ما الذي يحدث في غرف الشات؟
كثيرًا ما سمعنا وقرأنا عن قصص مأساوية بدايتها كانت في غرفة وهمية ـ أو الشات Chat كما يحلو لرواد الإنترنت تسميتها, وهذه الغرف عبارة عن ساحات للحوار الكتابي أو الصوتي المباشر بين عدة أطراف ـ وهذه هي الغرف العامة التي تسمح للجميع بالدخول إليها, ويمكن أن تتفرغ إلى غرف خاصة بأشخاص معينين لا يسمح بدخول سواهم, أغلب هذه الغرف يضع لها أصحابها أو المترددون عليها باستمرار أسماءً وعناوين منوعة 'مستعارة', وبعضها يحمل أسماءً مخزية للغاية في أشياء يندى لها الجبين ـ يعف الإنسان عن ذكرها ـ المرأة تستخدم اسم رجل, والرجل يستخدم اسم المرأة في المحادثة المكتوبة, أما المحادثات الصوتية فبالإمكان استخدام الأجهزة المغيرة للصوت ليصبح صوت الرجل مفعمًا بالأنوثة, أما المرأة فصوتها يصبح صوت رجل تمامًا.
قبل كتابة هذا التحقيق قمت بتجربة طريفة, دخلت إلى غرفة محادثة في أكثر من موقع عربي باسم رجل, وألقيت السلام على الموجودين الذين كانوا حوالي عشرين فلم يلتفت لي أحد, كررت المحاولة عدة مرات دون فائدة. ثم خرجت من الغرفة وعدت إلى نفس الموقع بعد بضع دقائق باسم 'البرتقالة', فوجدت نفس المجموعة وألقيت السلام عليهم, فرد سبعة منهم السلام ـ ودعاني أحدهم على الفور إلى غرفة المحادثة الخاصة. وهنا يتبادر السؤال: لماذا؟ الإجابة بسيطة, فقد عرفت من هذا الشاب أنه لا يتحدث إلا مع الجنس اللطيف, لأنه كما يقول: فاقد حنان, والذي أثار حفيظتي أن هناك كمًا هائلاً من العبارات التي تخدش الحياء, وقد دعتني هذه التجربة للتحدث مع بعض من أعرف من صاحبات التجارب.
احذري غرف المحادثة:
'أم ياسر' تحكي عن تجربتها مع هذه الغرف فتقول: سمعت من بعض الصديقات أنها عندما تشعر بالملل تدخل المنتديات وغرف الدردشة, أضف إلى ذلك أني كنت أريد أن أشارك الآخرين فنتبادل الآراء والأفكار, ولذلك قررت أن أثبت ذاتي. فدخلت على غرفة منظمة بطريقة جيدة فيها كم لا بأس به من المستخدمين يتخذون أسماءً غريبة, فهذه اختارت اسم 'أسيرة المحبة', وأخرى 'اللؤلؤة الصغيرة', وتلك باسم 'المستبدة' وآخر باسم 'الأنيق'.. فكرت في اسم يليق بي ـ جلست أكثر من خمس دقائق دون أن أجد اسمًا يليق بي فاخترت اسم 'زيد', ودخلت تلك الغرفة للبحث عن أشخاص يملكون معلومات عن الكومبيوتر. فنقرت على شخص يدعى '؟' وسألته: هل تعلم الكثير عن هذا الجهاز؟ قال: لا كل الذي أعرفه كيف أدخل إلى هذه الغرفة لأدردش والسلام.. قلت له: ثم ماذا؟ قال: الإنترنت من دون الشات مثل المسلم بدون صلاة. توقفت عن الكتابة ولم تستطع أصابعي الطباعة ـ ثم كتبت 'الله يهديك'.
استوقفني وسأل: بنت؟ أم ولد؟
قلت: لا شأن له.
