السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تترك الوقت يسبقك ... سارع لركوب سفينة النجاة ... نعم سفينة النجاة .. وهي التوبة إلى الله
تب إلى الله يتوب الله عليك ... والتائب من الذنب
كمن لا ذنب له ..بل يبدل الله سيئاتك يا من أسرفت على نفسك.. يبدلها إلى حسنات .. فهنيئا لك ...
وبشراك بشراك لا تضيع ذلك الأجر العظيم وجنة الخلد ... بل قل جنات وجنان وليس جنة واحدة .. اللهم اجعلني
ومن يقرأ عباراتي هذه من عبادك التائبين
أخي التائب الحبيب لا تقنط من رحمة الله فمهما كثرت ذنوبك، أو تعاظمت، فالله يبسط يده بالليل
ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فهلمّ أخي الحبيب الى رحمة الله
وعفوه قبل أن يفوت الأوان وكن من الفائزيـن. كيف لا ؟؟!!! والله تعالى يقول في محكم كتابه العزيز
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ - الزمر53
--------------------------------------------------------------------------------
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - النور31
--------------------------------------------------------------------------------
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً
--------------------------------------------------------------------------------
إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
الفرقان70
--------------------------------------------------------------------------------
فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ المائدة39
البشارة الأولى
أن الله عز وجل يقبل التوبة من العبد ويغفر ذنبه وزللَه وإجرامه مهما بلغ عظم ذلك الذنب حتى لو كان كفراً وشركاً بالله يا من أسرفت على نفسك بالمعاصي اسمع إلى الكريم سبحانه الحليم ماذا يقول لك : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53) سورة الزمر
(إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) هنيئاً لك يا مذنب يا عاصي بتوبة الله عليك إذا
أقبلت عليه .
البشارة الثانية
أبشر يا صاحب التوبة بأن التوبة طريق الفلاح والرشاد كما قال ربك ومولاك {فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} (67) سورة القصص فلاح عام في دنياك وأخراك في كل مأمورك تفلح وترشد وتسدد فهذا كله من بركات التوبة {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النــور ، التوبة مجلبة للخيرات ورضا رب الأرض والسماوات يقول سبحانه {وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَه}ُ (5) سورة هود ويقول ربنا جل وعلا عن هود عليه السلام : {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} (52) سورة هود.
البشارة الثالثة
أبشر يا صاحب التوبة إن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجهك أبداً فأنت تتعامل مع الكريم الغني الذي لا يرد يدي عبده صفراً ليلا ونهارا سرا وجهارا لا تحتاج إلى وسائط بل ارفع يديك إلى مولاك وأعلنها مدوية في الملأ الأعلى أستغفر الله وأتوب إليه فقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وربنا ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة ويقول ( هل من مستغفر فأغفر له )،واعلم أن الأمم السابقة قبلنا كبني إسرائيل كانت إذا أرادت أن تتوب كانت تقتل نفسها حتى تتوب إلى الله فاللهم لك الحمد ما أكرمك وما أحلمك عن عبادك .
البشارة الرابعة
أبشر يا صاحب التوبة أن من بركات التوبة أن الله يبدل كل عظائمك وجرائمك ومعاصيك وفواحشك ولياليك التي بارزت الله فيها بالحرام يبدلك الله عنها حسنات يا الله ما أكرمك ما أكرمك يا كريم يا حليم ما أعظمك وما اشد تقصيرنا في حقك
{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) } سورة الفرقان.
البشارة الخامسة
التوبة تجب ما قبلها وتهدم ما قبلها و لا عيب عليك بعدها وقد تكفل الإسلام بحفظ حقك وتمارس حياتك بكل شموخ وإباء ولا خجل ولا حياء بل تعيش مرفوع الرأس عزيزاً كريماً لأن حياة المعصية حياة الذلة والمسكنة وحياة الطاعة حياة الرفعة والعزة فقد جاء في البخاري :ِ (أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
-وجاء في البخاري عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ أَبْزَى سَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَقَوْلِهِ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ حَتَّى بَلَغَ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ وَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَى قَوْلِهِ غَفُورًا رَحِيمًا.
-وأيضا جاء في البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ)
الله أكبر .... ,
لما ترك المعصية وتاب لم تمنعه توبته من أن يشارك في الغزو ويعمل الصالحات بل كانت من أكبر الدوافع على الاستمرار مع أنه قتل مسلما قبل ذلك.
البشارة السادسة
إذا صدقت توبتك ييسر الله لك أمرك ويحسن ختامك على الخير وعلامة صدقك ترك رفاق السوء وكل ما يذكرك بالمعصية فإن الله عز وجل إذا علم صدقك ألان لك الحديد وسخر لك الجبال الرواسي وكل الكون معك أيها التائب الحبيب
فقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ.
البشارة السابعة
أبشر يا صاحب التوبة يا من أقبلت على الله أن من وقع في الموبقات نزع منه الإيمان فإن تاب عاد إليه إيمانه الذي في القلب ، فيا لله ما أعظمها من نعمه ولو افتديت بها كل ما تملك ،فقد جاء في الحديث في البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ عِكْرِمَةُ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ يُنْزَعُ الْإِيمَانُ مِنْهُ قَالَ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ
البشارة الثامنة
أن الله الغني الكريم يفرح فرحاً عظيماً بتوبتك ، والله لو لم يكن فضل وشرف للتوبة إلا فرح الله بها لكفى بها لك حافزاً للمبادرة إلى التوبة ،فقد جاء في البخاري ومسلم واللفظ له عن أنس بن مالك قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ.
البشارة التاسعة
أبشر يا صاحب التوبة أنت حبيب الله قال سبحانه { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (222) سورة البقرة
البشارة العاشرة
التوبة هجرة لا تنقطع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " المهاجر من هجر الخطايا و الذنوب" .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6658 في صحيح الجامع .
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}
(186) سورة البقرة
--------------------------------------------------------------------------------
قصة الرجل الذي قتل مئة شخص ثم تاب فكان من أهل الجنة
( إن رجلا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة قال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو لها فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة ) .
تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2076 في صحيح الجامع
--------------------------------------------------------------------------------
قصة المرأة التي زنت ثم تابت .. وكانت من الفائزات
زنت امرأة في عهده صلى الله عليه وسلم فلما ارتكبت الفاحشة تذكرت ذنبها وخطيئتها وإجرامها، وتذكرت القدوم على الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ فأتت إلى رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فاعترفت بالزنا، وطلبت منه أن يطهرها فأعرض عنها؛ لأنه لا يريد أن يستجلي أخبار من استتر بستر الله، أتت عن ميسرته فشهدت بالزنا، فأعرض عنها حتى شهدت على نفسها أربع شهادات، حينها رأى صلى الله عليه وسلم أنها حامل، فقال: {اذهبي حتى تضعي ثم تعالي } فذهبت وهي صابرة محتسبة تتفكر في يوم العرض على الله وتريد الحد في الدنيا، فوضعت طفلها.
قال سهل بن سعد : والله لا أنسى يوم أتت بطفلها في لفائف من قماش، وهي تطلب التطهير منه صلى الله عليه وسلم، فيقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: {اذهبي حتى ترضعيه وتفطميه، ثم تعالي } وانظر إلى صبرها طول هذه المدة واحتسابها الأجر والمثوبة في تنفيذ الحق، فتذهب فتفطمه بعد سنتين، وتأتي به وفي يده كسرة من الخبز، فيقول عليه الصلاة والسلام: من يكفل هذا الطفل؟ فأخذه أحد الأنصار وذهبوا بالمرأة وهي مقبلة على الله متوضأة بوضوء التوبة وقد فتحت لها أبواب الجنة الثمانية يقول سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ واجتمع عليها المؤمنون ليقيموا شريعة الله، وليظهروا تطبيق حدود الله وانهالت عليها الحجارة، وهي صابرة محتسبة مقدمة روحها إلى الله.
وتنتثر دماؤها على الناس، فيسبها أحد الصحابة، فيقول له صلى الله عليه وسلم: { مهلاً يا فلان، فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو وزعت على أهل المدينة لوسعتهم } وفي لفظ: {والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس، لوسعته أو لو وزعت على سبعين بيتاً من بيوت أهل المدينة ، لوسعتهم } وهل رأيتم أجود منها يوم جادت بنفسها، ثم يقول عليه الصلاة والسلام: {والذي نفسي بيده لقد رأيتها تنغمس في أنهار الجنة }
مصدر القصة / محاضرة للشيخ عائض الفرني بعنوان المفسدون في الأرض
--------------------------------------------------------------------------------
أخي الحبيب ... اغتنم الفرصة .. وتب إلى الله واترك المعاصي .. فإن باب التوبة ما زال مفتوح
يقول عليه السلام
( ينزل الله في كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر
فأغفر له هل من تائب فأتوب عليه حتى يطلع الفجر ) .
تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 8167 في صحيح الجامع
--------------------------------------------------------------------------------
ولكن كيف اتوب
كيف أتوب ؟
الحمد لله غافر الذنب، و قابل التوب، شديد العقاب، الفاتح للمستغفرين الأبواب، والميسر للتائبين الأسباب والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:
أخي الحبيب: أكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها فضلاً عن القيام بها علماً وعملاً. وإذا عرفوا قدرها فهم لا يعرفون الطريق إليها، وإذا عرفوا الطريق فهم لا يعرفون كيف يبدءون؟
فتعال معي أخي الحبيب لنقف على حقيقة التوبة، والطريق إليها عسى أن نصل إليها.
كلنا ذوو خطأ
أخي الحبيب:
كلنا مذنبون... كلنا مخطئون.. نقبل على الله تارة وندبر أخرى، نراقب الله مرة، وتسيطر علينا الغفلة أخرى، لا نخلو من المعصية، ولا بد أن يقع منا الخطأ، فلست أنا و أنت بمعصومين { كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } .
والسهو والتقصير من طبع الإنسان، ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أن يفتح له باب التوبة، وأمره بالإنابة إليه، والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي.. ولولا ذلك لوقع الإنسان في حرج شديد، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته.
أين طريق النجاة؟
قد تقول لي: إني أطلب السعادة لنفسي، وأروم النجاة، وأرجو المغفرة، ولكني أجهل الطريق إليها، ولا أعرف كيف ابدأ؟ فأنا كالغريق يريد من يأخذ بيده، وكالتائه يتلمس الطريق وينتظر العون، وأريد بصيصاً من أمل، وشعاعاً من نور. ولكن أين الطريق؟
والطريق أخي الحبيب واضح كالشمس، ظاهر كالقمر، واحد لا ثاني له... إنه طريق التوبة.. طريق النجاة، طريق الفلاح.. طريق سهل ميسور، مفتوح أمامك في كل لحظة، ما عليك إلا أن تطرقه، وستجد الجواب: وإني لغفار لمن تاب وءامن وعمل صالحاً ثم اهتدى . بل إن الله تعالى دعا عباده جميعاً مؤمنهم وكافرهم الى التوبة، وأخبر أنه سبحانه يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها مهما كثرت، ومهما عظمت، وإن كانت مثل زبد البحر، فقال سبحانه: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم .
ولكن.... ما التوبة ؟
التوبة أخي الحبيب هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً.. وهي اسم جامع لشرائع الإسلام وحقائق الإيمان.. هي الهداية الواقية من اليأس والقنوط، هي الينبوع الفياض لكل خير وسعادة في الدنيا والآخرة... هي ملاك الأمر، ومبعث الحياة، ومناط الفلاح... هي أول المنازل وأوسطها وآخرها... هي بداية العبد ونهايته... هي ترك الذنب مخافة الله، واستشعار قبحه، والندم على فعله، والعزيمة على عدم العودة إليه إذا قدر عليه... هي شعور بالندم على ما وقع، وتوجه إلى الله فيما بقي، وكف عن الذنب.
ولماذا نتوب؟
قد تسألني أخي الحبيب: لماذا أترك السيجارة و أنا أجد فيها متعتي؟... لماذا أدع مشاهدة الأفلام الخليعة وفيها راحتي؟ ولماذا أتمنع عن المعاكسات الهاتفية وفيها بغيتي؟ ولماذا أتخلى عن النظر الى النساء وفيه سعادتي؟ لماذا أتقيد بالصلاة والصيام وأنا لا أحب التقييد والارتباط؟... ولماذا ولماذا... أليس ينبغي على الإنسان فعل ما يسعده ويريحه ويجد فيه سعادته؟... فالذي يسعدني هو ما تسميه معصية... فلِمَ أتوب؟
وقبل أن أجيبك على سؤالك أخي الحبيب لا بد أن تعلم أنني ما أردت إلا سعادتك، وما تمنيت إلا راحتك، وما قصدت إلا الخير والنجاة لك في الدارين....
والآن أجيبك على سؤالك: تب أخي الحبيب لأن التوبة:
1- طاعة لأمر ربك سبحانه وتعالى، فهو الذي أمرك بها فقال: يا أيها الذين ءامنوا توبوا الى الله توبة نصوحاً . وأمر الله ينبغي أن يقابل بالامتثال والطاعة.
2- سبب لفلاحك في الدنيا و الآخرة، قال تعالى: وتوبوا الى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون . فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يتلذذ، ولا يسر ولا يطمئن ؛ ولا يطيب ؛ إلا بعبادة ربه والإنابة إليه والتوبة إليه.
3- سبب لمحبة الله تعالى لك، قال تعالى: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين . وهل هناك سعادة يمكن أن يشعر بها إنسان بعد معرفته أن خالقه ومولاه يحبه إذا تاب إليه؟!
4- سبب لدخولك الجنة ونجاتك من النار، قال تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً، إلا من تاب وءامن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً . وهل هناك مطلب للإنسان يسعى من أجله إلا الجنة؟!
5- سبب لنزول البركات من السماء وزيادة القوة والإمداد بالأموال والبنين، قال تعالى: ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة الى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ، وقال: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً .
6- سبب لتكفير سيئاتك وتبدلها الى حسنات، قال تعالى: يا أيها الذين ءامنوا توبوا الى الله توبة نصوحا ً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ، وقال سبحانه: إلا من تاب وءامن وعمِل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً .
أخي الحبيب:
ألا تستحق تلك الفضائل – وغيرها كثير – أن تتوب من أجلها؟ لماذا تبخل على نفسك بما فيه سعادتك؟.. لماذا تظلم نفسك بمعصية الله وتحرمها من الفوز برضاه؟...جدير بك أن تبادر الى ما هذا فضله وتلك ثمرته.
قدّم لنفسك توبة مرجوة *** قبل الممات وقبل حبس الألسن
بادر بها غُلق النفوس فإنها *** ذخر وغنم للمنيب المحسن
كيف أتوب؟
أخي الحبيب:
كأني بك تقول: إن نفسي تريد الرجوع إلى خالقها، تريد الأوبة إلى فاطرها، لقد أيقنت أن السعادة ليست في اتباع الشهوات والسير وراء الملذات، واقتراف صنوف المحرمات... ولكنها مع هذا لا تعرف كيف تتوب؟ ولا من أين تبدأ؟
وأقول لك: إن الله تعالى إذا أراد بعبده خيراً يسر له الأسباب التي تأخذ بيده إليه وتعينه عليه، وها أنا أذكر لك بعض الأمور التي تعينك على التوبة وتساعدك عليها:
1- أصدق النية وأخلص التوبة: فإن العبد إذا أخلص لربه وصدق في طلب التوبة أعانه الله وأمده بالقوة، وصرف عنه الآفات التي تعترض طريقه وتصده عن التوبة.. ومن لم يكن مخلصاً لله استولت على قلبه الشياطين، وصار فيه من السوء والفحشاء ما لا يعلمه إلا الله، ولهذا قال تعالى عن يوسف عليه السلام: كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين .
2- حاسب نفسك: فإن محاسبة النفس تدفع إلى المبادرة إلى الخير، وتعين على البعد عن الشر، وتساعد على تدارك ما فات، وهي منزلة تجعل العبد يميز بين ما له وما عليه، وتعين العبد على التوبة، وتحافظ عليها بعد وقوعها.
3- ذكّر نفسك وعظها وعاتبها وخوّفها: قل لها: يا نفس توبي قبل أن تموتي ؛ فإن الموت يأتي بغتة، وذكّرها بموت فلان وفلان.. أما تعلمين أن الموت موعدك؟! والقبر بيتك؟ والتراب فراشك؟ والدود أنيسك؟... أما تخافين أن يأتيك ملك الموت وأنت على المعصية قائمة؟ هل ينفعك ساعتها الندم؟ وهل يُقبل منك البكاء والحزن؟ ويحك يا نفس تعرضين عن الآخرة وهي مقبلة عليك، وتقبلين على الدنيا وهي معرضة عنك.. وهكذا تظل توبخ نفسك وتعاتبها وتذكرها حتى تخاف من الله فتئوب إليه وتتوب.
4- اعزل نفسك عن مواطن المعصية: فترك المكان الذي كنت تعصي الله فيه مما يعينك على التوبة، فإن الرجل الذي قتل تسعة وتسعون نفساً قال له العالم: { إن قومك قوم سوء، وإن في أرض الله كذا وكذا قوماً يعبدون الله، فاذهب فاعبد الله معهم }.
5- ابتعد عن رفقة السوء: فإن طبعك يسرق منهم، واعلم أنهم لن يتركوك وخصوصاً أن من ورائهم الشياطين تؤزهم الى المعاصي أزاً، وتدفعهم دفعاً، وتسوقهم سوقاً.. فغيّر رقم هاتفك، وغيّر عنوان منزلك إن استطعت، وغيّر الطريق الذي كنت تمر منه... ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: { الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل } .
6- تدبّر عواقب الذنوب: فإن العبد إذا علم أن المعاصي قبيحة العواقب سيئة المنتهى، وأن الجزاء بالمرصاد دعاه ذلك إلى ترك الذنوب بداية، والتوبة إلى الله إن كان اقترف شيئاً منها.
7- أَرِها الجنة والنار: ذكّرها بعظمة الجنة، وما أعد الله فيها لمن أطاعه واتقاه، وخوّفها بالنار وما أعد الله فيها لمن عصاه.
8- أشغلها بما ينفع وجنّبها الوحدة والفراغ: فإن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، والفراغ يؤدي إلى الانحراف والشذوذ والإدمان، ويقود إلى رفقة السوء.
9- خلف هواك: فليس أخطر على العبد من هواه، ولهذا قال الله تعالى: أرءيت من اتخذ إلهه هواه . فلا بد لمن أراد توبة نصوحاً أن يحطم في نفسه كل ما يربطه بالماضي الأثيم، ولا ينساق وراء هواه.
10- وهناك أسباب أخرى تعينك أخي الحبيب على التوبة غير ما ذُكر منها: الدعاء الى الله أن يرزقك توبة نصوحاً، وذكر الله واستغفاره، وقصر الأمل وتذكر الآخرة، وتدبر القرآن، والصبر خاصة في البداية، إلى غير ذلك من الأمور التي تعينك على التوبة.
شروط التوبة الصادقة:
أخي الحبيب:
وللتوبة الصادقة شروط لا بد منها حتى تكون صحيحة مقبولة وهي:
أولاً: الإخلاص لله تعالى: فيكون الباعث على التوبة حب الله وتعظيمه ورجاؤه والطمع في ثوابه، والخوف من عقابه، لا تقرباً الى مخلوق، ولا قصداً في عرض من أعراض الدنيا الزائلة، ولهذا قال سبحانه: إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين .
ثانياً: الإقلاع عن المعصية: فلا تتصور صحة التوبة مع الإقامة على المعاصي حال التوبة. أما إن عاود الذنب بعد التوبة الصحيحة، فلا تبطل توبته المتقدمة، ولكنه يحتاج الى توبته جديدة وهكذا.
ثالثاً: الاعتراف بالذنب: إذ لا يمكن أن يتوب المرء من شئ لا يعده ذنباً.
رابعاً: الندم على ما سلف من الذنوب والمعاصي: ولا تتصور التوبة إلا من نادم حزين آسف على ما بدر منه من المعاصي، لذا لا يعد نادماً من يتحدث بمعاصيه السابقة ويفتخر بذلك ويتباهى بها، ولهذا قال : { الندم توبة } .
خامساً: العزم على عدم العودة: فلا تصح التوبة من عبد ينوي الرجوع الى الذنب بعد التوبة، وإنما عليه أن يتوب من الذنب وهو يحدث نفسه ألا يعود إليه في المستقبل.
سادساً: ردّ المظالم إلى أهلها: فإن كانت المعصية متعلقة بحقوق الآدميين وجب عليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها إذا أراد أن تكون توبته صحيحة مقبولة ؛ لقول الرسول : { من كانت عنده مظلمة لأحد من عرض أو شئ فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه } .
سابعاً: أن تصدر في زمن قبولها: وهو ما قبل حضور الأجل، وطلوع الشمس من مغربها، وقال : { إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر } . وقال: { إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها } .
علامات قبول التوبة
أخي الحبيب:
وللتوبة علامات تدل على صحتها وقبولها، ومن هذه العلامات:
1- أن يكون العبد بعد التوبة خيراً مما كان قبلها: وكل إنسان يستشعر ذلك من نفسه، فمن كان بع التوبة مقبلاً على الله، عالي الهمة قوي العزيمة دلّ ذلك على صدق توبته وصحتها وقبولها.
