الدعوة إلى الله عبر الجوال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من نعم الله علينا في هذا الزمان انتشار وسائل التواصل والاتصال، وقد وفرت هذه الوسيلة العظيمة للناس وقتاً وجهداً ومالاً، ففي الزمن الماضي ما كانت لتبلغ الأخبار ويتواصل الأحباب والأصدقاء والأقارب من مئات الكيلو مترات أو آلافها إلا عبر شهور أو سنين، وأما في هذا الزمن فإن الخبر ينقل لك من أقصى الأرض إلى أدناها كلمح البصر، وبسرعة متناهية، وكادت الأرض كما يقال أن تكون قرية واحدة، وهي بالفعل كذلك..
والجوال يعتبر أحد هذه الوسائل الهائلة التي قربت البعيد ويسرت الصعب، وقللت من التكلفة التي كان الناس يبذلونها..
وهو سيف ذو حدين يستخدم في الخير والشر، وأغلب استخداماته في التواصل والكلام العادي، إلا أن البعض من المسلمين قد استخدمه في غضب الله ليلاً ونهاراً، فتجده يعاكس به النساء، ويتواصل مع الفاجرات لغرض في نفسه، أو في إثارة الفتن والمشاكل بين المسلمين..
وهو نعمة عظيمة من الله إذا استخدم في الخير ودعوة الناس إلى دين الله تعالى، والمسلم النشيط الموفق لا تحجزه عن الدعوة حواجز ولا موانع ما لم تكن في أصلها حراماً. فأما أن تكون تلك الوسيلة مباحة ولا غبار عليها في الإسلام فإنها تكون فرصة سانحة للمسلم ليدعو بها إلى الله.. فكما أن الفجرة والفساق يتواصلون بهذه الأجهزة لأغراض سيئة، فعلى المسلم وخاصة الداعية وطالب العلم وأئمة المساجد وخطبائها أن يكونوا أذكياء في تقديم الخير للناس عن طريق هذا الجهاز الفعال.
ويكون ذلك بعدة أساليب:
الاتصال مباشرة: وذلك بدعوة من يعرف الشخص من أقربائه البعدين أو أصدقائه والتواصل معهم ونصحهم بتقوى الله والثبات على دينه؛ لأن الإنسان إذا لم يكن معه من يثبته ويؤيده يتراجع شيئاً فشيئاً إلى الوراء ويتنازل عن كثير من الثوابت الشرعية، إلا من رحم الله.
وقد يلاقي بعض الناس إحراجاً في التخاطب مباشرة مع المدعو كأن يكون كبيراً، أو ذا مكانة في المجتمع، ونحو ذلك فينتقل إلى الأسلوب الثاني وهو:
الرسائل: فهي خطوة مباركة وأسلوب فعال وناجح وقد يكون أثره أعظم من الخطاب المباشر، لأن الرسائل تبقى في جهاز المرسل إليه، وربما تذكرها بعد حين وتأثر بها.. وهناك رسائل تذكيرية مكتوبة جاهزة مثل: (إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ** خلوت ولكن قل علي رقيب.) إلخ. ومثل: (عليك بتقوى الله إن كنت غافلا ** يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري..) ونحو (لا يكن الله أهون الناظرين إليك). ونحو (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) ومثل (رأس الحكمة مخافة الله) ونحوها من الجمل والعبارات التي ألفاظها قليلة ومعانيها جامعة عظيمة.. ومن الممكن إذا كان الأمر يتعلق بإزالة منكر أو نصيحة خاصة، أن يكتب له بذلك صراحة مع رفق في الخطاب وأدب في التعبير..
ومن الرائع جداً أن تكون الهمة أكبر من ذلك، فيكتب الإنسان لمن لا يعرفه، وقد يتم التواصل مع بعض شركات الاتصال لإرسال رسائل عامة لكثير من المشتركين في تلك الشركة، وهذا قد جرب في بعض البلدان..
وللأسف الشديد فإننا نجد أن أهل الباطل لا زالوا مصرين على إغواء المجتمع برسائلهم المختلفة التي يتلقفها المشتركون من تلك الشركات، كالإشارة إلى الأغنية الفلانية أو الصور المعينة، أو الكلام المشتمل على الحب والغرام وضياع الشباب والشابات على السواء، أو الدعوة للاشتراك في مسابقة مشتملة على القمار ونحوها..
فلماذا لا يكون المسلم الذي آتاه الله علماً ومالاً ذا قدم صدق في هذا المجال الذي أصبح مجالاً كبيراً ضخماً يستطيع من خلاله إيصال رسالته إلى قلوب العامة والخاصة قبل أن تتخطفهم كلمات الفساق وأهل الأهواء..!
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، ويسر لهم سبل الهداية والرشاد، وآتاهم في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقاهم عذاب النار..
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الاميرة الاصيلة
•
جزاك الله خير
الصفحة الأخيرة