قال: لا تزعل ـ إنت من وين؟
ثم وقفت لبرهة في الغرفة العامة أقرأ ما يدور حولي, ثم طلبت الحديث مع شخص لديه معلومات عن الكمبيوتر فتقدمت لي 'أسيرة المحبة' فكتبت لي: 'آسفة, أنا لا أفهم في الكمبيوتر, بل أفهم في... 'قالت كلمة قذرة' فقلت لها: المطلوب! قالت: اللي ما يشتري يتفرج. قلت لها: تذكري 'هادم اللذات'.. ثم انسحبت وأنا أتحسر على شبابنا الذي لا يدري أنه لا يدري.
تذكر 'نورة ع.ن' أنها مكثت فترة غير يسيرة تشارك في الحوار في عدد من المنتديات, ولكنها منذ بضعة أشهر قررت اعتزالها. وبسؤالها عن أسباب ذلك قالت: رغم أنني لم أكن أدخل سوى المنتديات الجادة إلا أنني ألاحظ أن اللغة السائدة ركيكة ضحلة. وأصبحت مرتعًا خبيثًا لتعارف الجنسين وتبادل الآراء فيما بينهم بلا مراعاة للحدود ـ وهذا شر عظيم ـ فالمرأة تكتب والرجل يعقب ويلمح تلميحًا واضحًا في أسلوب الخطاب الممتلئ بعبارات الإشادة والثناء والإعجاب. فقد وقفت بنفسي على مشاكل كثيرة حصلت لنساء كانت بسبب هذه المشاركات. فأنا أعتبرها بوابة الشيطان.
'هيا محمد' خاضت هي الأخرى التجربة ولكنها هجرتها, تقول: كنت متحمسة للخوض في منافسة الآخرين, فكنت أشعر بالسعادة لوجود أشخاص يهتمون بوجودي وكتاباتي, ولكن صدني وجود شباب يُبدون إعجابهم الجم بما أكتب ويطلبون رقم الهاتف أو الإيميل بهدف التعارف البريء وتبادل المعلومات. وبما أن الحوار بشكل متواصل يؤدي بأحد الطرفين للإعجاب بالطرف الآخر. فقد دخلت غرف المحادثة مع فتاة ـ ولكن شيئًا فشيئًا أدركت أنها تكره الجنس الآخر. وتحب بنات جنسها ولديها ميول خاصة.. ثم بحب الفضول دخلت في حوار مع شاب يدعى 'صايد القلوب' دعاني هو الآخر إلى إكمال الحوار في غرفته الخاصة سرعان ما كشف لي أن يستمتع بممارسة الكلام عن الحب عبر التليفون. عندها أدركت أنما يدور في هذه الغرف ما لا يرضي الله ولا رسوله, فتركت الشات إلى غير رجعة, وأحذر كل فتاة وأقول لها: إن الدخول إلى غرف المحادثة هين ولكن الخروج منها صعب.. فإياك إياك.
ضياع فتاة داعية
تحكي 'س.م' قصتها مع غرفة المحادثة فقالت: أنا فتاة جامعية عمري 30 عامًا, كنت أدخل المنتديات الشرعية بهدف الدعوة إلى الله, وكانت لديّ الرغبة أن أشارك في حوارات كنت أعتقد أنها تناقش قضايا مهمة وحساسة تهمني في المقام الأول وتهم الدعوة مثل الفضائيات واستغلالها في الدعوة, ومشروعية الزواج عبر الإنترنت ـ وكان من بين المشاركين شاب متفتح ذكي، شعرت بأنه أكثر ودًا نحوي من الآخرين, ومع أن المواضيع عامة إلا أن مشاركته كان لدي إحساس أنها موجهة لي وحدي ـ ولا أدري كيف تسحرني كلماته؟ فتظل عيناي تتخطف أسطره النابضة بالإبداع والبيان الساحر ـ بينما يتفجر في داخلي سيل عارم من الزهو والإعجاب ـ يحطم قلبي الجليدي في دعة وسلام, ومع دفء كلماته ورهافة مشاعره وحنانه أسبح في أحلام وردية وخيالات محلقة في سماء الوجود. ذات مرة ذكر لرواد الساحة أنه متخصص في الشؤون النفسية ـ ساعتها شعرت أنني محتاجة إليه بشدة ـ وبغريزة الأنثى ـ أريد أن يعالجني وحدي, فسولت لي نفسي أن أفكر في الانفراد به وإلى الأبد ـ وبدون أن أشعر طلبت منه بشيء من الحياء ـ أن أضيفه على قائمة الحوار المباشر معي, وهكذا استدرجته إلى عالمي الخاص. وأنا في قمة الاضطراب كالضفدعة أرتعش وحبات العرق تنهال على وجهي بغزارة ماء الحياء, وهو لأول مرة ينسكب ولعلها الأخيرة.
