السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله أتى على امرأة تبكى على صبى لها فقال لها اتقى الله واصبرى فقالت وما تبالى بمصيبتى فلما ذهب قيل لها انه رسول الله فأخذها مثل الموت فأتت بابه فلم تجد على بابه بوابين فقالت يا رسول لم أعرفك فقال انما الصبر عند أول صدمة وفي لفظ عند الصدمة الاولى وقوله الصبر عند الصدمة الاولى مثل قوله ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذى يملك نفسه وقت الغضب فإن مفاجئات المصيبة بغتة لها روعة تزعزع القلب وتزعجه بصدمها فإن صبر الصدمة الأولى انكسر حدها وضعفت قوتها فهان عليه استدامة الصبر وأيضا فإن المصيبة ترد على القلب وهو غير موطن لها فتزعجه وهى الصدمة الأولى وأما اذا وردت عليه بعد ذلك توطن لها وعلم انه لا بد له منها فيصير صبره شبيه الاضطرار وهذه المرأة لما علمت ان جزعها لا يجدى عليها شيئا جاءت تعتذر إلى النبي كأنها تقول له قد صبرت فأخبرها أن الصبر انما هو عند الصدمة الأولى
ويدل على هذا المعنى ما رواه سعيد بن زربى عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة رضى الله عنه قال مر النبي على امرأة جاثمة على قبر تبكى فقال لها يا أمة الله اتق الله واصبرى قالت يا عبد الله ثكلى قال يا أمة الله اتق الله واصبرى قالت يا عبد الله لو كنت مصابا عذرتنى قال يا أمة الله اتق الله واصبرى قالت يا عبد الله قد أسمعت فانصرف عنى فمضى رسول الله واتبعه رجل من أصحابه فوقف على المرأة فقال لها ما قال لك الرجل الذاهب قالت قال لى كذا وكذا وأجبته بكذا وكذا قال هل تعرفينه قالت لا قال ذلك رسول الله قال فوثبت سرعة نحوه حتى انتهت اليه وهى تقول أنا أصبر أنا أصبر يا رسول الله فقال الصبر عند الصدمة الأولى الصبر عند الصدمة الأولى
قال ابن أبى الدنيا حدثنا بشر بن الوليد وصالح الكندى بن مالك قالا حدثنا سعيد بن زربى فذكره فهذا السياق يبين معنى الحديث قال أبو عبيد معناه ان كل ذى رزبة فإن قصاراه الصبر ولكنه انما يحمد على صبره عند حدة المصيبة وحرارتها
قلت وفي الحديث أنواع من العلم أحدها وجوب الصبر على المصائب وأنه من التقوى التى أمر العبد بها الثانى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وان سكر المصيبة وشدتها لا يسقطه عن الآمر الناهى الثالث تكرار الامر والنهى مرة بعد مرة حتى يعذر المرء إلى ربه الرابع احتج به على جواز زيارة النساء للقبور فانه لم ينكر عليها الزيارة وانما أمرها بالصبر ولو كانت الزيارة حراما لبين لها حكمها وهذا كان في آخر الامر فإن أبا هريرة انما اسلم بعد السنة السابعة وأجيب عن هذا بأنه قد أمرها بتقوى الله والصبر وهذا انكار منه لحالها من الزيارة والبكاء ويدل عليه أنها لما علمت أن الآمر لها من تجب طاعته انصرفت مسرعة وأيضا فأبو هريرة لم يخبر أنه شهد هذه القصة فلا يدل الحديث على أنها بعد السلامه ولو شهدها فلعنته لزائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج كان بعد هذا في مرض موته وفي عدم تعريفه لها بنفسه في تلك الحال التى لا تملك فيها نفسها شفقة منه ورحمة بها اذا عرفها بنفسه في تلك الحال فربما لم تسمع منه فتهلك وكان معصيتها له وهى لا تعلم أنه رسول الله أخف من معصيتها له لو علمت فهذا من كمال رأفته صلوات الله وسلامه عليه
وفي صحيح مسلم عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله يقول ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا اليه راجعون اللهم اجرنى في مصيبتى واخلف لى خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها قالت فلما مات أبو سلمة قلت أى المسلمين خير من أبى سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله ثم إنى قلتها فأخلف الله لى رسوله فأرسل إلى رسول الله حاطب بن ابى بلتعة يخطبنى له فقلت ان لى بنتا وأنا غيور فقال أما بنتها فادعو الله أن يغنيها عنها وادعو الله أن يذهب بالغيرة فتزوجت رسول الله
