رواية من محض الخيال....تدور أحداثها في عالم آخر.....في مكان آخر ...في زمان آخر...لا تمت لعالمنا أو لزماننا أو لمكاننا بأية صلة....
رجولة-1- وصلت الطائرة الملكية الخاصة تحمل على متنها أدهم عصمت الألفي ولي العهد السابق والحاكم الحالي للبلاد بعد أن أنهى دراسته و حصل على الدكتوراة في الطب...... أدهم شابا في أواخر العشرينيات من عمره.....شديد الوسامة والجاذبية ....طويل القامة يمتلك جسدا رياضيا ممشوقا............و شعرا أسودا كثا شديد النعومة ...و عيناه واسعتان عسليتان تظللهما أهداب طويلة كثيفةرائعة
طلب ادهم من الطيار أن يهبط بهما في المطار الرئيسي للعاصمة وليس في مهبط الطائرات الخاص بساحة القصر الملكي......
تعجب قائد الطائرة من طلبه ولكنه لم يملك سوى تنفيذ الأوامر فقط دون نقاش ....
مرت حياة أدهم السابقة امام عينيه في تلك اللحظات أثناء الهبوط.....تذكر كيف كان الطفل المدلل الوحيد لوالديه...كانوا يبالغون في تدليله و حبه وتلبية رغباته أيا كانت...كيف كانوا يعاملونه كأمير يحكم ويسيطر ويأمر وينهى والجميع يخضعون له و يطيعون اوامره بما في ذلك والديه....وتذكر آخر مناقشة بينه وبين والده الحاكم السابق عندما قرر أن ينحيه عن حكم البلاد ليتولى هو مقاليد الأمور....
ادهم متحدثا إلى والده بصوت منخفض تشوبه لكنة صارمة : خلاص يا بابا....لازم تسيب لي الحكم...الناس مش هيستنوا ولا هيصبروا على ظلمك وقسوتك أكتر من كدة....الناس لو ثاروا عليك هتنتهي بكارثة...أنا خايف عليك وشايف إنك تستنى هنا شوية انت وماما وانا أنزل لوحدي أظبط أمور الناس و امهد لك الطريق إنك ترجع من غير ما الناس يكونوا شايلين منك أوي كدة عشان تقدروا تعيشوا هناك بأمان........
رد عليه والده بنبرة استعطاف : ايوة يا حبيبي بس أنا خايف عليك...انت غيري....قلبك كبير و طيب والناس هناك لو حسوا انك طيب و محترم هيستغلوك ويستدروا عطفك....لو ما عاملتهمش معاملة العبيد و دوست عليهم بجزمتك هيتمردوا وممكن ياخدوا عليك و مايطيعوش اوامرك......
رد أدهم بنفس الصرامة : بابا....انا أعرف إزاي كويس اتعامل مع الناس بشدة وحزم وفي نفس الوقت بالرحمة واللين....سيب الموضوع دة علية... شعر عصمت بأنه لا حيلة له....هو يأمر الجميع ولكنه لا يستطيع أن يرفض أي طلب لأبنه الوحيد....يفرض سيطرته وقوته على الجميع بينما يشعر بضعف إرادته تماما امام ابنه الشاب القوي الخلوق.....
هبطت الطائرة و وطأت قدمي ادهم ارض البلاد لأول مرة منذ أكثر من ثماني سنوات....اختلطت مشاعره و خفق قلبه بشدة لهول المسئولية التي هو بصدد حملها على عاتقيه....آثر أن يخفي شخصيته عن الجميع حتى يتمكن من استكشاف أحوال البلاد والعباد........ كان ادهم يحاول اخفاء ملامحه حتى لا يتعرف عليه أحد بارتدائه نظارة سوداء كبيرة و قبعة أسدلها على جانبي وجهه و لكنه رفع القبعة وأزاح نظارته امام ظابط الجوازات بالمطار الذي أخذ يحدق في جواز السفر الملكي الذي قدمه إليه أدهم و هو يقول بصوت منخفض: يا ريت تخلص اجراءاتك على طول و بسرعة ومن غير ما تبين إنك تعرفني ....مش عايز أي مخلوق يعرف إني هنا.....
ارتجف الظابط خوفا و اضطرب من هول المفاجأة وتذكر كيف كان والده يحكمهم بالحديد والنار و ظن أن ادهم مثل أبيه قد يعاقبه بقسوة لو ما نفذ اوامره فأنهى إجراءته سريعا وحاول ان يبدو متماسكا حتى لا يشعر أحد بوجوده في المطار....
