nourmanal
nourmanal
أمٌ تقـــذف بابنهـا في البحـر فلــم من تسعــــة مشاهـــد



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين

أما بعد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

#** مقــــدمة **#

فهذا فليم من ضمن سلسلة أفلام الثبات في زمن الفتن والمدلهمات 0

آيات للمؤمنين ، وهداية للحيارى المترددين ، وعزاء للمصابين 0

ومض أمـــــل ، ودواء عــلل ، وثبـــــات من الـــــزلل 0

منهج منير إلى كلية التدبير ، وجامعة التفصيل من العليم الخبير 0

ستعيش أخي القارىء الكريم في هذا العرض لحظات متنوعة بين فرحة وحزن ، وأمن وخوف ، وألمٌ وأمل ، تتجاذبك حتى تخلص بك إلى دار بوابتها مكتوب عليها ( الثقة بالله حل المستعصيات ) 0

#** شخصيات الفلم **#



*..* المشهد الأول *..*

يسأل الملك المنجمون فيخبروه أنه سيُبعث مولود يذهب ملكك على يده ؛ فيُصدر قراره بكل كفر وكبر بذبح كل مولود لأنه يقول ( أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) ودفع به غروره إلى ظلمٍ يهوي به إلى مكان سحيق بعدما قال (( لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ )) فضل وغوى ، فخسر الآخرة والأولى ، فأزهق دماء الأبرياء (( ظُلْماً وَعُلُوّاً )) وأحرق قلوب أمهاتهم تجبراً وعتوا ، وهو يعيش حياة (( لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي )) وتعيش الأمهات البلاء المستبين 0

*..* المشهد الثاني *..*

ويلبس الصبح الورود ، وتملأ البسمات أفاق الوجود ، ببشرى أكرم مولود موسى عليه السلام
ولكن تقدم جيش الحزن بسيوف لا تعرف الرحمة ، لتمزق كل جميل في حياة أم موسى ، ولتستقر رماحها في كبد فرحها فتطرحه مجندلاً مقتولاً ، لأن أمر فرعون يقضي بذبحه ، (( وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ )) وكأنها تنظر إلى السكين يعلو عنقه فتغمض عيناها ، فتنظر إليه بقلبها ووتينه يُقطع ، ودمُهُ يتدفق ، وصرخاته البريئة تحرق أمل الحياة الجميل كله ، فيفصل رأسه عن جسده ، لِيلفِظَ الفرح أنفاسه الأخيرة من صدر أم موسى ، ويستوطن أعمق الجروح أرضه وسماه 0


*..* المشهد الثالث *..*

وتعيش أم موسى حياة الحيارى ، ضاق الوجود بآفاقه الواسعة ، وانزوت الأرض بفلواتها المتفرعة ، مشاهد الدماء الجارية تدور بخلدها على مدار اللحظة ، فتُذكرُها بقلبها موسى الذي تحمله في حضنها ليلامس مسكنه كبدها ، ولكن يتجلى معنى التدبير والحكمة من الله ويأتي الفرج (( بقهر محرق آخر )) فيما يظهر وهنا حكمة الله البالغة متمثلة في (( أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ )) وتكون الرضاعة لحياة الرضيع ، ومنها تتقوى روابط ، وأواصر المودة بين الأم الحنون وابنها ؛ ليزداد البلاء بمعانيه الحقيقية 0

*..* المشهد الرابع *..*

ولكن الخوف يحدق بموسى وأمه من كل مكان ، مكابدة تشوى المهج ، وليالي تتقمصها الهموم ، وحال يتكلم أنه مهموم ومكلوم ، كل شيء مخيف ، كل شيء مريب ، مشاهد الدماء لكره الحياة ، وفصل الرؤوس لتفضيل الممات، وصرخات الأطفال لتمنع هجعات الليل ، وأمنات النهار ، فلما كان الحال هذا (( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ )) بقوله (( أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ (( وجاءت اللحظات الحاسمات ، والإيمانيات البالغات ، وتتجلى صفحة الثقة بالله في أسما معانيها ، فلّذة الكبد ، وحبيب القلب ، وراضع ماء الحياة من صدرها ، وأصل من فرع من جسدها ، ومثال يحكي حقيقة روحها ؛ تتخلى عنه ، وتسلمه لليمِّ ، في تلاطم دفقاته ، ليعيش مع جوائع دوابه ، وأواكل سواكنه ، ولسان حالها يقول : يارب هذا كبدي ، هذا قلبي ، هذا عمرى ، هذا سعدي 0

