حاولي أن تغفري ...... فالدنيا ماضية !
التنافس بين النسوة أمر جبلن عليه , والغيرة بينهن أشد ظهوراً منها بين الرجال , وهي بين الضرائر أشد وأقوى من غيرهن ..... وهكذا .
لكن الأخلاق الإسلامية تعلمنا أن نتجاوز هذا , فتصفو القلوب , وتتسامح النفوس , ويدعو كلٌ لأخيه , وكلٌ لأختها بالمغفرة.
فإذا علمت هذا أختنا المسلمة كان عليك أن تسمي بنفسك فوق مشاعر الغيرة , وتدافعيها في نفسك مهما كانت قوية , وتذكري الآخرة وما فيها من حساب شديد , والجنة وما فيها من نعيم عظيم , فتصرفي نفسك نحوها , وتزهدي في الدنيا ومتاعها الزائل .
لاأطلب منك أن تتجردي من مشاعرك , وتنتزعي من نفسك عواطفها فهذا أمر يكاد يكون مستحيلاً , فحتى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كان بينهن غيرة , وكان بينهن تنافس , لكن خلقهن الإسلامي كان الضابط لهذه المشاعر , فلا يتجاوزن خلقاً أو أدباً .
وتأملي هذه المصافاة .
وهذه المسامحة الكريمة , بين ثلاث من أمهات الؤمنين – رضي الله عنهن جميعاً – ففيها حث لك على مسامحة أخواتك في الله . أخرج ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها – قالت : دعتني أم حبيبة – رضي الله عنها – زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند موتها فقالت : قد يكون بيننا مابين الضرائر , فغفر الله لي ولك ماكان من ذلك , فقلت : غفر الله لك ذلك كله وتجاوز وحلّلك من ذلك , فقالت : سررتني سّرك الله , وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك .
أليس مشهداً مؤثراً : الموت اقترب من أم حبيبة – رضي الله عنها – فتستسمح عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما – فلا تترددان بالإستجابة , ويتبادلن جميعاً الدعاء بالمغفرة ؟!
إنها تذكرة لك أختي المسلمة , فقد مضت على هذه الأرض أجيال وأجيال , غادرتها جميعها دون أن تأخذ معها إلى ربها غير عملها.
وستمضين ياأخت , وسنمضي نحن جميعاً , ولن نحمل معنا غير عملنا , فإن كان عملنا صالحاً في معظمه , فقد فزنا وأفلحنا , وإلا فالحساب والعذاب .
إذا وضعت هذا في تصورك , وحاولت ألا يغيب عنك , فلا شك أنك ستغفرين لأخواتك في الله , ولقريباتك وصديقاتك , لأن في مغفرتك لهن أجراً ليس بالقليل .
واقرئي هذه الآيات الكريمة التي تحث المؤمنين على المغفرة لإخوانهم :
(( ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم )) النور: 22
وقوله تعالى (( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ماغضبوا هم يغفرون )) الشورى: 37
وقوله تعالى (( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )) الشورى : 43
وقوله تعالى (( وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم )) التغابن: 14
ويقول الله تعالى (( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لايرجون أيام الله )) الجاثية : 14.
قال الففضيل بن عياض : إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلاً فقل : ياأخي اعف عنه , فإن العفو أقرب للتقوى . فإن قال : لايحتمل قلبي العفو ولكن انتصر كما أمرني الله – عز وجل – فقل له : إن كنت تحسن أن تنتصر ( أي إذا أحسنت الإنتصار ولم تتجاوز به الحد فافعل ) وإلا فارجع إلى باب العفو فإنه باب واسع , وإنه من عفا وأصلح فأجره على الله , وصاحب العفو ينام على فراشه في الليل , وصاحب الإنتصار يقلب الأمور ( أي يفكر كيف سينتصر لنفسه , أي أسلوب يتبع , وأي طريق يسلك , هل يقول له كذا , أم يفعل كذا , وبالطبع فإن مثل هذا سيؤرقه فلا ينام ) .
واقرئي أختي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر فيه من يتجاوز عن أخيه , ويغضي عن إسائته : (( مامن عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله ,إلا أعزه الله تعالى بها ونصره )) رواه أبو داود وحديث (( مازاد الله تعالى عبداً بعفو إلا عزاً )) حديث صحيح .
والآن ,أختي المسلمة إذا صارت لديك قناعة بهذا العفو ، ورغبة في العمل به فاحرصي على مايلي :
1- إذا كنت قد قاطعت قريبة لك , لأي أمر ليس فيه مخالفة لشرع الله , فبادري إلى الاتصال بها أو زوريها , وإذا تحرجت من زيارتها وحدك , فاجعلي زيارتك لها ضمن مجموعة من القريبات .
2- ارغمي نفسك على العفو عند المقدرة , وقاومي في نفسك رغبتها في الانتصار المنتقم , واخفضي جناحك لأخواتك في الله , وضعي أمام نفسك دائماً هذهن الخيارين : الانتصار الذي لايترتب عليه الأجر , أم العفو والمغفرة اللتان تجلبان لك الثواب العظيم , والطمأنينة النفسية المريحة .
3- تذكري الموت باستمرار , فتذكر الموت يميت في النفس مشاعر الغضب والانتقام , ويدفع المؤمن إلى التفكير بالآجلة الباقية , ويصرفه عن العاجلة الزائلة , ومافيها من رغائب النفس .
ومما يساعدك على تذكر الموت :
* قراءة موعظة الصالحين .
* ذكر من مات في القريب من الأقارب والمعارف .
* تأملي سرعة مرور الأيام وتوالي الشهور والسنين .
أختي المسلمة :
أدعو الله لك أن يرزقك نفساً مطمئنة , تغفر ظلم الآخرين لها , وتتجاوز عن إساءات المسيئين والمسيئات , إنه سميع مجيب .
الفوائد المنتقاة :
1- الأجر العظيم الذي أعده الله للعافين عن الناس مع المقدرة .
2- ديننا الإسلامي دائماً وأبداً يدعو لما يسمو بالنفوس ويحقق لها رفعتها .
3- العفو عن الناس وكظم الغيظ له أثره الكبير على النفس فهو يمحو عنها إحساسها بالحقد والكراهية وتشعر النفس بتفاهة ذلك الموقف .
4- إن الله سبحانه وتعالى لايدعو لشيء إلا وفيه الحكمة من ذلك فالدعوة بالعفو والصفح من شأنه أن يؤدي إلى ترابط المسلمين وتماسكهم ويسمو بهم عن الأحقاد والتباغض .
كتاب / رسالة إلى مؤمنة
محمد العويد
أم فلـــــــوه @am_floh_1
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله أكبر
هذا ما نحتاج إليه في زمن أصبح العافي عن الناس ملة نادرة بل الأندر منه
المحسن لمن أساء إليه
إنها لكبيرة إلا على من له بصيرة بعواقب الأمور
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }
العفو خلق جميل ... فمن تتبعه في نفسه وتحراه الا كان في رضى وسعادة
في الدنيا والآخرة ... اللهم اجعلنا من أهل العفو لتعفو عنا
اللهم نقي قلوبنا وسرائرنا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس
اللهم ارفعنا بالعفو واعزنا به
اللهم بارك في أختنا الكريمة ...أم فلوه على
نقلها المبارك ... واجزها عنه كل خير
أختك أم علي :27:
__________________