sizالزواج سكن ومودة لطرفي العلاقة الزوجية أو من شأن السكن والمودة أن يتصف بالديمومة والثبات والاستقرار، لكن مع فقدان الوعي، وارتفاع نسبة الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية يبقى ذلك السكن أملاً منشودًا إذ من شأن تلك الضغوط أن تزعزع استقرار الأسرة، وتقتحم عليها ذلك الهدوء.
* وحينما نتكلم عن المشاكل الزوجية فلا نقصد بعض الاختلافات في وجهات النظر، أو اليوميات العادية أو حالات عارضة نتيجة ظرف مؤقت أو طارئ، ولكننا نتكلم عن تلك التي تنشأ عن أسباب حقيقية وجوهرية، حتى ولو لم يتم الإفصاح عنها، ومع كونها أصل المشاكل.
* وإننا حين نتكلم عن أصول وجذور المشاكل يمكن أن نرجعها إلى أربعة أسباب رئيسية وهي:
.
أولاً: سوء الاختيار:
1ـ لقد أكد الإسلام أول ما أكد على حسن اختيار شريك الحياة ورفيق العمر، واعتبر حسن الاختيار من عوامل تحقيق الحياة الزوجية، ومن تباشير الوفاق والمودة بين الزوجين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك'. .
وما ذلك إلا لأن الاختيار خطير، إذ كثيرًا ما تطيش بمن يقدم على الزواج الرغبات وتستبد بهم الشهوات فتجرفهم في تيارها بسبب جمال فاتن، أو كثرة مال، أو كبر مكانة لا يكون وراءها حصانة من دين أو خلق، فتكون الحياة الزوجية شرًا ونارًا مستطيرًا تنفذ جمراته في جوانح الزوجين ثم ينتقل أثره إلى الذرية إن كتب لهم ذرية، فتتصدع أواصر الزوجية وتتقطع روابط الأسرة، وتغرس العداوة، ثم يحصل أبغض الحلال، لأن الأساس الذي قام عليه الزواج كان خطأً.
إذًا فالاختيار الصحيح الذي سياجه الدين والخلق والأصل الكريم، عاصم من قواصم المشاكل الزوجية، لأن الدين وقواعده الربانية هي القاعدة السليمة لحل أي خلاف بعد نشوئه، واجتنابه قبل وقوعه، ولا أمان لمن لا إيمان له، ولا دين لمن لا يحمى دينًا، ويمكن أن نقول: إن ضعف الوازع الديني في شريك الحياة هو أس البلاء وأساس المشاكل.
2ـ عدم الكفاءة:
عدم تكافؤ الزوجين يتبلور من حيث الوعي والتعليم والإمكانيات والمفاهيم التي تعمق الفجوة، وتضاعف مسافات البعد في الرؤية والفهم، وذلك نتيجة للحصيلة الثقافية والتعليمية التي تخلق صورًا مختلفة لتفسير الأمر وفهمًا مما يضاعف من حجم المشكلة ووزنها وأبعادها، ويخلق من المسائل العادية مشاكل كبرى بسبب سوء الفهم أو عدم القدرة على التقييم السليم أو النضج في الاستيعاب والتعبير.
ـ .
3ـ فارق السن:
وفارق السن المناسب يجعل الزواج أكثر استقرارًا وثباتًا، بحيث يجعل المرأة تقدر زوجها أكثر، نظرة احترام وتقدير، لأنه الأكبر والأكثر خبرة، وهكذا تسير السفينة بربان واحد وسط أمواج الحياة الهادرة، وينشأ الأطفال في جو طبيعي، ليس معنى ذلك أن الزواج الذي لا يراعي فارق السن محكوم عليه بالفشل, فكثير من الأسر تعيش سعيدة بالرغم من ذلك، ولكن الحديث هنا عن الوضع الأفضل والأمثل.
ـ إن صور الزواج التي لم يراع فيها فرق السن تتنافى مع الحكم التشريعية المرجوة منه، سواء من الإشباع والإحصان النفسي والجنسي، ولو كان في الزمن الماضي يمكن أن يستمر هذا النوع من الزواج وتتحقق منه بعض المصالح، فإن الوضع الآن اختلف وحاجات الرجل والمرأة من بعضهما البعض قد اختلفت فيجب أن يراعى ذلك.
4ـ عدم الفهم الصحيح لمعنى الزواج:
هناك فئة من الناس تفهم الزواج على أنه متعة وإنجاب فقط, وأما ما وراء ذلك من مسئوليات، وما تتطلبه الحياة الزوجية من كدح وتعاون، وما تستوجبه من إدراك سليم وحس صادق، ومعاملة حكيمة وتقديس للحق والواجب، والتزام بحدود الله ـ فلا نكاد نهتم به، بل ربما لا يخطر لبعضنا على بال.
وقد يحلو للبعض أن يسمي الزواج مؤسسة الزواج، وهي كذلك لأنها مؤسسة تحتاج إلى أنواع مختلفة من الإدارة، سواء كانت مالية أو تربوية، الخلافات عامة وغيرها، ولا بد لمن يريد الزواج أن يعد العدة لتحمل تلك المسئولية، ولذلك من يفهم الزواج على أنه متعة وإنجاب فقط، عندما يصطدم بالواقع المخالف لذلك، تبدأ من هنا الخلافات والمشاكل، لأنه لم يؤهل نفسه لتحمل تلك المسئوليات.
ثانيًا: عدم التفاهم بين الزوجين في القضايا الأساسية: وهي .
1ـ المال:
إن مسألة المال والحقوق المالية من المسائل الهامة التي إن لم يتم إلا تفاهم عليها بين الزوجين؟ دب الخلاف في تلك الأسرة، حيث إن المال هو عصب الحياة وعليه تقوم أمور الناس وتتحقق مطالبهم وغالبًا ما تنشأ المشاكل في هذا الموضوع من .
أـ النفقة والتقتير فيها:
إن نفقة الزوج على زوجته واجبة بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} . والمعروف المتعارف عليه بالشرع، من غير إفراط ولا تفريط, وإنما استحقت الزوجة هذه النفقة لتمكينها له من الاستمتاع بها، وطاعتها له، والقرار في بيته، وتدبير منزله، وحضانة أطفاله، وتربية أولاده.
وتبدأ المشاكل عندما تعلم المرأة أن زوجها ميسور الحال وله قدرة في التوسعة عليها وعلى أبنائها، ومع ذلك تراه يمسك عليها ويقتر على أبنائها فتبدأ المطالبة والامتناع وتظهر المشاكل.
ب ـ الإسراف وعدم القناعة من المرأة:
وهناك من النساء من لا تقنع أبدًا بأي حد، وهذا النوع من النساء دمار البيوت، لأنها تجعل الرجل في توتر دائم وبالتالي الأسرة، فهو إما أن يرفض فتبدأ المشاكل، أو يستجيب ويكون هذا فوق طاقته مما يضطره إلى الدين أو الطرق غير المشروعة.
ج ـ الذمة المالية للزوجة:
وهذا موضوع طويل وقد سبق طرحه بالتفصيل، ولكن المهم هنا أن عدم فهم الرجل والمرأة ما له ولها وعليه وعليها، يولد كثيرًا من الجدل والمشاكل، والتفاهم في هذا الأمر وفق قواعد الشرع والعرف العاصم من هذه القاصمة، والفضل وحسن العشرة وهو المنجي من هذا الصراع.
2ـ الأولاد:
إن تربية الأولاد والمسئولية عن ذلك، وكذلك متابعة المستوى الدراسي، هي من الأمور التي يكثر حولها الجدل، من المسئول عن ذلك الرجل أم المرأة، وهل هذا الأسلوب المتبع في التربية وطريقة الدراسة مرضٍ للطرفين أم غير مرضٍ. والحقيقة أن هذه المشكلة أعني الأولاد من الأمور الهامة التي يجب أن يحسن الأزواج إدارتها إذ إن التنازع فيها، يعرض الأسرة إلى الدمار، والتذبذب يؤدي إلى نشوء أجيال غير واضحة الهوية، مشتتة الوجدان والفكر.
3ـ طريقة التعامل:
طريقة التعامل بين الزوجين محور من محاور التفاهم بين الزوجين الأساسية، إذ إن الحياة الزوجية قائمة على التفاهم والحوار، والحوار جزء كبير من هذه الحياة، ولذلك نبه القرآن على ذلك بقوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}, وهناك من الأزواج من يتفاهم مع زوجته من منطلق الدونية وإلغاء الهوية والكيان, فهي أشبه بأمة ليس لها من الأمر شيء، فالقوامة عنده قهر وإذلال، وهناك من النساء من تعامل زوجها أسوأ معاملة وتتسلط عليه وتلغي شخصيته وقوامته فيذوب الرجل، وتتذبذب الأسرة، وهناك أسر كأنها حلبة صراع ومعارك حربية، وخطط ومؤامرات، مع أن الصورة المثالية الإسلامية حددت وبوضوح الحقوق والواجبات وأيضًا طريقة العشرة.
