جواز التحدث بنعمة الله من غير قصد الرياء والسمعة والتعالي على الناس
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فهذا تعليق كتبته حول من ينتقد بعض طلبة العلم لما يذكر بعض نعم الله عليه غير قاصد الرياء والسمعة ..
عَنِ النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم على الْمِنْبَرِ: ((من لم يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لم يَشْكُرِ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لم يَشْكُرِ الناس لم يَشْكُرِ اللَّهَ عز وجل، وَالتَّحَدُّثُّ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ)) رواه الإمام أحمد وغيره وإسناده حسن كما قال شيخنا الألباني رحمه الله، بل هو من أعلى مراتب الحسن لذاته.
وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ أُبْلِيَ فَذَكَرَهُ؛ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ؛ فَقَدْ كَفَرَهُ)) رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ(رقم4814)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيْخِ أَصْبَهَانَ(1/310)، وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَابرٍ - رضي الله عنه - وإسْنَادُهُ حَسَنٌ، بل صححه شيخنا الألباني على شرط مسلم كما في الصحيحة(رقم618).
وَهُوَ حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ لَهُ شَواهِدٌ مِنْهَا حَدِيْثُ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِالله ِ- رضي الله عنه - رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَم الكَبِيْر(رقم211)، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ(رقم836) وَغَيْرُهُمَا.
وأخرج ابن جرير في تفسيره (30/233) بسند صحيح عن أبي نصرة قال: "كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها".
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان عن إبراهيم بن الأشعث عن فضيل بن عياض قال: "كان يقال من شكر النعمة أن تحدث بها"
وعن قتادة من شكر النعمة إفشاؤها قال تعالى ( وأما بنعمة ربك فحدث )
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان(5/377) بسند لا بأس به عن أبي الأحوص قال: قال أبو إسحاق: "يا معشر الشباب، اغتنموا، قل ما تمر بي ليلة إلا وأقرأ فيها ألف آية، وإني لأقرأ البقرة في ركعة، وإني لأصوم الأشهر الحرم، وثلاثة أيام من كل شهر، والاثنين والخميس، ثم تلا: {وأما بنعمة ربك فحدث}".
وسئل شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عن حكم ثناء الإنسان على نفسه؟
فأجاب رحمه الله قائلاً: "الثناء على النفس إن أراد به الإنسان التحدث بنعمة الله - عز وجل - أو أن يتأسى به غيره من أقرانه ونظرائه فهذا لا بأس به، وإن أراد به الإنسان تزكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه -عزوجل -فإن هذا فيه شيء من المنة فلا يجوز وقد قال الله تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين}
وإن أراد به مجرد الخبر فلا بأس به لكن الأولى تركه.
فالأحوال إذاً في مثل هذا الكلام الذي فيه ثناء المرء على نفسه أربع:
الحال الأولى: أن يريد بذلك التحدث بنعمة الله عليه فيما حباه به من الإيمان والثبات.
الحال الثانية: أن يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظرائه على مثل ما كان عليه.
فهاتان الحالان محمودتان لما تشتملان عليه من هذه النية الطيبة.
الحال الثالثة: أن يريد بذلك الفخر والتباهي والإدلال على الله - عز وجل - بما هو عليه من الإيمان والثبات وهذا غير جائز لما ذكرنا من الآية.
الحال الرابعة: أن يريد بذلك مجرد الخبر عن نفسه بما هو عليه من الإيمان والثبات فهذا جائز ولكن الأولى تركه" انتهى كلامه رحمه الله.
فهذا كلام ذكرته لمقتضى الحال، وليس من أجل أن تمدحني أو تثني عليه والله يتولاني وإياكم
وأسأل الله الإخلاص لي ولك في القول والعمل
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
http://otiby.net/makalat/articles.php?id=256 منقول للفائده اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
حواء السلفيه
•
واياك غاليتي تشرفت بمرورك
الصفحة الأخيرة