لم يخبر أدهم أحدا بموعد وصوله إلا العاملين بالقصر الملكي فقط و لذلك لم يجد أية سيارة في انتظاره فأشار لتاكسي في الطريق كأي مواطن عادي....
توقف السائق و سأل ادهم : على فين إن شاء الله؟؟؟
ركب أدهم السيارة و قال بصوته الهاديء العميق : أطلع على القصر الملكي
رد السائق بدهشة : نعم ؟؟؟ انت بتقول القصر الملكي؟؟؟ إزاي يعني؟
رد ادهم بطريقة طبيعية : انا عندي معاد هناك...متخافش....اطلع على طول
ابتلع السائق ريقه بصعوبة و قال بصوت مرتجف : طيب أنا هاخد 50 دولار ...ماشي؟؟؟
نظر إليه ادهم وضاقت عيناه و هو يقول له : مش كتير كدة؟؟؟ و بعدين مش المفروض إنك تمشي بالعداد؟؟؟
رد السائق بطريقة فظة : مفيش عداد يا أستاذ....طالما وصلت للقصر الملكي يعني معاك فلوس و المشوار دة كدة عدله 50 دولار ولو مش عاجبك اتفضل انزل
رد أدهم بنفس الهدوء ( و لسان حاله يقول : هتندم على كلامك دة ) : ماشي....اطلع..
انطلق السائق و لاحظ أن أدهم يتأمل مباني و شوارع البلد من نافذة السيارة فسأله : انت شكلك كدة بقالك كتير برة و...و.....و......
استغل أدهم ثرثرة السائق و بدأ يسأله عن احوال البلد فانفجر السائق قائلا : البلد بتغلي يا أستاذ...الراجل الظالم اللي اسمه عصمت الألفي دة منه لله ......راجل ظالم و مفتري و بشع .... ربنا ياخده وينتقم منه بهدلنا و ذلنا و ظلمنا كتير...و دلوقتي باعت لنا ابنه أدهم الزفت دة....العيل الدلوع ابن امه عشان يكمل علينا وشكله ظالم و مفتري زي أبوه........
دهش ادهم لكلام السائق عنه وهو لا يعرفه فسأله : وانت عرفت إزاي إن ادهم ظالم ومفتري زي أبوه ؟
رد السائق بمنتهى الثقة : يعني مثلا لما يبقى واحد متربي في بيت واحد ظالم زي عصمت دة...تفتكر هيطلع إيه ؟؟؟ إمام مسجد ؟؟؟ ما هو طبعا هيطلع حيوان مجرم زي أبوه......
سأله ادهم ساخرا : انت بتتكلم بشجاعة كدة يعني مش خايف منهم؟؟؟ مش خايف مثلا إني أقولهم في القصر على كلامك دة ؟؟؟
ابتلع السائق ريقه في صعوبة كأنه نسي إنه في طريقه إلى القصر فقال باضطراب و خوف : لأ بصراحة...شكلك كدة راجل جدع وشهم ومحترم...و أكيد ميرضكش إني أتأذي في عيالي و اهل بيتي عشان فضفضت معاك شوية في الكلام......
قطب ادهم حاجبيه و هو يسأله : وإيه اللي دخل عيالك وأهلك في الموضوع ؟؟
رد السائق بثقة شديدة : ما هو دة اسلوب أدهم وأبوه في العقاب....اللي يغلط ما يلمسهوش هو خالص...لكن ياخدوا عياله ولا مؤاخذة حريمه ويعذبوهم ويبهدلوهم و يحرقوا قلبه عليهم....دة يوجعه اكتر ما هو نفسه يتعاقب.....
شعر ادهم بالغضب و سأله وهو يحاول أن يبدو متماسكا و غير مباليا : وانت عرفت إزاي ان دة أسلوب أدهم إذا كان لسة ما حكمش البلد ؟
رد السائق بنفس الثقة : دة اسلوب أبوه و دي الطريقة اللي معلمها لإبنه ومدربه عليها كويس جدااا....يعني ادهم دة كمان قذر و حيوان زي ابوه بالظبط.......
توقف السائق عند بداية الطريق المؤدي لبوابات القصر و التفت إلى أدهم قائلا : اتفضل انزل هنا يا أستاذ...... تعجب ادهم من وقوف السائق بعيدا عن بوابات القصر و قال له : انت وقفت هنا ليه؟؟؟ كمل وادخل لحد باب القصر.......
قال السائق : لأ...مااقدرش ....الحرس مش ممكن يسمحوا لي ادخل بالتاكسي...و مش بعيد يضربوا علينا نار....انزل هنا يا استاذ الله لا يسيئك.......
