الرحــــمـــــة
الرحمة ليست مجرد عاطفة عارضة أو شفقة وقتية مرتبطة بموقف معين وإنما هي بطبيعتها ينبغي
أن تكون خلقا ثابتا ومتأصلا في النفس الأنسانية وشاملا لكل قيم السلوك الفاضل في التعامل مع البشر
ومع كل الكائنات الأخري في هذا الوجود
وقد جاءت الرحمة في القرآن بمعاني مختلفة نذكر بعضها :
- الرحمة التي هي (صفة) الله جلا وعلا، تثبت له على ما يليق بجلاله وعظمته، من ذلك قوله تعالى
{ ورحمتي وسعت كل شيء } (الأعراف:156)، وقوله سبحانه: { وربك الغني ذو الرحمة }
(الأنعام:133). و(الرحمة) كـ (صفة) لله سبحانه هي الأكثر وروداً في القرآن الكريم.
- الرحمة بمعنى (العطف والمودة)، من ذلك قوله سبحانه: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على
الكفار رحماء بينهم } (الفتح:29)، قال البغوي : متعاطفون متوادون بعضهم لبعض، كالولد مع الوالد.
ونحو هذا قوله عز وجل:{ وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة } (الحديد:27)، أي: مودة فكان
يواد بعضهم بعضاً.
-الرحمة بمعنى (القرآن)، من ذلك قوله تعالى: { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا } (يونس:58)
فـ (الرحمة) في هذه الآية القرآن.
ومن رحمة الله تعالى بعباده ان ارسل لهم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما قال عز وجل { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ}
فكان الرسول الرحمة لاخراج الناس من الظلمات الى النور كما كان يقول كثيرا
" يا ايها الناس انما انا رحمة مهداة "
فكانت رحمة الرسول عامة للناس جميعا وخاصة لأمته .
ومن صور رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم رحمته بالاطفال وكبار السن والنساء وتتعدى رحمته لتصل الى الحيوانات
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟
فقال: نعم. قالوا: لكنا والله ما نقبل ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو أملك إن كان الله نزع من قلوبكم
الرحمة". متفق عليه
وفي حديث اخر أن النبي صلى الله عليه وسلم "وجد امرأة مقتولة في بعض الغزوات،
فأنكر ذلك، ونهى عن قتل النساء والصبيان". رواه مسلم.
وهنا مقطع يتحدث عن رحمة الانسان باخيه الانسان
ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قصص كثيرة عن الرحمة بالحيوانات ايضا ومنها ،،،
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقِيَ، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له. قالوا: يا رسول الله! وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: "في كل كبد رطبة أجر" صحيح البخاري.
وسأختم اخياتي بالتحدث عن رحمة الله الواسعة قال تعالى: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " (الأعراف 156)
عن عمر قال: قدم على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى إذ وجدت
صبيًّا في السبي أخذتْه فألصقتْه ببطنها وأرضعته فقال لنا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أترون هذه
طارحة ولدها في النار))، قلنا: لا، وهي تقدر على ألا تطرحه، فقال:
((الله أرحم بعباده من هذه بولدها ))
يقول النبي -صلى الله عليه و سلم- : "جعل الله الرحمة في مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءًا، وأنزل فى الأرض جزءًا واحدًا ، فمن ذلك الجزء يتراحم ، الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها ، خشية أن تصيبه. رواه البخاري
ويوجد نوعان ممن لم يفطن الى سعة رحمة الله ويئسوا منها اللهم لاتجعلنا منهم :
إنسان يرى أن ذنوبه أكبر، وأخطر من أن تُغفَر فوكَل نفسه إلى عقله القاصِر عن إدراك رحمة الله تعالى
ونوع آخر اصطدم بمَن يقطِّبون عن جبينهم، وظنُّوا أنهم بعباداتهم صاروا يحكمون على عباد الله
ومااكثرهم في هذا الزمان فعن النبي صلى الله عليه وسلم حدَّث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله - تعالى - قال: مَن ذا الذي يتألَّى عليَّ ألا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك.
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك)) متفق عليه
ورحمة الله بعباده واسعة حتى العاصين فلن ندخل الجنة بأعمالنا مهما كثرت وعظمت ولكن ندخلها برحمته تبارك وتعالى
اللهم صل وسلم على نبينا محمد
اللهم ارحمنا برحمتك الواسعه واجعلنا من عبادك الرحماء
جزاكِ الله خير على الطرح القيم
جعله الله في ميزان حسناتك
وفقكِ الله