صحيفة سبق
م ن ق و ل
3
500

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

srm2009
srm2009
الله المستعان كلم فى صميم
(مهاجره بإحساس)
مشكوره حبيبتي على تشريف صفحتي
(مهاجره بإحساس)
سبحان الله وبحمده