الشامخة الخالدي @alshamkh_alkhaldy
محررة ذهبية
بين ابن عثيمين و ميتران
س/ ما حكم لبس (البنطلون) الذي أنتشر في أوساط النساء مؤخراً ؟
جواب/ أرى ألا ينساق المسلمون وراء هذه الموضة من أنواع الألبسة التي ترد إلينا من هنا وهناك ، وكثير منها لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة مثل الألبسة القصيرة أو الضيقة جداً أو الخفيفة ، ومن ذلك البنطلون فإنه يصف حجم رجل المرأة وبطنها وخصرها وثديها وغير ذلك ، فلابسته تدخل تحت الحديث الصحيح : ((صنفان من أهل النار....)) فنصيحتي لنساء المؤمنين ولرجالهن أن يتقوا الله عز وجل وأن يحرصوا على الزي الإسلامي الساتر وألا يضيعوا أموالهم في اقتناء مثل هذه الألبسة . والله الموفق.
كتبها فضيلة الشيخ
محمد بن عثيمين رحمه الله
تحتشد في فرنسا الحشود الكبيرة ، وفي الساحة العظيمة ويقف الرئيس الفرنسي السابق (فرانسوا ميتران) يخطب في الجموع المحتشدة ، يذكرهم بعظمة الأمة الفرنسية ، وأنها تعد من أسبق الأمم لمفردات الحضارة والثقافة ، فيشحذ فيهم الهمم والعزيمة كي يفتخروا بأصالتهم ومجدهم وعراقتهم ، ثم يلفت نظرهم إلى ظاهرة أزعجته بدأت تدب بين الشباب والشابات. هذه الظاهرة التي أقلقت الرئيس الفرنسي ليست ظاهرة تفشي المخدرات ولا تفشي الدعارة بل ظاهرة تفشي لبس بنطال الجينز!
أمر مضحك حقاً..رجل أوربي يحذر أمته من لبس بنطال الجينز!؟ وهل الفرنسيون يلبسون غير البنطال؟
لكن المسألة ليست بنطال فقط! بل بنطال الجينز!
نعم الجينز لباس صنع في أمريكا ، فهو علامة مميزة للرجل الأمريكي ، والرئيس الفرنسي يكره لأمته أن تكون تابعة لأي أمة حتى في لباسها ، والبنطال الفرنسي أولى وأجدر عنده بأن يلبس ويفتخر به ، ويعلم فرانسوا ميتران أن الثقافة هي عامل البقاء لأي أمه من الأمم ، وأن أي احتلال لأي أمه وسلب أراضيها ، يسبقه احتلال لعقول ناشئتها وأبنائها.
الرئيس الفرنسي أبدى قلقه لأنه رجل يفتخر بفرنسيته ويكره أن يستعمر الأمريكان (وهم من ملة واحدة) عقول الشباب الفرنسي ، ولأنه يعلم أن تقليد الغرب نابع من التعظيم والإجلال!
ولذلك يقول العلامة ابن خلدون ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة : ((الأمة المغلوبة مولعة بتقليد الأمة الغالبة))!
نعم الأمة المغلوبة نفسياً وسياسياً وعقلياً وتقنياً وتكنولوجياً وحضارياً، تظل تبحث في جعبة الأمم الغالبة لعلها تجد فتاتاً متساقطاً من موائدها فتقتات عليه.
ولكن هذا التقليد لا يقع ـ مع الأسف ـ على الأمور الحضارية الحسنة بل يقع على توافه الأمور وقشورها!
يعرف المفكر (إدوار تيلور) الثقافة فيقول: ((هي ذلك الكل المركب من معرفة وعقائد وشرائع وعادات وتقاليد وقدرات)).
فالعقيدة ثقافة، والعادات ثقافة، واللغة ثقافة، والشريعة ثقافة، والثقافة هي التي تميز الأمم بعضها عن بعض.
