رســــالة ررووووعة..إلى أبي تاج رأسي

الأسرة والمجتمع

(رسالة على لسان ولد متلهف إلى أبيه المشغول)

اسمح لي يا أبي بكلمة عتاب أرتقي بها إلى مقامك العالي و أبثها من مكمنك الغالي في نفسي فيكفي أنك الخيمة التي بها استظل والعماد الذي به يقوم أودي..فهذه كلمة لم أحدثك بمثلها من قبل قط ، فمن أنا حتى أقف أمامك؟ وأين شأوي من شأوك؟ سوى أني قطعة منك ولك ، وزينة من زينة الدنيا التي استُحفظتَ عليها واستؤمنت..وإنما اسمي امتداد لاسمك وما أنا إلا ولد صالح يدعو لك!! أو..إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح.
إنما أنا قرة عينك وريحانة فؤادك فهل فكرتَ يا أبتي في تعاهد تربية ولدك؟ ومن هم أصحابه وخاصته ومن يروح معهم ويغدو؟ وتعلم أن من جالس جانس وحسبك بهذا من تأثير الصحبة سيئة كانت أم حسنة.
ولستُ هنا لأعلمك -حاشاك- ولكن مما رأت عيني من شباب كانت وجوههم تقطر خلقا وحياء ودينا فلما صاحبوا الأشرار صاروا مثلهم فأظلمت وشاهت تلك الوجوه وهانت عليهم دروب المعصية..ومات فيهم وازع الدين ورادع الضمير وذلك من كثرة الذنوب وإلفها..وكما يقولون كثرة الأمساس تميت الإحساس!!
أبــي الــغــالــي..هذا ولدك عندك في الصباح والمساء يروح عليك ويغدو ويسرح ويمرح فهل سألته مرة عن صلاته إن كان يحسنها ويعرف شروطها وأركانها وإن كان يقيمها في أوقاتها مع جماعة المسلمين. بل ألا سألته إن كان يصليها البتّة وحبيبنا صلى الله عليه وسلم يقول "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر".
هل سألته مرّة كم يحفظ من كتاب الله؟ ومن قدوته ومثله الأعلى وماهي أهدافه في هذه الحياة وطموحاته!!
وإني لا أعني مجرد السؤال الذي يتصور بعض الناس أن الذمة تبرأ به ولكن أعني متابعة التربية له ومواصلة التعليم الذي لا يمكن ان تقوم بهما المدرسة وحدها إذا لم يكن في البيت عون.
أجل ياأبي مدرستي التي ظننتُ أنك لا تعرف الطريق المؤدي إليها إن كان مشرقا أو مغربا..أليس كذلك؟؟ومرة بعد مرة جاءك خطاب واتصال هاتفي من المرشد الاجتماعي في المدرسة وهو رجل صالح ذو خلق جم أراه أحرص شي على ما ينفعني.ثم ماذا؟..كأن شيئا لم يكن!!
ثم أحلتَ الأمر والدتي وكأنها هي التي ينبغي أن ترعى شؤون مدرستي وتعليمي وكأنها هي التي ينبغي أن تخاطب الرجال.فلماذا تتخلى عن مسؤولتك؟ولماذا تترك الحبل على الغارب وتحيل أمورنا كلها إلى سائق المنزل؟ولماذا يعرف السائق عن شؤون أسرتنا أضعاف ما تعرف أنت يا أبي..أين اهتمامك أين حرصك؟
نعم أنت مشغول وأعانك الله وسدد حطاك ولكن ليس إلى هذه الدرجة!أبي الغالي التقط أنفاسك..هدئ من عجلتك..وراجع جدولك اليومي والأسبوعي الذي أجزم أنه يحتوي على كثير من الأشياء التي يمكنك الاستغناء بنا عنها.أشياء كثيرة مثل مبالغتك في حضور جلسات الأصدقاء ومشاهدة المباريات الرياضية وغيرها.نحن أولى ياأبي..نحن أولى بك منهم.
هل تذكرُ ياأبتي؟..أتذكر هاك اليوم عندما خرجتُ وإياك من المسجد في جمعة من الجمعات وكلنا قلوب مفعمة بالإيمان الذي استقر في معتقدنا أنه يزيد وينقص يزيد بالطاعات وينقص بضدها,وقد هبت لنا رياح السكينة وراحة الطمأنينة التي رأيتُ فيها عينيك تذرفان من خشية الله ربما لأول مرة!!
ووالله أن ذلك الموقف كان أحبَّ إلي من أغلى جوائز الدنيا وبهارجها وزينتها الغرّارة وأحبَّ إليّ من كل العب التي امتلأت بها غرفتي حتى كدتُ أن لا أجد فيها مكانا لكتاب مفيد.
أبــي الــغــالــي.. ألا ليتك تعلم كم أنتظر يوم الجمعة وكم أحبه! ولكن لماذا أحبه ولماذا أنتظره؟؟لأنه عيدنا نحن المسلمين وللأنه يوم عظيم ولأنه أيضا ربما كان اليوم الوحيد الذي أجد فيه الفرصة للتحدث معك وأنا أركب بجانبك في السيارة أحدثك وتحدثني ومعنا أخواي اللذان يصغراني جالسين في الكرسي الآخر..
أبــي أنت لاتعرف قيمة هذه الدقائق التي نقضيها معك..لاتدري مقدار الفخر الذي نشعر به والاعتزاز الذي يملأ جوانحنا وأنت تعاملنا مثل الرجال وتحاورنا وتلاطفنا وتتجاذب معنا أطراف الأحاديث وأحيانا نستبق أنا وأخوتيّ في رسم الابتسامة على محياك العزيز على نفوسنا بذكر آخر الطرف المسلية علّها تنال استحسانك،وعلنا نظفر منك بلفتة إعجاب أو كلمة.