بدأت أعد نفسي بدهاء صاحبات يوسف ـ فما أن أشكو له من علة إلا أفكر في أخرى. وهو كالعادة لا يضن عليّ بكلمات الثناء والحب والحنان والتشجيع وبث روح الأمل والسعادة, إنه وإن لم يكن طبيبًا نفسيًا إلا أنه موهوب ذكي لماح يعرف ما تريده الأنثى..
الدقائق أصبحت تمتد لساعات, في كل مرة كلماته كانت بمثابة البلسم الذي يشفي الجراح, فأشعر بمنتهى الراحة وأنا أجد من يشاركني همومي وآلامي ويمنحني الأمل والتفاؤل, دائمًا يحدثني بحنان وشفقة ويتوجع ويتأوه لمعاناتي ـ ما أعطاني شعور أمان من خلاله أبوح له بإعجابي الذي لا يوصف, ولا أجد حرجًا في مغازلته وممازحته بغلاف من التمنع والدلال الذي يتفجر في الأنثى وهي تستعرض فتنتها وموهبتها، انقطعت خدمة الإنترنت ليومين لأسباب فنية, فجن جنوني.. وثارت ثائرتي.. أظلمت الدنيا في عيني..
وعندما عادت الخدمة عادت لي الفرحة.. أسرعت إليه وقد وصلت علاقتي معه ما وصلت إليه.. حاولت أن أتجلد وأن أعطيه انطباعاً زائفاً أن علاقتنا هذه يجب أن تقف في حدود معينة.. وأنا في نفسي أحاول أن أختبر مدى تعلقه بي.. قال لي: لا أنا ولا أنت يستطيع أن ينكر احتياج كل منا إلى الآخر.. وبدأ يسألني أسئلة حارة أشعرتني بوده وإخلاص نيته..
ودون أن أدري طلبت رقم هاتفه حتى إذا تعثرت الخدمة لا سمح الله أجد طريقًا للتواصل معه.. كيف لا وهو طبيبي الذي يشفي لوعتي وهيامي.. وما هي إلا ساعة والسماعة المحرمة بين يدي أكاد ألثم مفاتيح اللوحة الجامدة.. لقد تلاشى من داخلي كل وازع..