والثقافة تبدأ من القلب والعقل (الإيمان والعقيدة) حتى تنتهي بالشكل الخارجي من هيئة وملبس وعادات وأكل وشرب ، ولذلك لا نستغرب أن يقوم رجل مثل الرئيس الفرنسي السابق (فرانسوا ميتران) بتحذير شعبه من ظاهرة انتشار الجينز الأمريكي ، الذي يختلف عن البنطال الفرنسي ، مما يهدد عادات المجتمع الفرنسي بالتفكك والانحلال ، كي تحل الثقافة الأمريكية محل الثقافة المحلية!
نعود من حيث بدأنا.. إلى فتوى سماحة العلامة ابن عثيمين رحمه الله ، لقد سمعت من يتعجبون من فتواه.
ولكن ماذا ستقول إذا سمعت الرئيس الفرنسي (الأوربي المتحضر) ينهى ويأمر أمته بالتخلي عن بنطال الجينز؟؟!
إن الذي أنعم الله عليه بعقل ضيق ، ينظر للأمور بسطحية كبيرة ، ويقول المسألة لبس فقط والقضية كلها قماش!
ولم يعلم هذا المسكين أن القضية قضية ثقافية واستقلالية الشعوب بعقائدها وعاداتها وممارساتها.
يقول الرئيس الإفريقي (مانديلا) : ((حرروا عقولكم من ثقافة الرجل الأبيض ، تحرروا أرضكم من هيمنته))!
وإذا عرفنا ذلك فإننا نعرف موطن الداء والدواء ، موطن الداء هو في الثقافة الخاطئة التي يتلقاها الجيل اليوم ، بدءاً من الصور المتحركة الممتلئة بإيماءات السخرية من الإيمان والعقائد ، ومروراً بالأفلام الأجنبية والتي تحمل طابعاً ثقافياً يختلف ويتنافي مع طابع الثقافة المحلية ذات الخصوصية ، وأيضاً السلوكيات الخاطئة والمنحرفة التي يشاهداها أو يتعلمها الطفل في البيت عن طريق الخادمة أو السائق ، وهكذا يتلقى النشء ثقافته المغايرة لثقافة أمته ، فيكون الانفصال بين عقلية الجيل المستوردة ، وبين عقلية الأمة المحلية.
وإذا كان جيل اليوم يتلقى ثقافة لقيطة لا أب لها ولا أم ، وبذلك ينشأ لديه ولاء مهتز ومرتبك تجاه دينه وأمته ووطنه ، بل ـ وهنا تكمن الخطورة ـ قد ينشأ لديه ولاء مغاير لدينه ووطنه ، بسبب الثقافة التي تلقاها والتي تغاير وتضاد ثقافة أمته ، ووطنه!
إن بعضاً جيل اليوم ينظر بكراهية واشمئزاز لأمته ووطنه ، وينظر باحترام وتوقير للغرب ، ذلك بسبب الثقافة التي تلقاها فصنعت له ولاءً للغرب ، بدلاً من أن تصنع له ولاءً لدينه ووطنه.
إننا إذا أردنا أن يكون أبناؤنا أصحاب ولاء متميز لدينهم ووطنهم ، فعينا أن نقدم لهم تلك الثقافة التي يتغذون منها وتصوغ عقلياتهم ، فنصنع لهم ذلك الولاء الذي نريد ، ولاء يجعل الأمة في لحمة متينة بين ماضيها وحاضرها ، وبين دينها وعقليتها ، ولاء ينبع من ثقافة أصيلة ، وثقافة تنبع من الجذور العميقة لأمتنا العربية والإسلامية ، بعيداً كل البعد عن الثقافات الرخيصة والممجوجة ، التي تبثها القنوات الفضائية ، أو تقدمها الأفلام الأجنبية ، أو تكرسها القصص الغرامية.. نريد ثقافة تصنع الولاء في شبابنا وفتياتنا لدينهم ووطنهم ، وتدفعهم طواعية للدفاع عنه وحبه والإخلاص له ، دون ضغوط ولا إكراه.
مجلة الأسرة العدد96
0
404
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️