نساء الدنيا
يقول الملك: إنها زوجتك الدنيوية، وهي معك في الجنة، وإنها اطلعتْ عليك فرأتك معانقا لهذه فتبسمتْ، فهذا النور الساطع
الذي تراه في دارك هو نور ثناياها، فترفع رأسك إليها، فتقول لك: يا ولي الله، أما لنا فيك من دَوْلَة؟ فتقول: حبيبتي من أنت؟ فتقول لك: يا ولي الله، أما أنا فمن اللواتي قال الله عز وجل فيهن: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين)، فيطير سريرك إليها، فإذا لقيتَها وجدتَّها تضعف عن هذه الأخرى بمائة ألف جزء من النور، لأن هذه صامت وصلت وعبدتِ الله عز وجل، فهي إذا دخلتِ الجنة أفضل من نساء الجنة، لأن أولئك أُنبِتن نباتا، فتعانق هذه مقدار أربعين عاما، لا تمل منك ولا تمل منها، ثم إنها تقوم بين يديك وخلاخلها من ياقوت، فإذا وطئتها سمعتَ من خلاخلها صفير كل طير في الجنة، وإذا مسستَ كفها كان ألين من المخ، وتشم من كفها رائحة طيب الجنة، وعليها سبعون حلة من نور، لو نُشِرَ الرداء منها لأضاء ما بين المشرق والمغرب، خلقتْ من نور، والحلل أرق من نسج العنكبوت، وهو أخف عليها من النقش، وإنك لترى مخ ساقها، من صفائها ورقتها، من وراء العظم واللحم والجلد والحلل، مكتوب على ذراعها اليمين بالنور (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن).
فالمؤمنات يتفوقن على الحور العين في الجمال، ويتفوقن عليهن في الحسن، ويتفوقن عليهن في الأخلاق، ويتفوقن عليهن في حسن التبعل للأزواج، ويتفوقن عليهن في كلمات العشق والحب والغرام، ويتفوقن عليهن في جمال الصوت، وحلاوة النغمات، ويتفوقن عليهن في النور والضياء، ويتفوقن عليهن في الحلل والأساور، والتيجان والكساء، ويتفوقن عليهن في الولدان والوصائف، بل إن الحوراء العيناء خادمة للمؤمنات، وحبيبها وزوجها أشد شغلاً بها من الحوراء.
(وحورٌ عينٌ)، حور بيض، ضخام العيون، شقر، الحوراء بمنزلة جناح النسر، (كأمثال اللؤلؤ المكنون)، صفاؤهن صفاء الدر الذي في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي، (كأنهن بيض مكنون)، رقتهن كرقة الجلد الذي رأيته في داخل البيضة مما يلي القشر، وهو الغرقىء، (عرباً أتراباً)، هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصاً شمطاً، خلقهن الله بعد الكبر، فجعلهن عذارى، عرباً متخشعات مستحببات، أتراباً على ميلاد واحد، فنساء الدنيا أفضل من الحور العين، كفضل الظهارة على البطانة، وذلك بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن لله تعالى، ألبس الله وجوههن النور، وأجسادهن الحرير، بيض الألوان، خضر الثياب، صفر الحلي، مجامرهن الدر، وأمشاطهن الذهب، يقلن: نحن الخالدات فلا نموت أبداً، ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً، ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً، ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً، وطوبى لمن كنا له وكان لنا.
وإن الحور العين إذا قلن: نحن الخالدات فلا نموت أبداً، ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً، ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً، ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً، ونحن خَيْرات حسان، حبيبات لأزواج كرام. أجابهن المؤمنات من نساء أهل الدنيا: نحن المصليات وما صليتن، ونحن الصائمات وما صمتن، ونحن المتوضئات وما توضأتن، ونحن المتصدقات وما تصدقتن، فيغلبنهن. وإن الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف.
