السلام عليكم ورحمة الله
اسعد الله اوقاتكم
اخواتي بنات حواء ساعدوني مطلوب بحث وهو
خبر الآحاد هل يفيد العلم أم الظن ؟ هذا السؤال والجواب اختار اي موضوع من المواضيع التاليه:
*حجة خبر الآحاد (أحمد محمد عبدالوهاب)
*رأي ابن تيميه في مرجية خبر الآحاد
*رأي هيئة كبار العلماء في المملكه بما فيهم عبدالعزيز ابن باز واللجنه الدائمه
بلليييييز ساعدوني بأحد المواضيع اللي كتبتها وربي لكم دعوه من كل قلبي
والله خايفه المشرفات يحذفوا مشاركتي الله يحقق مناها اللي تساعدني في أقرب وقت
استغفر الله الذي لااله الا هو الحي القيوم واتوب اليه من كل ذنب
استغفر الله لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات
أبتسامة أمل @abtsam_aml_5
محررة ذهبية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
أبتسامة أمل
•
سبحان الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..~
هلاااا اختي الغاليه
والله بحثت وهذا اللي لقيته
ان شاء الله يفيدك
تفضلي::
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
منهج أهل السنة والجماعة
في الاستدلال على مسائل العقيدة
أبو مريم محمد الجريتلي
إنَّ الحمد لله نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم - وشرَّ الأمور محدثَاتُها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار.
إنَّ من نِعَمِ الله على هذه الأمة أنْ أكمل لها دينها، وأتمَّ عليها نعمته، ورضي لها الإسلام دينًا، وما قُبِضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد تركها على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالكٌ، وما ترك خيرًا يقرِّبها إلى الجنة ويبعدها عن النار، إلا ودلَّها عليه، ولا شرًّا إلا وحذَّرها منه؛ ليهلك مَن هلك عن بيِّنة، ويحيى مَن حيَّ عن بينة.
فسار سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين، ومن سلك نهجهم، وخطا خطاهم، على نهج نبيِّهم - صلى الله عليه وسلم - وقد أمرَنَا الله - عز وجل - أن نتَّبع سبيل المؤمنين، وحذَّر من اتِّباع السُّبُل التي تَفرَّق بأصحابها عن الصراط المستقيم؛ فقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، ويقول - سبحانه -: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} .
ولما أظلمتِ السُّبل، وكثرتِ الفتن، وظهرتِ الفِرَق، واتُّخذت الأدلة مركبًا للأهواء والبدع، كانت راية أهل السُّنة والجماعة خفاقةً، يتناولها قرن بعد قرن، ينفُون عنها تحريف الغالين، وانتحالَ المبطلين، وتأويلَ الجاهلين.
يتميزون عن غيرهم بمنهج في التلقِّي والاستدلال له قواعده المحكمة، فكانت كالسراج لمن جاء بعدهم، واهتدى بهديهم، وسلك سبيلهم، وقد ذكرها كثير من أهل العلم بين مُطيل ومختصر، ومجمِل ومفصِّل، وقد أردتُ جمعها بعبارة وجيزة توفي بالمقصود، من غير إخلال ولا إملال، في ثماني قواعد، لمن أراد التبيان، وهي:
• القاعدة الأولى: اقتصارهم في مصدر التلقِّي على الوحي كتابًا وسنة:
فأهل السُّنة يؤمنون بجميع نصوص الكتاب والسنة الصحيحة، فالحُجَّة في كلام الله - تعالى - في إثبات ما أثبته الله، ونفي ما نفاه، وفيما صح من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهما يكفيان لجميع متطلبات الحياة في جميع شؤونها وجوانبها إلى قيام الساعة.
وقد تمثلت هذه القاعدة في عدة ركائز:
أ- أن هذا الدِّينَ كاملٌ، لا يحتاج معه إلى غيره من مناهج البشر؛ يقول الله - تبارك وتعالى -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} .
يقول ابن تيمية: "ومِثلُ هذا في القرآن كثيرٌ، مما يبيِّن الله فيه أن كتابَه مبينٌ للدِّين كله، موضحٌ لسبيل الهدى، كافٍ لمن اتبعه، لا يحتاج معه إلى غيره، يجب اتِّباعُه دون اتباع غيره من السُّبل" .
ب- الاعتقاد الجازم أنه لا يتحقَّق رضا الله، والفوزُ بجنته، والنجاةُ من عذابه، إلا بالإيمان بنصوص الكتاب والسنة، والعمل بما جاءا به، وما يترتَّب على هذا من وجوب أن يعيش المسلم حياته كلها - اعتقادًا، وعملاً، وسلوكًا - مستمسكًا ومعتصمًا بهما، لا يزيغ عنهما، ولا يتعدَّى حدودهما، ومن مستلزمات هذا أن يتحاكم إليهما عند التنازع والاختلاف، فنصوصُ الكتاب والسنة هي الأصل والميزان والحكم عند النزاع، وبها تُوزَن الأقوال والآراء؛ كما قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} .
يقول ابن تيمية: "فدِينُ المسلمين مبنيٌّ على اتِّباع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما اتَّفقتْ عليه الأمةُ، فهذه الثلاثة هي أصول معصومة" .
ج- وجوب تقديم الشرع على العقل عند توهُّم التعارض، وإلا ففي الحقيقة والواقع لا يمكن أن يتعارض النقلُ الصحيح مع العقل الصريح.
يقول ابن تيمية: "إن الأدلة العقلية الصريحة تُوافِق ما جاءتْ به الرسلُ، وإن صريح المعقول لا يناقض صحيحَ المنقول، وإنما يقع التناقض بين ما يدخل في السمع وليس منه، وما يدخل في العقل وليس منه" .
د- الأدب مع نصوص الكتاب والسنة وذلك بأن تُراعى ألفاظها عند بيان العقيدة، وألاَّ تستخدم الألفاظ والمصطلحات الموهمة غير الشرعية.
يقول ابن تيمية: "إن السلف كانوا يراعون لفظ القرآن والحديث، فيما يثبتونه وينفونه في الله وصفاته وأفعاله، فلا يأتون بلفظ محدَثٍ مبتدَع في النفي والإثبات؛ بل كل معنى صحيح فإنه داخل فيما أخبر به الرسول" .
ويقول - رحمه الله -: "ومما ينبغي أن يُعلَم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث، إذا عُرِف تفسيرُها، وما أُريد بها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتجْ في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة، ولا غيرهم" .
• القاعدة الثانية: عدم الخوض في علم الكلام والفلسفة، والاقتصار في بيان وفهم العقيدة على ما في الكتاب والسنة:
وقد تجلَّى هذا في منهج السلف من خلال عدة أمور:
أ- حرص السلف على العِلم النافع مع العمل الصالح؛ فالعلم علمان: علم نافع، يولِّد عملاً، وينفع صاحبَه في الدنيا والآخرة، وعلمٌ غير نافع، لا ينفع صاحبَه في الدنيا ولا في الآخرة.
قال معروف الكرخي: "إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا، فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد شرًّا، أغلق عنه باب العمل، وفتح له باب الجدل" .
يقول ابن رجب: "فالعلم النافع من هذه العلوم كلها: ضبطُ نصوص الكتاب والسنة، وفهمُ معانيها، والتقيدُ في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم، في معاني القرآن والحديث، وفيما ورد عنهم من الكلام في مسائل الحلال والحرام، والزهد والرقائق والمعارف، وغير ذلك، والاجتهاد على تمييز صحيحه من سقيمه أولاً، ثم الاجتهاد على الوقوف على معانيه وتفهمه ثانيًا، وفي ذلك كفاية لمن عقَل، وشغلٌ لمن بالعلم النافع عُني واشتغل".
ب- نهي السلف عن سائر البدع، ومن ذلك الخوض في علم الكلام:
قال الشافعي: "لأنْ يلقى اللهَ العبدُ بكل ذنبٍ ما خلا الشركَ، أحبُّ إليَّ من أن يلقاه بشيء من الأهواء".
وقال - رحمه الله -: "حُكمي في أهل الكلام: أن يُضرَبوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبَلَ على الكلام".
فإذا كان هذا حُكمَه فيمن أعرض عنهما، فكيف حكمه فيمن عارضهما بغيرهما؟!
وكذلك قال أبو يوسف القاضي: "من طلب الدِّينَ بالكلام تزندق"،وقال أحمد بن حنبل: "ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح"، وقال: "علماء الكلام زنادقة".
ج- الرد على المنحرفين وأصحاب الأهواء بمنهج متميز، فالسلف - رحمهم الله - لما حذروا من المنطق ومن علم الكلام، لم يكتفوا بهذا؛ بل ردُّوا على أصحاب البدع بالأدلة النقلية والعقلية المبنيَّة على الكتاب والسنة، فالسلف لم ينهوا عن جنس النظر والاستدلال؛ ولكن معارضتهم لها تركزت على الأساليب الكلامية المبنية على غير الكتاب والسنة.
• القاعدة الثالثة: حجية السنة في العقيدة، ومن ذلك خبر الآحاد:
وهذه من القواعد الكبرى في منهج السلف - رحمهم الله - تميَّزوا بها عن كثير من أهل الأهواء والبدع.
يقول ابن تيمية: "أهل الحق والسنة لا يكون متبوعُهم إلا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فهو الذي يجب تصديقُه في كل ما أخبر، وطاعتُه في كل ما أمر، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة" .
وقد كان اعتمادهم على السنة، وتعظيمهم لها، مبنيًّا على أمور، منها:
أ- أن من مقتضيات شهادة أن محمدًا رسول الله، التي لا يتم الإيمانُ إلا بها: وجوبَ تصديقِه فيما أخبر، سواء كان عن الله، أو صفاته، أو مخلوقاته، أو ما يستقبل من أمور الآخرة، وغيرها من الغيبيات.
ب- أن أعرف العباد بما يصلح لهم هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أرحم بهم من أنفسهم.
ج- أن الرسول بلَّغ جميعَ ما أُنزل إليه من ربه، لم يكتم شيئًا من ذلك، وأنه - عليه الصلاة والسلام - قد بلَّغ ذلك أتمَّ بلاغٍ وأبيَنَه، حتى ترك أمَّتَه على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فما من خير إلا ودلَّ أمتَه عليه، وما من شر إلا وحذَّرها منه.
وقد تمثَّلت هذه الأمورُ السابقة في موقف السلف من السنة، وتعظيمهم لها، وذلك بكونها وحيًا من الله - تعالى - وبكونه - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى، وبدا هذا واضحًا من خلال:
1- الخضوع لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا صحَّ، وتعظيمه، وعدم الاعتراض عليه بأي نوع من أنواع الاعتراض، فلا تحلُّ معارضتُه بذوقٍ، أو وجْدٍ، أو رأي، أو قياس، ونحوه.
يقول الشافعي - رحمه الله -:"لم أسمع أحدًا نسبه الناسُ - أو نسب نفسه - إلى علمٍ يخالف في أن فرض الله - عز وجل - اتِّباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتسليم لحكمه، بأن الله - عز وجل - لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال، إلا بكتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن ما سواهما تبعٌ لهما، وأنَّ فرْضَ الله - تعالى - علينا، وعلى من بعدنا وقبلنا، في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد" .
2- اعتمادهم على الأحاديث الصحيحة، ونبذ الأحاديث الضعيفة والموضوعة، فأوجبوا التحقق من الأحاديث قبل الاحتجاج بها؛ حتى لا يُنسب إلى دين الله ما ليس منه.
3- حجية خبر الآحاد في العقيدة، إذا صحَّ وتلقتْه الأمة بالقبول، وهذا من المعالم الرئيسة لمنهج السلف - رضوان الله عليهم - والقول بأن أخبار الآحاد لا تفيد العلم، ومن ثَم فلا يُحتَجُّ بها في العقيدة، بدعةٌ أحدثتْها المعتزلةُ، وتلقَّفها بعض العلماء من المنتسبين إلى السنة - دون بحث أو تمحيص لمآلات هذه المقالة - وخاصة في كتبهم في أصول الفقه في مباحث أدلة الأحكام، بينما لو تتبعنا نصوص السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم، لوجدنا شبه إجماع منهم على عدم التفريق في أخبار الآحاد بين الأحكام والعقائد.
يقول ابن تيمية: "فالخبر الذي تلقَّاه الأئمةُ بالقبول، تصديقًا له، أو عملاً بموجبه، يفيد العلم عند جماهير الخلف والسلف، وهذا في معنى المتواتر" .
يقول ابن أبي العز: "وخبر الواحد إذا تلقتْه الأمة بالقبول، عملاً به، وتصديقًا له، يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة، وهو أحد قسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأمة في ذلك نزاعٌ" .
يقول صديق حسن خان: "والخلاف في إفادة خبر الآحاد الظنَّ أو العلم تقيّد بما إذا لم يُضمَّ إليه ما يقويه، أما إذا انضم إليه ما يقويه، أو كان مشهورًا، أو مستفيضًا، فلا يجري فيه الخلاف المذكور، ولا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الإجماعُ على العمل بمقتضاه، فإنه يفيد العلم؛ لأن الإجماع عليه قد صيَّره من المعلوم صدقُه، وهكذا خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول، فكانوا بين عامل به، ومتأول له، ومن هذا القسم أحاديث صحيحي البخاري ومسلم" .
فلم يكن السلف الصالح يفرِّقون بين خبرٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآخرَ، بدعوى أنه آحاديّ، أو متكاثر الورود، تفريقًا يؤثِّر في العمل والعلم والاعتقاد، واستمرَّ هذا في أهل السنة والجماعة، أهل الحديث والأثر، إلى يومنا هذا، وإلى أن يشاء الله، يدلُّ على هذا تخريج أئمة أهل السنة كمالك وأحمد، والبخاري ومسلم، وأبي داود والترمذي، والنسائي والدارمي، وغيرهم، للأحاديث المثبِتة للعقائد في مدوناتهم، فمتى صح الحديث، وتُلُقِّي بالقبول، وجب العملُ والاعتقاد به ولزم.
• القاعدة الرابعة: الاعتماد على فهم الصحابة والتابعين للعقيدة:
فالصحابة أعلم الناس بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالعقيدة؛ لذلك فأقوالُهم وتفاسيرهم للنصوص حجةٌ؛ لأنهم قد اكتمل فيهم الفهمُ والمعرفة لأصول الدِّين التي دل عليها كتاب الله المنزل، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - المطهرة.
قال أحمد بن حنبل: "أصول السنة عندنا: التمسكُ بما عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -والاقتداءُ بهم، وتركُ البدع، وكل بدعة فهي ضلالة" .
قال الأوزاعي: "اصبر نفسك على السنة، وقِفْ حيث وقف القوم، وقُلْ بما قالوا، وكُفَّ عما كفُّوا عنه، واسلُكْ سبيل سلفك الصالح؛ فإنه يسعك ما وسعهم" .
قال ابن رجب: "فمَن عرَف قدر السلف، عرف أن سكوتهم عمَّا سكتوا عنه من ضروب الكلام، وكثرةِ الجدل والخصام، والزيادةِ في البيان على مقدار الحاجة، لم يكن عيًّا، ولا جهلاً، ولا قصورًا؛ وإنما كان ورعًا، وخشية لله، واشتغالاً عما لا ينفع بما ينفع" .
ولقد تميَّز الصحابة في العقيدة وفهمها بعدة مميزات، أهمها:
أ- أنهم شاهَدُوا التنزيل، وعاشوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلقَّى هذا الوحي من ربِّه، الذي ينزل عليه مفرَّقًا حسب الوقائع والأحداث.
ب- أنهم أكثرُ الناس فهمًا لرسالته - صلى الله عليه وسلم - وما يتعلَّق بها من أحكام، سواء في العقيدة أو الشريعة، فهم العارفون بدقائقها، المدركون لحقائقها، وهم أكمل الناس علمًا وعملاً.
ج- لم يكن بينهم خلاف في أصول الاعتقاد التي تلقَّوها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما الأمور اليسيرة التي اختلفوا فيها في هذا الباب، فهي من سنن الاعتقاد؛ كرؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربَّه ليلةَ الإسراء والمعراج، هل كانت بقلبه أو بعينه؟ وهي لا تؤثِّر في هذه القاعدة العامة؛ لأن الخلاف فيها لا يعود على أصلٍ بالإبطال، وكان لها أسباب، منها أن يكون لبعض الصحابة من العِلم ما ليس عند الآخر؛ لكنهم - رضي الله عنهم - إذا جاءهم الدليل، خضعوا له بلا تردُّدٍ.
د- كان الصحابة يَسألون عما يُشْكِل عليهم، وهذا مشهور عنهم - رضي الله عنهم - فأمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - روي عنها أنها "كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه، إلا راجعتْ فيه؛ حتى تعرفه" .
• القاعدة الخامسة: التسليم لما جاء به الوحي، مع إعطاء العقل دوره الحقيقي:
وذلك بعدم الخوض في الأمور الغيبيَّة التي لا مجال للعقل في معرفتها، فنحن لا ننكر دور العقل؛ فهو مناط التكليف، ولكن نضعه من المكانة حيث وضَعَه الشرعُ.
فهو - كما قال ابن تيمية عنه -: "شرطٌ في معرفة العلوم، وكمالِ وصلاح الأعمال، وبه يكمل العلم والعمل؛ لكنه ليس مستقلاًّ بذلك، لكنه غريزة في النفس، وقوة فيها، بمنزلة قوة البصر التي في العين، فإنِ اتَّصل به نور الإيمان والقرآن، كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار، وإن انفرد بنفسه، لم يبصر الأمور التي يعجِز وحده عن دركها، وإن عُزل بالكلية، كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورًا حيوانية، قد يكون فيها محبة ووجد وذوق، كما قد يحصل للبهيمة، فالأحوالُ الحاصلة مع عدم العقل ناقصة، والأقوال المخالفة للعقل باطلة، والرسل جاءت بما يَعجِز العقلُ عن دركه، لم تأتِ بما يُعلم بالعقل امتناعُه" .
• القاعدة السادسة: عدم تقديم مقالات مبتدعة، ومقدمات عقلية، وجعلها حاكمة على النص:
لم يكن السلف يتلقَّون النصوص ومعهم مقدماتٌ عقلية يحاكمون النصوصَ إليها، كما فعلت المعتزلة وغيرهم، الذين وضعوا مقالاتٍ مبتدعةً، ووصفوها بأنها أصول عقلية، ثم جاؤوا إلى القرآن والسنة وما فيهما من دلالات في الاعتقاد، فما وجدوه مخالفًا لشيء من مقالاتهم، أوَّلوه أو أنكروا الاحتجاج به، وقدَّموا عليه مقالاتِهم وأقوالَ أئمتهم، وجعلوا كتابَ الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وراءهم ظِهْرِيًّا.
يقول ابن تيمية واصفًا أهلَ السنة والجماعة: "ولا ينصرون مقالةً ويجعلونها من أصول دينهم، وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتةً فيما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل يجعلون ما بُعث به الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والحكمة، هو الأصلَ الذي يعتقدونه ويعتمدونه" .
ويقول - رحمه الله -: "هم أهل الكتاب والسنة؛ لأنهم يؤثِرون كلامَ الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدِّمون هدْيَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - على هدي كلِّ أحدٍ، ويتَّبعون آثاره - صلى الله عليه وسلم - باطنًا وظاهرًا" .
• القاعدة السابعة: الجمع بين أطراف الأدلة:
فلا بد من الرجوع إلى النصوص الواردة في مسألة معيَّنة وجمعها، وعدم الاقتصار على بعضها، فجمعُ النصوص: يفصِّل المجمَلَ، ويبيِّن المبهَمَ، ويرفع التشابه، ويحكم النص، ويفسر النص على مراد الله ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا على أهواء البشر وآرائهم.
قال أحمد بن حنبل: "الحديث إذا لم تجمع طرقه، لم تفهمه، والحديث يفسر بعضُه بعضًا" .
يقول الشاطبي: "ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضمِّ أطرافها بعضها لبعض؛ فإن مأخذَ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو أن تؤخذ الشريعةُ كالصورة الواحدة، بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها" .
• القاعدة الثامنة: ردُّ المتشابه للمحكَم وليس العكس كما هو عادة أهل البدع:
اتَّفق أهل السنة والجماعة على: "موافقة طريقة السلف من الصحابة والتابعين، وأئمة الحديث والفقه؛ كالإمام أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والبخاري، وإسحاق، وغيرهم، وهي ردُّ المتشابه إلى المحكم، وأنهم يأخذون من المحكم ما يفسِّر لهم المتشابهَ ويبيِّنُه لهم، فتتفق دلالتهم مع دلالة المحكم، وتوافق النصوصُ بعضُها بعضًا، ويصدِّق بعضُها بعضًا؛ فإنها كلها من عند الله، وما كان من عند الله، فلا اختلاف فيه ولا تناقُض؛ وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره" .
فالمعيار لمن أراد صحة الانتساب لمنهج أهل السنة والجماعة، والسير على دربهم، والاقتداء بهديهم: أن يتبع منهجهم، سواء في أصول الاعتقاد، أو أصول الاستدلال، ولا يخرج عن نهجهم بأصول في الاعتقاد مبتدعة، أو أصول في الاستدلال منحرفة.
أسأل الله أن يجعلنا منهم، وأن يحشرنا معهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــ
انظر "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" (1/51 - 71)، و"المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية"، لإبراهيم البريكان (23 - 36)، و"العقيدة في الله"، لعمر سليمان الأشقر (57 - 75)، و"منهج التلقي والاستدلال بين أهل السنة والمبتدعة"، أحمد الصويان، و"أهل السنة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى"، لمحمد عبدالهادي المصري (75 - 79)، "طريق الهداية مبادئ ومقدمات علم التوحيد"، لمحمد يسري (278 - 313)، "الثوابت والمتغيرات"، لصلاح الصاوي (51 - 60)، و"منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد"، لعثمان علي حسن (1/348).
"درء تعارض العقل والنقل" (10/ 304).
"مجموع الفتاوى" (20/164).
"درء تعارض العقل والنقل" (1/ 231 - 232).
"مجموع الفتاوى"(5/432).
"الإيمان"، لابن تيمية، (ص: 271، 272).
رواه أبو نعيم الأصفهاني في "الحلية" (8/361).
"فضل علم السلف على علم الخلف"، لابن رجب، (ص: 150).
رواه البيهقي في "مناقب الشافعي" (1/452).
"إحياء علوم الدين" (1/ 164)، و"درء تعارض العقل والنقل" (7/ 147).
"الإحياء" (1/ 164)، و"درء التعارض" (7/ 158)، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (145)، و"الحجة في بيان المحجة" (ص: 13).
القولان في "الإحياء" (1/ 164)، وفي "درء التعارض" (7/ 147) القول الأول فقط.
"مجموع الفتاوى" (3/ 346).
"إيقاظ الهمم" (ص: 104) .
ولا نناقش دعوى حديث آحاد لم يحتفَّ بالقرائن في باب العقائد؛ لأنها دعوى متوهمة، ليس عليها مثال واحد في هذا الباب.
"مجموع الفتاوى" (18/48).
"شرح العقيدة الطحاوية" (ص: 339، 340).
نقلاً عن "العقيدة في الله"، لعمر سليمان الأشقر (ص: 60).
"شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"، للالكائي (1/156).
"ذم الكلام"، للهروي، (ص: 315).
"فضل علم السلف على علم الخلف"، لابن رجب، (ص: 58).
رواه البخاري (103، كتاب العلم، باب: من سمع شيئًا فلم يفهمه، فراجع فيه حتى يعرفه).
"مجموع الفتاوى" (3/338، 339).
"مجموع الفتاوى" (3/347).
"مجموع الفتاوى" (3/157).
"الجامع لأخلاق الراوي"، للخطيب البغدادي (2/212).
"الموافقات" (1/245، 246).
"إعلام الموقعين" (2/294).
*******************
فوائد في الحديث 13
خبر الآحاد هل يفيد العلم أو الظن:
اختلف العلماء من الأصوليين وعلماء مصطلح الحديث فيه على ثلاثة أقوال:
1-أن الحديث الصحيح يفيد العلم ولو لم يكن له إلا طريق واحد وهو قول ابن حزم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وقال ابن القيم إنه قول مالك والشافعي وأحمد وأصحاب أبي حنيفة وداود بن علي واختيار أحمد شاكر وهو قول قوي..
2-أنه يفيد الظن مطلقًا، وإلى هذا ذهب بعض الأصوليين والفقهاء وهو قول أهل البدع من المعتزلة وغيرهم
3-أنه يفيد الظن، وقد يفيد العلم النظري بالقرائن، وله أنواع ثلاثة:
4-أن يكون مخرَّجًا في الصحيحين لتلقي العلماء لهما بالقبول ويستثنى من ذلك شيئان، أحدهما: ما انتقد عليهما، والثاني: ما كان معارضًا لغيره ولم يتبين وجه الجمع أو الترجيح أو النسخ فإنه يفيد العلم عنده، وممن ذهب إلى أن ما في الصحيحين يفيد العلم شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله، وابن الصلاح ونقله العراقي في شرحه على ابن الصلاح عن جماعة وعن أكثر أهل الكلام من الأشعرية وعن أهل الحديث قاطبة وهو اختيار ابن كثير والحافظ ابن حجر رحمهما الله.
إذا تعددت طرق الحديث وتباينت مخارجه كالحديث المشهور الذي لم يصل إلى حد التواتر، أن يرويه أربعة من أربعة طرق.
أن يكون الحديث مسلسلا بالأئمة ولا يكون غريبًا بأن لا ينفرد كل واحد بروايته، كالحديث الذي يرويه أحمد عن الشافعي عن مالك ولا ينفرد كل واحد.
وإذا اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة فلا يبعد أن يفيد القطع بأن يفيد العلم الضروري كالمتواتر.
والقول الأول هو الصواب وهو أن الحديث الصحيح يفيد العلم مطلقًا، والمراد العلم النظري، وأما القرآن والخبر المتواتر فإنه يفيد العلم الضروري وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، يراجع شرح نخبة الفكر
والخلاصة في إفادة خبر الآحاد العلم أو الظن إذا صح الحديث ثلاثة أقوال:
1-يفيد الظن مطلقًا.
2-يفيد العلم مطلقًا.
3-يفيد العلم بالقرائن، وأرجحها الثاني.
4-وهذا الخلاف فيما يفيده خبر الآحاد من العلم أو الظن، أما العمل به فإنه واجب باتفاق أهل السنة، ولم يخالف في هذا إلا أهل البدع من المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج وغيرهم، الذين يقولون: إن خبر الآحاد ظني الدلالة كما أنه ظني الثبوت، وبهذا القياس الفاسد ردوا نصوص الكتاب والسنة وقالوا: إنها لا تدل على إثبات الصفات؛ لأن دلالتها ظنية، كما أن نصوص السنة ظنية الثبوت، قالوا: والأدلة اللفظية لا تفيد اليقين وإنما الذي يفيد اليقين هي الأدلة العقلية فيسمونها قواطع عقلية وبراهين يقينية، أما الأدلة اللفظية فإن كان متواترا كالقرآن قالوا إن دلالته ظنية، وإن كان خبر آحاد كالسنة قالوا لا يحتج بخبر الآحاد في العقائد.
وهذا زيغ وانحراف نعوذ بالله، والصواب: وجوب العمل بخبر الآحاد والاحتجاج به في العقائد والأعمال، وهذا هو الذي عليه أهل السنة قاطبة، وقد عقد البخاري رحمه الله في صحيحه كتابا في الاحتجاج بخبر الواحد، وساق أدلة كثيرة.
وذهب ابن القيم إلى أن خبر الواحد إذا صح فإنه يفيد العلم وقرر ذلك ونصره في آخر كتابه مختصر الصواعق المرسلة.
وقال: إن ممن نص على أن خبر الواحد يفيد العلم مالك والشافعي وأصحاب أبي حنيفة وداود بن علي وأصحابه كأبي محمد بن حزم وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وقال الإمام أحمد في حديث الرؤية: نعلم أنها حق ونقطع على العلم بها، وقال القاضي، وظاهر هذا أنه يسوي بين العلم والعمل، وعن الإمام أحمد رواية أخرى تدل على أن خبر الواحد لا يفيد العلم.
قال ابن القيم وهذه رواية انفرد بها الأثرم وليست في مسألة ولا في كتاب السنة، وإنما حكاها القاضي أنه وجدها في كتاب معاني الحديث، والأثرم لم يذكر أنه سمع ذلك منه، بل لعله بلغه من عند واهم وهم عليه في لفظه، فلم يرو عنه أحد من أصحابه ذلك، بل المروي الصحيح عنه أنه جزم على الشهادة للعشرة بالجنة والخبر في ذلك خبر واحد.
وقد صرح الشافعي في كتبه بأن خبر الواحد يفيد العلم نص على ذلك صريحًا في كتاب اختلاف مالك ونصره في الرسالة المصرية، على أنه لا يوجب العلم الذي يوجبه نص الكتاب والخبر المتواتر.
قلتُ: مقصوده أن خبر الواحد يفيد العلم النظري أما القرآن والخبر المتواتر فإنه يفيد العلم الضروري.
قال ابن القيم ونحن نشهد بالله ولله شهادة على البت والقطع لا نمتري فيها ولا نشك على صدقهم ونجزم به جزمًا ضروريًّا لا يمكننا دفعه عن نفوسنا - إلى قوله -: ومن هذا إخبار الصحابة بعضهم بعضًا فإنهم كانوا يجزمون بما يحدث به أحدهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل أحد منهم لمن حدثه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: خبرك خبر واحد لا يفيد العلم حتى يتواتر - إلى قوله -: ولم يكن أحد من الصحابة ولا أهل الإسلام بعدهم يشكون فيما يخبر به أبو بكر الصديق عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم - إلى قوله: بل كانوا لا يشكون في خبر أبي هريرة مع تفرده بكثير من الحديث، ولم يقل له أحدٌ منهم يومًا واحدًا من الدهر: خبرك خبر واحد لا يفيد العلم .
إلى قوله: وكان أحدهم إذا روى لغيره حديثًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصفات تلقاه بالقبول واعتقد تلك الصفة به على القطع واليقين، كما اعتقد رؤية الرب وتكليمه ونداه لعباده يوم القيامة بالصوت الذي يسمعه البعيد كما يسمعه القريب، ونزوله إلى سماء الدنيا كل ليلة، وضحكه وفرحه، وإمساك سماواته على إصبع من أصابع يده، وإثبات القدم له - إلى قوله: فهذا الذي اعتمده نفاة العلم عن أخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- خرقوا به إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة، و إجماع التابعين و إجماع أئمة الإسلام ووافقوا به المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج الذين انتهكوا هذه الحرمة وتبعهم بعض الأصوليين والفقهاء، وإلا فلا يعرف لهم سلف من الأئمة بذلك، بل صرح الأئمة بخلاف قولهم .
قلتُ: وذهب ابن عبد البر في كتاب التمهيد إلى أن خبر الآحاد يوجب العمل ولا يوجب العلم، وإليه ذهب النووي .
قال ابن كثير في كتابه الباعث الحثيث ص29 ثم حكى - أي ابن الصلاح -: أن الأمة تلقت هذين الكتابين الصحيحين بالقبول، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره، ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث، لأن الأمة معصومة عن الخطأ؛ فما ظنت صحته ووجب عليها العمل به لا بد وأن يكون صحيحًا في نفس الأمر، وهذا جيد.
وقد خالف في هذه المسألة الشيخ محيي الدين النووي وقال لا يستفاد القطع بالصحة من ذلك.
قلتُ: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه والله أعلم .
قال الشيخ أحمد محمد شاكر تعليقًا عليه: الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، وممن اهتدى بهداهم على بصيرة من الأمر: أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على أن معنى ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي إلتزمها كل واحد منهما في كتابه.
وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها، فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها، وانقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم، واحكم عن بينة والله الهادي إلى سواء السبيل ص 29.
وقال الشيخ أحمد شاكر في ص 30: والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة ما ذهب إليه ابن حزم ومن قال بقوله من أن الحديث الصحيح يفيد العلم القطعي سواء أكان في أحد الصحيحين أم في غيرهما، وهذا العلم اليقيني علم نظري برهاني لا يحصل إلا للعالم المتبحر في الحديث، العارف بأحوال الرواة والعلل، وأكاد أوقن أنه هو مذهب من نقل عنهم البلقيني، ممن سبق ذكرهم، وأنهم لم يريدوا بقولهم ما أراد ابن الصلاح من تخصيص أحاديث الصحيحين بذلك.
وهذا العلم اليقيني النظري يبدو ظاهرًا لكل من تبحر في علم من العلوم، وتيقنت نفسه بنظرياته، واطمأن قلبه إليها، ودع عنك تفريق المتكلمين في اصطلاحاتهم بين العلم والظن، فإنما يريدون بها معنى آخر غير ما تريد، ومنه زعم الزاعمين أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص إنكارًا لما يشعر به كل واحد من الناس من اليقين بالشيء ثم ازدياد هذا اليقين: قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّه قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيما نقله عنه ابن القيم وقد قسم الأخبار إلى تواتر وآحاد، فقال بعد ذكر التواتر:
وأما القسم الثاني من الأخبار: فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ولم يتواتر لفظه ولا معناه، ولكن تلقته الأمة بالقبول عملا به أو تصديقًا كخبر عمر بن الخطاب إنما الأعمال بالنيات .
وخبر ابن عمر نهى عن بيع الولاء وهبته، وخبر أنس دخل مكة وعلى رأسه المغفر، وخبر أبو هريرة لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها .
وكقوله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
وقوله: إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل .
وقوله في المطلقة ثلاثا: حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك .
وقوله: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ .
وقوله: إنما الولاء لمن أعتق .
وقول ابن عمر رضي الله عنهما: فرض النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر في رمضان على الصغير والكبير والذكر والأنثى .
وأمثال ذلك، فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من الأولين والآخرين.
أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع، وأما الخلف فهذا مذهب الفقهاء الكبار من أصحاب الأئمة الأربعة، والمسألة منقولة في كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية مثل السرخسي وأبو بكر الرازي من الحنفية، والشيخ أبي حامد وأبي الطيب والشيخ أبي اسحاق من الشافعية، وابن خواز منداد وغيره من المالكية، ومثل القاضي أبي يعلى وابن أبي موسى وأبي الخطاب وغيرهم من الحنبلية، ومثل أبي إسحاق الإسفراييني وابن فورك وأبي إسحاق النظام من المتكلمين.
وإنما النزاع في ذلك طائفة كابن الباقلاني ومن تبعه مثل أبي المعالي والغزالي وابن عقيل .
وقد ذكر أبو عمرو بن الصلاح القول الأول وصححه واختاره ولكنه لم يعلم كثرة القائلين به ليتقوى بهم، وإنما قاله بموجب الحجة الصحيحة، وظن من اعترض عليه من المشايخ الذين لهم علم ودين وليس لهم بهذا الباب خبرة تامة أن الذي قاله الشيخ أبي عمر وانفرد به عند الجمهور - إلى أن قال -: قال: وجميع أهل الحديث على ما قاله أبو عمرو والحجة على قول الجمهور أن تلقي الأمة للخبر تصديقًا وعملا، إجماعًا منهم، والأمة لا تجتمع على ضلالة - إلى قوله -: والأمة معصومة من الخطأ في رواياتها ورأيها ورؤياها، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر .
فجعل تواطؤ الرؤيا دليلا على صحتها... إلى أن قال: واعلم أن جمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب، كما ذكره الشيخ أبو عمرو ومن قبله من العلماء كالحافظ أبي الطاهر السلفي وغيره، فإن ما تلقاه أهل الحديث وعلماؤه فالتصديق والقبول فهو محصل للعلم مفيد لليقين، ولا غيره بمن عداهم من المتكلمين والأصوليين، فإن الاعتبار في الإجماع على كل أمر من الأمور الدينية بأهل العلم به دون غيرهم...
إلى قوله: فكما أن العلم بالتواتر ينقسم إلى عام وخاص فيتواتر عند الخاصة مالا يكون معلومًا لغيرهم فضلا أن يتواتر عندهم.. إلى قوله: وبالجملة فهم جازمون بأكثر الأحاديث الصحيحة قاطعون بصحتها عنه وغيرهم لا علم عنده بذلك، والمقصود أن هذا القسم من الأخبار يوجب العلم عند جمهور العقلاء... إلى قوله: وأما خبر الواحد الذي أوجب الشريعة تصديق مثله والعمل به، بأن يكون خبر عدل معروف بالصدق والضبط والحفظ، فهذا في إفادته للعلم قولان هما روايتان منصوصتان عن أحمد:
أحدهما: أنه يفيد العلم أيضًا وهو أحد الروايتان عن مالك اختاره جماعة من أصحابه، منهم محمد بن خواز منداد واختاره جماعة من أصحاب أحمد منهم ابن أبي موسى وغيره، و اختاره الحارث المحاسبي وهو قول جمهور أهل الظاهر، وجمهور أهل الحديث، وعلى هذا فيحلف على مضمونه ويشهد به.
الثاني: أنه لا يوجب العلم، وهو قول جمهور أهل الكلام، وأكثر المتأخرين من الفقهاء، وجماعة من أهل الحديث، وعلى هذا فلا يحلف على مضمونه ولا يشهد به .
قال ابن القيم قال ابن حزم وقال بعضهم لما انقطعت به الأسباب: خبر الواحد يوجب علما ظاهرًا، قال: وهذا كلام لا يعقل وما علمنا علمًا ظاهرًا غير باطن، ولا علما باطنًا غير ظاهر، بل كل علم يتيقن فهو ظاهر لمن علمه وباطنه في قلبه، وكل ظن لم يتيقن فليس علمًا أصلا، لا ظاهرًا ولا باطنًا، بل هو ضلال وشك، وظن محرم القول به في دين الله .
ثم استدل ابن القيم على أن خبر الواحد العدل يفيد العلم بإحدى وعشرين دليلا فليراجع من ص 394- إلى ص 406.
أقول الخلاصة في خبر الواحد العدل هل يفيد العلم والظن؟
الجواب: أن خبر الواحد العدل نوعان:
1- أن تتلقاه الأمة بالقبول: تصديقًا وعملا به وجمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة من الأولين والآخرين، فهذا محصل للعلم مفيد لليقين، أما لسلف فلم يكن بينهم نزاع بل هم متفقون، وأما الخلف فهو مذهب الفقهاء الكبار من أصحاب الأئمة الأربعة، والأئمة الأربعة وهذا القسم من الأخبار يوجب العلم عند جمهور العقلاء.
وإلى هذا القول ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وقرره ونصره ابن القيم والحافظ ابن الصلاح والحافظ ابن كثير والحافظ ابن حجر والحافظ العراقي وهو قول ابن حزم واختيار أحمد شاكر وهو الصواب.
وذهب طائفة إلى أنه يفيد الظن ولا يفيد العلم، كابن الباقلاني ومن تبعه مثل أبي المعالي الجويني والغزالي وابن عقيل وهو قول النووي وابن عبد البر في كتابه التمهيد، وهو قول أهل البدع من المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج .
2- خبر الآحاد التي أوجب الشريعة تصدق مثله والعمل به وهو خبر العدل المعروف بالصدق والضبط والحفظ فهذا في إفادته للعلم قولان: هما رويتان منصوصتان عن أحمد وهما روايتان عن مالك .
أحدهما: أنه يفيد العلم وهو قول جماعة من أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب مالك وهو قول جمهور أهل الظاهر وجمهور أهل الحديث، وهو قول الشافعي وأصحاب أبي حنيفة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وداود ابن علي وأصحابه كابن حزم وأحمد شاكر وهو الصواب.
والثاني: أنه لا يوجب العلم، وإنما يفيد الظن وهو قول جمهور أهل الكلام وأكثر المتأخرين من الفقهاء، وجماعة من أهل الحديث منهم النووي وابن عبد البر وهو قول بعض الأصوليين، وقول بعض أهل البدع من المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج .
http://shrajhi.com/?Cat=3&SID=529
***************************
حجية خبر الآحاد
تتابع أئمة الهدى وسلف الأمة الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم على الاحتجاج بالسنة وتوقيرها والرجوع إليها في كل صغيرٍ وكبيرٍ والحذر من مخالفتها أو تركها ، أو التقدم عليها ، من غير تفريق بين متواترها وآحادها ، حتى شذت طوائف عبر التاريخ لم تقم للسنة وزناً ، ولم ترفع بها رأساً ، فمنهم من رفضها جملة وتفصيلاً ، وأنكر أن تكون أصلاً من أصول التشريع ، زاعمين أن في القرآن غنية لهم عن كل ما سواه ، وأنه يتعذر الاطمئنان إلى الأحاديث من جهة الشك في طريقها ، وأنه يجوز على رواتها الخطأ والنسيان والكذب ، فقالوا بوجوب الاقتصار على القرآن ، ومنهم من لجأ إلى التشكيك في بعض أنواعها ، فرأى الحجية في نوع منها دون غيره ، وقالوا : لا نقبل من السنة أخبار الخاصة التي تعرف عند المحدثين بأخبار الآحاد ( وهي ما لم تجمع شروط التواتر ) زعماً منهم أنها لا تفيد اليقين ، ورفضوا العمل والاحتجاج بها ، مهما كان رواتها من العدالة والضبط ، ولم يعتمدوا إلا ما تواتر نقله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأسقطوا بذلك جملة من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تعارض ما ابتدعوه في أبواب الدين ، وسدُّوا جميع الطرق أمام معرفة الله وأسمائه وصفاته ، وفي مقابل ذلك أحالوا الناس على أمور وهمية ، ومقدمات خيالية سمُّوها - بزعمهم - قواطع عقلية وبراهين يقينية قدَّموها على الوحي ، وحاكموا النصوص إليها .
وقد تكاثرت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وأقوال السلف - بل وإجماعهم - على الاحتجاج بحديث الآحاد ، ولزوم العمل به :
فمن أدلة القرآن : قوله تعالى :{فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ( التوبة 122) ، فقد حث الله عز وجل المؤمنين - في هذه الآية على أن تنفر من كل فرقة طائفة تقوم بمهمة التفقه والبلاغ ، ولفظ الطائفة يتناول الواحد فما فوقه ، مما يدل على قيام الحجة بخبرها .
ومنها قوله سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } ، وفي قراءة {فتثبتوا } (الحجرات 6) ، فهذه الآية دلت على أن الخبر إذا جاءنا عن الثقة العدل فإن الحجة تقوم بخبره ، ولا يلزمنا التثبت فيه ، وأما الفاسق فهو الذي يجب أن لا نقبل خبره إلا بعد التثبت والتبين .
ومنها قوله سبحانه : {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } (النحل 43) ، فأمر من لم يعلم أن يسأل أهل الذكر وهم أولو الكتاب والعلم ، وهو يشمل سؤال الواحد والمتعدد ، ولولا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لما كان لسؤالهم فائدة .
وقوله سبحانه : {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } (المائدة67) ، فأمر - صلى الله عليه وسلم – بتبليغ الدين للناس كافة وقام بذلك خير قيام ، ولو كان خبر الواحد لا تقوم به الحجة لتعذر وصول الشريعة إلى كافة الناس ولما حصل البلاغ ، ومعلوم أن التبليغ باق إلى يوم القيامة والحجة قائمة على العباد .
كما حكى الله عن بعض أنبيائه ورسله السابقين ما يدل على قبولهم لخبر الواحد ، والعمل بمضمونه ، فموسى عليه السلام قبل خبر الرجل الذي جاء من أقصا المدينة يسعى قائلاً له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ، فجزم بخبره وخرج هارباً ، وقبل خبر بنت صاحب مدين لما قالت له : {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } ( القصص 25) ، وقبل خبر أبيها في دعواه أنهما ابنتاه ، فتزوج إحداهما بناء على خبره .
وقبل يوسف عليه السلام خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له : {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } (يوسف50) ، وثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي ) .
وأما أدلة السنة فأكثر من أن تحصر ومنها حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) رواه ابن ماجه وغيره ، وفيه ندب - صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها حتى ولو كان المؤدي واحداً ، مما يدل على قيام الحجة بخبره ، فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لم يكن لهذا الندب فائدة تذكر .
وحديث مالك بن الحويرث حين وفد مع بعض قومه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) متفق عليه ، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن بليل ، ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم ) رواه البخاري وغيره وفي رواية لابن عمر : ( إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) متفق عليه ، ففي هذه الأحاديث الأمر بتصديق المؤذن ، والعمل بخبره في دخول وقت الصلاة ، والإفطار والإمساك مع أنه واحد ، ولم يزل المسلمون في كل زمان ومكان يقلدون المؤذنين ، ويعملون بأذانهم في هذه العبادات ، وهو من أوضح الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد .
واشتهر بعثه - صلى الله عليه وسلم - الآحاد من صحابته ، واعتماده على أخبارهم وعمله بموجبها ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة و زيد بن خالد في قصة العسيف ، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم- : ( واغد يا أنيس - لرجل من أسلم إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ) ، فاعترفت فرجمها ، فاعتمد - صلى الله عليه وسلم- خبره في اعترافها ، مع ما فيه من إقامة حد ، وقتل نفس مسلمة ، وفي يوم الأحزاب اكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم – بخبر الزبير وهو واحد حين قال : ( من يأتيني بخبر القوم؟ ) .
وتواتر عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يبعث الآحاد إلى الجهات القريبة والبعيدة ويحملهم أمور الدعوة والتبليغ وتعليم الناس أحكام الإسلام وشرائعه ، والنيابة عنه في الفتوى والقضاء والفصل في الخصومات ، فمن ذلك ما رواه الشافعي بإسناد صحيح عن عمرو بن سليم الزرقي عن أمه قالت : " بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : " إن هذه أيام طعام وشراب فلا يصومن أحد " ، وحديث يزيد بن شيبان قال : كنا في موقف لنا بعرفة ، بعيداً عن موقف الإمام ، فأتانا ابن مربع الأنصاري قال : " أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم ، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " رواه الترمذي وغيره ، وقال لأهل نجران – كما في الصحيحين : ( لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين ) ، فبعث أبا عبيدة رضي الله عنه ، وبعث - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر سنة تسع على الحج ، فأقام للناس مناسكهم نيابة عنه - صلى الله عليه وسلم- ، وبعث علياً تلك السنة فنبذ إلى قوم عهودهم ، وبلغ عنه أول سورة براءة ، وبعث قيس بن عاصم ، و الزبرقان بن بدر ، و مالك بن نويرة إلى عشائرهم ، لتعليمهم الأحكام ، وقبض الزكاة ، وبعث معاذاً و أبا موسى و عماراً وغيرهم إلى جهات متفرقة باليمن .
واشتهر أيضاً بعثه الأمراء في السرايا والبعوث ، وأمره بطاعتهم فيما يخبرون عنه ، وكذلك كتبه التي بعثها إلى الملوك في زمانه ، كان يتولى كتابتها واحد ، ويحملها شخص واحد غالباً ، كما بعث دحية الكلبي بكتابه إلى هرقل عظيم الروم ، و عبدالله بن حذافة إلى كسرى.
ومثلها كتبه التي كان يبعثها إلى ولاته وعماله بأوامره وتعليماته ، يكتبها واحد ، ويحملها واحد ، ولو لا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لكان بعثهم عبثاً ، ولحصل التوقف من المدعوين ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال لمن علمه شيئاً من الدين ، أو طلب منه جزية ، أو زكاة أو نحوها : إن خبرك لا يفيد العلم ، فأنا أتوقف حتى يتواتر الخبر بما ذكرت .
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قبول خبر الواحد والاحتجاج به ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال : " إن هذا خبر واحد يمكن عليه الخطأ فلا تقوم به الحجة حتى يتواتر ، ولو قال أحد منهم ذلك لنقل إلينا ، وقد نقلت عنهم في هذا الباب آثار لا تحصى منها :
ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة " ، ولولا حصول العلم لهم بخبر الواحد ، لما تركوا المعلوم المقطوع به عندهم لخبر لا يفيد العلم ولا تقوم به الحجة .
وحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين قال : " كنت أسقي أبا طلحة و أبا عبيدة ، و أبي بن كعب شراباً من فضيخ ، فجاءهم آت ، فقال : إن الخمر قد حرمت ، فقال أبو طلحة : قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها " ، حيث قطعوا بتحريم الخمر ، وأقدموا على إتلاف ما بأيديهم من مال تصديقاً لذلك المخبر ، ولم يقولوا : نبقى على حلها حتى يتواتر الخبر ، أو نلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، مع قربهم منه ، ولم ينقل أنه أنكر عليهم عدم التثبت .
وكذلك قضاء عمر رضي الله عنه في الجنين حين قال لأصحابه : " أَذْكَرَ الله امرأً سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين شيئاً ، فقام حمل بن مالك فقال : " كنت بين جارتين لي ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح ، فألقت جنيناً ميتاً ، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بغرة ، فقال عمر :" لو لم نسمع به لقضينا بغيره " ورجوعه بالناس حين خرج إلى الشام فبلغه أن الوباء قد وقع بها ، لما أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ( إذا سمعتم به ببلدة فلا تقدموا عليه ) متفق عليه ، وقبل خبر عبد الرحمن أيضاً في أخذ الجزية من مجوس هجر ، بعد أن قال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ، وغيرها كثير .
ولم يزل سبيل السلف الصالح ومن بعدهم قبول خبر الواحد الثقة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والاحتجاج به ، حتى جاء المتكلمون فخالفوا ذلك ، قال الإمام الشافعي رحمه الله ( الرسالة 1/451) : " وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ، ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذا السبيل ، وكذلك حكي لنا عمن حكي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان ......ومحدِّثي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله ، والانتهاء إليه ، والإفتاء به ، ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه ، ويقبله عنه من تحته ، ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة : أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه - بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي " أهـ .
وقال في ( الأم 7/460) : " لم أسمع أحداً - نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم - يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والتسليم لحكمه ، فإن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه ، وأنه لا يلزم قولٌ بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وأن ما سواهما تبع لهما ، وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد لا يختلف فيه الفرض وواجب قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، إلا فرقة سأصف قولها- إن شاء الله تعالى – " أهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله ابن القيم ( مختصر الصواعق 2/372 ) : " وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ، ولم يتواتر لفظه ولا معناه ، لكن تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له …....فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد من الأولين والآخرين ، أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع " أهـ.
وبهذا يتضح - بما لا يدع مجالاً للشك- حجية أخبار الآحاد ولزوم العمل بها في أمور الدين كله متى ما ثبتت عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم- ، وأن القول بعدم حجيتها قول باطل لا يعرف إلا عن أهل البدع ومن تبعهم ، ولو ترك الاحتجاج بها لهجرت السنة ، وتهاوت أركان الشريعة ، واندثر الحق ، قال الإمام ابن حبان في مقدمة صحيحة (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (1/156) : " فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد " ، إلى أن قال : " وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد ، فقد عمد إلى ترك السنن كلها ، لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد " .أهـ .
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=27223
***************************
شبهات حول حجية خبر الآحاد
سبق في مقال ( شبهات حول حجية السنة ) أن منكري السنة على قسمين ، قسم أنكرها صراحة ودعا إلى نبذها بالكلية سواءً أكانت متواترة أم آحادية زعماً منهم أنه لا حاجة إليها وأن في القرآن غنية عنها ، وقسم لجأ إلى التشكيك في بعض أنواعها حين فشل في الطعن فيها كلية فرأى الحجية في نوع منها دون غيره ، فردوا الأخبار التي لم تصل إلى حد التواتر زعماً منهم أنها لا تفيد اليقين ، ورفضوا العمل والاحتجاج بها .
وكانت المعتزلة من أوائل من أثار هذه القضية ، وذلك ليتسنى لهم العبث في النصوص وردِّ ما يحلو لهم منها ، فأسقطوا بذلك جملة من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تعارض ما ابتدعوه في أبواب الدين ، وسدُّوا جميع الطرق أمام معرفة الله وأسمائه وصفاته ، وفي مقابل ذلك أحالوا الناس على أمور وهمية ومقدمات خيالية سمُّوها - بزعمهم - قواطع عقلية وبراهين يقينية قدَّموها على نصوص الوحي ، وحاكموا النصوص إليها .
وق
هلاااا اختي الغاليه
والله بحثت وهذا اللي لقيته
ان شاء الله يفيدك
تفضلي::
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
منهج أهل السنة والجماعة
في الاستدلال على مسائل العقيدة
أبو مريم محمد الجريتلي
إنَّ الحمد لله نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم - وشرَّ الأمور محدثَاتُها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار.
إنَّ من نِعَمِ الله على هذه الأمة أنْ أكمل لها دينها، وأتمَّ عليها نعمته، ورضي لها الإسلام دينًا، وما قُبِضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد تركها على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالكٌ، وما ترك خيرًا يقرِّبها إلى الجنة ويبعدها عن النار، إلا ودلَّها عليه، ولا شرًّا إلا وحذَّرها منه؛ ليهلك مَن هلك عن بيِّنة، ويحيى مَن حيَّ عن بينة.
فسار سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين، ومن سلك نهجهم، وخطا خطاهم، على نهج نبيِّهم - صلى الله عليه وسلم - وقد أمرَنَا الله - عز وجل - أن نتَّبع سبيل المؤمنين، وحذَّر من اتِّباع السُّبُل التي تَفرَّق بأصحابها عن الصراط المستقيم؛ فقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، ويقول - سبحانه -: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} .
ولما أظلمتِ السُّبل، وكثرتِ الفتن، وظهرتِ الفِرَق، واتُّخذت الأدلة مركبًا للأهواء والبدع، كانت راية أهل السُّنة والجماعة خفاقةً، يتناولها قرن بعد قرن، ينفُون عنها تحريف الغالين، وانتحالَ المبطلين، وتأويلَ الجاهلين.
يتميزون عن غيرهم بمنهج في التلقِّي والاستدلال له قواعده المحكمة، فكانت كالسراج لمن جاء بعدهم، واهتدى بهديهم، وسلك سبيلهم، وقد ذكرها كثير من أهل العلم بين مُطيل ومختصر، ومجمِل ومفصِّل، وقد أردتُ جمعها بعبارة وجيزة توفي بالمقصود، من غير إخلال ولا إملال، في ثماني قواعد، لمن أراد التبيان، وهي:
• القاعدة الأولى: اقتصارهم في مصدر التلقِّي على الوحي كتابًا وسنة:
فأهل السُّنة يؤمنون بجميع نصوص الكتاب والسنة الصحيحة، فالحُجَّة في كلام الله - تعالى - في إثبات ما أثبته الله، ونفي ما نفاه، وفيما صح من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهما يكفيان لجميع متطلبات الحياة في جميع شؤونها وجوانبها إلى قيام الساعة.
وقد تمثلت هذه القاعدة في عدة ركائز:
أ- أن هذا الدِّينَ كاملٌ، لا يحتاج معه إلى غيره من مناهج البشر؛ يقول الله - تبارك وتعالى -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} .
يقول ابن تيمية: "ومِثلُ هذا في القرآن كثيرٌ، مما يبيِّن الله فيه أن كتابَه مبينٌ للدِّين كله، موضحٌ لسبيل الهدى، كافٍ لمن اتبعه، لا يحتاج معه إلى غيره، يجب اتِّباعُه دون اتباع غيره من السُّبل" .
ب- الاعتقاد الجازم أنه لا يتحقَّق رضا الله، والفوزُ بجنته، والنجاةُ من عذابه، إلا بالإيمان بنصوص الكتاب والسنة، والعمل بما جاءا به، وما يترتَّب على هذا من وجوب أن يعيش المسلم حياته كلها - اعتقادًا، وعملاً، وسلوكًا - مستمسكًا ومعتصمًا بهما، لا يزيغ عنهما، ولا يتعدَّى حدودهما، ومن مستلزمات هذا أن يتحاكم إليهما عند التنازع والاختلاف، فنصوصُ الكتاب والسنة هي الأصل والميزان والحكم عند النزاع، وبها تُوزَن الأقوال والآراء؛ كما قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} .
يقول ابن تيمية: "فدِينُ المسلمين مبنيٌّ على اتِّباع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما اتَّفقتْ عليه الأمةُ، فهذه الثلاثة هي أصول معصومة" .
ج- وجوب تقديم الشرع على العقل عند توهُّم التعارض، وإلا ففي الحقيقة والواقع لا يمكن أن يتعارض النقلُ الصحيح مع العقل الصريح.
يقول ابن تيمية: "إن الأدلة العقلية الصريحة تُوافِق ما جاءتْ به الرسلُ، وإن صريح المعقول لا يناقض صحيحَ المنقول، وإنما يقع التناقض بين ما يدخل في السمع وليس منه، وما يدخل في العقل وليس منه" .
د- الأدب مع نصوص الكتاب والسنة وذلك بأن تُراعى ألفاظها عند بيان العقيدة، وألاَّ تستخدم الألفاظ والمصطلحات الموهمة غير الشرعية.
يقول ابن تيمية: "إن السلف كانوا يراعون لفظ القرآن والحديث، فيما يثبتونه وينفونه في الله وصفاته وأفعاله، فلا يأتون بلفظ محدَثٍ مبتدَع في النفي والإثبات؛ بل كل معنى صحيح فإنه داخل فيما أخبر به الرسول" .
ويقول - رحمه الله -: "ومما ينبغي أن يُعلَم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث، إذا عُرِف تفسيرُها، وما أُريد بها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتجْ في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة، ولا غيرهم" .
• القاعدة الثانية: عدم الخوض في علم الكلام والفلسفة، والاقتصار في بيان وفهم العقيدة على ما في الكتاب والسنة:
وقد تجلَّى هذا في منهج السلف من خلال عدة أمور:
أ- حرص السلف على العِلم النافع مع العمل الصالح؛ فالعلم علمان: علم نافع، يولِّد عملاً، وينفع صاحبَه في الدنيا والآخرة، وعلمٌ غير نافع، لا ينفع صاحبَه في الدنيا ولا في الآخرة.
قال معروف الكرخي: "إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا، فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد شرًّا، أغلق عنه باب العمل، وفتح له باب الجدل" .
يقول ابن رجب: "فالعلم النافع من هذه العلوم كلها: ضبطُ نصوص الكتاب والسنة، وفهمُ معانيها، والتقيدُ في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم، في معاني القرآن والحديث، وفيما ورد عنهم من الكلام في مسائل الحلال والحرام، والزهد والرقائق والمعارف، وغير ذلك، والاجتهاد على تمييز صحيحه من سقيمه أولاً، ثم الاجتهاد على الوقوف على معانيه وتفهمه ثانيًا، وفي ذلك كفاية لمن عقَل، وشغلٌ لمن بالعلم النافع عُني واشتغل".
ب- نهي السلف عن سائر البدع، ومن ذلك الخوض في علم الكلام:
قال الشافعي: "لأنْ يلقى اللهَ العبدُ بكل ذنبٍ ما خلا الشركَ، أحبُّ إليَّ من أن يلقاه بشيء من الأهواء".
وقال - رحمه الله -: "حُكمي في أهل الكلام: أن يُضرَبوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبَلَ على الكلام".
فإذا كان هذا حُكمَه فيمن أعرض عنهما، فكيف حكمه فيمن عارضهما بغيرهما؟!
وكذلك قال أبو يوسف القاضي: "من طلب الدِّينَ بالكلام تزندق"،وقال أحمد بن حنبل: "ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح"، وقال: "علماء الكلام زنادقة".
ج- الرد على المنحرفين وأصحاب الأهواء بمنهج متميز، فالسلف - رحمهم الله - لما حذروا من المنطق ومن علم الكلام، لم يكتفوا بهذا؛ بل ردُّوا على أصحاب البدع بالأدلة النقلية والعقلية المبنيَّة على الكتاب والسنة، فالسلف لم ينهوا عن جنس النظر والاستدلال؛ ولكن معارضتهم لها تركزت على الأساليب الكلامية المبنية على غير الكتاب والسنة.
• القاعدة الثالثة: حجية السنة في العقيدة، ومن ذلك خبر الآحاد:
وهذه من القواعد الكبرى في منهج السلف - رحمهم الله - تميَّزوا بها عن كثير من أهل الأهواء والبدع.
يقول ابن تيمية: "أهل الحق والسنة لا يكون متبوعُهم إلا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فهو الذي يجب تصديقُه في كل ما أخبر، وطاعتُه في كل ما أمر، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة" .
وقد كان اعتمادهم على السنة، وتعظيمهم لها، مبنيًّا على أمور، منها:
أ- أن من مقتضيات شهادة أن محمدًا رسول الله، التي لا يتم الإيمانُ إلا بها: وجوبَ تصديقِه فيما أخبر، سواء كان عن الله، أو صفاته، أو مخلوقاته، أو ما يستقبل من أمور الآخرة، وغيرها من الغيبيات.
ب- أن أعرف العباد بما يصلح لهم هو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أرحم بهم من أنفسهم.
ج- أن الرسول بلَّغ جميعَ ما أُنزل إليه من ربه، لم يكتم شيئًا من ذلك، وأنه - عليه الصلاة والسلام - قد بلَّغ ذلك أتمَّ بلاغٍ وأبيَنَه، حتى ترك أمَّتَه على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فما من خير إلا ودلَّ أمتَه عليه، وما من شر إلا وحذَّرها منه.
وقد تمثَّلت هذه الأمورُ السابقة في موقف السلف من السنة، وتعظيمهم لها، وذلك بكونها وحيًا من الله - تعالى - وبكونه - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى، وبدا هذا واضحًا من خلال:
1- الخضوع لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا صحَّ، وتعظيمه، وعدم الاعتراض عليه بأي نوع من أنواع الاعتراض، فلا تحلُّ معارضتُه بذوقٍ، أو وجْدٍ، أو رأي، أو قياس، ونحوه.
يقول الشافعي - رحمه الله -:"لم أسمع أحدًا نسبه الناسُ - أو نسب نفسه - إلى علمٍ يخالف في أن فرض الله - عز وجل - اتِّباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتسليم لحكمه، بأن الله - عز وجل - لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال، إلا بكتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن ما سواهما تبعٌ لهما، وأنَّ فرْضَ الله - تعالى - علينا، وعلى من بعدنا وقبلنا، في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد" .
2- اعتمادهم على الأحاديث الصحيحة، ونبذ الأحاديث الضعيفة والموضوعة، فأوجبوا التحقق من الأحاديث قبل الاحتجاج بها؛ حتى لا يُنسب إلى دين الله ما ليس منه.
3- حجية خبر الآحاد في العقيدة، إذا صحَّ وتلقتْه الأمة بالقبول، وهذا من المعالم الرئيسة لمنهج السلف - رضوان الله عليهم - والقول بأن أخبار الآحاد لا تفيد العلم، ومن ثَم فلا يُحتَجُّ بها في العقيدة، بدعةٌ أحدثتْها المعتزلةُ، وتلقَّفها بعض العلماء من المنتسبين إلى السنة - دون بحث أو تمحيص لمآلات هذه المقالة - وخاصة في كتبهم في أصول الفقه في مباحث أدلة الأحكام، بينما لو تتبعنا نصوص السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم، لوجدنا شبه إجماع منهم على عدم التفريق في أخبار الآحاد بين الأحكام والعقائد.
يقول ابن تيمية: "فالخبر الذي تلقَّاه الأئمةُ بالقبول، تصديقًا له، أو عملاً بموجبه، يفيد العلم عند جماهير الخلف والسلف، وهذا في معنى المتواتر" .
يقول ابن أبي العز: "وخبر الواحد إذا تلقتْه الأمة بالقبول، عملاً به، وتصديقًا له، يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة، وهو أحد قسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأمة في ذلك نزاعٌ" .
يقول صديق حسن خان: "والخلاف في إفادة خبر الآحاد الظنَّ أو العلم تقيّد بما إذا لم يُضمَّ إليه ما يقويه، أما إذا انضم إليه ما يقويه، أو كان مشهورًا، أو مستفيضًا، فلا يجري فيه الخلاف المذكور، ولا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الإجماعُ على العمل بمقتضاه، فإنه يفيد العلم؛ لأن الإجماع عليه قد صيَّره من المعلوم صدقُه، وهكذا خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول، فكانوا بين عامل به، ومتأول له، ومن هذا القسم أحاديث صحيحي البخاري ومسلم" .
فلم يكن السلف الصالح يفرِّقون بين خبرٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآخرَ، بدعوى أنه آحاديّ، أو متكاثر الورود، تفريقًا يؤثِّر في العمل والعلم والاعتقاد، واستمرَّ هذا في أهل السنة والجماعة، أهل الحديث والأثر، إلى يومنا هذا، وإلى أن يشاء الله، يدلُّ على هذا تخريج أئمة أهل السنة كمالك وأحمد، والبخاري ومسلم، وأبي داود والترمذي، والنسائي والدارمي، وغيرهم، للأحاديث المثبِتة للعقائد في مدوناتهم، فمتى صح الحديث، وتُلُقِّي بالقبول، وجب العملُ والاعتقاد به ولزم.
• القاعدة الرابعة: الاعتماد على فهم الصحابة والتابعين للعقيدة:
فالصحابة أعلم الناس بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالعقيدة؛ لذلك فأقوالُهم وتفاسيرهم للنصوص حجةٌ؛ لأنهم قد اكتمل فيهم الفهمُ والمعرفة لأصول الدِّين التي دل عليها كتاب الله المنزل، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - المطهرة.
