زوجي لا يُصلي
قصة واقعية:
تقول زوجة: زوجي لا يصلي! وتكون صلاته مجرد حركات لا خشوع فيها، ولا يصلي الصلاة في وقتها، وقد حاولت معه كثيرًا، لكن لا فائدة! فماذا أفعل!؟ لقد مللت كثيرًا.
البناء الإيماني للبيت المسلم:
كثيرة هي القواعد التي تبني البيت المسلم، ما بين تفاهم ومودة ورحمة ورؤية مشتركة وتلبية للحاجات، وإن من أهم القواعد التي تبني البيت المسلم بل تعتبر الأساس الراسخ لأي بيت يريد أن تكون السعادة شعارًا له ومنهجًا، هي تقوى الله عز وجل والبناء الإيماني.
لقد حث الله تبارك وتعالى على أهمية البناء الإيماني وشرط أن يكون الأساس الراسخ لأي بنيان يريد أن يشيده الإنسان فقال تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .
({أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ} أي: على نية صالحة وإخلاص {وَرِضْوَانٍ} بأن كان موافقا لأمره، فجمع في عمله بين الإخلاص والمتابعة، {خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا} أي: على طرف {جُرُفٍ هَارٍ} أي: بال، قد تداعى للانهدام، {فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} لما فيه مصالح دينهم ودنياهم) .
فالتقوى هي أساس كل بنيان، وكذلك البيت المسلم الذي يتأسس من بدايته على الصلاح والاهتمام بالجانب الإيماني في علاقة الزوجين مع الله تبارك وتعالى، ولذا نجد أيها الأزواج أن البيت المسلم الذي أسس على تقوى الله عز وجل تكون صفاته كالتالي:
ــــ الحرص على أداء فرائض الله تبارك وتعالى في وقتها.
ــــ نشأة الأبناء على طاعة الله عز وجل، لأن الأبوين مهتمان بعلاقتهما مع الله عز وجل، وبالتالي ينشأ الأبناء من خلال المحاكاة والقدوة على عبادة الله عز وجل.
ــــ قلة الخلافات بين الزوجين، لأن أصل علاقة الزوجين مبني على أساس قوي لا يتزعزع مهما كانت الأسباب، وإن حدث خلاف فسرعان ما يبادر الزوجان إلى حله.
ــــ السكينة والطمأنينة النفسية في البيت.
أما البيت الغير مهتم بطاعة الله عز وجل، فنجد أن صفاته هي:
ــــ التفريط في الفرائض وتفويتها وتأخيرها.
ــــ يكبر الأبناء وهم لا يدرون أمر دينهم، فبالكاد يعرفون الصلاة والقرآن، وللأسف لا يحافظون عليها.
ــــ أصل العلاقة بين الزوجين لا يكون على طاعة الله عز وجل، وإنما يكون على المادية والمصلحة.
الإنسان موجود لعبادة الله عز وجل:
إن من أهم الأشياء التي جعلها الله عز وجل من وظائف الإنسان في هذه الأرض هو عبادة الله عز وجل، قال تعالى: {وَمَاَ خَلَقَتُ اَلْجِنَّ وَاَلْإِنْسَ إِلَاَ لِيَعْبُدُونِ} .
(فلقد خلقنا لأمر عظيم، وخطب جلل، خلقنا لعبادته سبحانه وتعالى وتوحيده، خلقنا لحمل أمانة التكليف، التي عرضت على السماوات والأرض والجبال؛ فأبين أن يحملنها، وحملها الإنسان فكان ظلومًا جهولًا إذ ضيعها، وما رعاها حق رعايتها.
تلك الأمانة التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لصحبه الكرام: (ني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء، وحق لها أن تئطَّ, ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله تعالى ساجدًا.
والله لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله) حسنه الألباني في صحيح الجامع].
أما والله لو علم الأنام لِمَا خلقوا لَمَا هجعوا وناموا
ممات ثم حشر ثم نشر وتوبيخ وأهوال عظام
ليوم الحشر قد عملت أناس فصلُّوا من مخافته وصاموا
ونحن إذا أمرنا أو نهينا كأهل الكهف أيقاظ نيام
سل نفسك أيها الحبيب، هل أنت عبد لله حقًا؟ هل أدَّيت حق الله تعالى عليك؟! يبيِّن لك النبي صلى الله عليه وسلم عِظَم هذا الحق فيقول:
(لو أن رجلًا يُجرُّ على وجهه، من يوم ولد إلى يوم يموت هَرَمًا في مرضاة الله تعالى؛ لحقره يوم القيامة) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة]، وذلك لما يرى من عِظَم حق الله تعالى عليه، وفضله الذي لا يحصيه العد، ولا يحصره الحد.
أتذكر أيها المؤمن, يوم أن لم تك شيئًا مذكورًا ثم كنت، خرجت من ظلمة العدم إلى نور الوجود، وخُلقتَ في أحسن تقويم وأفضل صورة، ثم توَّلاك ربك في كل مراحل عمرك، يَغذوك بنعمه، ويربِّيك بإحسانه.
