هذه دعوة لكل مواطن عربي وكل سياسي حر، بأن يأخذ من "جورج" النموذج والقدوة في الشجاعة والمروءة وإغاثة الملهوف.
هل عرفت عزيزي القارئ عن أي "جورج" أتحدث؟
بالرغم من أنه ليس منا، إلا أنك تشعر أنه أقرب إلينا والى قضايانا من الكثير ممن يعيشون بيننا ويتسمون بأسمائنا.
إنه "جورج".. الذي حلق عالياً مع النسور في سمائنا العربية، فصار رمزًا للتحدي والمقاومة، ووهب نفسه لنصرة قضايا العرب بشكل أثار إعجاب البعض وأحرج البعض الآخر.
وهو أيضا "جورج".. المواطن الوحيد من خارج الولايات المتحدة الذي قدم شهادته أمام الكونجرس حول الحرب على العراق، ليصف حكام أمريكا وأعضاء الكونجرس فيها بأنهم صهاينة ومحافظين جدد ومضللين ومزيفي حقائق وتلاميذ فاشلين ، ووصف نظام حكمهم بأنه حكم الغوغاء المحبة للحرب.
وهو كذلك صاحب الحوار الشهير مع مراسلة قناة "سكاي نيوز" في القدس المحتلة، عندما هاجم وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية المنحازة للكيان الصهيوني، ووصف أسئلة المراسلة المتحيزة بأنها (سخيفة)، وقبل أن تستكمل المذيعة أسئلتها فاجأها بقوله: "الكذب يظهر علي تعبيرات وجهك، فأنتم الصهاينة لا تفهمون إلا لغة الدم..هل تعرفين اسم شخص واحد من الأسرة التي قتلتها إسرائيل علي شواطئ غزة؟ أنت تعرفين كل شيء عن الجندي الأسير، ولكن مشكلتكم أنكم تعتبرون الدماء الإسرائيلية أغلى من الدماء الأخرى".
إنه "جورج غالاوي" نائب البرلمان البريطاني، والمواطن الوحيد في العالم الذي خاض الصعاب وقاتل ثلاث مرات من أجل قيادة قوافل الإغاثة لكسر الحصار عن غزة، وآخر محاولاته لا تزال مستمرة حتى كتابة هذه السطور.
وُلد "جورج غالاوي" في اسكتلندا عام 1954 لأسرة أيرلندية كاثوليكية متدينة، انضم لحزب العمال البريطاني ونشط فيه، حتى أنه انتخب أمينًا عامًا لفرع الحزب في اسكتلندا وكان آنذاك في السادسة والعشرين من عمره، أصبح نائباً في البرلمان للمرة الأولى ممثلاً عن حزب العمال عام 1987 وعرف عنه صراحته غير المعهودة، وجرأته وانتقاداته الساخنة لأداء حكومته التي ينتمي إليها، خاصةً في القضايا العربية الجوهرية كالقضية الفلسطينية واحتلال العراق، وصل الصدام بينه وبين حزب العمال إلى مداه عام 2003 حين عارض بشدة الحرب على العراق، واعتبر أن "توني بلير" و"جورج بوش" كذبا على شعوبهما وجرا بلادهما إلى الحرب بناء على مجموعة من الأكاذيب، وبسبب هذه التصريحات والمواقف تم طرده من حزب العمال ليؤسس حزب الاحترام "respect"، الذي يضم المعارضين لحرب العراق، حيث خاض الانتخابات عام 2005 ليكسب مرة أخرى مقعداً في البرلمان، وفي أعقاب فوزه وجه خطاباً لرئيس الوزراء "بلير" قائلا: "من أجل العراق يا سيد بلير، من أجل كل من قتلت هناك، فقد عدت مرة أخرى لأطاردك".
وإذا كان الجميع اليوم ينظر بعين الإعجاب والتقدير لمجهود "جورج غالاوي " في مناصرة القضية الفلسطينية لدرجة أنه تزوج من الأكاديمية الفلسطينية "أمينة أبو زيّاد" في العام 2000، فلا بد لنا أن نتذكر بأن من يقف خلف هذا الحماس شاب مجهول، قد لا نعرف اسمه.. ولكن نتائج فعله لا تزال باقية حتى الآن، كان ذلك الشاب إيجابيًا، يعيش القضية بكل كيانه، وكان يرغب في توصيل صوت الفلسطينيين إلى البرلمان البريطاني، وعندما عثر على "غالاوي" في العام 1975 فوجئ بأنه لا يعرف شيئا عن فلسطين ، فجلس معه الشاب لمدة ساعتين يشرح له الجرائم التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني وكيف شرد من أرضه، وعن أحوال اللاجئين المزرية، وبعد ذلك اللقاء زار السيد "غالاوي" مخيمات اللاجئين بلبنان، وتأثر كثيرًا عندما وجدهم لا زالوا يحملون مفاتيح بيوتهم في فلسطين، وهناك التقى بكثير من المناضلين الفلسطينيين كياسر عرفات وأبو جهاد وأبو إياد وجورج حبش وغيرهم، ومنذ ذلك الحين أصبح من أوائل المناصرين للقضية الفلسطينية، بل أصبح كواحد من الفلسطينيين، فأسس في العام 1980 إتحاد أصدقاء فلسطين برئاسته، وعندما اندلعت الحرب الصهيونية على لبنان عام 1982، سافر إلى هناك مع زميله الصحفي "روبرت فيسك" ليشكلا في لندن لجنة طوارئ وإغاثة ضد الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان.
يرى "غالاوي" أن له دور مهم في تشجيع الآخرين على قيم الحرية والعدالة، وفتح الأبواب المغلقة التي يخشاها الغير، ولعل المثال الأبرز هو حملته لإلغاء الحصار الاقتصادي على العراق وقيامه بزيارة "صدام حسين" عام 1994 و 2002، حين قام بحملة عرفت باسم "قافلة مريم"، وصل فيها إلى العراق بحافلة حمراء، وهو ما شجع قادة وسياسيون آخرون (مثل هوجو شافيز) لكسر الحصار على العراق، وتشجع من بعدهم بعض الزعماء العرب.
وإذا كان جورج -كما تصفه وسائل الإعلام الغربية- أفضل الخطباء في تاريخ السياسة البريطانية المعاصر، فقد استغل تلك المهارة في حشد المزيد من الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية، وأصبح يطوف حول العالم من أجل ذلك، ولعلنا نذكر زيارته الأخيرة للبحرين حينما هتف في الجماهير "جئتكم الليلة لتخرجوا دفاتر شيكاتكم ومحافظكم وتساعدوا إخوانكم الفلسطينيين، فهذا "واجب" -قالها بالعربية- على كل من يؤمن بالله أن يساعد أخيه، بغض النظر عن الاعتبارات السياسية للقضية، إن من يهتم بالقضية الفلسطينية في العالم قليلون وأنا واحد منهم، هؤلاء الذين تركوا لله ولم يبق لهم أحد، من أجلهم سنجمع اليوم مئات الآلاف من الدنانير".
جورج غالاوي... شكراً لك، فقد حركت فينا مشاعر وأحاسيس كادت أن تندثر، وأسمعتنا كلمات من قاموس النضال العربي كدنا أن ننساها، شكرا لك.. فقد ضربت لنا المثل والنموذج في الإيجابية، وأشعلت لنا نور الأمل أن نرى قريبًا من الساسة العرب من يجهز قافلة شريان الحياة 4، ويتحرك بها لفك حصار غزة، شكرًا لذلك الشاب الفلسطيني الذي أوصل القضية إليك فعشت من أجلها.
يا سادة.. لسنا أقل من ذلك الشاب، فدعونا نعش للقضية ونطرق كل أبواب صناع القرار، فقد نجد خلفها ألف ألف جورج
بنت غزة456 @bnt_ghz456
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
موووووووووضوع جا راائع