الصدقة لا تموت
اخيالحبيب, اختي االغاليةهذه قصة من قصص وعبر للشيخ للقطان
يذكررجل قصة واقعية حصلت له فيقولخرجت في فصل الربيع ، وإذا بي أرى إبلي سماناًيكاد أن يُفجَر الربيع الحليب من ثديها ، كلما اقترب ابن الناقة من أمه دَرّتوانفجر الحليب منها من كثرة البركة والخير ، فنظرت إلى ناقة من نياقي وابنها خلفهاوتذكرت جارًا لي له بُنيَّات سبع ، فقير الحال ، فقلتُ والله لأتصدقن بهذه الناقةوولدها لجاريوالله يقول : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، وأحب مالي إليهذه الناقة
يقول : أخذت هذه الناقة وابنها وطرقت الباب على جاري وقلت خذهاهدية مني لك
فرأيت الفرح في وجهه لا يدري ماذا يقول ، فكان يشرب من لبنهاويحتطب على ظهرها وينتظروليدها يكبر ليبيعه وجاءه منها خيرٌ عظيمفلماانتهى الربيع وجاء الصيف بجفافه وقحطه ، تشققت الأرض وبدأ البدو يرتحلون يبحثون عنالماء والكلأ ، يقول شددنا الرحال نبحث عن الماء في الدحول ، والدحول : هي حفر فيالأرض توصل إلى محابس مائية لها فتحات فوق الأرض يعرفها البدويقول : فدخلت إلىهذا الدحل لأُحضر الماء حتى نشرب ـ وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون ـ فتهت تحتالدحل ولم أعرف الخروجوانتظر أبناؤه يومًا ويومين وثلاثة حتى يئسوا وقالوا : لعل ثعبانًا لدغه ومات ... لعله تاه تحت الأرض وهلك وكانوا والعياذ بالله ينتظرونهلاكه طمعًا في تقسيم المال والحلالفذهبوا إلى البيت وقسموا الميراث فقامأوسطهم وقال: أتذكرون ناقة أبي التي أعطاها لجاره ، إن جارنا هذا لا يستحقها ،فلنأخذ بعيرًا أجربًا فنعطيه الجار ونسحب منه الناقة وابنها ، فذهبوا إلى المسكينوقرعوا عليه الدار وقالوا : أخرج الناقة .. قال : إن أباكم أهداها لي .. أتعشىوأتغدى من لبنها ، فاللبن يُغني عن الطعام والشراب كما يُخبر النبيفقالوا : أعدلنا الناقة خيرٌ لك ، وخذ هذا الجمل مكانها وإلا سنسحبها الآن عنوة ، ولن نعطك منهاشيئًاقال : أشكوكم إلى أبيكم .. قالوا : اشكِ إليه فإنه قد ماتقال : مات .. كيف مات؟ ولما لا أدري؟قالوا : دخل دِحلاً في الصحراء ولم يخرجقال : اذهبوا بي إلى هذا الدحل ثم خذوا الناقة وافعلوا ما شئتم ولا أريد جملكمفلماذهبوا به وراء المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي ذهب وأحضر حبلاً وأشعل شعلةً ثمربطه خارج الدحل فنزل يزحف على قفاه حتى وصل إلى مكان يحبوا فيه وآخر يتدحرج .. ويشم رائحة الرطوبة تقترب ، وإذا به يسمع أنينًا وأخذ يزحف ناحية الأنين في الظلامويتلمس الأرض ، ووقعت يده علىطين ثم على الرجل فوضع يده فإذا هو حي يتنفس بعدأسبوع من الضياعفقام وجره وربط عينيه ثم أخرجه معه خارج الدحل وأعطاه التمروسقاه وحمله على ظهره وجاء بهإلى داره ودبت الحياة في الرجل من جديد ، وأولادهلا يعلمون ، قال : أخبرني بالله عليك كيف بقيت أسبوعًا تحت الأرض وأنت لمتمتقال: سأحدثك حديثاً عجيباً ، لما دخلت الدُحل وتشعبت بي الطرق فقلت آوي إلىالماء الذي وصلت إليه وأخذت أشرب منه, ولكن الجوع لا يرحم ، فالماء لا يكفي وبعدثلاثة أيام وقد أخذ الجوع مني كلمأخذ وبينما أنا مستلقٍ على قفاي سلمت أمريإلى الله وإذا بي أحس بلبن يتدفق على لساني فاعتدلت فإذا بإناء في الظلام لا أراهيقترب من فمي فأرتوي ثم يذهب فأخذ يأتيني في الظلام كل يوم ثلاثمرات ولكن منذيومين انقطع .. لا أدري ما سبب انقطاعه ؟فقال الجار لو تعلم سبب انقطاعهلتعجبت ! ظن أولادك أنك مت جائوا إلي فسحبوا الناقة التي كانيسقيك الله منها .. والمسلم في ظل صدقته ، وكما قال صلى الله عيله وسلم صنائع المعروف تقيمصارعالسوءفجمع أولاده وقال لهم: أخسئوا .. لقد قسمت مالي نصفين ، نصفه لي ، ونصفهلجارياخي الحبيب, اختي االغاليةأرأيتم كيف تخرج الرحمة وقت الشدةقالرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً,أو تقضيعنه
ديناً ,أو تطعمه خبزاًوقال أيضاً كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بينالناسوقال عبيد بن عمير : يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط ، وأعطش ماكانوا قط ، وأعرىما كانوا قط ، فمن أطعم لله أشبعه الله ، ومن سقى لله عز وجلسقاه الله ,ومن كسا لله كساه الله
مروجاوس @mrogaos
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة