يجمع أهل العلم والصلاح على أن الأسرة هي أعظم وأهم مؤسسة في هذا العالم. وهي المؤسسة التي يجب أن توضع لها كل الخطط والبرامج والوسائل لكي تحقق الأهداف المرجوة منها . إذ ليس من المقبول أن يضع البعض منا الخطط , والبرامج , والوسائل لإدارة بقالة صغيرة , ولا يعامل أسرته - المؤسسة الأهم - بالمثل .لذ فإننا حينما لا نخطط لأسرنا فإننا نخطط لفشلنا ولفشل مجتمعاتنا وتدميرها . ومقدار الخسارة التي نخسرها من جراء إهمال التخطيط لمستقبل أسرنا هو مقدار المكاسب التي يحققها أعداء الأمة والمتربصين بنا .
و من الأمور التي يجب الاهتمام بها في سبيل النهوض بمؤسستك الأسرية الخاصة هو
تخصيص لقاء أسبوعي ثابت لإدارة ومتابعة هذه المؤسسة ومراقبة تطورها , وضبط أدائها . في هذا اللقاء الأسبوعي يجتمع أفراد الأسرة يخططون لمستقبلهم ويتابعون شئونهم , يتزودون بما ينفعهم ويحلون مشاكلهم, ويستمتعون بوقتهم, ويزيدون أواصر المحبة فيما بينهم . . وهذا اللقاء يجب أن يعقد بصورة دورية ثابتة منتظمة لا يحول دون انعقاده حائل , ولا يمنع انعقاده مانع . وهو لقاء يجب أن يكون إ داري , روحي , ثقافي , ترفيهي كما ينصح المختصون . ومن باب التفصيل نقول :
أولا الجانب الإداري في لقاء الأسرة:
1. فيه توضع أهداف المؤسسة الأسرية للفترة القادمة (يمكن أن تكون لمدة سنة – أو سنتين - خمس سنوات أو عشر سنوات ).
2. وفيه تقترح الوسائل التي تساعد على تحقيق الأهداف,والتي يجب التعامل مع كل منهما بكل حزم وجدية .
3. فيه توضع الجداول الزمنية مدون فيه المهام , والأدوار , والزيارات , والتكاليف العملية للفترة القادمة بحيث لا تخدم هذه الجداول الأب والأم فقط بل يجب أن تخدم كل أفراد الأسرة الصغير منهم قبل الكبير .
4. فيه توزع الأدوار على أفراد الأسرة بلا استثناء وتوزع المسؤوليات بين أعضاء الأسرة مثل :
( مسؤوليات العمل , و الشراء , وإدارة الأمور المادية , و المذاكرة للأولاد ... الخ )
5. فيه متابعة للتوصيات السابقة بكل دقة .
6. فيه وقت لحل المشكلات الطارئة .
7. فيه وقت لمتابعة الجانب الدراسي والتحصيلي للأبناء ... الخ .
ثانيا:الجانب الروحي في لقاء الأسرة
1.هو وقت للزاد الروحي الذي لا تستقيم الحياة إلا به.
2. فيه وقت لقراءة القرآن و تفسير لبعض الآيات والتركيز على الاستفادات العملية منها .
3. فيه تناقش بعض أحاديث المصطفي صلى الله عليه وسلم والتركيز على الاستفادات العملية منها .
ثالثا:الجانب الثقافي في لقاء الأسرة
1. فيه تقرأ صفحة من كتاب أو قصة ومنها يتعود الأبناء على فنون الإلقاء والتلخيص والخطابة ومواجهة الجمهور والقدرة علي الإقناع وغيرها.
2. فيه نتدارس و نعرض لصور من حياة الصحابة و لسير بعض نماذج قيادية قديمة وحديثة حتى يتأسى الأبناء بها .
3. فيه تدرس بعض المبادئ الأساسية في الحياة مثلا: الحب والإيثار والتعاون والتضحية والإخوة....الخ
4. فيه نربي أولادنا على ثقافة ( نحن ) وليست ثقافة ( أنا ) .
رابعا:الجانب الترفيهي في لقاء الأسرة
إذ لابد وأن يشعر الأفراد فيه بأنه وقت للمرح , واللعب , والمغامرات , والذكريات , والحكايات المسلية , والتمثيل , وال****د , والمسابقات. فلابد أن يكون التشويق عماده الأول . هذا اللقاء يمكن أن يكون خارج المنزل أو على طعام أو في حديقة. ولنتذكر أن
" أي لقاء أسرة ناجح هو ذلك الذي يلبي احتياجات أفراد الأسرة الجسمانية والاجتماعية والذهنية والروحية " .
إن استقطاع ستون دقيقة أسبوعيا لمتابعة أمور هذه المؤسسة الأسرية الخاصة بك لهو أفضل استثمار تستثمره في هذه الحياة , وستتعود كل دقيقة استثمرتها في متابعة هذا الأمر بعشرات الفوائد ومئات الحسنات فيما بعد" لكن - كما تقول
أوبرا وينفري (1) - إن لم يكن لديك الوقت- لليلة واحدة أو على الأقل ساعة واحدة أثناء الأسبوع حيث يجتمع شمل الأسرة إذن فأسرتك ليست صاحبة الأولوية في حياتك " ولا تلمون إلا نفسك غدا عندما يأتي يوم الحصاد .
الأمر الثاني
والذي يجب الاهتمام به في سبيل النهوض بمؤسستك الأسرية الخاصة - المؤسسة الأعظم في العالم- وهي هو بيان الأسرة. و بيان الأسرة هذا هو بيان يجب أن يكون مكتوبا ويحتوي على أهداف أسرتك ومهامها في السنوات الخمس أو العشر القادمة. " فكل المؤسسات الناجحة على اختلاف تخصصاتها تسير وفقا لبيانات توضح مهامها ... وأن بيان المهمة المكتوب بلغة صادقة وواضحة هو أهم مكون في أداء المؤسسة الناجحة " كما يقول ستيفن ر . كوفي( 2) . ولا توجد مؤسسة ناجحة في العالم إلا ولها بيان مهمة مكتوب وواضح في ذهن كل العاملين فيها من أكبر مسئول إلي أصغر عامل . وعند صياغة البيان الخاص بأسرتك يجب أن يتضمن الإجابة على عدد من التساؤلات الهامة كما ينصح بذلك ستيفن ر كوفي . ومن هذه التساؤلات :
1. ما هي نوعية الأسرة التي نريدها ؟
2. ما هي الطريقة التي نتمنى أن يعامل أفراد أسرتنا بعضهم ببعض ؟
3. كيف نحل خلافاتنا ؟
4. كيف سنتعامل مع مسائلنا المادية ؟
5. ما هي المبادئ التي نريد أن نعتنقها ونربي أولادنا عليها لمواجهة المستقبل بها ؟
6. كيف ننمي ونصقل مهارات أبنائنا كل على حدة ؟
7. ما هي الأدوار التي سيتولاها كل فرد من أفراد أسرتنا ؟
8. ما هي مجموعة السلوكيات التي ورثتها أنت وزوجتك وتريدا المحافظة عليها أو التخلص منها فورا ؟
9. ما هي مجموعة الأخلاق التي يجب إضافتها لكل فرد من أفراد الأسرة ؟
10. كيف نحافظ على صلة الرحم بيننا وبين أهلنا وأصدقائنا وبين بقية المجتمع ؟
11. ما هو الأسلوب الذي نريد أن تتبعه في تعاملنا مع المجتمع من حولنا ؟
12. ما هي الطريقة التي سنربي بها أولادنا ؟
13. ما هي المبادئ التي نريدها أن تحكم علاقاتنا بمن حولنا ( الأهل , والأصدقاء , والجيران,.......الخ )
14. كيف نساعد أبنائنا على حب العطاء ؟
