حفظ اللسان من الكلام إلا في خير

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


فصل : حفظ اللسان من الكلام إلا في خير

- قال الله عز وجل : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا ﴿70﴾ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴿71﴾ )) .

- وقال عز وجل : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴿12﴾ )) .

- وقال تعالى : (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴿16﴾ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴿17﴾ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴿18﴾ )) .

- وقال تعالى : (( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴿58﴾ )) .

- وفي صحيح مسلم ( 2589 ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم , قال : ذكرك أخاك بما يكره , قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته , وإن لم يكن فيه فقد بهته )) .

- وقال الله عز وجل : ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ﴿36﴾ )) .

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً , يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً , وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرقوا , ويكره لكم قيل وقال , وكثرة السؤال , وإضاعة المال )) أخرجه مسلم ( 1715 ) , وجاءت هذه الثلاثة المكروهة في حديث المغيرة عند البخاري ( 2408 ) ومسلم .

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا , مدرك ذلك لا محالة , فالعينان زناهما النظر , والأذنان زناهما الاستماع , واللسان زناه الكلام , واليد زناها البطش , والرِّجل زناها الخُطا , والقلب يهوى ويتمنى , ويصدق ذلك الفرج ويكذبه )) رواه البخاري ( 6612 ) , ومسلم ( 2657 ) , واللفظ لمسلم .

وروى البخاري في صحيحه ( 10 ) عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المسلمُ مَن سلم المسلمون من لسانه ويده )) , ورواه مسلم في صحيحه ( 64 ) ولفظه : أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المسلمين خيراً ؟ قال : (( مَن سلم المسلمون من لسانه ويده )) . وروى مسلمُ أيضاً من حديث جابر ( 65 ) بلفظ حديث عبد الله بن عمرو عند البخاري .

- قال الحافظ في شرح الحديث : (( والحديث عامُّ بالنسبة إلى اللسان دون اليد , لأنَّ اللسان يمكنه القول في الماضين والموجودين والحادثين بعد , بخلاف اليد نعم ! يمكن أن تشارك اللسان في ذلك بالكتابة , وإنَّ أثرها في ذلك لعظيم )) .

وفي هذا المعنى يقول الشاعر :

كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي * * * بأن يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله * * * وإن عملت شراً عليَّ حسابُها .

- وروى البخاري في صحيحه ( 6474 ) عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( مَن يضمن لي ما بين لحْيَيْه وما بين رجليه أضمن له الجنَّة )) , المراد بما بين اللّحْيَيْن والرِّجلين اللسانُ والفرجُ .

- وروى البخاري في صحيحه ( 6475 ) ومسلم في صحيحه ( 74 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) الحديث .

قال النووي في شرح الأربعين في شرح هذا الحديث : (( قال الشافعي : معنى الحديث إذا أراد أن يتكلِّم فليُفكِّر , فإن ظهر أنَّه لا ضرر عليه تكلَّم , وإن ظهر أنَّ فيه ضرراً وشكَّ فيه أمسك )) , ونقل عن بعضهم أنه قال : (( لو كنتم تشترون الكاغَد للحفظة لسكتُّم عن كثير من الكلام )) .

قال الإمام أبو حاتم بن حبان البستي في كتابه روضةُ العقلاء ونزهة الفضلاء ( ص : 45 ) : (( الواجبُ على العاقل أن يلزم الصمت إلى أن يلزمه التكلُّمُ , فما أكثر من ندم إذا نطق , وأقل من يندم إذا سكت , وأطول الناس شقاءً وأعظمهم بلاءً من ابتُلي بلسانٍ مطلقٍ , وفؤادٍ مطبقٍ )) .

وقال أيضاً ( ص : 47 ) : (( الواجبُ على العاقل أن يُنصف أذنيه من فيه , ويعلم أنَّه إنَّما جُعلت له أذنان وفم واحدُ ليسمع أكثر مِمَّا يقول , لأنه إذا قال ربَّما ندم , وإن لم يقل لم يندم , وهو على ردِّ ما لم يقل أقدر منه على ردِّ ما قال , والكلمةُ إذا تكلم بها ملكته , وإن لم يتكلم بها ملكها )) .