والمؤمنة إذا تزوجتْ أكثر من واحد في الدنيا فإنها تُخيَّر، فتختار أحسنهم خُلُقاً، فتقول: أي رب، إن هذا كان أحسنهم معي خلقاً في دار الدنيا فزوجنيه، فتتزوجه، فقد ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخر
تبادل الحب
مكتوب على كبدها بالنور: {حبيبي أنا لك، لا أريد بك بدلا}، فكبدها مرآته، وهي على صفاء الياقوت، وحسن المرجان، وبياض البيض المكنون، عربا أترابا، عاشقات لأزواجهن، بنات خمس وعشرين سنة، لو ضحكتْ لأضاء نور ثناياها الجنة، ولو سَمع الخلائق منطقها لافتتن كل بر وفاجر، فهي قائمة بين يديه، فساقها يضعف على قدميها بمائة ألف جزء من النور، وفخذها يضعف على ساقها بمائة ألف جزء من النور، وعجزها يضعف على فخذها بمائة ألف جزء من النور، وبطنها يضعف على عجزها بمائة ألف جزء من النور، وصدرها يضعف على بطنها بمائة ألف جزء من النور، ووجهها يضعف على نحرها بمائة ألف جزء من النور، ولو تفلتْ في بحار الدنيا لعذبتْ كلها، ولو اطلعتْ من سقف بيتها إلى الدنيا لأخفى نورها نور الشمس والقمر، عليها تاج من ياقوت أحمر، مكلل بالدر والمرجان، وعلى يمينها مائة ألف قرن من قرون شعرها.
ضفـائـر الجمال
وتلك القرون: قرن من نور، وقرن من ياقوت، وقرن من لؤلؤ، وقرن من زبرجد، وقرن من مرجان، وقرن من در، مكلل بالزمرد الأخضر والأحمر، مفضض بألوان الجوهر، موشح بألوان الرياحين، ليس في الجنة طيب إلا وهو تحت شعرها، الواحدة تضيء مسيرة أربعين عاما، وعلى يسارها مثل ذلك، وعلى مؤخرها مائة ألف ذؤابة من ذوائب شعرها، فتلك القرون والذوائب إلى نحرها، ثم تتدلى إلى عجزتها، ثم تتدلى إلى قدميها حتى تجره بالمسك، وعن يمينها مائة ألف وصيفة، كل وصيفة آخذة بذؤابة من ذوائب شعرها]
وصائف الجنة
ومن بين يديها مائة ألف وصيفة، معهن مجامر من در، فيها بخور من غير نار، ويذهب ريحه في الجنة مسيرة مائة عام، حولها ولدان مخلدون، وشباب لا يموتون، كأنهم اللؤلؤ المنثور كثرة، فهي قائمة بين يديك يا ولي الله، ترى إعجابك وسرورك بها، وهي مسرورة عاشقة لك، فتقول لك: يا ولي الله، لتزدادن غبطة وسرورا، فتمشي بين يديك بمائة ألف لون من المشي، في كل مشية تتجلى في سبعين حلة من النور، والماشطة معها، فإذا مشت تتمايل وتنعطف، وتتكاسر وتدور، وتبتهج بذلك وتبتسم، فإذا مالت مالت القرون من الشعر معها، ومالت الذوائب معها، ومالت الوصائف معها، فإذا دارت درن معها، وإذا أقبلت أقبلن معها، خلقها الرحمن تبارك وتعالى خِلْقَةً إذا أقبلت فهي مُقبِلة، وإذا وَلَّتْ فهي مقبلة الوجه، لا تفارق وجهك، ولا تغيب عنك، وترى كل شيء منها.
وإذا جلستْ بعد مائة ألف لون من المشي، خرجتْ عجزتها من السرير، وتدلتْ قرونها وذوائبها، فتضطرب يا عبد الله، ولولا أن الله سبحانه وتعالى قضى أن لا موت فيها لَمُتَّ طربا، ولولا أن الله تبارك وتعالى قدَّرها لك، ما استطعتَ أن تنظر إليها، مخافة أن يذهب بصرك، فتقول لك: يا ولي الله، تمتَّع فلا موت فيها.
---- مجموعة عقيدة المسلم----
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
والله اني استمتعت بقراءة موضوعك.. الله يوفقك