إن المال عصب الحياة ومقياس الراحة وعلامة من علامات السعادة وأداة من أدوات الاستقرار والإنتاج ، هذا في عالم الاقتصاد ،أما في عالم الأسرة والحياة الزوجية فهو أساس الأسرة واستقرارها وعماد الحياة واستمرارها .
في أول لحظة وعندما يفكر أحد الطرفين في الارتباط بالآخر يفكر أول ما يفكر في المال والمصروفات وتكاليف الحياة ، وتبدأ مسيرة الزواج من أول يوم بدفع المهر وشراء الشبكة وتجهيز المنزل وتسليم الهدايا، وعندها تدور عجلة ( الدفع ) وتحمل المسؤولية .
ثم يزداد الصرف، وتكثر التبعات المالية كلما كبرت الأسرة، وازداد عدد أفرادها وكبر طموحها وكثرت أحلامها وحرصت علي اقتناء الكماليات حرصها علي اقتناء الضروريات .
لذا أصبح التفكير في ميزانية العائلة ومهارة إدارتها والتحكم بإيراداتها ومصاريفها فناً من الفنون التي ينبغي للزوجين أن يتعلماها ويحرصا عليها .
المحاكم تشهد
وعندما تجهل الأسرة هذا الفن تتكالب عليها الديون وتكثر الشكوى والخلافات، فلا الزوج راض عن زوجته وطلباتها الكثيرة، ولا هي راضية عنه وعن إدارته المالية .. ومن يذهب إلي المحاكم ير الكم الكبير والكثير من قضايا الأحوال الشخصية المتعلقة بالنفقة الزوجية وامتناع الأزواج عن الإنفاق علي الزوجات بسبب كثرة المصاريف أو تكالب الديون وغيرهما من الأسباب، وهي كلها في النهاية دليل عجز الأسرة عن الإدارة المالية السليمة .
كيف يكون ذلك ؟
إذن لا بد من التخطيط وحسن الإدارة المالية في شؤون العائلة، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يكون ذلك ؟
ونبدأ بمفهوم الاتفاق والتعاون بين الزوجين ،فلا بد من الاتفاق بين الزوجين علي أهدافهما في الحياة، وما يرغبان في تحقيقه من الطموحات ، لأن كل هدف يتطلب تحقيقه مصاريف مالية، وعندما تكون للزوج أهدافه الخاصة في الحياة وللزوجة أهدافها الخاصة هي الأخرى ولم يتفقا علي التعاون فيما بينهما، يصبح كل منهما يصرف من جيبه ، وفي نهاية المطاف تشتكي الأسرة من قلة المادة وتبدأ مسيرتها في طلب السلف والقروض .
نموذج سيئ
اعرف زوجاً يحرص علي الادخار لشراء عقار خارج الكويت ولم يخبر زوجته بذلك، وزوجته تصرف علي كل الكماليات وعلي كل ما تشتهيه ، فتسافر مع أبنائها في الصيف كلما سنحت لها الفرصة ، وتصرف علي أبنائها في مدارسهم الخاصة، وهكذا حتى أصبحت تتهم زوجها بالبخل وهو يتهمها بالتبذير، فلا هو انتفع بادخاره ولا هي انتفعت بصرفها، وكم من الأسر اليوم تعيش بهذه النفسية؟!
فلا بد من الاتفاق بين الزوجين وتحديد الأهداف المستقبلية للأسرة والاتفاق عليها ثم يتعاونان لتحقيق هذه الأهداف، ففي هذه الحالة يكون قرارهما واحدا وتكون ميزانيتهما مريحة .
ونموذج جيد
وزوج آخر .. متوسط الحال يعيش مع زوجته عيشة الكفاف، اضطر لأن يحضر لأبنائه مدرسين خصوصيين في المنزل، وميزانيته لا تسمح له فجلس مع زوجته يتشاوران في كيفية حل هذه المشكلة المالية، فاتفقا علي أن تفوق الأبناء هدف تعليمي لا بد منه، وهو من الأولويات في حياتهما الزوجية وتتحقق فيه مصلحة العائلة ومستقبل الأولاد، وبدأ يفكران في هذه المشكلة إلي أن اهتديا إلي الحل وهو قطع المشروبات الغازية ( الكولا ) عن البيت، لأن الأبناء يسرفون في شربها وهي بالتأكيد ليست ضرورية ، وتوفير أموالها للمدرس الخصوصي أولي ، فجلسا مع الأولاد وشرحا لهم الظرف ثم تحمس الجميع لهذا القرار.
ومرة أخري .. إن الاتفاق والتعاون بين الزوجين في كيفية التعامل مع ميزانية العائلة أمر ضروري ومهم .
البداية
ويبدأ الاتفاق بجلوسهما معاً والتحاور في المستقبل والمشاريع التي سيقومان بها ثم تدون أفكارهما علي ورقة تحدد فيها الأولويات ، وتخصص للأولوية الميزانية الكبرى من الصرف.. وهكذا.
الأول تحول
إن نظام الأسرة اليوم أصبح معقداً بخلاف القديم، ففي السابق كانت الرؤية واضحة للزوجين، فالزوج عليه جلب المال وصرفه وادخاره والزوجة عليها إدارة المنزل والحفاظ عليه، أما اليوم فكلا الزوجين يكسب الرزق وكلاهما لديه الأموال، فلا ينفع الزوج أن يضع ميزانية لمدخوله فقط، وإنما ينبغي أن تكون الميزانية للاثنين معاً حتي ينعما بالسعادة .
إياك .. إياك ..
ثم إنه من الخطأ أن يفكر كل زوج بنفسه ويتخذ قراراته الخاصة لنفسه، وإنما لابد من الاشتراك والتعاون، أعرف صديقا قالي لي مرة: إياك إياك أن تخبر زوجتك عن دخلك ؟ فقلت له؟ لماذا ؟! قال: لأن النساء إذا عرفن كم دخل الرجل أكثرن من الطلبات وألححن عليه بالمشتريات ، فقلت له: هذا يعتمد علي طبيعة علاقة الزوجين مع بعضهما، فإن كانت علاقتك مع زوجتك من أول يوم مبنية علي الغموض فإنه يسعك ذلك، وإن كانت علي الوضوح والاتفاق والتعاون والتشاور فإن هذا لا يسعك .
والاتفاق والتعاون قاعدة أساسية في توفير الميزانية .
منقول
قال ابن عقيل: ما أخوفني أن أساكن معصية ،
فتكون سبباً في حبوط عملي وسقوط منزلة إن كانت لي عند الله تعالى ،
بعدما سمعت قوله تعالى: { لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ } الحجرات/2.
وقد علق ابن مفلح قائلا :وهذا يجعل الفطن خائفا وجلا من الإقدام على المآثم ، وخوفا أن يكون تحتها من العقوبة ما يماثل هذه .
••••••••••
{ فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ *
قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } الشعراء/62،61
إنها كلمات الواثق بنصر ربه ، قال { مَعِيَ } ولم يذكر قومه معه ،
بينما قال نبينا عليه الصلاة والسلام { إِنَّ اللّهَ مَعَنَا } بضمير الجمع ،
ولم يكن معه إلا أبو بكر رضي الله عنه، أليس ذلك يوحي بأن أبا بكر يعدل أمة ؟
••••••••••
من كانت معصيته في الشهوة ، فارج له التوبة ،
فإن آدم عليه السلام عصى الله مشتهيا فغفر له ،
ومن كانت معصيته في كبر ، فاخش على صاحبه اللعنة ،
فإن إبليس عصى مستكبراً فلُعن .
••••••••••
استدل بعض أهل العلم بقوله تعالى { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } القصص/29
بأن فيها دليلا على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء ،
لما له عليها من فضل القوامة وزيادة الدرجة ،
إلا أن يلتزم لها أمرا فالمؤمنون عند شروطهم ، وأحق الشروط أن يوفى به ما استحلت به الفروج .
اكتم الونة @aktm_alon
محررة ماسية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
بارك الله فيك