الصاحب ساحب

ملتقى الإيمان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الصاحب ساحب

إن أعظمَ ما يعين المسلم على تحقيق التقوى والاستقامة على نهج الحق والهدى ،
مصاحبةُ الأخيار، ومصافاةُ الأبرار، والبعدُ عن قرناء السوء ومخالطة
الأشرار ،
لأن الإنسان بطبعه وحكم بشريته يتأثر بصفيه وجليسه ، ويكتسب من أخلاق قرينه
وخليله ، والمرءُ إنما توزن أخلاقه وتُعرف شمائله بإخوانه وأصفيائه
كما قال عليه الصلاة والسلام
( لا تصاحب إلا مؤمنًا ، ولا يأكل طعامَك إلا تقي)
كما ضرب للأمةِ مثلَ الجليس الصالحِ والجليس السوء بشيء محسوسٍ وظاهر ،
لذا فإن من الحزم والرشاد، ورجاحةِ العقل ، ألا يُجالسَ المرء إلا من يرى في مجالسته ومؤاخاتِه النفعَ له في أمر دينه ودنياه .

وإن خيرَ الأصحاب لصاحبه ، وأنفعَ الجلساءِ على جليسه من كان ذا بِرٍّ وتُقى ، ومروءةٍ
ونُهى ، ومكارمَ أخلاق ، ومحاسنَ آداب ، وجميلِ عوائد ، مع صفاءِ سريرة
، ونفسٍ أبية ،
وهمّةٍ عالية ، وتكمل صفاته حين يكونُ من أهل العلم والأدب ، والفقه والحكمة ،
إذْ هذه صفات الكُمّل من الأنام الذين يأنس بهم الجليس ، ويسعد بهم الصديق ؛ لإخلاصهم في
المودة ، وإعانتهم على النائبة ، وأمْنِ جانبهم من كل غائلة ، فمن وُفق لصحبة من كانت هذه

صفاته وأخلاقه ، وتلك شمائله وآدابه، فذلك عُنوان سعادته ، وأمارةُ توفيقه ، فليستمسك بغرزه ،
وليعضّ عليه بالنواجذ ، وليْرع له حق الصحبة بالوفاء والصدق معه ، وتوق
يره وإجلاله ،
ومؤانسته حال سروره ، ومواساته حال مصيبته ، وإعانته عند ضائقته ، والتغاضي عن
هفواته ، والتغافلِ عن زلاته ، إذ السلامةُ من ذلك أمر متعذر في طبع البشر ،

وإن شرَ الأصحاب على صاحبه ، وأسوأهَم أثرًا على جليسه ، من ضعُفت ديانته وساءت
أخلاقه ، وخبُثت سريرته ، ولم تُحمد سيرته ، من لا همّ له إلا في تحقيقِ مآربه وأهوائه ،
ونيلِ شهواته ورغباته ، وإنْ كان على ح
ساب دينه ومروءته ، ولربما بلغ الحالُ في بعض
هؤلاء ألا يقيمَ للدين وزنًا ، ولا للمروءة اعتبارًا ، ولا يرى للصداقةِ حقًا ، فمؤاخاةُ هذا
وأمثالِه ضرب من العناء ، وسبيل من سبل الشقاء ؛ لِما قد يجلبه على صاحبه وجليسه
من
شرٍ وبلاء بصده عن ذكر الله وطاعته ، وتثبيطه عن مكارم الأخلاق ومقتضياتِ المروءة ،
وتعويدِه على بذاءة اللسان والفحش في الكلام ، وحمله على ارتكاب أنواعِ من الفسق والفجور
والأخذِ به في سبيل اللهو واللعب ، وضياعِ الأوقات فيما يضر ولا ينفع من أنواع الملهياتِ
والمغريات ، وتبذيرِ الأموال في صنوف من المحرمات .

، فمن شقاء المرء أن يُجالس أمثال هؤلاء الذين ليس في
صحبتهم سِوى الحسرة والندامة ؛ لأنهم ربما أفسدوا عليه دينه وأخلاقه ، حتى يخسر دنياه
وآخرته ، وذلك هو الخسران المبين
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي
لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً)

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
0
344

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️