حق الزوج على زوجته إن هو قام بحقها

الأسرة والمجتمع

سبق أن كتبت مقالة بعنوان " أين الرجال عن هذا ؟! " ذكرت فيها حق الزوجة على زوجها ، وأنقل في هذه المشاركة أجوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية تبين حق الزوج على زوجته إن فعل ما ذكرته في المقالة السابقة ...
سئل شيخ الإسلام - رحمه الله - عن امرأة تزوجت وخرجت عن حكم والديها . فأيهما أفضل : برها لوالديها أو مطاوعة زوجها ؟
فأجاب : الحمد لله رب العالمين . المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها وطاعة زوجها عليها أوجب ، قال الله تعالى : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة ؛ إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك ) . وفي صحيح ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها ؛ دخلت من أي أبواب الجنة شاءت ) ، وفي الترمذي عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة ) ، وقال الترمذي : حديث حسن . وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو كنت آمرا لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن ، وأخرجه أبو داود ، ولفظه : ( لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحقوق ) ، وفي المسند عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ؛ من عظم حقه عليها ، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تجري بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه ) ، وفي المسند وسنن ابن ماجه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود ، ومن جبل أسود إلى جبل أحمر : لكان لها أن تفعل ) أي لكان حقها أن تفعل . وكذلك في المسند وسنن ابن ماجه وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن أبي أوفى قال : ( لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا يا معاذ ؟ قال : أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا ذلك ؛ فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ؛ ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه ) ، وعن طلق بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما رجل دعا زوجته لحاجته فلتأته ولو كانت على التنور ) رواه أبو حاتم في صحيحه والترمذي وقال : حديث حسن ، وفي الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبانا عليها : لعنتها الملائكة حتى تصبح ) . والأحاديث في ذلك كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال زيد بن ثابت : الزوج سيد في كتاب الله ، وقرأ قوله تعالى : ( وألفيا سيدها لدى الباب ) . وقال عمر بن الخطاب : النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته . وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( استوصوا بالنساء خيرًا فإنما هن عندكم عوان ) ، فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير ؛ فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة . وإذا أراد الرجل أن ينتقل إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود الله فيها ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك : فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها ؛ فإن الأبوين هما ظالمان ؛ ليس لها أن ينهياها عن طاعة مثل هذا الزوج ، وليس لها أن تطيع أمها فيما تأمرها به من الاختلاع منه أو مضاجرته حتى يطلقها : مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصداق بما تطلبه ليطلقها ؛ فلا يحل لها أن تطيع واحدًا من أبويها في طلاقه إذا كان متقيًا لله فيها . ففي السنن الأربعة وصحيح ابن أبي حاتم عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) وفي حديث آخر : ( المختلعات والمنتزعات هن المنافقات ) . وأما إذا أمرها أبواها أو أحدهما بما فيه طاعة الله : مثل المحافظة على الصلوات وصدق الحديث وأداء الأمانة ونهيها عن تبذير مالها وإضاعته ونحو ذلك مما أمر الله ورسوله أو نهاها الله ورسوله عنه : فعليها أن تطيعهما في ذلك ولو كان الأمر من غير أبويها . فكيف إذا كان من أبويها ؟!
وإذا نهاها الزوج عما أمر الله أو أمرها بما نهى الله عنه : لم يكن لها أن تطيعه في ذلك ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، بل المالك لو أمر مملوكه بما فيه معصية لله لم يجز له أن يطيعه في معصية ؛ فكيف يجوز أن تطيع المرأة زوجها أو أحد أبويها في معصية ؟! فإن الخير كله في طاعة الله ورسوله والشر كله في معصية الله ورسوله .