قال أحمد بن حنبل: "أصول السنة عندنا: التمسكُ بما عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -والاقتداءُ بهم، وتركُ البدع، وكل بدعة فهي ضلالة" .
قال الأوزاعي: "اصبر نفسك على السنة، وقِفْ حيث وقف القوم، وقُلْ بما قالوا، وكُفَّ عما كفُّوا عنه، واسلُكْ سبيل سلفك الصالح؛ فإنه يسعك ما وسعهم" .
قال ابن رجب: "فمَن عرَف قدر السلف، عرف أن سكوتهم عمَّا سكتوا عنه من ضروب الكلام، وكثرةِ الجدل والخصام، والزيادةِ في البيان على مقدار الحاجة، لم يكن عيًّا، ولا جهلاً، ولا قصورًا؛ وإنما كان ورعًا، وخشية لله، واشتغالاً عما لا ينفع بما ينفع" .
ولقد تميَّز الصحابة في العقيدة وفهمها بعدة مميزات، أهمها:
أ- أنهم شاهَدُوا التنزيل، وعاشوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلقَّى هذا الوحي من ربِّه، الذي ينزل عليه مفرَّقًا حسب الوقائع والأحداث.
ب- أنهم أكثرُ الناس فهمًا لرسالته - صلى الله عليه وسلم - وما يتعلَّق بها من أحكام، سواء في العقيدة أو الشريعة، فهم العارفون بدقائقها، المدركون لحقائقها، وهم أكمل الناس علمًا وعملاً.
ج- لم يكن بينهم خلاف في أصول الاعتقاد التي تلقَّوها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما الأمور اليسيرة التي اختلفوا فيها في هذا الباب، فهي من سنن الاعتقاد؛ كرؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربَّه ليلةَ الإسراء والمعراج، هل كانت بقلبه أو بعينه؟ وهي لا تؤثِّر في هذه القاعدة العامة؛ لأن الخلاف فيها لا يعود على أصلٍ بالإبطال، وكان لها أسباب، منها أن يكون لبعض الصحابة من العِلم ما ليس عند الآخر؛ لكنهم - رضي الله عنهم - إذا جاءهم الدليل، خضعوا له بلا تردُّدٍ.
د- كان الصحابة يَسألون عما يُشْكِل عليهم، وهذا مشهور عنهم - رضي الله عنهم - فأمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - روي عنها أنها "كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه، إلا راجعتْ فيه؛ حتى تعرفه" .
• القاعدة الخامسة: التسليم لما جاء به الوحي، مع إعطاء العقل دوره الحقيقي:
وذلك بعدم الخوض في الأمور الغيبيَّة التي لا مجال للعقل في معرفتها، فنحن لا ننكر دور العقل؛ فهو مناط التكليف، ولكن نضعه من المكانة حيث وضَعَه الشرعُ.
فهو - كما قال ابن تيمية عنه -: "شرطٌ في معرفة العلوم، وكمالِ وصلاح الأعمال، وبه يكمل العلم والعمل؛ لكنه ليس مستقلاًّ بذلك، لكنه غريزة في النفس، وقوة فيها، بمنزلة قوة البصر التي في العين، فإنِ اتَّصل به نور الإيمان والقرآن، كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار، وإن انفرد بنفسه، لم يبصر الأمور التي يعجِز وحده عن دركها، وإن عُزل بالكلية، كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورًا حيوانية، قد يكون فيها محبة ووجد وذوق، كما قد يحصل للبهيمة، فالأحوالُ الحاصلة مع عدم العقل ناقصة، والأقوال المخالفة للعقل باطلة، والرسل جاءت بما يَعجِز العقلُ عن دركه، لم تأتِ بما يُعلم بالعقل امتناعُه" .
• القاعدة السادسة: عدم تقديم مقالات مبتدعة، ومقدمات عقلية، وجعلها حاكمة على النص:
لم يكن السلف يتلقَّون النصوص ومعهم مقدماتٌ عقلية يحاكمون النصوصَ إليها، كما فعلت المعتزلة وغيرهم، الذين وضعوا مقالاتٍ مبتدعةً، ووصفوها بأنها أصول عقلية، ثم جاؤوا إلى القرآن والسنة وما فيهما من دلالات في الاعتقاد، فما وجدوه مخالفًا لشيء من مقالاتهم، أوَّلوه أو أنكروا الاحتجاج به، وقدَّموا عليه مقالاتِهم وأقوالَ أئمتهم، وجعلوا كتابَ الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وراءهم ظِهْرِيًّا.
يقول ابن تيمية واصفًا أهلَ السنة والجماعة: "ولا ينصرون مقالةً ويجعلونها من أصول دينهم، وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتةً فيما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل يجعلون ما بُعث به الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والحكمة، هو الأصلَ الذي يعتقدونه ويعتمدونه" .
ويقول - رحمه الله -: "هم أهل الكتاب والسنة؛ لأنهم يؤثِرون كلامَ الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدِّمون هدْيَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - على هدي كلِّ أحدٍ، ويتَّبعون آثاره - صلى الله عليه وسلم - باطنًا وظاهرًا" .
• القاعدة السابعة: الجمع بين أطراف الأدلة:
فلا بد من الرجوع إلى النصوص الواردة في مسألة معيَّنة وجمعها، وعدم الاقتصار على بعضها، فجمعُ النصوص: يفصِّل المجمَلَ، ويبيِّن المبهَمَ، ويرفع التشابه، ويحكم النص، ويفسر النص على مراد الله ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا على أهواء البشر وآرائهم.
قال أحمد بن حنبل: "الحديث إذا لم تجمع طرقه، لم تفهمه، والحديث يفسر بعضُه بعضًا" .
يقول الشاطبي: "ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضمِّ أطرافها بعضها لبعض؛ فإن مأخذَ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو أن تؤخذ الشريعةُ كالصورة الواحدة، بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها" .
• القاعدة الثامنة: ردُّ المتشابه للمحكَم وليس العكس كما هو عادة أهل البدع:
اتَّفق أهل السنة والجماعة على: "موافقة طريقة السلف من الصحابة والتابعين، وأئمة الحديث والفقه؛ كالإمام أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والبخاري، وإسحاق، وغيرهم، وهي ردُّ المتشابه إلى المحكم، وأنهم يأخذون من المحكم ما يفسِّر لهم المتشابهَ ويبيِّنُه لهم، فتتفق دلالتهم مع دلالة المحكم، وتوافق النصوصُ بعضُها بعضًا، ويصدِّق بعضُها بعضًا؛ فإنها كلها من عند الله، وما كان من عند الله، فلا اختلاف فيه ولا تناقُض؛ وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره" .
فالمعيار لمن أراد صحة الانتساب لمنهج أهل السنة والجماعة، والسير على دربهم، والاقتداء بهديهم: أن يتبع منهجهم، سواء في أصول الاعتقاد، أو أصول الاستدلال، ولا يخرج عن نهجهم بأصول في الاعتقاد مبتدعة، أو أصول في الاستدلال منحرفة.
أسأل الله أن يجعلنا منهم، وأن يحشرنا معهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــ
انظر "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" (1/51 - 71)، و"المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية"، لإبراهيم البريكان (23 - 36)، و"العقيدة في الله"، لعمر سليمان الأشقر (57 - 75)، و"منهج التلقي والاستدلال بين أهل السنة والمبتدعة"، أحمد الصويان، و"أهل السنة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى"، لمحمد عبدالهادي المصري (75 - 79)، "طريق الهداية مبادئ ومقدمات علم التوحيد"، لمحمد يسري (278 - 313)، "الثوابت والمتغيرات"، لصلاح الصاوي (51 - 60)، و"منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد"، لعثمان علي حسن (1/348).
"درء تعارض العقل والنقل" (10/ 304).
"مجموع الفتاوى" (20/164).
"درء تعارض العقل والنقل" (1/ 231 - 232).
"مجموع الفتاوى"(5/432).
"الإيمان"، لابن تيمية، (ص: 271، 272).
رواه أبو نعيم الأصفهاني في "الحلية" (8/361).
"فضل علم السلف على علم الخلف"، لابن رجب، (ص: 150).
رواه البيهقي في "مناقب الشافعي" (1/452).
"إحياء علوم الدين" (1/ 164)، و"درء تعارض العقل والنقل" (7/ 147).
"الإحياء" (1/ 164)، و"درء التعارض" (7/ 158)، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (145)، و"الحجة في بيان المحجة" (ص: 13).
القولان في "الإحياء" (1/ 164)، وفي "درء التعارض" (7/ 147) القول الأول فقط.
"مجموع الفتاوى" (3/ 346).
"إيقاظ الهمم" (ص: 104) .
ولا نناقش دعوى حديث آحاد لم يحتفَّ بالقرائن في باب العقائد؛ لأنها دعوى متوهمة، ليس عليها مثال واحد في هذا الباب.
"مجموع الفتاوى" (18/48).
"شرح العقيدة الطحاوية" (ص: 339، 340).
نقلاً عن "العقيدة في الله"، لعمر سليمان الأشقر (ص: 60).
"شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"، للالكائي (1/156).
"ذم الكلام"، للهروي، (ص: 315).
"فضل علم السلف على علم الخلف"، لابن رجب، (ص: 58).
رواه البخاري (103، كتاب العلم، باب: من سمع شيئًا فلم يفهمه، فراجع فيه حتى يعرفه).
"مجموع الفتاوى" (3/338، 339).
"مجموع الفتاوى" (3/347).
"مجموع الفتاوى" (3/157).
"الجامع لأخلاق الراوي"، للخطيب البغدادي (2/212).
"الموافقات" (1/245، 246).
"إعلام الموقعين" (2/294).
*******************
فوائد في الحديث 13
خبر الآحاد هل يفيد العلم أو الظن:
اختلف العلماء من الأصوليين وعلماء مصطلح الحديث فيه على ثلاثة أقوال:
1-أن الحديث الصحيح يفيد العلم ولو لم يكن له إلا طريق واحد وهو قول ابن حزم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وقال ابن القيم إنه قول مالك والشافعي وأحمد وأصحاب أبي حنيفة وداود بن علي واختيار أحمد شاكر وهو قول قوي..
2-أنه يفيد الظن مطلقًا، وإلى هذا ذهب بعض الأصوليين والفقهاء وهو قول أهل البدع من المعتزلة وغيرهم
3-أنه يفيد الظن، وقد يفيد العلم النظري بالقرائن، وله أنواع ثلاثة:
4-أن يكون مخرَّجًا في الصحيحين لتلقي العلماء لهما بالقبول ويستثنى من ذلك شيئان، أحدهما: ما انتقد عليهما، والثاني: ما كان معارضًا لغيره ولم يتبين وجه الجمع أو الترجيح أو النسخ فإنه يفيد العلم عنده، وممن ذهب إلى أن ما في الصحيحين يفيد العلم شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله، وابن الصلاح ونقله العراقي في شرحه على ابن الصلاح عن جماعة وعن أكثر أهل الكلام من الأشعرية وعن أهل الحديث قاطبة وهو اختيار ابن كثير والحافظ ابن حجر رحمهما الله.
إذا تعددت طرق الحديث وتباينت مخارجه كالحديث المشهور الذي لم يصل إلى حد التواتر، أن يرويه أربعة من أربعة طرق.
أن يكون الحديث مسلسلا بالأئمة ولا يكون غريبًا بأن لا ينفرد كل واحد بروايته، كالحديث الذي يرويه أحمد عن الشافعي عن مالك ولا ينفرد كل واحد.
وإذا اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة فلا يبعد أن يفيد القطع بأن يفيد العلم الضروري كالمتواتر.
والقول الأول هو الصواب وهو أن الحديث الصحيح يفيد العلم مطلقًا، والمراد العلم النظري، وأما القرآن والخبر المتواتر فإنه يفيد العلم الضروري وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، يراجع شرح نخبة الفكر
والخلاصة في إفادة خبر الآحاد العلم أو الظن إذا صح الحديث ثلاثة أقوال:
1-يفيد الظن مطلقًا.
2-يفيد العلم مطلقًا.
3-يفيد العلم بالقرائن، وأرجحها الثاني.
4-وهذا الخلاف فيما يفيده خبر الآحاد من العلم أو الظن، أما العمل به فإنه واجب باتفاق أهل السنة، ولم يخالف في هذا إلا أهل البدع من المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج وغيرهم، الذين يقولون: إن خبر الآحاد ظني الدلالة كما أنه ظني الثبوت، وبهذا القياس الفاسد ردوا نصوص الكتاب والسنة وقالوا: إنها لا تدل على إثبات الصفات؛ لأن دلالتها ظنية، كما أن نصوص السنة ظنية الثبوت، قالوا: والأدلة اللفظية لا تفيد اليقين وإنما الذي يفيد اليقين هي الأدلة العقلية فيسمونها قواطع عقلية وبراهين يقينية، أما الأدلة اللفظية فإن كان متواترا كالقرآن قالوا إن دلالته ظنية، وإن كان خبر آحاد كالسنة قالوا لا يحتج بخبر الآحاد في العقائد.
وهذا زيغ وانحراف نعوذ بالله، والصواب: وجوب العمل بخبر الآحاد والاحتجاج به في العقائد والأعمال، وهذا هو الذي عليه أهل السنة قاطبة، وقد عقد البخاري رحمه الله في صحيحه كتابا في الاحتجاج بخبر الواحد، وساق أدلة كثيرة.
وذهب ابن القيم إلى أن خبر الواحد إذا صح فإنه يفيد العلم وقرر ذلك ونصره في آخر كتابه مختصر الصواعق المرسلة.
وقال: إن ممن نص على أن خبر الواحد يفيد العلم مالك والشافعي وأصحاب أبي حنيفة وداود بن علي وأصحابه كأبي محمد بن حزم وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وقال الإمام أحمد في حديث الرؤية: نعلم أنها حق ونقطع على العلم بها، وقال القاضي، وظاهر هذا أنه يسوي بين العلم والعمل، وعن الإمام أحمد رواية أخرى تدل على أن خبر الواحد لا يفيد العلم.
قال ابن القيم وهذه رواية انفرد بها الأثرم وليست في مسألة ولا في كتاب السنة، وإنما حكاها القاضي أنه وجدها في كتاب معاني الحديث، والأثرم لم يذكر أنه سمع ذلك منه، بل لعله بلغه من عند واهم وهم عليه في لفظه، فلم يرو عنه أحد من أصحابه ذلك، بل المروي الصحيح عنه أنه جزم على الشهادة للعشرة بالجنة والخبر في ذلك خبر واحد.
وقد صرح الشافعي في كتبه بأن خبر الواحد يفيد العلم نص على ذلك صريحًا في كتاب اختلاف مالك ونصره في الرسالة المصرية، على أنه لا يوجب العلم الذي يوجبه نص الكتاب والخبر المتواتر.
قلتُ: مقصوده أن خبر الواحد يفيد العلم النظري أما القرآن والخبر المتواتر فإنه يفيد العلم الضروري.
قال ابن القيم ونحن نشهد بالله ولله شهادة على البت والقطع لا نمتري فيها ولا نشك على صدقهم ونجزم به جزمًا ضروريًّا لا يمكننا دفعه عن نفوسنا - إلى قوله -: ومن هذا إخبار الصحابة بعضهم بعضًا فإنهم كانوا يجزمون بما يحدث به أحدهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل أحد منهم لمن حدثه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: خبرك خبر واحد لا يفيد العلم حتى يتواتر - إلى قوله -: ولم يكن أحد من الصحابة ولا أهل الإسلام بعدهم يشكون فيما يخبر به أبو بكر الصديق عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم - إلى قوله: بل كانوا لا يشكون في خبر أبي هريرة مع تفرده بكثير من الحديث، ولم يقل له أحدٌ منهم يومًا واحدًا من الدهر: خبرك خبر واحد لا يفيد العلم .
إلى قوله: وكان أحدهم إذا روى لغيره حديثًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصفات تلقاه بالقبول واعتقد تلك الصفة به على القطع واليقين، كما اعتقد رؤية الرب وتكليمه ونداه لعباده يوم القيامة بالصوت الذي يسمعه البعيد كما يسمعه القريب، ونزوله إلى سماء الدنيا كل ليلة، وضحكه وفرحه، وإمساك سماواته على إصبع من أصابع يده، وإثبات القدم له - إلى قوله: فهذا الذي اعتمده نفاة العلم عن أخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- خرقوا به إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة، و إجماع التابعين و إجماع أئمة الإسلام ووافقوا به المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج الذين انتهكوا هذه الحرمة وتبعهم بعض الأصوليين والفقهاء، وإلا فلا يعرف لهم سلف من الأئمة بذلك، بل صرح الأئمة بخلاف قولهم .
قلتُ: وذهب ابن عبد البر في كتاب التمهيد إلى أن خبر الآحاد يوجب العمل ولا يوجب العلم، وإليه ذهب النووي .
قال ابن كثير في كتابه الباعث الحثيث ص29 ثم حكى - أي ابن الصلاح -: أن الأمة تلقت هذين الكتابين الصحيحين بالقبول، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره، ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث، لأن الأمة معصومة عن الخطأ؛ فما ظنت صحته ووجب عليها العمل به لا بد وأن يكون صحيحًا في نفس الأمر، وهذا جيد.
وقد خالف في هذه المسألة الشيخ محيي الدين النووي وقال لا يستفاد القطع بالصحة من ذلك.
قلتُ: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه والله أعلم .
قال الشيخ أحمد محمد شاكر تعليقًا عليه: الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، وممن اهتدى بهداهم على بصيرة من الأمر: أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على أن معنى ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي إلتزمها كل واحد منهما في كتابه.
وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها، فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها، وانقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم، واحكم عن بينة والله الهادي إلى سواء السبيل ص 29.
وقال الشيخ أحمد شاكر في ص 30: والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة ما ذهب إليه ابن حزم ومن قال بقوله من أن الحديث الصحيح يفيد العلم القطعي سواء أكان في أحد الصحيحين أم في غيرهما، وهذا العلم اليقيني علم نظري برهاني لا يحصل إلا للعالم المتبحر في الحديث، العارف بأحوال الرواة والعلل، وأكاد أوقن أنه هو مذهب من نقل عنهم البلقيني، ممن سبق ذكرهم، وأنهم لم يريدوا بقولهم ما أراد ابن الصلاح من تخصيص أحاديث الصحيحين بذلك.
وهذا العلم اليقيني النظري يبدو ظاهرًا لكل من تبحر في علم من العلوم، وتيقنت نفسه بنظرياته، واطمأن قلبه إليها، ودع عنك تفريق المتكلمين في اصطلاحاتهم بين العلم والظن، فإنما يريدون بها معنى آخر غير ما تريد، ومنه زعم الزاعمين أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص إنكارًا لما يشعر به كل واحد من الناس من اليقين بالشيء ثم ازدياد هذا اليقين: قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّه قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيما نقله عنه ابن القيم وقد قسم الأخبار إلى تواتر وآحاد، فقال بعد ذكر التواتر:
وأما القسم الثاني من الأخبار: فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ولم يتواتر لفظه ولا معناه، ولكن تلقته الأمة بالقبول عملا به أو تصديقًا كخبر عمر بن الخطاب إنما الأعمال بالنيات .
وخبر ابن عمر نهى عن بيع الولاء وهبته، وخبر أنس دخل مكة وعلى رأسه المغفر، وخبر أبو هريرة لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها .
وكقوله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
وقوله: إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل .
وقوله في المطلقة ثلاثا: حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك .
وقوله: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ .
وقوله: إنما الولاء لمن أعتق .
وقول ابن عمر رضي الله عنهما: فرض النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر في رمضان على الصغير والكبير والذكر والأنثى .
وأمثال ذلك، فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من الأولين والآخرين.
أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع، وأما الخلف فهذا مذهب الفقهاء الكبار من أصحاب الأئمة الأربعة، والمسألة منقولة في كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية مثل السرخسي وأبو بكر الرازي من الحنفية، والشيخ أبي حامد وأبي الطيب والشيخ أبي اسحاق من الشافعية، وابن خواز منداد وغيره من المالكية، ومثل القاضي أبي يعلى وابن أبي موسى وأبي الخطاب وغيرهم من الحنبلية، ومثل أبي إسحاق الإسفراييني وابن فورك وأبي إسحاق النظام من المتكلمين.
وإنما النزاع في ذلك طائفة كابن الباقلاني ومن تبعه مثل أبي المعالي والغزالي وابن عقيل .
وقد ذكر أبو عمرو بن الصلاح القول الأول وصححه واختاره ولكنه لم يعلم كثرة القائلين به ليتقوى بهم، وإنما قاله بموجب الحجة الصحيحة، وظن من اعترض عليه من المشايخ الذين لهم علم ودين وليس لهم بهذا الباب خبرة تامة أن الذي قاله الشيخ أبي عمر وانفرد به عند الجمهور - إلى أن قال -: قال: وجميع أهل الحديث على ما قاله أبو عمرو والحجة على قول الجمهور أن تلقي الأمة للخبر تصديقًا وعملا، إجماعًا منهم، والأمة لا تجتمع على ضلالة - إلى قوله -: والأمة معصومة من الخطأ في رواياتها ورأيها ورؤياها، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر .
فجعل تواطؤ الرؤيا دليلا على صحتها... إلى أن قال: واعلم أن جمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب، كما ذكره الشيخ أبو عمرو ومن قبله من العلماء كالحافظ أبي الطاهر السلفي وغيره، فإن ما تلقاه أهل الحديث وعلماؤه فالتصديق والقبول فهو محصل للعلم مفيد لليقين، ولا غيره بمن عداهم من المتكلمين والأصوليين، فإن الاعتبار في الإجماع على كل أمر من الأمور الدينية بأهل العلم به دون غيرهم...
إلى قوله: فكما أن العلم بالتواتر ينقسم إلى عام وخاص فيتواتر عند الخاصة مالا يكون معلومًا لغيرهم فضلا أن يتواتر عندهم.. إلى قوله: وبالجملة فهم جازمون بأكثر الأحاديث الصحيحة قاطعون بصحتها عنه وغيرهم لا علم عنده بذلك، والمقصود أن هذا القسم من الأخبار يوجب العلم عند جمهور العقلاء... إلى قوله: وأما خبر الواحد الذي أوجب الشريعة تصديق مثله والعمل به، بأن يكون خبر عدل معروف بالصدق والضبط والحفظ، فهذا في إفادته للعلم قولان هما روايتان منصوصتان عن أحمد:
أحدهما: أنه يفيد العلم أيضًا وهو أحد الروايتان عن مالك اختاره جماعة من أصحابه، منهم محمد بن خواز منداد واختاره جماعة من أصحاب أحمد منهم ابن أبي موسى وغيره، و اختاره الحارث المحاسبي وهو قول جمهور أهل الظاهر، وجمهور أهل الحديث، وعلى هذا فيحلف على مضمونه ويشهد به.
الثاني: أنه لا يوجب العلم، وهو قول جمهور أهل الكلام، وأكثر المتأخرين من الفقهاء، وجماعة من أهل الحديث، وعلى هذا فلا يحلف على مضمونه ولا يشهد به .
قال ابن القيم قال ابن حزم وقال بعضهم لما انقطعت به الأسباب: خبر الواحد يوجب علما ظاهرًا، قال: وهذا كلام لا يعقل وما علمنا علمًا ظاهرًا غير باطن، ولا علما باطنًا غير ظاهر، بل كل علم يتيقن فهو ظاهر لمن علمه وباطنه في قلبه، وكل ظن لم يتيقن فليس علمًا أصلا، لا ظاهرًا ولا باطنًا، بل هو ضلال وشك، وظن محرم القول به في دين الله .
ثم استدل ابن القيم على أن خبر الواحد العدل يفيد العلم بإحدى وعشرين دليلا فليراجع من ص 394- إلى ص 406.
أقول الخلاصة في خبر الواحد العدل هل يفيد العلم والظن؟
الجواب: أن خبر الواحد العدل نوعان:
1- أن تتلقاه الأمة بالقبول: تصديقًا وعملا به وجمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة من الأولين والآخرين، فهذا محصل للعلم مفيد لليقين، أما لسلف فلم يكن بينهم نزاع بل هم متفقون، وأما الخلف فهو مذهب الفقهاء الكبار من أصحاب الأئمة الأربعة، والأئمة الأربعة وهذا القسم من الأخبار يوجب العلم عند جمهور العقلاء.
وإلى هذا القول ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وقرره ونصره ابن القيم والحافظ ابن الصلاح والحافظ ابن كثير والحافظ ابن حجر والحافظ العراقي وهو قول ابن حزم واختيار أحمد شاكر وهو الصواب.
وذهب طائفة إلى أنه يفيد الظن ولا يفيد العلم، كابن الباقلاني ومن تبعه مثل أبي المعالي الجويني والغزالي وابن عقيل وهو قول النووي وابن عبد البر في كتابه التمهيد، وهو قول أهل البدع من المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج .
2- خبر الآحاد التي أوجب الشريعة تصدق مثله والعمل به وهو خبر العدل المعروف بالصدق والضبط والحفظ فهذا في إفادته للعلم قولان: هما رويتان منصوصتان عن أحمد وهما روايتان عن مالك .
أحدهما: أنه يفيد العلم وهو قول جماعة من أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب مالك وهو قول جمهور أهل الظاهر وجمهور أهل الحديث، وهو قول الشافعي وأصحاب أبي حنيفة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وداود ابن علي وأصحابه كابن حزم وأحمد شاكر وهو الصواب.