وتهشم كل التزام كنت أدعيه وأدعو إليه.. بدأت نفسي الأمارة بالسوء تزين لي أفعالي وتدفعني إلى الضلال بحجة أنني أسعى لزواج من أحب بسنة الله ورسوله.. وتوالت الاتصالات عبر الهاتف.. أما آخر اتصال معه فقد امتد لساعات قلت له: هل يمكن لعلاقتنا هذه أن تتوج بزواج؟ فأنت أكثر إنسان أنا أحس معه بالأمان؟! ضحك وقال لي بتهكم: أنا لا أشعر بالأمان. ولا أخفيك أنني سأتزوج من فتاة أعرفها قبلك. أما أنت فصديقة وتصلحين أن تكوني عشيقة، عندها جن جنوني وشعرت أنه يحتقرني فقلت له: أنت سافل.. قال: ربما, ولكن العين لا تعلو على الحاجب.. شعرت أنه يذلني أكثر قلت له: أنا أشرف منك ومن... قال لي: أنت آخر من يتكلم عن الشرف!! لحظتها وقعت منهارة مغشى عليّ.. وقعت نفسيًا عليها. وجدت نفسي في المستشفى, وعندما أفقت - أفقت على حقيقة مرة, فقد دخلت الإنترنت داعية, وتركته وأنا لا أصلح إلا عشيقة.. ماذا جرى؟! لقد اتبعت فقه إبليس اللعين الذي باسم الدعوة أدخلني غرف الضلال, فأهملت تلاوة القرآن وأضعت الصلاة ـ وأهملت دروسي وتدنى تحصيلي, وكم كنت واهمة ومخدوعة بالسعادة التي أنالها من حب النت.. إن غرفة المحادثة فتنة.. احذرن منها أخواتي فلا خير يأتي منها.
الحب الإلكتروني:
'م.ع' - أحد المترددين على غرفة المحادثة يطلق على نفسه 'بحر العرب' - ضحك عندما سألته عن الحب الذي يولد في غرفة الدردشة وقال: هذا الحب ينتهي بانتهاء الجلسة ـ ولا يستحق أن نطلق عليه هذا المصطلح الجميل ـ فنحن بدافع التسلية وقضاء الوقت نقوم بملاحقة الفتاة من غرفة إلى غرفة 'مجرد لعبة', وقد تكون الكلمات أو عبارات الثناء التي نغدقها على الفتيات يعتبرنها حبًا, وللأسف كثير من الفتيات ساذجات. وأعتقد أن كل بنت تدخل هذه الغرفة يكون لديها استعداد أن تتخلى عن حيائها, كما أن الإغراءات التي توفرها هذه الغرف من الصعب مقاومتها, وهي أقصر الطرق ل***** علاقات شاذة ومرفوضة لدى البعض.
يقول أحد أساتذة علم الاجتماع: إن استخدام التكنولوجيا لإقامة علاقة حب مسألة تحتمل الكثير من الخطورة ـ والفتاة التي تتعرف على الشاب من خلال الإنترنت ويغدق عليها الكلام المعسول لا يمكنها أن تعرف إن كان يخدعها أو أن غرضه نبيل.
كلمة حق
ويضيف د. يعقوب الكندري 'استشاري اجتماعي': الكلام المعسول الذي تسمعه الفتاة أو تراه على الشاشة قد لا يكون سوى حيلة ليلتقي بها ويغرر بها ـ وهذا ما نسمع ونقرأ عنه كثيرًا ـ ولكن مما لا ريب فيه أن هناك علاقات قليلة جدًا كتب لها النجاح.
ختامًا..
مواقع الشات أو غرف المحادثة للأسف الشديد تعطي صورة مشوهة لمجتمعنا المسلم. وأول ما تسمع عن هذه الغرف يتبادر إلى ذهن العاقل الإسفاف وقلة الذوق والحياء ـ ولا يخفى على الجميع أن رواد هذه الغرف من المراهقين العابثين من الرجال والنساء ـ وتصرفاتهم صبيانية ليس إلا, ولتعلم كل فتاة تعتز بقيمها ودينها وتحافظ على شرفها وكرامتها أن ترددها على غرف المحادثة هو تردد على أماكن مشبوهة وعيب لا تريد أن يعرف عنه أحد شيئًا, كما أن ما تقوم به من محادثة مع أجنبي يجب أن تستدرك معه أن الله مطلع عليها وتخشى أن تنزل بها عقوبة بما اقترفته من إثم.
المصدر : شباب : شهد الفتيات
ام فارس-67 @am_fars_67
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
الله يهدي شباب وفتيات المسلمين
ويستر عليهم
مشكورة اختي ع النقل