يا رب هذا ابني ولا يعرف معنى ابني إلا أنت 0

يارب عليك اتكالي ، وبك ثقتي ، وبيدك مَلَاكِي فاحفظ لي ولدي 0

يارب أنت قصدي ، ومنتهى أملي ، ومفرج همي ، فاجمع شملي بشمل موسى قرة عيني وروح جسدي 0
[ وكأني بها تضعه في اليمِّ وتعود إليه ، ثمَّ تذهب وتعود إليه ، ودموعها ، ونشيجها ، ولبنها يقطر منها أسفاً وحزنا ، فيدفعها إيمانها فتُلقيه ثم تتبعه النظرات ، وتحرقها الحسرات ، وتعطيه ظهرها وتسير بدموعها وعواصف تدمر كيانها ، ونار تلهب في مهجها ، ولكن حنانها يلفها ويدير وجهها إليه وتودعه بدموع المقتولين بحق ، وأنين المفارقين بصدق ، ويا ليت شعري ما حالها إن سمعت له صرخة وهو في اليمَّ ؟!! أي نوم بعد هذا ؟! وأي طعام أو شراب يحلو بعدك يا موسى ؟!!
ومما يزيد الأمر حنقاً وأسفاً وأسى أن يأتي الليل وقد فقد الحضن حاضنه ، والثدي راضعه ، وتعلم المحبة أن المولود رسول الله لما قال الله لها ((وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )) 0

*..* المشهد الخامس *..*

ويُلقى موسى في اليمِّ ولكن كرم الله ، ولطفه يتحول اليمّ إلى حاضن أمين ، وحامل كريم ، ومركب جميل ، يحمله على كف الأمان بتقدير من الكريم المنان ، وحسن تدبير من العلي الرحمن ، ويُزف تابوت موسى وكأنه عرس ؛ ولسان حال الوجود يقول يا بحر هذا الرسول إن لم تكرمه أكرمناه ، وإن لم تحمله حملناه ، موكب عظيم لنبي كريم ، حُقَ لكل مخلوق في البحر تشيعه ، وحراسته ، وحفظه بأمر الله ، ويساق هذا الموكب على عين الله وبحفظه إلى الساحل لِيُسَلِم اليمّ أمانته ،ويُبرأ ذمته ، حُقَ له ففي حضنه نبي 0
((000 أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) ( 0

*..* المشهد السادس *..*


ويستلِم الساحل موسى فرحاً ، ويعلو الجوزاء شرفاً ، ويسير آل فرعون إلى (( أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ )) فوجدوه في الساحل (( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ )) ويستمر التدبير من الحكيم الخبير ، ويدخل موسى بيت القاتل المتكبر ، والمجرم المتبختر ، وكعادة فرعون (( يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ )) ولكن أمر الله نافذ ووعده لأم موسى بقوله (( إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ )) كائن ، ولكن يا ترى كيف يُحمى موسى من جبروت هذا الكافر الظالم ؟! أي جيش يمنع موسى من بطشه ؟! وأي قوة تحول بينه وبينه ؟! إنه مدد من السماء ، وقوة لا تضاهيها قوة تمثلت في قوله تعالى (( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي )) ويغزو هذا الحب قلب زوجة فرعون فيتملك موسى قلبها ، وتقف كقوة لا تُقهر ولا تُدحر فتصرخ (( قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ )) يعني حبيبي وحبيبك وتسارع بطلبها (( لا تَقْتُلُوهُ)) وبررت هذا بـ(( عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً )) ليدبر الله أمره ، ولينفذ وعده (( وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ )) فدمر هذا الحب المعنوي مملكة فرعون الحسية ، وأوقف قراراته الظالمة الآثمة الردية 0

*..* المشهد السابع *..*

ويستقر المقام بموسى في قصر فرعون ، وحبُ موسى يملأ القلوب ، وتجري المقادير لتنفيذ الوعد المحتوم بالأمر المعلوم بـ (( إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ )) وتبدأ مسيرة العودة ؛ الرضيع لابد له من مرضعة ؛ قاموا بجلب المرضعات له لكونه منتهى المهمات ، وأقدم الأولويات ، ولكن هيهات هيهات أن يرضع من ثدي سوى ثدي الصابرة المحتسبة فالذي وعد سبحانه(( لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ )) هذا تدبيره حتى الرضاعة لا يرضع إلا منها (( جَزَاءً وِفَاقاً )) (( إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )) فكلما أتوا له بمرضعة أبى لأن الله أبى فقال (( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ )) فسبحان من ألهم هذا الرضيع التفريق بين المراضع (( وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً )) 0