وعند أبى داود في هذا الحديث عنها قالت قال رسول الله اذا أصابت أحدكم مصيبة قليقل إنا لله وإنا اليه راجعون اللهم عندك أحتسب مصيبتى فاءجرنى فيها وابدلنى خيرا منها فلما احتضر أبو سلمة قال اللهم اخلفنى في أهلى خير منى فلما قبض قالت أم سلمة إنا لله وانا اليه راجعون عند الله أحتسب مصيبتى فانظر عاقبة الصبر والاستراجاع ومتابعة الرسول والرضاء عن الله إلى ما آلت إليه وأنالت أم سلمة نكاح أكرم الخلق على الله
وفي جامع الترمذي ومسند الامام أحمد وصحيح ابن حبان عن ابي موسى الأشعري قال قال رسول الله اذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجعك فيقول ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد
وفي صحيح البخاري من حديث أنس أن رسول الله قال اذا ابتليت عبدي بحبيتيه ثم صبر عوضته منهما الجنه يريد عينيه وعند الترمذي في الحديث اذا أخذت كريمتي عبدي في الدنبا لم يكن له جزاء عندي الا الجنة وفي الترمذي أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله يقول الله عز و جل من أذهبت حبيتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة وفي سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمر قال قال رسول الله لا يرضى الله لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الارض واحتسبه بثواب دون الجنة وطلق خالد بن الوليد امرأة له ثم أحسن عليها الثناء فقيل له يا أبا سليمان لأى شيء طلقتها قال ما طلقتها لأمر رابنى منها ولا ساءنى ولكن لم يصبها عندى بلاء ويذكر عنه ما ضرب على مؤمن عرق الا كتب الله له به حسنة وحط به عنه سيئة ورفع له به درجة
ولا ينافي هذا ما قدمناه من أن المصائب مكفرات لا غير لأن حصول الحسنة انما هو بصبره الاختيارى عليها وهو عمل منه وعاد رجل من المهاجرين مريضا فقال ان للمريض اربعا يرفع عنه القلم ويكتب له من الاجر مثل ما كان يعمل في صحته ويتبع المرض كل خطيئة من مفصل من مفاصله فيستخرجها فإن عاش عاش مغفورا له وان مات مات مغفور له فقال المريض اللهم لا أزال مضطجعا
وفي المسند عنه والذى نفسى بيده لا يقضى الله للمؤمن قضاء الا كان خيرا له ان أصابته سرا شكر فكان خيرا له وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك الا للمؤمن وفي لفظ ان أمر المؤمن كله عجيب ان أصابته سراء شكر فكان خيرا له وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له
محبوبة رنودة @mhbob_rnod
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
دمع الجفون :جزاك الله الفردوس الاعلى من الجنهجزاك الله الفردوس الاعلى من الجنه
جزاك الله كل خير حبيبتي
الصفحة الأخيرة
فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) .
اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الشَّاكِرينَ لآِلاَئِكَ، الصَّابِرينَ عَلى بَلاَئِكَ، النَّاصِرِينَ لأَِوْلِيَائِكَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ. اللَّهُمَّ أَرِني الْحَقَّ حَقّاً وَارْزُقْنِي اتِّبَاعَهُ، وَأَرِني الْبَاطِلَ بَاطِلاً وَارْزُقْنِي اجْتِنَابَهُ. رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتي، رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ، رَبَّنَا اغْفِر لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنيِنَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ. رَبِّ أوْزِعْني أَنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ؛ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتي، إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ المُسْلِمين.
اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضانا وَمَرْضَى الْمُسْلِمِينَ أَنْتَ الشّافِي لاَ شِفاءَ إِلاَّ شِفاؤُكَ
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَالِحَ الأَعْمَالِ وَاجْعَلهَا خَالِصةً لِوَجْهِكَ الكَرِيمِ..
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ.
المرجع: نقلاً عن "الأذكار المأثورة – أحمد العربي"
لا تنسونا من صالح دعائكم ،،