وإن أنسى شيئا يا أبتي،لا أنسى كلماتك الحارة في الدعاء والثناء على إمام جامع الحي في ذيّاك اليوم عنما حدثنا في الخطبة عن أهمية تربية الأبناء وتنئشتهم تنشئة صالحة وعن خطر وسائل الإعلام والبث وخطر القنوات الفضائية وبيّن حكم الله في تحريم كل وسيلة يغلب الشر فيها على الخير واستدل بالأدلة الواضحة التي لامجال للجدال فيها،فذكر قول ربنا عز وجل:يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما، وكيف أن الله تعالى علّق علة التحريم في الخمر والميسر بغلبة الإثم فيهما على النفع حتى اشتق من هذه الآية العظيمة قاعدة المصالح والمفاسد عند علماء الفقه وقواعده.ونظير ذلك تحريمُ كلَّ مالا يُنتفع به إلا على وجه محرم غالبا.
ثم ذكر خطيبنا فيما ذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم"مامن عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".أُقسم لك ياأبي أني أخاف عليك وعلى والدتي من هذا الوعيد الشديد.
وكم سمعتك ياأبي مرات ومرات تقول أنك جئت بهذا الجهاز لمتابعة الأخبار ولكني أؤكد لك
نيابة عن إخوتي أننا لانتابع الأخبار ولا نهتم بالأخبار ولا بما يحدث وراء البحار!!
وأن أذكر يوم قلت لي بالحرف الواحد عندما سألتك عن حكمه - موافقا لما قال الشيخ مثنيّا ومثلثّا ومؤكدا -إنه حرام..حرام.
إذن فما بالك الآن ياأبي تترك لنا الحبل على الغارب تدخل وتخرج من البيت وترانا متحلقين أمام التلفاز في أوقات الصلاة نتابع كل مايضر ولاينفع ولا نراك تحرك ساكنا..
أبي ألا ترى أننا ننشغل عن مراسم الاستقبال لك والتشييع التي كنا نقوم بها طواعية-شوقا وتلهفا-عند قدومك وقبيل مغادرتك المنزل.
ثم ها إنك ترى آثار هذه الثقافة الغربية على مجتمعنا وديننا والتي نتلقاها من خلال هذه الشاشة على أشكالنا وأفكارنا،وقد صرنا نقول مالم نقل من قبل ونفعل..وأنت ترى تأثير ذلك على أخيّاتي الصغيرات أيضا وعلى حيائهن ولباسهن..وهاهي الروابط الحميمة أخذت تضعف في ما بيننا فليس لدينا وقت نضيعه في الود وصلة الأرحام فكل الوقت للشاشة حتى وقت اجتماع الأسرة على الطعام.
من أين أبي تظن أننا نتعلم الخير؟وكيف تريدنا أن نقتدي بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته ونتعلم من سيرة أصحابه وسلف هذه الأمة ونحن نتغدى على عادات الكفار وأخلاقهم صباح مساء؟..إنك لاتجني من الشوك العنب!
أبــي الــغــالــي.. ونحن نشهد لك على حرصك أن تستجيد لنا اللباس والأثواب وتستطيب لنا الطعام والشراب وهذا عمل أنت عليه بإذن الله مأجور مشكور ومذكور.
ولكن ألا فكرت في غذاء أرواحنا والأيمان الذي جفت ينابيعه فينا أو كادت..وحتى عنما جاءت أمي مشجعة إياك وطلبت منك أخذنا وتسجيلنا في حلقات تعليم القران اعتذرت في هاتيك الليلة بأنك على موعد ذي شأن لايمكن تأجيله..ثم نسيت الأمر أو شغلت عنه على أهميته لمستقبل فلذات كبدك،وحتى خبت جذوة الحماس عند أمي أو أنها شغلت مثلك أيضا.
أبــي الــغــالــي.. أدعوك إلى أن تتبصر في ماجاء في رسالتي هذه التي تجرأتُ على مضض أن أكتبها لك وأسلمها بيدي إلى يدك..وأنا لا أكاد أقدر أن أضع عيني في عينك حياء منك..
أبــي الــحــبيب.. أين قلبي وقلبك من كتاب الله ومواعظه التي تَتَفتّتُ لها صمُّ الحجارة وتُفجّر ينابيع الحكمة في نفوس الأبرار؟

يأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولاتكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون * لايستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون * لو أنزلنا هذا القران على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون *

أبــي وحــبيبــــي.. أرجوك أرجوك أن تتذكر هذه الساعة وتجعلها ماثلة بين عينيك : كلا إذا بلغت التراقي *وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق * إلى ربك يؤمئذ المساق * ..

ألا فاتقِ الله فينا ياأبي وتذكر النذارة..النذارة.. يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة



التوقـــــــيــــــــع
ابنــــــــــــــــك المشفـــــــــق

هالرسالة طبعا منقولة..بس والله من جد معبرة عن كثير من الآباء والأمهات..تلقاه لأيسأل ولايهتم بأسرته..وحنا رحنا فيها..لأننا ماحصلنا البيت الدافي الحنون إللي قلوبنا على بعض..اللهم أصلح أحوال جميع الأسر وجمع شملهم واجعلهم يداً واحدة
0
467

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️