*..* المشهد الثامن *..*

وتعيش أم موسى هذه الفترة في أكناف الأسى ، تعاني جرحاً غائراً يُبدد السعادة ، ويكدر العيش ، ويمحق كل أمل لطيف ، تنتظر وعد ربها بدموع لا تفارقها حتى أصبح موسى كل شيء في حياتها ، فكادت أن تصرخ به وتنادي بنيـــــاه بنياه (( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ )) ولكن لينجز الله وعده ، ويتمَّ نعمته ربط على قلبها ، وثبتها لتقف على وعد الله عيانا بيانا ، حجة وبرهانا (( لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )) وانتشر الخبر أن آل فرعون التقطوا غلاماً لا يقبل مرضعة فأمرت أم موسى أخت موسى أن تتبع أثره فقالت (( قُصِّيهِ )) - أي تتبعيه - فدخلت على آل فرعون (( فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ )) فلما رأت أن هذا حاله وجهت لهم نصيحة عاجلة لأن الأمر لا يحتمل التأخير فقالت (( هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ )) فسارعوا بالقبول فدلتهم على أمه وأمها 0

*..*المشهد التاسع *..*

ويُنجز وعد الله ، وتتجلى خبرته ، وحسن تدبيره ، ويعود موسى إلى حبيبته ، فتُخرِج ثديها فلا يتأخر موسى عنه لحظة فيسارع في التقامه بشوق عديم النظير ، وقد كان من قبل لا يقبل ثديا فسبحان الحكيم الخبير ، ويستوطن القلب المخلوع مكانه ، والفم الممنوع مشربه وحنانه ، والرضيع كنفه وأمانه ، وتُهلل نجوم السماء وأفلاكه عظيم تدبير خالقها سبحانه ، ويفرح الكون لحظة اللقاء ، وتتدفق دموع الفرح مع قطرات اللبن التي يمتصها موسى ؛ ولسان حال أم موسى يا موسى اشرب لبني ، أو عصارة جسدي ، أو خلاصة عمري يا قلبي يا ولدي 0
(( فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)) (القصص:13)

#*.* دروس وعبر *.*#

إخواني أخواتي هذه هي ثمرة الثقة بالله سبحانه ، فإذا أراد الله أمراً خلق له أسبابه ، وأعطاه وقته وزمانه ، وجعل كل ما في الوجود خُدامه 0

فقد يظن المرء أن المكروه كله شر ، ومن المكروه تتفجر الخيرات ، ومن الحزن تتفجر المسرات (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ))

مهما بلغت المضائق ، وأقبل المكروه بوجهه المبغوض ليُعكر الحياة ، ويُكدر اللذائذ ، وغزى بجيشه زروع المؤملين ، تساقطت الثمار لتنبت زرعاً أطيب ، في وقت أرحب ، وزمن أحوج ، والتدبير لله 0

العبد لا يعلم أين خيره من شره فلذلك وجب أن يُسلم كل أمره لله دون سواه 0

الحق ظاهر وإن قل أنصاره ، واستهدفت أعلامه ، وخَفُتَ صوته ، والباطل زاهق وإن تكاثر أنصاره ، ورفرفت أعلامه ، وصخب صراخه (( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ))0

إذا أغلقت الأبواب ، وانقطعت الأسباب ، وضاق الأفق الرحيب ، وتخلى عنك كل حبيب فتذكر الرقيب سبحانه ، واعلم أنه هو خالق الأبواب من العدم ، ومسبب الأسباب بأمره 0

إذا حار الفكر ، وانتهى التدبير ، وصرخ العجز ، وتقمص الحزن الحال ، وخيم الهم ، وصاحب الدرب البلاء ، فقل يا حكيم يا خبير إنك على كل شيء قدير

م
ن
ق
و
ل
nourmanal
nourmanal
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال حين يصبح أو يمسي : اللهم إني أصبحت أشهدك ، وأشهد حملة عرشك ، وملائكتك وجميع خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك ، أعتق الله ربعه من النار ومن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار ، ومن قالها ثلاثاً أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار ، فإن قالها أربعاً أعتقه الله من النار " قال الترمذي : حديث حسن .
براءه 2006
براءه 2006
جزاكى الله خيرا وجعلها في ميزان حسناتك
nourmanal
nourmanal
معنى كلمة لا اله الا الله....