15. من هم أبطالنا وقدوتنا وما الذي يعجبنا فيهم ونريد محاكاتهم فيه ؟
إن هذه التساؤلات- وغيرها - مما تراه أنت مناسبا لظروفك وظروف عائلتك - مادة خصبة لصياغة بيان أسرتك الذي يجب أن تعطيه الوقت والجهد الكافي لصياغة بيان واقعي طموح . فلا تستعجل قرار ا , ولا تتجاهل رأيا . ولابد وأن يشعر كل أفراد أسرتك بأن آراءهم واقتراحاتهم محل احترام وتقدير . خاصة وأنهم هم الذين سينفذون محتويات هذا البيان .. لذلك يجب التعامل مع بيان الأسرة هذا بكل جدية وإتقان إذا أردت إنجاح مهمة أسرتك . وينصح بقراءة هذا البيان في لقاء الأسرة أسبوعيا , بحيث يتولى أحد أفراد الأسرة قراءة البيان في بداية كل لقاء. ولنعلم أن في تلاوة بيان الأسرة باستمرار وبشكل دوري تذكير و تثبيت وتعلق بأخلاقيات بيان مؤسستك الأسرية الخاصة مما يساعد على إخراجه إلى حيز الوجود .
إن الاهتمام بأسرنا يجب أن يبرز إلي بؤرة اهتماماتنا . فالأشياء التي تهم الإنسان يجب أن تحظى بعنايته , ووقته , وتفكيره , وتخطيطه . أما أن تشغلنا الحياة ونقبل طائعين أن ندور في ساقيتها , ونقبل طائعين أن نضع أسرنا في ذيل القائمة , فهذا ما لا يجب أن يكون من أبناء أمة لهم رسالة ولهم غاية ولهم هدف . إننا إن لم نجتهد في تربية أبنائنا كما نريد فسيربيهم لنا غيرنا كما يريدون . وإن لم نخطط لهم كما نريد فسوف يخطط لهم غيرنا كما يريدون . وغيرنا – هؤلاء- لن يكونوا غير و احد من اثنين : إما الشيطان وحزبه , أو الشيطان وحزبه .
إن نجاح كل منا يقاس بمدى نجاحه في إدارته لأسرته , وتخريج أبناء صالحين مصلحين يكسب استحسان المجتمع بصلاحهم , وأدبهم , وأخلاقهم , ونفعهم , وتفوقهم . فلا يوجد شيء في هذا الوجود أغلى وأعز من أسرة أفرادها ناجحون , متميزون , صالحون , مصلحون , نافعون . فالأسرة لو صح تكوينها وإعدادها لإنصلح حال المجتمع والدولة بل والعالم أجمع . " وليس بدعا من القول من نقول أن الحكومة المسلمة أو الدولة المسلمة لا وجود لها على الإطلاق إذا لم يكن هناك بيت مسلم ملتزم بمنهج الإسلام , فإنه لا يصح مجتمع وهنت فيه حبال الأسرة , ولن تستقيم حياة الأمة إذا كانت الأسرة قد ضعفت الروابط الأسرية بينها " ( 3)
فلنبدأ . ولنفكر في أمر مؤسساتنا الأسرية . لنفعل كل ما يجعلها في بؤرة الاهتمام لا في ذيل القائمة . لنفكر في كل ما يجعل أسرنا مؤسسات ذات رسالة وهدف . لنعمل كل ما يجعل أسرنا لبنات صالحة مصلحة . ولنحذر من الفشل في هذه المهمة . ولنتذكر جميعا أن الفاشلين قسمان: قسم فكر ولم يفعل ، وقسم فعل ولم يفكر. اسأل الله أن يجنبا الفشل .
منقوول00
:42::42:
:p
شموخ ألإيمان @shmokh_alayman
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
شموخ ألإيمان
•
رفع
الصفحة الأخيرة