والثاني: أنه لا يوجب العلم، وإنما يفيد الظن وهو قول جمهور أهل الكلام وأكثر المتأخرين من الفقهاء، وجماعة من أهل الحديث منهم النووي وابن عبد البر وهو قول بعض الأصوليين، وقول بعض أهل البدع من المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج .
http://shrajhi.com/?Cat=3&SID=529
***************************
حجية خبر الآحاد
تتابع أئمة الهدى وسلف الأمة الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم على الاحتجاج بالسنة وتوقيرها والرجوع إليها في كل صغيرٍ وكبيرٍ والحذر من مخالفتها أو تركها ، أو التقدم عليها ، من غير تفريق بين متواترها وآحادها ، حتى شذت طوائف عبر التاريخ لم تقم للسنة وزناً ، ولم ترفع بها رأساً ، فمنهم من رفضها جملة وتفصيلاً ، وأنكر أن تكون أصلاً من أصول التشريع ، زاعمين أن في القرآن غنية لهم عن كل ما سواه ، وأنه يتعذر الاطمئنان إلى الأحاديث من جهة الشك في طريقها ، وأنه يجوز على رواتها الخطأ والنسيان والكذب ، فقالوا بوجوب الاقتصار على القرآن ، ومنهم من لجأ إلى التشكيك في بعض أنواعها ، فرأى الحجية في نوع منها دون غيره ، وقالوا : لا نقبل من السنة أخبار الخاصة التي تعرف عند المحدثين بأخبار الآحاد ( وهي ما لم تجمع شروط التواتر ) زعماً منهم أنها لا تفيد اليقين ، ورفضوا العمل والاحتجاج بها ، مهما كان رواتها من العدالة والضبط ، ولم يعتمدوا إلا ما تواتر نقله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأسقطوا بذلك جملة من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تعارض ما ابتدعوه في أبواب الدين ، وسدُّوا جميع الطرق أمام معرفة الله وأسمائه وصفاته ، وفي مقابل ذلك أحالوا الناس على أمور وهمية ، ومقدمات خيالية سمُّوها - بزعمهم - قواطع عقلية وبراهين يقينية قدَّموها على الوحي ، وحاكموا النصوص إليها .
وقد تكاثرت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وأقوال السلف - بل وإجماعهم - على الاحتجاج بحديث الآحاد ، ولزوم العمل به :
فمن أدلة القرآن : قوله تعالى :{فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ( التوبة 122) ، فقد حث الله عز وجل المؤمنين - في هذه الآية على أن تنفر من كل فرقة طائفة تقوم بمهمة التفقه والبلاغ ، ولفظ الطائفة يتناول الواحد فما فوقه ، مما يدل على قيام الحجة بخبرها .
ومنها قوله سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } ، وفي قراءة {فتثبتوا } (الحجرات 6) ، فهذه الآية دلت على أن الخبر إذا جاءنا عن الثقة العدل فإن الحجة تقوم بخبره ، ولا يلزمنا التثبت فيه ، وأما الفاسق فهو الذي يجب أن لا نقبل خبره إلا بعد التثبت والتبين .
ومنها قوله سبحانه : {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } (النحل 43) ، فأمر من لم يعلم أن يسأل أهل الذكر وهم أولو الكتاب والعلم ، وهو يشمل سؤال الواحد والمتعدد ، ولولا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لما كان لسؤالهم فائدة .
وقوله سبحانه : {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } (المائدة67) ، فأمر - صلى الله عليه وسلم – بتبليغ الدين للناس كافة وقام بذلك خير قيام ، ولو كان خبر الواحد لا تقوم به الحجة لتعذر وصول الشريعة إلى كافة الناس ولما حصل البلاغ ، ومعلوم أن التبليغ باق إلى يوم القيامة والحجة قائمة على العباد .
كما حكى الله عن بعض أنبيائه ورسله السابقين ما يدل على قبولهم لخبر الواحد ، والعمل بمضمونه ، فموسى عليه السلام قبل خبر الرجل الذي جاء من أقصا المدينة يسعى قائلاً له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ، فجزم بخبره وخرج هارباً ، وقبل خبر بنت صاحب مدين لما قالت له : {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } ( القصص 25) ، وقبل خبر أبيها في دعواه أنهما ابنتاه ، فتزوج إحداهما بناء على خبره .
وقبل يوسف عليه السلام خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له : {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } (يوسف50) ، وثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي ) .
وأما أدلة السنة فأكثر من أن تحصر ومنها حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) رواه ابن ماجه وغيره ، وفيه ندب - صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها حتى ولو كان المؤدي واحداً ، مما يدل على قيام الحجة بخبره ، فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لم يكن لهذا الندب فائدة تذكر .
وحديث مالك بن الحويرث حين وفد مع بعض قومه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) متفق عليه ، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن بليل ، ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم ) رواه البخاري وغيره وفي رواية لابن عمر : ( إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) متفق عليه ، ففي هذه الأحاديث الأمر بتصديق المؤذن ، والعمل بخبره في دخول وقت الصلاة ، والإفطار والإمساك مع أنه واحد ، ولم يزل المسلمون في كل زمان ومكان يقلدون المؤذنين ، ويعملون بأذانهم في هذه العبادات ، وهو من أوضح الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد .
واشتهر بعثه - صلى الله عليه وسلم - الآحاد من صحابته ، واعتماده على أخبارهم وعمله بموجبها ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة و زيد بن خالد في قصة العسيف ، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم- : ( واغد يا أنيس - لرجل من أسلم إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ) ، فاعترفت فرجمها ، فاعتمد - صلى الله عليه وسلم- خبره في اعترافها ، مع ما فيه من إقامة حد ، وقتل نفس مسلمة ، وفي يوم الأحزاب اكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم – بخبر الزبير وهو واحد حين قال : ( من يأتيني بخبر القوم؟ ) .
وتواتر عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يبعث الآحاد إلى الجهات القريبة والبعيدة ويحملهم أمور الدعوة والتبليغ وتعليم الناس أحكام الإسلام وشرائعه ، والنيابة عنه في الفتوى والقضاء والفصل في الخصومات ، فمن ذلك ما رواه الشافعي بإسناد صحيح عن عمرو بن سليم الزرقي عن أمه قالت : " بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : " إن هذه أيام طعام وشراب فلا يصومن أحد " ، وحديث يزيد بن شيبان قال : كنا في موقف لنا بعرفة ، بعيداً عن موقف الإمام ، فأتانا ابن مربع الأنصاري قال : " أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم ، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " رواه الترمذي وغيره ، وقال لأهل نجران – كما في الصحيحين : ( لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين ) ، فبعث أبا عبيدة رضي الله عنه ، وبعث - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر سنة تسع على الحج ، فأقام للناس مناسكهم نيابة عنه - صلى الله عليه وسلم- ، وبعث علياً تلك السنة فنبذ إلى قوم عهودهم ، وبلغ عنه أول سورة براءة ، وبعث قيس بن عاصم ، و الزبرقان بن بدر ، و مالك بن نويرة إلى عشائرهم ، لتعليمهم الأحكام ، وقبض الزكاة ، وبعث معاذاً و أبا موسى و عماراً وغيرهم إلى جهات متفرقة باليمن .
واشتهر أيضاً بعثه الأمراء في السرايا والبعوث ، وأمره بطاعتهم فيما يخبرون عنه ، وكذلك كتبه التي بعثها إلى الملوك في زمانه ، كان يتولى كتابتها واحد ، ويحملها شخص واحد غالباً ، كما بعث دحية الكلبي بكتابه إلى هرقل عظيم الروم ، و عبدالله بن حذافة إلى كسرى.
ومثلها كتبه التي كان يبعثها إلى ولاته وعماله بأوامره وتعليماته ، يكتبها واحد ، ويحملها واحد ، ولو لا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لكان بعثهم عبثاً ، ولحصل التوقف من المدعوين ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال لمن علمه شيئاً من الدين ، أو طلب منه جزية ، أو زكاة أو نحوها : إن خبرك لا يفيد العلم ، فأنا أتوقف حتى يتواتر الخبر بما ذكرت .
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قبول خبر الواحد والاحتجاج به ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال : " إن هذا خبر واحد يمكن عليه الخطأ فلا تقوم به الحجة حتى يتواتر ، ولو قال أحد منهم ذلك لنقل إلينا ، وقد نقلت عنهم في هذا الباب آثار لا تحصى منها :
ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة " ، ولولا حصول العلم لهم بخبر الواحد ، لما تركوا المعلوم المقطوع به عندهم لخبر لا يفيد العلم ولا تقوم به الحجة .
وحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين قال : " كنت أسقي أبا طلحة و أبا عبيدة ، و أبي بن كعب شراباً من فضيخ ، فجاءهم آت ، فقال : إن الخمر قد حرمت ، فقال أبو طلحة : قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها " ، حيث قطعوا بتحريم الخمر ، وأقدموا على إتلاف ما بأيديهم من مال تصديقاً لذلك المخبر ، ولم يقولوا : نبقى على حلها حتى يتواتر الخبر ، أو نلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، مع قربهم منه ، ولم ينقل أنه أنكر عليهم عدم التثبت .
وكذلك قضاء عمر رضي الله عنه في الجنين حين قال لأصحابه : " أَذْكَرَ الله امرأً سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين شيئاً ، فقام حمل بن مالك فقال : " كنت بين جارتين لي ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح ، فألقت جنيناً ميتاً ، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بغرة ، فقال عمر :" لو لم نسمع به لقضينا بغيره " ورجوعه بالناس حين خرج إلى الشام فبلغه أن الوباء قد وقع بها ، لما أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ( إذا سمعتم به ببلدة فلا تقدموا عليه ) متفق عليه ، وقبل خبر عبد الرحمن أيضاً في أخذ الجزية من مجوس هجر ، بعد أن قال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ، وغيرها كثير .
ولم يزل سبيل السلف الصالح ومن بعدهم قبول خبر الواحد الثقة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والاحتجاج به ، حتى جاء المتكلمون فخالفوا ذلك ، قال الإمام الشافعي رحمه الله ( الرسالة 1/451) : " وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ، ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذا السبيل ، وكذلك حكي لنا عمن حكي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان ......ومحدِّثي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله ، والانتهاء إليه ، والإفتاء به ، ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه ، ويقبله عنه من تحته ، ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة : أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه - بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي " أهـ .
وقال في ( الأم 7/460) : " لم أسمع أحداً - نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم - يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والتسليم لحكمه ، فإن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه ، وأنه لا يلزم قولٌ بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وأن ما سواهما تبع لهما ، وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد لا يختلف فيه الفرض وواجب قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، إلا فرقة سأصف قولها- إن شاء الله تعالى – " أهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله ابن القيم ( مختصر الصواعق 2/372 ) : " وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ، ولم يتواتر لفظه ولا معناه ، لكن تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له …....فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد من الأولين والآخرين ، أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع " أهـ.
وبهذا يتضح - بما لا يدع مجالاً للشك- حجية أخبار الآحاد ولزوم العمل بها في أمور الدين كله متى ما ثبتت عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم- ، وأن القول بعدم حجيتها قول باطل لا يعرف إلا عن أهل البدع ومن تبعهم ، ولو ترك الاحتجاج بها لهجرت السنة ، وتهاوت أركان الشريعة ، واندثر الحق ، قال الإمام ابن حبان في مقدمة صحيحة (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (1/156) : " فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد " ، إلى أن قال : " وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد ، فقد عمد إلى ترك السنن كلها ، لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد " .أهـ .
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=27223
***************************
شبهات حول حجية خبر الآحاد
سبق في مقال ( شبهات حول حجية السنة ) أن منكري السنة على قسمين ، قسم أنكرها صراحة ودعا إلى نبذها بالكلية سواءً أكانت متواترة أم آحادية زعماً منهم أنه لا حاجة إليها وأن في القرآن غنية عنها ، وقسم لجأ إلى التشكيك في بعض أنواعها حين فشل في الطعن فيها كلية فرأى الحجية في نوع منها دون غيره ، فردوا الأخبار التي لم تصل إلى حد التواتر زعماً منهم أنها لا تفيد اليقين ، ورفضوا العمل والاحتجاج بها .
وكانت المعتزلة من أوائل من أثار هذه القضية ، وذلك ليتسنى لهم العبث في النصوص وردِّ ما يحلو لهم منها ، فأسقطوا بذلك جملة من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تعارض ما ابتدعوه في أبواب الدين ، وسدُّوا جميع الطرق أمام معرفة الله وأسمائه وصفاته ، وفي مقابل ذلك أحالوا الناس على أمور وهمية ومقدمات خيالية سمُّوها - بزعمهم - قواطع عقلية وبراهين يقينية قدَّموها على نصوص الوحي ، وحاكموا النصوص إليها .
وق
هلا والله اختي الله يسعدك على ردك في موضوعي كفيتي ووفيتي
يارب يارب يارب تحقق كل مناها ياكريم وتعطيها كل اللي نفسها فيه يارب
وربي فرحتيني عسى ربي يفرح قلبك ويدخل السعاده والرضا في قلبك
ويعطيك لين يرضيك ويساعدك مثل ماساعدتيني ربي يبارك في عمرك وفي مالك وحلالك واهلك
والله اني دعيت لك بين الآذان والاقامه ويارب تستجيب دعائي
اللهم صل وسلم على نبيك ورسولك محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم
يارب يارب يارب تحقق كل مناها ياكريم وتعطيها كل اللي نفسها فيه يارب
وربي فرحتيني عسى ربي يفرح قلبك ويدخل السعاده والرضا في قلبك
ويعطيك لين يرضيك ويساعدك مثل ماساعدتيني ربي يبارك في عمرك وفي مالك وحلالك واهلك
والله اني دعيت لك بين الآذان والاقامه ويارب تستجيب دعائي
اللهم صل وسلم على نبيك ورسولك محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم
الصفحة الأخيرة