4ـ العلاقة الجنسية:
أم الأمورات @am_alamorat_2
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
معالجة المشاكل الزوجية:
نص الموضوع ونعني بالفوائد الشخصية المنافع التي تعود على شخصية الزوجين والتي منها تطوير ذاتهما ، وتنمية مهاراتهما ، وتدريبهما على بعض القيم والسلوكيات من خلال تعرضهما للمشاكل الزوجية ، وهي فوائد جمة ..... نذكر منها :
(1) الخبرة والتجربة :
إن الإنسان يقوم بخبراته وتجاربه في الحياة ، وكلما كثرت تجارب الإنسان كلما استطاع
أن يواجه محن الحياة ومنحها بحكمة ودراية ، فما من مشكلة يخوضها الزوجان إلا وتزيد
في رصيدهما المعرفي من الخبرات في الحياة ، وهذا يجعلهما يحسنان التعامل مع أي مشكلة زوجية سواء أكانت المشكلة لهما أم لغيرهما ..
(2) الوقاية المستقبلية:
إن كثرة المشاكل الزوجية التي يخوضها الزوجان معاً ، تساهم في إغناء رصيد كل واحد منهما في التعرف على الآخر ، هذه المعرفة والخبرة إن استثمرت في وضع الخطة المستقبلية لهما في التعامل الزوجي ، فإنهما سيكشفان بعد فترة من الزواج أن نسبة المشاكل الزوجية بينهما قليلة ، وذلك لأن كل واحد منهما بدأ يتعامل مع الآخر بما يملك من رصيد معرفي عن الطرف الآخر .
(3) الأهداف المشتركة:
إن من علامات الزواج الناجح أن يكون للزوجين أهداف مشتركة يسعيان لتحقيقها ، والمشاكل الزوجية بين الطرفين تساهم في تحقيق هذه الفائدة ، لأن المشاكل الزوجية عندما تحدث بين الطرفين ، فإن كل طرف يعبر عما في نفسه وما يرجوه من الطرف الآخر ، وهذا الفعل يقرب المساحة التفاهمية بين الطرفين ، ويعرف كل طرف على أحلام الآخر وطموحه من خلال حدوث المشكلة ، وهذا يحدث مع بعض الزيجات ... والأصل أن يحدث هذا التفاهم في جو من المصارحة والحوار الهادئ ، ولكن بعض الناس لا يتكلم أو يصارح إلا إذا مر بأزمة زوجية.
(4) السلبيات والإيجابيات:
عند حدوث أي مشكلة زوجية ، فإن كل طرف تتعرى شخصية أمام الطرف الآخر ، فيمكن لأي منهما أن يتعرف على نقاط الضعف والقوة لدى الآخر ، وهذا مما يزيد في التفاهم بين الزوجين ، ولهذا فبقدر ما تكون معرفة أحد الطرفين بسلبيات وإيجابيات الطرف الآخر بقدر ما يتحقق حسن التعامل المستقبلي وقلة الخلاف .
(5) الروح الرياضية:
إن المشاكل الزوجية تربى في الزوجين نفسية الروح الرياضية في التعامل معها، وذلك لأن كثيراً من الأزواج أو الزوجات يهربن من مواجهة المشاكل الزوجية ، مما يدعو إلى تفاقمها وتعقدها ، فتنتهي حياتهما بالفشل ، أما إذا كان الزوجان يتمتعان بروح رياضية مرنة وتستوعب الخلافات ، فإنهما سيكونان قادرين على مواجهة أي مشكلة مستقبلية ، ويحسنان التفكير في علاجها وتخطيها بسلام وحكمة ، ومن دون أن يحدث أي خلل في علاقتهما الزوجية ، بل وإن نفسيتهما تتروض على مواجهة المحن الزوجية والأزمات الأسرية .