--------------------------------------------------------------------------------

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فقد اطلعت على الكلمة التي كتبها أخونا في الله العلامة الشيخ عمر بن أحمد المليباري في معنى لا إله إلا الله، وقد تأملت ما أوضحه فضيلته في أقوال الفرق الثلاث في معناها. وهذا

بيانها:

الأول: لا معبود بحق إلا الله.
الثاني: لا مطاع بحق إلا الله.
الثالث: لا رب إلا الله.

والصواب هو الأول كما أوضحه فضيلته، وهو الذي دل عليه كتاب الله سبحانه في مواضع من القرآن الكريم مثل قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وقوله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} وقوله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} وقوله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}.
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهو الذي فهمه المشركون من هذه الكلمة حين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وقال: (( يا قومي قولوا لا إله إلا الله تفلحوا )) .
فأنكروا ذلك، واستكبروا في قبوله، لأنهم فهموا أن ذلك يخالف ما عليه آباؤهم من عبادة الأصنام والأشجار والأحجار، وتأليههم لها، كما ذكر الله عز وجل في قوله سبحانه في سورة ص: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }.
وقال سبحانه وتعالى في سورة الصافات عن المشركين: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} فعلم من ذلك أنهم فهموا معناها بأنها تبطل آلهتهم وتوجب تخصيص العبادة لله وحده، ولهذا لما أسلم من أسلم منهم، ترك ما هو عليه من الشرك، وأخلص العبادة لله وحده، ولو كان معناها: لا رب إلا الله. أو لا مطاع إلا الله، لما أنكروا هذه الكلمة، فإنهم يعلمون أن الله ربهم وخالقهم، وأن طاعته واجبة عليهم، فيما علموا أنه من عنده سبحانه، ولكنهم كانوا يعتقدون أن عبادة الأصنام والأنبياء، والملائكة والصالحين، والأشجار ونحو ذلك على وجه الاستشفاع بها إلى الله، ورجاء أن تقربهم إليه زلفى كما ذكر الله ذلك عنهم سبحانه في قوله الكريم: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}
فأبطل الله ذلك ورده عليهم بقوله سبحانه: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} وفي قوله عز وجل: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} .
والمعنى أنهم يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فرد الله عليهم ذلك بقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}.
فبين سبحانه بذلك أنهم كاذبون في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى، كافرون بهذا العمل. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



سورة الفاتحة الآية 5.
سورة الإسراء الآية 23.
سورة الذاريات الآية 56.
سورة الحج الآية 62.
سورة ص الآيات 4-5.
سورة الصافات الآيتان 35-36.
سورة يونس الآية 18.
سورة يونس الآية 18.
سورة الزمر الآيات 1، 2، 3.
سورة الزمر الآية 3.
nourmanal
nourmanal
قصة اليوم



تعاون علي الخير

كان معاذ بن عمرو بن الجموح من السابقين إلي الإسلام، وكان أبوه مشركًا، ففكر معاذ في حيلة يقنع بها أباه حتى يدخل في الإسلام، فأخبر صديقه معاذ بن جبل بالأمر؛ ليعاونه فيه، فوافق معاذ علي معاونة صديقه، فكانا يأخذان الصنم الذي يعبده عمرو ويرمونه في الحفرة التي تلقي فيها القاذورات، فكان عمرو يبحث عن صنمه في الصباح حتى يجده فيأخذه ويغسله. وكرر الصديقان هذا الأمر مرات، فجاء عمرو ذات ليلة، وعلق في رقبة الصنم سيفًا؛ ليدافع به عن نفسه، فجاء معاذ وصديقه في الليل، ورميا الصنم في القاذورات بعد أن ربطا معه كلبًا ميتًا. فلما لم يجد عمرو صنمه في الصباح بحث عنه، فوجده في البئر مع كلب ميت وفي رقبته السيف، فاقتنع عمرو بأن هذا الصنم لا ينفع ولا يضر ولا يستحق العبادة.فأسلم وحسن إسلامه وكان تعاون الصديقين سببًا في إسلامه.