عن ابى ذر - رضى الله عنه -
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : يقول الله تبارك وتعالى :
( من جاء بالحسنة فله عشر امثالها او ازيد ومن جاء بالسيئة فجزاء
سيئة سيئة مثلها او اغفر ومن تقرب منى شبرا تقربت اليه ذراعا
ومن تقرب منى ذراعا تقربت منه باعا ومن اتانى يمشى اتيته هرولة
ومن لقينى بقراب الارض خطيئة ثم لايشرك بى شيئا لقيته بمثلها مغفرة )
فى هذا الحديث القدسى الجليل يبين الحق تبارك وتعالى جزاء
الاعمال الصالحة وزيادة الحسنات
ومضاعفتها وثواب المسارع الى الله
بالطاعة وجزاء من مات ولم يشرك بالله
قوله : ( من جاء بالحسنة ) اى من فعل حسنة او ثوابا او فعلا صالحا او عملا خيرا
فان ثوابه ( فله عشر امثالها او ازيد ) اى انى اجازيه احسانه بان اكتب له الحسنة
عشر حسنات او اضاعفها له الى ماشاء الى سبعمائة او اكثر.
قولة : ( ومن جاء بالسيئة ) هذا هو النقيض وكان الله يعقد مقارنة بين جزاء الصالح
والطالح والتقى والعاصى اولا عن الصالح التقى وهنا يتحدث عن العاصى اذا فعل سيئة
( فجزاء سيئة سيئة مثلها او اغفر ) اى فان جزاء سيئة واحدة على قدر سيئته وقد اغفر
له السيئة فلا اكتبها عليه وهذا يبين ان الله تعالى يعامل العاصى بكرم واحسان لعله يتوب
ويرجع عن معصيته وان العبد ربما يتوب بعد المعصية فيقبل الله توبته مادامت نيته صادقة
خالصة ويغفر له سيئتة ومعصيتة .
قولة : ( ومن يتقرب منى شبرا ) اى تقرب الى بالطاعات والحسنات والخيرات مقدار شبر .
( تقربت اليه ذراعا ) اى قبلته فى رحمتى واسرعت اليه اكثر منه الى وغفرت له ذنبه
( ومن تقرب منى ذراعا ) اى مقدار ذراع والمعنى من يتقرب الى تقربت اليه اكثر منه
وقربته الى .
( ومن اتانى يمشى اتيته هرولة ) من اسرع الى بطاعات قليلة جازيته عليها ثوابا
كبيرا وكلما زاد العبد العبد فى طاعة زدت اكثر منه فى المغفرة وقبوله .
تنبيه : لفظ ذراع ؛ باع ؛ هرولة كلها على سبيل المجاز لتقريب المعنى لعقول الناس
ولا تؤخذ على الحقيقة فالله تعالى منزه عن المماثلة والمشاكلة .
سبحانه وتعالى ( ومن لقينى بقراب الارض خطيئة ثم لايشركبى شيئا ) اى من جائنى بملء
الارض معاص وذنوب وخطايا وهولايشرك بى ويؤمن بى وبوحدانيتى فانى اجازيه حسنا
وهو (لقيته بمثلها مغفرة ) اى انى غفرت له ذنوبه طالما ان نيته حسنة واحسن الظن بالله
ولم يشرك به شيئا.