وقال أيضاً في ( ص : 49 ) : (( لسانُ العاقل يكون وراء قلبه , فإذا أراد القول رجع إلى القلب , فإن كان له قال , وإلا فلا , والجاهلُ قلبُه في طرف لسانه , ما أتى على لسانه تكلم به , وما عقل دينه من لم يحفظ لسانه )) .

- وروى البخاري في صحيحه ( 6477 ) ومسلم في صحيحه ( 2988 ) , واللفظُ لمسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن العبد ليتكلَّم بالكلمة ما يتبيَّن ما فيها , يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب )) .

- وفي آخر حديث وصيّة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ أخرجه الترمذي ( 2616 ) وقال : (( حديثُ حسنُ صحيحُ )) , قال صلى الله عليه وسلم : (( وهل يكُبُّ الناس في النار على وجوههم أو على مناخِرهم إلا حصائدُ ألسنتهم )) , قاله جواباً لقول معاذ رضي الله عنه : (( يا نبي الله ! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ )) .

قال الحافظ ابن رجب في شرحه من كتابه جامع العلوم والحكم ( 2/147 ) : (( والمرادُ بحصائد الألسنة : جزاءُ الكلام المحرم وعقوباته , فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات , ثم يحصد يوم القيامة ما زرع , فمن زرع خيراً من قول أو عمل حصد الكرامة , ومن زرع شراً من قول أو عمل حصد غداً الندامة )) .

وقال ( 2/146 ) : (( هذا يدلُّ على أن كف اللسان وضبطه وحبسه هو أصل الخير كله , وأن من ملك لسانه فقد ملك أمره وأحكمه وضبطه )) .

ونقل عن يونس بن عبيد أنه قال : (( ما رأيت أحداً لسانه منه على بال إلا رأيت ذلك صلاحاً في سائر عمله "، وعن يحيى بن أبي كثير أنه قال: " ما صلح منطقُ رجل إلا عرفت ذلك في سائر عمله، ولا فسد منطق رجل قط إلا عرفت ذلك في سائر عمله )).

وروى مسلم في صحيحه (2581) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أتدرون من المُفلس ؟ قالوا: المُفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام و زكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار )).

وروى مسلم في صحيحه (2564) عن أبي هريرة رضي الله عنه حديثاً طويلاً جاء في آخره: (( بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه )).

وروى البخاري في صحيحه (1739) ومسلم في صحيحه – واللفظ للبخاري – عن ابن عباس رضي الله عنهما: (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر، فقال: يا أيها الناس ! أي يوم هذا ؟ قالوا: يومٌ حرام، قال: أي بلد هذا؟ قالوا: بلدٌ حرام، قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهرٌ حرام، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، فأعادها مراراً ثم رفع رأسه فقال: اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما: فوالذي نفسي بيد! إنها لوصيته إلى أمته، فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض )).

وروى مسلم في صحيحه (2674) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً )).

قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب تعليقاً على حديث (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من إحدى ثلاث ... )) الحديث، قال : (( وناسخ العلم النافع له أجره وأجر من قرأه أو نسخه أو عمل به من بعده ما بقي خطه والعمل به؛ لهذا الحديث وأمثاله، وناسخ غير النافع مما يوجب الإثم، عليه وزره ووزر من قرأه أو نسخه أو عمل به من بعده ما بقي خطه والعمل به؛ لما تقدم من الأحاديث { من سن سنة حسنة أو سيئة }، والله اعلم )).

وروى البخاري في صحيحه (6502) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )) الحديث.

=== === === === === === === === === ===

المصدر : رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة .
إعداد فضيلة الشيخ العلامة المحدث عبد المحسن بن حمد العباد البدر .


أختكم : شمس الإمارات

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

0
503

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️