الفرق بين وفاة النوم ووفاة الموت
بقلم : د. عبد الهادي مصباح
يقول تعالي في كتابه الحكيم: الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخري الي أجل مسمي إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون الزمر42, وبذلك يبين لنا سبحانه وتعالي أنه يتوفي الأنفس في حالتين: الأولي عند النوم حيث تفارق أثناءه الروح البدن, ولكنها تظل معلقة بأسباب الحياة لهذا البدن, ثم تعود اليه عندما يستيقظ, ويطلق عليه الموت الأصغر, والثانية عند الموت حيث تصعد فيه الروح الي بارئها ولا تعود وهو الموت الذي نعرفه, ويقول تعالي أيضا وهو الذي يتوفاكم بالليل, ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضي أجل مسمي الانعام60, وقال الرسول صلي الله عليه وسلم لصحابته حين ناموا ففاتتهم الصلاة: إن الله قبض أرواحكم حيث شاء وردها حيث شاء صحيح البخاري, ويلاحظ هنا أن الرسول صلي الله عليه وسلم استخدم كلمة الأرواح مرادفة لكلمة الأنفس في الآية الشريفة للحصول علي نفس المعني.
وبغض النظر عن هذا الخلاف الجزئي الذي تحدثنا عنه باستفاضة في المقال السابق, إلا أننا نري بوضوح أن صلة الروح بالجسد أثناء المنام تختلف تماما عنها في حالة اليقظة, فالله يتوفي الروح أو يقبضها في المنام, وبذلك تتحرر الروح وتخرج من قيود الجسد الذي يحد من قدراتها وإمكاناتها لتدخل الي حالة التوفي, وهي حالة خاصة يظهر فيها من وقت لآخر ما لتلك الروح من قدرات يختفي معها حاجز الزمان وحاجز المكان, فهي تستطيع أن تستقبل ما لا يدركه الإنسان بحواسه المعروفة ذات القدرات المحدودة, وإدراكه المقيد بإمكاناته البشرية حبيسة الزمان والمكان, ويمكنها آنذاك أن تتصل بعالم الأرواح البرزخي فتلتقي الأرواح وتتزاور, وتظل الروح علي اتصال بجسم النائم بصورة لا يعلمها إلا الله عز وجل, إلا أن البعض يعتقد أن هذا الاتصال قد يكون عن طريق الحبل الفضي الذي يصل الروح بالجسم الأثيري المشابه تماما للبدن, فتنقل اليه كل ما تلقاه وتشاهده وتسمعه, وقد يكون ذلك بشكل مباشر أو بصورة رمزية قد يصعب تأويلها في كثير من الأحيان.
وقد ثبت أن هناك التقاء لأرواح الأحياء والأموات اثناء النوم, فالحي يري الميت في منامه فيستخبره, ويخبره الميت بما لا يعلم الحي, سواء حدث ذلك في الماضي أو سوف يحدث في المستقبل, وربما أخبره الميت في منامه بمال دفنه في مكان لا يعلم به أحد سواه, وربما أخبره بدين عليه, ويذكر له شواهده وأدلته, وربما يخبره بما عمله من عمل لم يطلع عليه أحدا من البشر, وأبلغ من هذا أنه قد يخبره بأنه سوف يأتي الي عالمهم في وقت كذا وكذا, فيكون الحدث كما أخبر, وأنا شخصيا أذكر رؤية روتها لنا أمي في صباح نفس يوم وفاتها المفاجئة, وهي في سن الثانية والأربعين فحواها أن والدها وحماتها اللذين توفيا قبلها بعام واحد يعدان القبر لاستقبالها وهم في حالة من السرور, وقد حدث ما روته لنا, وكنا جميعا شهودا علي ما قالت.
د.نولا @dnola
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
د.نولا
•
:26:
الصفحة الأخيرة