2- ألا يزال الخوف من العودة إلى الذنب مصاحباً له: فإن العاقل لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر حتى يسمع الملائكة الموكلين بقبض روحه: ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، فعند ذلك يزول خوفه ويذهب قلقه.
3- أن يستعظم الجناية التي تصدر منه وإن كان قد تاب منها: يقول ابن مسعود رضي الله عنه: { إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه، فقال له هكذا }. وقال بعض السلف: (لا تنظر الى صغر المعصية ولكن انظر الى من عصيت).
4- أن تحدث التوبة للعبد انكساراً في قلبه وذلاً وتواضعاً بين يدي ربه: وليس هناك شئ أحب الى الله من أن يأتيه عبده منكسراً ذليلاً خاضعاً مخبتاً منيباً، رطب القلب بذكر الله، لا غرور، ولا عجب، ولا حب للمدح، ولا معايرة ولا احتقار للآخرين بذنوبهم. فمن لم يجد ذلك فليتهم توبته، وليرجع الى تصحيحها.
5- أن يحذر من أمر جوارحه: فليحذر من أمر لسانه فيحفظه من الكذب والغيبة والنميمة وفضول الكلام، ويشغله بذكر الله تعالى وتلاوة كتابه. ويحذر من أمر بطنه، فلا يأكل إلا حلالاً. ويحذر من أمر بصره، فلا ينظر الى الحرام، ويحذر من أمر سمعه، فلا يستمع الى غناء أو كذب أو غيبة، ويحذر من أمر يديه، فلا يمدهما في الحرام، ويحذر من أمر رجليه فلا يمشي بهما الى مواطن المعصية، ويحذر من أمر قلبه، فيطهره من البغض والحسد والكره، ويحذر من أمر طاعته، فيجعلها خالصة لوجه الله، ويبتعد عن الرياء والسمعة.
احذر التسويف
أخي الحبيب:
إن العبد لا يدري متى أجله، ولا كم بقي من عمره، ومما يؤسف أن نجد من يسوّفون بالتوبة ويقولون: ليس هذا وقت التوبة، دعونا نتمتع بالحياة، وعندما نبلغ سن الكبر نتوب. إنها أهواء الشيطان، وإغراءات الدنيا الفانية، والشيطان يمني الإنسان ويعده بالخلد وهو لا يملك ذلك. فالبدار البدار... والحذر الحذر من الغفلة والتسويف وطول الأمل، فإنه لولا طول الأمل ما وقع إهمال أصلاً.
فسارع أخي الحبيب الى التوبة، واحذر التسويف فإنه ذنب آخر يحتاج الى توبة، والتوبة واجبة على الفور، فتب قبل أن يحضر أجلك وينقطع أملك، فتندم ولات ساعة مندم، فإنك لا تدري متى تنقضي أيامك، وتنقطع أنفاسك، وتنصرم لياليك.
تب قبل أن تتراكم الظلمة على قلبك حتى يصير ريناً وطبعاً فلا يقبل المحو، تب قبل أن يعاجلك المرض أو الموت فلا تجد مهلة للتوبة.
لا تغتر بستر الله وتوالي نعمه
أخي الحبيب:
بعض الناس يسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي، فإذا نُصح وحذّر من عاقبتها قال: ما بالنا نرى أقواماً يبارزون الله بالمعاصي ليلاً ونهاراً، وامتلأت الأرض من خطاياهم، ومع ذلك يعيشون في رغد من العيش وسعة من الرزق. ونسي هؤلاء أن الله يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، وأن هذا استدراج وإمهال من الله حتى إذا أخذهم لم يفلتهم، يقول : { إذا رأيت الله يعطي العبد في الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا قوله عز وجل: فلمّا نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقُطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله ربّ العالمين } .
وأخيراً... !!
أخي الحبيب:
فِر الى الله بالتوبة، فر من الهوى... فر من المعاصي... فر من الذنوب... فر من الشهوات... فر من الدنيا كلها... وأقبل على الله تائباً راجعاً منيباً... اطرق بابه بالتوبة مهما كثرت ذنوبك، أو تعاظمت، فالله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فهلمّ أخي الحبيب الى رحمة الله وعفوه قبل أن يفوت الأوان.
أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياك من التائبين حقاً، المنيبين صدقاً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر : موقع البصائر
منقول من موقع حدائق التائبين.
أختكم هبهوبة
هبهوبة @hbhob
عضوة مميزة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
NWARAH
•
الصفحة الأخيرة