:26: فإن الله سبحانه وتعالى أخبرنا – وقوله الحق ووعده الصدق – أن العاقبة للمتقين (( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)) (هود:49)
(( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)) (يونس:109)
(( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ، وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ، وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)) (هود:112- 115) .
فصبر r كما أمر ربه سبحانه صبر واحتسب واستمر في دعوته، وصبر أصحابه رضي الله عنهم وجاهدوا في الله حق جهاده ودعوا إلى الله تبارك وتعالى ونشروا هذا الدين، وجعل الله عز وجل لهم فرجاً ومخرجاً، ونصرهم نصراً مؤزراً، فلله الحمد أن نصر عبده ، وصدق وعده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده .
الابتلاء سنة :
إن هذا الابتلاء الذي تعرض له النبي r والأنبياء قبله ، وتعرض له الصحابة رضي الله عنهم سنة إلهية قال الله تعالى: (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)) (محمد:31) .
وقد ابتلي أئمة الهدى وعلماء أهل السنة، ابتلوا ابتلاءً عظيماً ، فصبروا واستمروا على ما أمرهم الله عز وجل به، واتقوا ربهم تبارك ربي وتقدس وأطاعوه، فنصرهم الله عز وجل، وبقي منهج أهل السنة عالياً مرتفعاً، وزالت مناهج أهل البدع، وما بقي منها فهو إن شاء الله تعالى في طريقه إلى الزوال.
لقد ابتلي الإمام مالك، وابتلي الإمام أحمد، وابتلي شيخ الإسلام ابن تيمية، وابتلي الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله جميعاً وابتلي قبلهم وبعدهم، وفي زمانهم كثيرون ممن حملوا راية الإسلام، ودعوا إلى الله تبارك وتعالى فصبروا واحتسبوا، ونصر الله تعالى منهج أهل الحق .
إن النصر لا يشترط أن يكون لذات الشخص. إننا قوم نعيش لمنهج، ولسنا نعيش لمصلحة أفراد، فالأفراد قد يموتون ولم يروا عاقبة ما دعوا إليه، ولم يروا فرجاً، ولكن هذا المنهج الذي عاشوا من أجله، ودافعوا عنه وصبروا حتى أتاهم اليقين، هذا المنهج ينصره الله عز وجل إما في حياتهم، وإما بعد مماتهم .
إن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – مات سجيناً في قلعة دمشق، وتمتع أعداءه، ثم بعد ذلك ماتوا، ومضت القرون، ولا يعرفهم أحد إلا من طمس الله بصيرته من علماء السوء، وأما شيخ الإسلام رحمه الله فلا تكاد تخلو مكتبة إلا وفيها كتبه، ولا تكاد تجد داعية إلا وهو يستند إلى كلامه رحمه الله ، وأنا أقول وأنا مطمئن أن من أراد أن يعرف حقيقة الإسلام، ويريد أن يعرف حقيقة ما جاء به محمد r ويريد أن يعرف حقيقة أهل السنة، فليقرأ كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، وكتب تلميذه العلامة ابن القيم رحمهما الله تعالى وليفتش عن كنوزهما والله لقد مُلِئت نوراً، وإنما فيما نظن ونحسب، إن شاء الله تعالى ولا نزكي على الله أحداً لمن الموفقين .
إن النبي r قد أخبرنا بسنة إلهية، فقال عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (( يا غلام إني أعلمك كلمات )) قال : في آخره : (( واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً )) .:arb:
نورsms @norsms
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️