جيفري لانج (أستاذ الرياضيات في جامعة كنساس الأمريكية ) يصف أول محاولة له للصلاة فيقول :
"..وانحنيت راكعاً حتى صار ظهري متعامداً مع ساقي ...، واضعاً كفي على ركبتي ...وشعرت بالإحراج !!!
إذ لم أنحن لأحد في حياتي . ولذلك فقد سررت لأنني وحدي في الغرفة.......... وبينما كنت لا أزال راكعاً ، كررت عبارة سبحان ربي العظيم عدة مرات ........ثم اعتدلت واقفاً وأنا أقرأ: سمع الله لمن حمده ، ثم ربنا ولك الحمد.. أحسست بقلبي يخفق بشدة ، وتزايد انفعالي عندما كبّرتُ مرةً أخرى بخضوع............
فقد حان وقت السجود
وتجمدت في مكاني
بينما كنت أحدق في البقعة التي أمامي............ ، حيث كان علي أن أهوي إليها على أطرافي الأربعة وأضع وجهي على الأرض ......... لم أستطع أن أفعل ذلك !
لم أستطع أن أنزل بنفسي إلى الأرض ، لم أستطع أن أذل نفسي بوضع أنفي على الأرض ، شأنَ العبد الذي يتذلل أمام سيده . لقد خيل لي أن ساقي مقيدتان لا تقدران على الانثناء . لقد أحسست بكثير من العار والخزي وتخيلت ضحكات أصدقائي ومعارفي وقهقهاتهم ، وهم يراقبونني وأنا أجعل من نفسي مغفلاً أمامهم . وتخيلتُ كم سأكون مثيراً للشفقة والسخرية بينهم . وكدت أسمعهم يقولون : مسكين جف ، فقد أصابه العرب بمسّ في سان فرانسيسكو ، أليس كذلك ؟
وأخذت أدعو
أرجوك.......... ، أرجوك أعنّي على هذا .............. أخذت نفساً عميقاً ، وأرغمت نفسي على النزول .............. الآن صرت على أربعتي ، ثم ترددت لحظات قليلة ................، وبعد ذلك ضغطت وجهي على السجادة ............... أفرغت ذهني من كل الأفكار وتلفظت ثلاث مرات بعبارة سبحان ربي الأعلى ............. الله أكبر . قلتها.............. ، ورفعت من السجود جالساً على عقبي . وأبقيت ذهني فارغاً ، رافضاً السماح لأي شيء أن يصرف انتباهي .............. . الله أكبر .............. . ووضعت وجهي على الأرض مرة أخرى . وبينما كان أنفي يلامس الأرض .............. ، رحت أكرر عبارة سبحان ربي الأعلى بصورة آلية . فقد كنت مصمماً على إنهاء هذا الأمر مهما كلفني ذلك . .............. الله أكبر .............. . و انتصبت واقفاً ، فيما قلت لنفسي : لا تزال هناك ثلاث جولات أمامي وصارعت عواطفي وكبريائي في ما تبقى لي من الصلاة . لكن الأمر صار أهون في كل شوط . حتى أنني كنت في سكينة شبه كاملة في آخر سجدة . ثم قرأت التشهد في الجلوس الأخير ، وأخيراً سلـَّمتُ عن يميني وشمالي .
وبينما بلغ بي الإعياء مبلغه ، بقيت جالساً على الأرض ، وأخذت أراجع المعركة التي مررت بها . لقد أحسست بالإحراج لأنني عاركت نفسي كل ذلك العراك في سبيل أداء الصلاة إلى آخرها . ودعوت برأس منخفض خجلاً: اغفر لي تكبري وغبائي ، فقد أتيت من مكان بعيد ، ولا يزال أمامي سبيل طويل لأقطعه ............ وفي تلك اللحظة ، شعرت بشيء لم أجربه من قبل............. ، ولذلك يصعب علي وصفه بالكلمات . فقد اجتاحتني موجة لا أستطيع أن أصفها إلا بأنها كالبرودة ، وبدا لي أنها تشع من نقطة ما في صدري .............. . وكانت موجة عارمة فوجئت بها في البداية ، حتى أنني أذكر أنني كنت أرتعش . غير أنها كانت أكثر من مجرد شعور جسدي ، فقد أثـّرت في عواطفي بطريقة غريبة أيضاً . لقد بدا كأن الرحمة تغلفني وتتغلغل فيّ . .............. ثم بدأت بالبكاء من غير أن أعرف السبب .............. . فقد أخَذَت الدموع تنهمر على وجهي ، ووجدت نفسي أنتحب بشدة . وكلما ازداد بكائي ، ازداد إحساسي بأن قوة خارقة من اللطف والرحمة تحتضنني .............. . ولم أكن أبكي بدافع من الشعور بالذنب ،- رغم أنه يجدر بي ذلك -، ولا بدافع من الخزي أو السرور . لقد بدا كأن سداً قد انفتح مطِلقاً عنانَ مخزونٍ عظيمٍ من الخوف والغضب بداخلي .............. . وبينما أنا أكتب هذه السطور ، لا يسعني إلا أن أتساءل عما لو كانت مغفرة الله عز وجل لا تتضمن مجرد .العفو عن الذنوب .............. ، بل وكذلك الشفاء والسكينة أيضاً .............. ظللت لبعض الوقت جالساً على ركبتي ، منحنياً إلى الأرض ، منتحباً ورأسي بين كفي . وعندما توقفت عن البكاء أخيراً .............. ، كنت قد بلغت الغاية في الإرهاق . فقد كانت تلك التجربة جارفة وغير مألوفة إلى حد لم يسمح لي حينئذ أن أبحث عن تفسيرات عقلانية لها . وقد رأيت حينها أن هذه التجربة أغرب من أن أستطيع إخبار أحد بها .............. . أما أهم ما أدركته في ذلك الوقت : فهو أنني في حاجة ماسة
إلى الله
وإلى الصلاة
وقبل أن أقوم من مكاني ، دعوت بهذا الدعاء الأخير:
"اللهم ، إذا تجرأتُ على الكفر بك مرة أخرى ، فاقتلني قبل ذلك -- خلصني من هذه الحياة . من الصعب جداً أن أحيا بكل ما عندي من النواقص والعيوب ، لكنني لا أستطيع أن أعيش يوماً واحداً آخر وأنا أنكر وجودك ".
.................................................. .................................................. .......
منقووووووووول
عالم خيالي @aaalm_khyaly
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️