قال أدهم بلهجة آمرة كما اعتاد: قلت لك ادخل يبقى تدخل...أنا معايا تصريح إني ادخل بالتاكسي لحد جوة...ادخل وعلى مسئوليتي...
قال السائق بنبرة يأس : يا استاذ اعقل....انت داخل النار برجليك...الناس دول قلت لك حيوانات....معندهمش رحمة ولا تفاهم....و انت شكلك لسة صغير...خاف على عمرك و شبابك....
زفر ادهم بضيق و قال بصرامة : قلت لك معايا تصريح.....ادخل يا إما مش هتاخد ولا مليم......
ظهرت علامات الغضب على وجه السائق ولكن ليس بيديه شيء و يطمع في الحصول على الأجرة...
أخرج ادهم من جيبه ورقة صغيرة خط عليها بضعة كلمات و عند وصوله لبوابات القصر استوقفه الحراس فأخرج أدهم راسه من نافذة التاكسي و اعطى الحارس الورقة التي كتب فيها : أنا أدهم الألفي...افتحوا البوابات من غير ما تكشفوا شخصيتي ادام السواق و اقفلوها على طول ولا تسمحوا له بالخروج إلا بامر مني شخصيا.......
ارتجف الحارس خوفا وقال باضطراب : أهلا وسهلا...سيادتك شرفتنا و نورت البلد كلها.....
ابتسم له أدهم برقة شديدة وهو يقول : متشكر...لو سمحت افتح البوبات...
فتح الحارس بوابات حديقة القصر الشاهقة كلها مما أثار تعجب السائق و بدأ يشعر ببعض القلق ولكنه لم يستطع الكلام حتى وصل إلى باب القصر فانطلق إليه حارس القصر الخاص مهللا وانحنى امام التاكسي في احترام قائلا : أهلا وسهلا يا سعادة البيه...نورت القصر و البلد كلها......
إزدادت حيرة السائق و تعجبه .....و نزل أدهم من السيارة و قال للحارس : أهلا بيك يا محمد....
ثم أشار إلى السائق و وجه اوامره إلى الحارس قائلا بصرامة شديدة : هات لي الكلب دة ورايا يلا....
شعر السائق بالرعب عندما أشهر الحارس سلاحه في وجهه وامسكه من تلابيبه و جره إلى داخل الممر المؤدي إلى القصر و بدأ يقول بصوت مرتجف : فيه إيه بس؟؟؟ انا عملت إيه؟؟؟
قال له الحارس بغلظة : أمشي و متسألش عن أي حاجة ... و تخرس خالص لما نشوف أدهم بيه هيعمل فيك إيه......
شهق السائق بقوة و سقط قلبه بين ركبتيه و كاد يتوقف عن النبض و هو يقول بدهشة : مين؟؟ ادهم بيه؟؟؟ هو دة ادهم بيه الألفي ؟
رد عليه الحارس بنفس الغلظة : أيوة...دة ادهم بيه الألفي...بس شكلك عملت عملة سودة عشان يجرجرك كدة وهو لسة واصل...
كاد السائق ان يبكي و تخبطت خطواته و تذكر في لحظة السباب و الكلام المسيء عن أدهم بيه و والده و هو ينادي عليه : يا سعادة البيه...ارجوك يا سعادة البيه ...أرجوك
التفت إليه أدهم و نظر إليه بغضب شديد و هو يقول ساخرا : وليه ؟ ما تناديني بيا قذر ولا يا ظالم ولا يا حيوان؟؟؟ مش كدة؟؟؟
جثا السائق على ركبتيه أمام أدهم بيه وأمسك يده وقبلها و هو يقول :دة انا اللي قذر و حيوان وستين حيوان كمان...ارحمني ارجوك يا سعادة البيه....والله العظيم ما كنت اعرف سعادتك......
أمسكه ادهم من ياقة قميصه و هو يقول : ولما انت متعرفنيش ولا تعرف معاملتي للناس هتكون إزاي...بتتبلى علية ليه وترميني بالباطل ؟؟؟ عموما....انا هنفذ لك كل كلامك عني طالما دي الفكرة اللي عندك عني....هتشوف الظلم والقهر بعنيك لما أجيب مراتك وعيالك وامك وأبوك كمان و تشوفهم متعلقين و بيتعذبوا أدام عنيك...مش دة برضه العقاب اللي انت قلت بنفسك إني بعاقب بيه الناس؟؟؟ انا بقى هعرفك الحيوان القذر بيعمل إيه لما يعاقب عبيده.....
