حقوق السائقين والخادمات

الملتقى العام

حقوق السائقين والخادمات
أ.د أحمد بن عبد الله الباتلي

بسم الله الرحمن الرحيم

حقوق السائقين والخادمات (1)

أما بعد فإن بعض الناس تضطرهم ظروفهم لاستقدام السائقين أو الخادمات للعمل في المنازل.
وعلى كفلائهم أن يتقوا الله فيهم , ويراعوا حقوقهم.
وليعلموا أنهم جاؤا من بلاد بعيدة , بحثاً عن لقمة العيث ومعالجة لظروف الفقر لأسرهم , فاضطروا لبيع بعض ممتلكاتهم للحصول على تأشيرة العمل في بلادنا.
فلا ينبغي أن نفاجأهم بسوء المعاملة فنعطي صورة سيئة للمسلمين عند هؤلاء الوافدين.
وأول الحقوق التي ينبغي مراعاتها: حسن استقبالهم عند وصولهم إلى المطار , ليشعروا بالطمأنينة والراحة النفسية.
لاسيما أن بعضهم لم يسافر خارج بلده إلى هذه المرة.
وتمكينهم من الاتصال بوالديهم , وأولادهم والأطمئنان عليهم وتوفير السكن المناسب لهم أو ما يحتاجه من مستلزمات ضرورية والمبادرة بالكشف الطبي عليهم لئلا يكونوا مصابين بامراض معدية فينقلوها لأهل المنزل.
ويجب تعليمهم العقيدة وأحكام الطهارة والصلاة والصيام والحجاب وإحضار المصاحف والكتب المترجمة بلغاتهم , أو الذهاب بهم لمكاتب دعوة الجاليات المنتشرة في بلادنا فيحضروا الدروس والمحاضرات هناك مع أبناء بلادهم بلغاتهم المختلفة , فجزى الله القائمين على هذه المكاتب الدعوية كل خير.
ولنحرص على استقدام الخادمة المسلمة لعموم قوله تعالى :( ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم).
فليس بصحيح ما يقال إن الخادمة غير المسلمة أفضل في العمل , بل المسلمة أفضل , وكذا السائق المسلم هو المؤتمن للقيام بمسئوليات الأسرة , وكيف ترضى أخي المسلم أن يسكن معك في بيتك أحد غير مسلم.
وعلى رب الأسرة أن يبلغ من لديه من الخدم والسائقين برقم صندوق البريد ليتمكنوا من مراسلة أهليهم.
وعند البدء في العمل على الأم أو الزوجة أن تعلم الخادمة برفق وهدوء وعدم إنفعال أو غضب فهي إنسانة مسكينة تحتاج لبعض الوقت فقد تجهل بعض الأعمال في بيوتنا , وقد لا تعرف بعض الأجهزة الكهربائية التي نتعامل بها لعدم وجودها في بلادها.
وقد تكون الخادمة جاهلة أمية لا تعرف القراءة والكتابة فتحتاج مزيداً من الوقت لتعليمها أمور المنزل.
والحذر الحذر من مُعاقبتهم عند الخطأ فقد روي في الحديث :( من ضرب مملوكاً ظُلماً قِيد منه يوم القيامة) رواه الطبراني , ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة.
قالت عائشة رضي الله عنها :" ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً قط " رواه أحمد.
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه :" خدمتُ رسول صلى الله عليه وسلم عشر سنين ما علمتُه قال لشيء صنعته لم فعلت كذا وكذا , أو لشيء تركته هلا فعلت كذا وكذا " رواه مسلم.
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : كنت أضرب غلاماً لي بسوط , فسمعت صوتاً من خلفي :( اعلم أبا مسعود ) فلم أفهم الصوت من الغضب , قال : فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول :( اعلم أبا مسعود , اعلم أبا مسعود )
فألقيت السوط من يدي , فقال لي :( اعلم أبا مسعود أن الله أقدرُ عليك منك على هذا الغلام )
قال : فقلت: لا أضرب مملوكاً أبداً , وفي رواية أنه قال:( يارسول الله هو حُر لوجه الله) فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أما لو لم تفعل للفحتك النارُ أو لمستك النار) رواه مسلم
وكان لإبي هريره جاريةٌ رفع عليها السوطُ يوماً فقال :" لولا القصاصُ لاغشيتك به , ولكن سأبقيك , ولكن سأبقيكِ ممن يوفيني ثمنك , اذهبي فأنتِ لوجه الله " رواه أحمد في الزهد ص459.
وينبغي التعاون معهم في عمل المنزل فلا تُلقي ربةٌ المنزل جميع الأعمال على الخادمة , وتعاتبها على تقصيرها.
بل من الشفقة عليها مساعدتها في بعض أعمالها.
كان الربيع بن خُثيم رحمه الله يقول لخادمه :" علي نصف العمل وعليك نصف " رواه أحمد في الزهد ص459.
ويذكر أن رجلاً دخل على سلمان الفارسي رضي الله عنه فوجده يعجِن فقال له : يا أبا عبد الله ما هذا ؟
فقال : بعثنا الخادم في شُغلٍ فكرهنا أن نجمع عليه عملين.
بهذه الأخلاق الطيبة ينبغي أن نتعامل مع الخدم والسائقين ليشعروا بالراحة والمحبة من إخوانهم المسلمين ويعلموا أن ديننا يحث على مكارم الأخلاق فلهذا أثر كبير عليهم في الدعوة وسينقلون مشاهداتهم إلى بلادهم.
ولنحرص على توفير الطعام واللباس والسكن لهم حسب العقد معهم لقوله تعالى :( يا أيها الذي أمنوا أوفوا بالعقود ) , ولوقوله صلى الله عليه وسلم :" هم إخوانكم .... جعلهم الله تحت أيديكم فمن جعل الله أخاه تحت يده فليُطعمه مما يأكل , وليلبسه مما يلبس , ولا يكلفه من العمل ما يغلبُه , فأن كلفه ما يغلبُه فليُعنهُ عليه " رواه البخاري.
وأختم بهذه القصة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أعطى غلامهُ دراهم ليشتري بها ثوبين , فلما أحضرهما أعطا عليٌ غلامه أرقهما نسيجاً وأغلاهما ثمناً وقال : أنت أحقُ بأجودهما لأنك شاب تميلُ نفسك للتجمل , أما أنا فيكفيني هذا.
وأهمس بهذه القصة في الذين يعطون خدمهم البالي من الثياب وأذكرهم يقوله تعالى :( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ).

 منقول
0
374

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️