وسئل شيخ الإسلام - رحمه الله - عن رجل له زوجة تصوم النهار وتقوم الليل وكلما دعاها الرجل إلى فراشه تأبى عليه ، وتقدم صلاة الليل وصيام النهار على طاعة الزوج : فهل يجوز ذلك ؟
فأجاب : لا يحل لها ذلك باتفاق المسلمين ؛ بل يجب عليه أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش ، وذلك فرض واجب عليها . وأما قيام الليل وصيام النهار فتطوع : فكيف تقدم مؤمنة النافلة على الفريضة ؟! حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ) ، ورواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما ولفظهم : ( لا تصوم امرأة وزوجها شاهد يوما من غير رمضان إلا بإذنه ) ؛ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم على المرأة أن تصوم تطوعًا إذا كان زوجها شاهدًا إلا بإذنه فتمنع بالصوم بعض ما يجب له عليها : فكيف يكون حالها إذا طلبها فامتنعت ؟! وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا دعا الرجل المرأة إلى فراشه فأبت لعنتها الملائكة حتى تصبح ) ، وفي لفظ : ( إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى تصبح ) ، وقد قال الله تعالى : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) ، فالمرأة الصالحة هي التي تكون " قانتة " أي مداومة على طاعة زوجها . فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة ، وكان ذلك يبيح له ضربها ، كما قال تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) ، وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج ؛ حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو كنت آمرا لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة تسجد لزوجها ؛ لعظم حقه عليها ) ، وعنه صلى الله عليه وسلم : أن النساء قلن له : إن الرجال يجاهدون ويتصدقون ويفعلون ، ونحن لا نفعل ذلك ، فقال : حسن فعل إحداكن يعدل ذلك ) أي : أن المرأة إذا أحسنت معاشرة بعلها كان ذلك موجبًا لرضا الله وإكرامه لها ؛ من غير أن تعمل ما يختص بالرجال . والله أعلم .
13
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام نايف ونادر
ام نايف ونادر
بارك الله فيك
مون دل
مون دل
الله ينفاعبه ويجزاك خير
خادمة الحرمين
أرجو من الأخوات ذكر حدود طاعة الزوجة لزوجها ؛ أي ما الأمور التي يجب عليها أن تطيعه فيها ؟
وما الأمور التي لا يجب أن تطيعه فيها غير معصية الله تعالى ؟

نريد أن نتناقش في هذه الأمور :

خدمة البيت

شكل الملابس

تغطية العينين والكفين

الخروج إلى السوق

حضور حفلات الزواج

الكشف للطبيب

ركوب سيارات الأجرة

اختيار الصديقات وعدد مرات زيارتهن

استعمال الهاتف

استغلال الوقت

طريقة تربية الأولاد

الإنفاق على الملابس وغيرها

وضع المكياج

قص الشعر والأظافر وصبغها


ونحو ذلك ...
خادمة الحرمين
أين المشاركة يا أخوات ؟!
رأيكن مهم !
حسنًا سأبدأ أنا بالأمر الأول ، وهو خدمة البيت :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : تنازع العلماء : هل عليها أن تخدمه في مثل : فراش المنزل ، ومناولة الطعام والشراب ، والخبز والطحن والطعام لمماليكه وبهائمه : مثل علف دابته ونحو ذلك ؟ فمنهم من قال : لا تجب الخدمة . وهذا القول ضعيف كضعف قول من قال : لا تجب عليه العشرة والوطء ؛ فإن هذا ليس معاشرة له بالمعروف ؛ بل الصاحب في السفر - الذي هو نظير الإنسان - وصاحبه في المسكن ؛ إن لم يعاونه على مصلحة ؛ لم يكن قد عاشره بالمعروف .
وقيل - وهو الصواب - وجوب الخدمة ؛ فإن الزوج سيدها في كتاب الله ؛ وهي عانية عنده بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى العاني والعبد الخدمة ؛ ولأن ذلك هو المعروف .
ثم من هؤلاء من قال : تجب الخدمة اليسيرة .
ومنهم من قال : تجب الخدمة بالمعروف ، وهذا هو الصواب ؛ فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله ، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال : فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية ، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة .