ثمرة الصدقة
محبٌّ لفعل الخير يسعى لمعاونة الآخرين فكان يوزع مدخوله الشهري على حاجيات أسرته ويتصدق بالباقي على المحتاجين، وكان يتفقد الأسر المحتاجة فيعطيهم مما رزقه الله تعالى ويرشد أهل الخير إليهم كي يتصدقوا عليهم ويساعدوهم على العيش الكريم.
ومع أنه لا دخل لديه سوى راتبه الشهري إلا أنه كان يعيش في بحبوحة من العيش مرتاح البال هادئ النفس مطمئن القلب، ووفقه الله عز وجل بزوجة طيبة تعينه على عمله وتحثه على فعل الخيرات وتشد من أزره فكانت له خير معين على العمل الصالح، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير متاع الدنيا المرأة الصالحة".
وفي يوم من الأيام كان يستعد للذهاب إلى المسجد لأداء صلاة العصر فقالت له زوجته: بعد أن تؤدي صلاة العصر اشتر حفَّاظات للأطفال.
أخرج الزوج محفظة نقوده ونظر فيها فلم يجد إلا دينارا واحدا فقال لزوجته: لعل الله يفرجها بعد الصلاة المهم الصلاة الآن.
وذهب يسعى إلى المسجد وهناك وقف أمام يدي الخالق عز وجل يؤدي سنة العصر وكان في سجوده يدعو الله أن يرزقه ويوسع عليه ثم جلس بعد أن صلى ورفع كفيه يدعو الله ويرجوه ويتوسل إليه، يدعوه من قلب خاشع ونفس مطمئنة فالله عز وجل قريب يجيب دعوة الداع إذا دعاه، وبعد أن أدى صلاة العصر جماعة خرج من المسجد وقلبه منشرح مؤمن متيقن بأن الله عز وجل سيفرج كربته، ودخل بيته فقابلته زوجته الطيبة بوجه بشوش وابتسامة مشرقة وفرحة قد ملأت عينيها وقالت له: تفضل.
قال: ما هذا؟! قالت: مئتا دينار.
قال: مئتا دينار؟ من أين أتيت بها؟!
قالت: كنت قد أرسلت ملابسك الشتوية كي نرسلها إلى المصبغة فالشتاء على الأبواب كما ترى.
قال: نعم ولكن كيف حصلت على هذه النقود؟
قالت: أخذت أفتش جيوب ملابسك حتى أتأكد من خلوها وإذا بي أجد هذا المبلغ في أحد جيوب ملابسك، مئتا دينار.
هنا قال الرجل الحمد لله وخرَّ ساجدا شاكرا لله على كرمه وجوده ورحمته بعباده.(1)
لقد كان هذا الرحل يتحسس أحوال الفقراء ويتفقد المحتاجين وكان ينفق إنفاق من لا يخش الفقر، وكان واثقا بأن الله هو الرزاق، فلما ضاقت حالته فرجها الله عز وجل ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
قال الله تعالى: " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا".(2)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: "جهد المقل وابدأ بمن تعول".(3)
(1) قص عليَّ هذه القصة الأخ سالم الخشان.
(2) سورة الطلاق: الآيتان 2،3
(3) رواه أبو داود
من كتاب "كما تدين تدان"
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خير
جعلنا الله وإياكي ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأدخلك فسيح جناته جنة الفردوس الأعلى
اللهم آمين