(6) مهارات سلوكية:
هناك عدة مهارات يمكن للزوجين تدريب نفسيهما عليها ، والتمكن فيها من خلال تعرضهما لعدة خلافات زوجية ، وذلك لأن المهارات السلوكية والأخلاقية كالصبر والعفو والتضحية ، وضبط النفس وكظم الغيظ ، والحلم والأناة والتسامح ، كلها يمكن للزوجين تعلمها أو تطوير نفسيهما فيها في مدرسة الحياة الزوجية ، إن لم تتح لهما فرصة تدريب نفسيهما على هذه القيم والأخلاق قبل الزواج ، أو إن أتيحت لهما الفرصة ولكنها كانت قليلة ، فتكون فرصة الزواج فرصة ذهبية ، لأن يتربى كل منهما على " حسن الخلق " وهو أكثر ما يدخل أهل الجنة الجنة ، كما أنه سبب تفاضل الناس في الدنيا " حسن الخلق " فلنقل إذن: إن الحياة الزوجية بمشكلاتها هي دورة تدريبية لتطوير ذات الزوجين .
(7) المصارحة وحسن الجوار:
إن معرفة الزوجين بمهارات الحوار والمصارحة سبب من أسباب نجاح الزواج واستمرار يته ..فما هي الكلمات التي يقولها كل طرف للآخر وقت الخلاف؟!
-وكيف يصارح كل طرف الآخر بما يغضب الآخر لو سمعه ؟!
-وكيف يتعامل أحد الطرفين مع الطرف الآخر الصامت والكتوم؟!
-وما هي الكلمات التي تغيظ الطرف الآخر أو تهدئ من روعه ؟!
-وما هي أفضل الأوقات للمصارحة وإخراج ما في النفوس ؟!
وأسئلة كثيرة مهمة لنجاح أي علاقة سواء أكانت علاقة زوجية أم علاقة صداقةأم غيرها ، يمكن للزوجين أن يتعلما هذه المهارات من خلال تعرضهما ومعالجتها للمشاكل الزوجية .
(8) أًصل الاكتشافات والاختراعات :
لو بحثنا في قصة أول مكتشف للكهرباء ، لوجدنا أنه كان يعيش في معاناة الظلام ومشاكله، فبدأ يفكر بالحل إلى أن استطاع " أديسون " أن يكتشف طريقة الإنارة ، ولولا المعاناة التي عاشها " هنري فورد " في ذهابه إلى العمل ورجوعه منه لما حاول أن يخوض التجارب إلى أن صنع أول سيارة في العالم ، ولولا المعاناة التي يعيشها المجتمع الكويتي في المجال الأسري وكثرة مشاكله ، لما اهتدى مؤسسو " لجنة مصابيح الهدى " إلى ****ئها بتوفيق من الله عز وجل ، ولولا سوء العلاقة الزوجية وكثرة تفككها ، لما خرجت " مجلة الفرحة " إلى الوجود ، ولولا كثرة المشاكل الزوجية وعدم التفكير في كيفية حل المشاكل ورؤية منافع المشاكل لما فكر مؤلف هذا الكتاب بالكتابة في هذا الموضوع .
فالدنيا إذن قائمة على سنة واضحة بينة ، وهي أن دخول الإنسان في المشاكل من أجل التفكير في حلها والتفكير في كيفية عدم وقوع غيره بها ، وهذا ما نرجوه عند دخول الزوجين في مشاكل زوجية ، أن يفكر في كيفية منه وقوع غيرهما يستحقان شهادة " براءة الاختراع " .
(9) الالتفات إلى النفس :
يسقط غالبية الناس أسباب المشاكل عند حدوثها لهم على غيرهم ، فدائماً نسمع عبارة " أبي هو السبب " أو أمي ، أو المدرسة ، أو أبنائي أو الحكومة ، أو أمريكا هي السبب دائماً يردد الناس هذه العبارات ، والتي يحب فيها الشخص أن يخلي نفسه من دائرة المسؤولية ، ويعلق فضله على الآخرين ، ولكن هذا تصرف الضعيف والإنسان السلبي ، أما الشخص الإيجابي فهو الذي يلتفت إلى نفسه وإلى ذاته عند حدوث أي مشكلة له ، وهذا ما نريده للزوجين عندما يخوضان أي مشكلة زوجية أن يستفيدا منها ، فيكون من فوائد هذه المشكلة أن يلتفتا إلى أنفسهما ، ويحاسبا أنفسهما ، وأن يكتشفا الخلل الشخصي ، ثم يبدآن في وضع خطة لتطوير نفسيهما لمواجهة المشاكل المستقبلية ، ولهذا فإننا نقول إن من منافع المشاكل الزوجية أن يتعرف الزوجان على قدراتهما الخاصة ويسعيا لتطويرها .
منقوووول