فهل بعد هذه النعم الغزيرة يليق بمسلم أن يعرض عن طريق الله، وأن يتردد في سلوك طريق الهداية، فيقابل إحسانه جل وعلا بالإساءة والإعراض، فسبحانه ما ألطفه وأحلمه من إله كريم حليم، يخلق ويعبد غيره، يرزق ويشكر سواه، خيره إلى العباد نازل، وشرهم إليه صاعد، يتودد إلينا بالنعم وهو الغني عنا) .
زوجي لا يصلي:
إن الزوج والزوجة من أهم واجبتهما قبل أن يكونا زوجان، أن يؤديا حق الله عليهما من العبادة، فالزوج لا يفرط أبدًا في الصلاة، بل ويذهب ليصلي في بيت الله عز وجل، ويصوم رمضان ولا يمنع الزكاة، وكذلك الزوجة لا تفرط في فريضة من فرائض الله عز وجل.
ولذلك لا عذر للزوج عند الله عز وجل إن فرط في حق الله عليه، فالزوج بذلك يحصد عدة أمور سلبية:
ـــ معصية الله عز وجل، فالتفريط في الصلاة ذنب من أعظم الذنوب.
ـــ سوء القدوة للأولاد، فالأبناء حينما يشاهدون الأب لا يصلي يؤثر عليهم سلبيًا بعد ذلك، ويصبح عندهم أمر التفريط وعدم المحافظة على الصلاة من الممكن فعله.
وهنا يجب أن نطرح السؤال الذي تسأله الزوجات الآن، ماذا تفعل الواحدة إذا رأت زوجها لا يصلي؟
الطريق الصحيح:
إن علاج هذا الأمر يتلخص في نقطتين:
النقطة الأولى: بناء جدار الثقة بين الزوج والزوجة:
حين تحاول المرأة تغيير وتحسين الزوج عن طريق النصح المتكرر دون وجود رصيد للثقة لديه، فإنه يشعر أنه محكوم ومرفوض وغير موثوق بقدراته؛ ولذلك فهو يقاوم بقوة محاولاتها لتغييره، بينما تظنه هي أنه ليس لديه استعداد للتغيير.
(إن الرجال حين يدركون أن هناك من يحاول إرغامهم على عمل شيء ما دون أن يكون ذلك بشكل صريح ومباشر، فإنهم يشعرون بأنهم مضللون ومهددون من قِبل عدو؛ ولذلك فإن لسان حالهم يقول: لا تقل لي ما الذي يتوجب عليَّ القيام به) .
بل إننا نستطيع أن نقول أن لدى الرجال نظام إنذار مبكر، يبدأ في العمل فورًا حين يشعرون بأن هناك من يحاول أن يملي ما الذي ينبغي عليهم عمله، حتى وإن كان ذلك في أبسط الأنشطة، (وهو ما يعني أن الرجال يمتعضون من أي تلميح يشير إلى أن زوجاتهم يحاولن أن يفرضن عليهم القيام بأي شيء) .
عزيزتي الزوجة: تذكري أن (في أعماق كل رجل يوجد فارس في درع لامع، وهذا الفارس يريد أكثر من أي شيء أن ينجح في خدمة وحماية المرأة التي يحبها، وحين يشعر أنها تثق به؛ فإنه يصبح أكثر رعاية لها، أما حين لا يشعر بهذه الثقة من حبيبته؛ فإنه يفقد بعضًا من حيويته وطاقته، بل ربما توقف عن هذه الرعاية بعد ذلك) .
النقطة الثانية: تذكير الزوج بحق الله تبارك وتعالى عليه:
وهذا الأمر في غاية الأهمية لأن الزوجة حينما ترى زوجها يفعل معصية معينة، يجب أن تذكره بالله تبارك وتعالى وحقه عليه، وخاصة إذا كان الأمر متعلق بالتفريط في الصلاة وتأخيرها.
إن عدم يأس الزوجة من مناصحة زوجها الذي لا يصلي، لهو أمر من الأهمية بمكان، لأنه سيؤتي ثماره إذا تحقق فيه شرطان:
ـــ الحكمة والموعظة الحسنة، واللين في الكلام.
ـــ تكرار النصيحة بأسلوب جميل، سيجعل الزوج يراجع نفسه أكثر من مرة في هذا الأمر، وينظر بعين الاعتبار إلى نصيحة زوجته.
ماذا بعد الكلام؟
ــــ عليكِ أيتها الزوجة أن تبني جدار الثقة مع زوجك، وهذا يأتي من حسن المعاشرة والتعامل الجميل معه، والسؤال على حال زوجك بصورة دائمة.
ــــ تذكري أن زوجك إذا كان رجوعه عن ترك الصلاة بسبب حرصك على مصلحته، فلاشك أن الزوج لن ينسى أبدًا ذلك الموقف منكِ، وسيعرف دائمًا أنكِ تخافين عليه، وتريدين له كل خير، فلا تَملِّي من مناصحة زوجك بالحسنى وبالأسلوب اللين الرفيق.
المصادر:
· هزة الإيمان، فريد مناع.
· كوكب السعادة، هيام محمد يوسف.
· أنت لا تفهمني، ديبورا تانين.
· الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، جون جراي.
· تفسير السعدي.
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
00ياجعل حظي كبير00
•
يسعدك ربي
الصفحة الأخيرة