بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله العظيم في كتابه الحكيم : « فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها . لا تبديل لخلق الله ... ذلك الدين القيم ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون »
السعادة :
نشأ الانسان منذ نعومة أظفاره محباً للسعادة والهناء ، فاراً من البؤس والشقاء ... فكل الناس يحبون أن يكونوا سعداء مرفهين ، ويصرفون كل جهودهم في سبيل تحقيق ذلك الهدف المقدس النير ... السعادة. ولكن المشكلة المهمة هي معرفة أساس السعادة وحقيقة الرفاه ، إذ لا يتسنى لمن لا يعرف حقيقة السعادة أن يطلبها ويسعى وراءها ، لأن السعي وراء أمر مجهول عبث وباطل.
وطوال القرون المتمادية والأعصار المنصرمة ، بحث العلماء عن السعادة البشرية وألفوا فيها وأوردوا نظريات مختلفة في هذا الموضوع . وكذلك الأمم والكتل البشرية اتخذت طرقاً معينة وأساليب خاصة للوصول إلى السعادة ، وإذا أردنا أن نستقصي جميع تلك النظريات والآراء والطرق والأساليب لاحتجنا إلى وقت أوسع من هذا ، إلا أننا سنكتفي بذكر نظرة الاسلام الى السعادة . ثم نشير إلى بعض الأحاديث الواردة بشأن السعادة
مبدأ الواقع :
إن الاسلام يبني أساس لسعادة البشرية على مبدأ الواقع أو الفطرة ... إنه ينظر إلى الانسان نظرة السماء الدقيقة ويؤسس سعادته على فطرته الواقعية وجبلته التي جبل عليها ... إنه ينظر إلى الانسان من جميع جوانبه المادية والمعنوية ، الروحية والجسدية ، ويحسب لكل جانب حسابه الخاص.
ومن هنا يظهر أن الذين كانوا يبحثون عن السعادة البشرية في الكمالات الروحية ومحق الغرائز الجسدية وكبتها ، وقعوا في خطأ فادح فقد أهملوا حق نصف من وجود الانسان.
وكذلك الذين يرون اليوم انحصار سعادة البشر في تقويم الاقتصاد أو اللذة والشهوة وإهمال الجانب المعنوي فيه . فإنهم خاطئون جداً.
إن الانسان يتكون من جسد وروح ، وعليه فهناك نوعان من الرغبات في داخله : الرغبات المادية والميول المعنوية . فمن أخل برغبة من الرغبات الفطرية عند الانسان ، فإنه يخل بالسعادة الانسانية بنسبة ما أهمل من رغباته . إن السعادة البشرية شأنها شأن شجرة باسقة تحمل آلاف الأغصان فبعضها يرتبط بالجانب المعنوي والروحي من الانسان ، وبعضها يرتبط بالجانب المادي منه ، والسعادة الحقيقية إنما تكون لمن تظله هذه الشجرة الطيبة بجميع غصونها وفروعها ، وتحيا فيه جميع الرغبات الظاهرية والباطنية.
إن التعاليم الاسلامية تستند إلى الفطرة ... الفطرة المودعة من قبل الله في خلق كل فرد ، والتي لا تتغير ولا تتبدل أصلاً :
« فأقم وجهك للدين حنيفاً ، فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون » ). فالاسلام هو الدين القيم ... والمنهج الرصين الذي يماشي قانون الفطرة والخلقة . ولهذا فإن النجاح الأكيد سيكون للاسلام ، وإنه سينتصر على المذاهب والمبادىء الأخرى بحكم الجبرية التاريخية شاء أعداؤه أم أبوا :
« هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون »
حجر الأساس في السعادة :
ولكي نثبت نظرة الاسلام الشاملة إلى الميول الفطرية عند الانسان ـ ماديها ومعنويها ـ في ما يخص السعادة البشرية نلفت أذهانكم إلى هذه النقطة:
الإيمان والأخلاق :
إن الايمان بالله ، وتزكية النفس وتطهيرها من الجرائم والآثام ، والمواظبة على التحلي بالفضائل الانسانية تشكل حجر الأساس في بناء سعادة البشر ، وتعد من المناهج المهمة التي يتخذها الاسلام في هذا المجال.
وقد وردت في ذلك مئات الآيات والأحاديث.
يقسم الله تعالى في سورة العصر . بأن جميع الناس من أي عنصر كانوا ، وفي أي زمان عاشوا مبتلون بالخسران والبؤس ، إلا الذين أحرزوا بعض الصفات ، أولها الإيمان بالله :
« والعصر ، إن الانسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا ... » وفي سورة الشمس يقسم بالشمس والقمر ، والليل والنهار ، والسماء والذي بناها ، والأرض والذي بسطها ، والنفس الانسانية والله الذي وازن بين عناصرها . وألهمها الخير والشر ...
« ... قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها » قسماً بكل هذه الآيات الآلهية على أن السعادة والفلاح إنما يكونان لمن طهر نفسه من الآثام ونزه روحه عن الجرائم . وإن الشقاء والخيبة إنما تكونان لمن تلوث بالآثام والجرائم. يقول الامام علي ( ع ) : « عنوان صحيفة المؤمن ، حسن خلقه »
إن الآيات الكثيرة الواردة في القرآن حول السماء والأرض والأشجار والحيوانات ، والنطفة والجنين ... إلى غير ذلك من مختلف جوانب الوجود ، كلها تهدف إلى أن يوجه الانسان نظره إلى الخالق الكبير فيشتد إيمانه بالله العظيم . وإن الآيات الواردة بشأن الملكات الفاضلة والمثل العليا أو التي تذكر الصفات الرذيلة وتفصل القول في ذمها ، إنما نزلت لدعوة الناس إلى اكتساب الفضائل واجتناب الرذائل ، ولذلك فان الرسول الأعظم ( ص ) يبين الواجب الذي بعث من أجله فيقول : « بعثت لأتمم مكارم الأخلاق »
إن كل مسلم يعلم جيداً اهتمام الاسلام البالغ بالروح والكمال والأخلاق ، لكن من الواضح لكل مسلم أيضاً أن الروح والكمال والأخلاق ليست هي الكل في الكل بالنسبة إلى سعادة الانسان في الاسلام ، أن الاسلام لا يحصر اتباعه في حلقة من المعنويات فقط ، بل انه حين يدعوهم إلى تكميل الجانب الروحي يعني تمام العناية بالجانب المادي فيهم ولذائذهم الطبيعية .
************************************************** ************************************************** ****************************
ملاحظة::طبعا هناك اراء واقوال للعلماء و الفلاسفه اليونانيين الذين سبقو ارسطو بشأن السعاده لكنني اكتفيت بذكر نظرة و رأي الاسلام في السعاده فقط حتى لا يكون الموضوع طويل.
الود طبعـــي @alod_tbaay_12
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
تقبلي مروري