جثا السائق مرة اخرى على ركبتيه و نزل على حذاء ادهم بيه واخذ يقبله وهو يبكي بشدة ويستعطفه و هو يقول : أنا في عرضك يا سعادة البيه....أبوس رجليك يا بيه....بلاش عيالي...انا أدامك اهو...اعمل فية اللي سيادتك عايزه بس بلاش اهلي...أرجوك.....
شعر أدهم بالأسى لحال السائق و الفكرة السيئة التي طبعها والده عصمت باشا في أذهان الناس عنه ورق قلبه له فمد يده ليرفعه اليه و قال له بصوته الهاديء العميق: طالما متعرفش حاجة يبقى متتكلمش فيها....المرة دي بس انا هسامحك وأرحمك من اللي ممكن اعمله فيك....و لسانك اللي هيوديك في داهية دة تحطه جوة بقك و تخرس خالص....انت فاهم ولا أفهمك بطريقتي؟؟؟
لم يصدق السائق نفسه بأن أدهم بيه رأف بحاله و تقبل توسلاته فنزل على يد ادهم بيه يقبلهما و هو يقول له بنفس الصوت الباكي الذليل: فاهم ...و الله العظيم فاهم يا سعادة البيه... أنا مش عارف أقولك إيه ولا أشكرك إزاي على موقفك معايا ؟؟؟ أنا فعلا طلعت بهيم وحمار عشان قلت على سيادتك كلام مش فيك خالص.........
وقبل يديه مرة اخرى وهو يقول بحسرة وندم : أنا آسف يا سعادة البيه...آسف و ندمان على كل حرف قلته عن سيادتك.......
سحب ادهم يديه من بين يدي السائق و مدها في جيبه وأخرج 50 دولار ألقاها للسائق و هو يقول : اتفضل أجرتك اللي طلبتها بمخالفة للقوانين من غير ما تشغل عدادك....
مد السائق يده بالنقود لأدهم بيه وهو يقول: إيه دة يا سعادة البيه؟؟؟ سعادتك عايز تدفع لي اجرة على المشوار ؟؟؟ مش ممكن طبعا...دة كفاية إن التاكسي و صاحب التاكسي اتشرفوا بخطوة رجلين سيادتك جوة التاكسي...دي لوحدها بميت اجرة....
ابتسم ادهم و هو يقول له بسخرية : لأ معلش....احنا اتفقنا ولازم تاخد اجرتك.......بس وانت خارج من هنا هتسيب التاكسي على بوابات القصر....انت متستحقش توصل الناس مشاويرهم بأجرة غير قانونية...لأنك طماع و مستغل.....
ارتعش السائق مرة اخرى من الخوف وقال متوسلا لأدهم : آخر مرة والله العظيم يا سعادة البيه.... ربنا يخليك يا بيه ولا يوقعك في ضيقة أبدا...التاكسي دة مش بتاعي....دة انا شغال عليه باليومية عشان اعرف اجيب أكل العيال.......
ثم ضم يديه تحت ذقنه و ركع أمام ادهم مرة اخرى و هو ما زال يبكي متوسلا: أرجوك يا سعادة البيه...اتوسل إليك تسامحني في دي كمان....أنا في عرضك يا بيه ...بيتي و بيت صاحب التاكسي اللي ملوش ذنب في حاجة هيتخربوا...مش هلاقي أأكل عيالي.....
رد عليه أدهم في صرامة : بتأكل عيالك مال حرام؟؟؟ لأ يا بابا....قلته أحسن....
نزل السائق مرة أخرى على قدمي أدهم يقبلهما ثانية و هو يقول : آخر مرة والله العظيم...هشغل العداد وامشي بما يرضي الله...أرجوك يا بيه...أرجوووووك.......
زفر ادهم في ضيق و قطب حاجبيه و رق قلبه مرة أخرى لحال السائق فقال : طيب خلاص...قوم امشي يلا....و تاني مرة تشغل عدادك وتتقي الله في شغلك....المرة دي انا حذرتك...و مش هسيبك...هبعت لك اللي يراقبك و يجيب لي أخبارك كلها...أنا حطيتك في دماغي خلاص و يا ويلك يا سواد ليلك لو أوامري ما اتنفذتش... فاهم يا حيوان؟؟؟
وقف السائق مسرعا و قال في تضرع و استسلام :فاهم يا سعادة البيه و تحت امر سعادتك....آخر مرة والله العظيم....توبت إلى الله يا بيه....و الله العظيم توبت......
أشار إليه أدهم بالإنصراف ...فانصرف السائق مسرعا و ادهم يتابعه بعينيه و هو يقول بداخله : بدأت المتاعب بدري أوي.....الموضوع كبير جدا و شكله مش سهل....يا رب أعني و سهل لي مهمتي.......
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
adoregod @adoregod
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️