«زينب» الأميركية أرهقت ذويها مرتين... بـ«فقدها» و«البحث» عن جثتها
جدة - حدث
لم يدرك الأميركي أحسن عباس أن رحلته البرية لقضاء عيد الأضحى مع أقربائه في جازان يوم الأربعاء الثامن من ذي الحجة ستتحول إلى مأساه ستذكرها أسرته مدى الحياة، حين قضت ابنته الصغرى زينب (ثلاث سنوات)، بعد أن جرفتها السيول في طريق الحرمين شرق جدة، ولم يعثر عليها سوى عقب بضعة أيام في أحد المستشفيات.
روى عباس تفاصيل المأساة قائلاً: «توقف السير على طريق الحرمين طويلاً، ولم نكن نبعد عن جسر الجامعة سوى 200 متر فقط، وفجأة داهمتنا السيول والفيضانات في حدود الساعة الواحدة ظهراً من الناحية الشرقية، ولم نجد حلاً سوى الهرب من مركباتنا بأسرع وقت، فالسيل كان يتجه نحونا بعنف ويجرف كل ما يعترض أمامه».
وأضاف: «كنا في مركباتنا خمسة أفراد، استطاعت زوجتي وأمي وابنتي الكبرى عائشة النجاة إلى الجانب الآخر من الطريق عند سور الجامعة، بمساعدة ثلاثة شبان سعوديين، في حين حاولت أن أرفع ابني بلال وابنتي زينب لإبعادهم عن السيل الذي غطى معالم الطريق بالكامل».
وذكر أن ابنته سقطت منه في مياه السيل، واستطاع أحد الشبان من الإمساك بها، مشيراً إلى أنه كان يحاول عبور السيل لطرف الطريق بابنه بلال، فيما كان شاب سعودي يحمل زينب في محاولة منه لعبورهما السيل.
وتابع: «تعثر الشاب وما هي إلا لحظات وبدأت زينب تبتعد عني ومياه السيول تجرفها إلى أن اختفت عن ناظري».
مأساة عباس لم تتوقف عند هذا، فبعد أن استطاع جمع شتات أسرته عند سور جامعة الملك عبدالعزيز إلا زينب قرر العودة بهم إلى منزلهم، ليبدأ هو رحلة البحث عن صغيرته في الطرقات والمستشفيات القريبة من موقع الكارثة، مبتدئاً بالمستشفيات الحكومية القريبة في مستشفي الملك عبدالعزيز والثغر ومستشفى الجامعة وحين لم يجد لها أثراً فيها توجه إلى البحث في الشمال في مستشفي الملك فهد ولم يجدها هناك أيضاً، واصفاً تلك الرحلة بالأكثر مأساوية، خصوصاً وأنه كان يتفحص جثثاً في تلك المستشفيات على أمل أن تكون زينب واحدة منهم، ولكنه رجع أدراجه خائباً في اليوم الأول، ليواصل البحث في اليوم الثاني، منطلقاً من مركز الدفاع المدني في بني مالك.
وقال: «طلب مني رجل الدفاع المدني مواصفات صغيرتي ورقم هاتفي للاتصال بي حال العثور عليها، لأخرج في جولة بحث أخرى عن زينب في ثلاجات الموتي بالمستشفيات، حتى تلقيت اتصالاً من أحد رجال الدفاع المدني أخبرني فيها بالعثور على جثة لفتاة تحمل مواصفات زينب في ثلاجة مستشفي الجامعة الخاص».
ويضيف: « لم أتردد في الذهاب إلى المستشفى وبالفعل كانت الجثة لزينب إذ تعرفت عليها على الفور، وعلمت من إدارة المستشفى أن الجثة وصلت في الساعة الثالثة والنصف عصراً يوم الأربعاء الكارثي».
دمعةألم @dmaaalm
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
الحدث :
انقشعت السحب السوداء عن سماء بحرة وتراجعت البحيرات الصغيرة وجفت الشوارع وكشفت عن قصص الاستبسال في الضاحية الجنوبية. المتضررون جمعوا شتات مفقوداتهم ولملموا أحزانهم ليستخلصوا الدروس والعبر من كارثة الأربعاء، يترحمون على من رحل ويدعون بالشفاء لمن أصيب ويواسون من فقدوا ممتلكاتهم.
الشاب زامل فيصل القحطاني عرض حياته للخطر لإنقاذ إمام مسجد أفغاني وعائلته «كنت أسير قرب جدار منزل خالي لإجلائه وإخراجه وزوجته وأطفاله، كانت حالتهم لا تدعو للقلق فسمعت نداء استغاثة لأرى الأفغاني وأطفاله تحت خط السيل الخطير، كان الرجل يصرخ ويستغيث وبجانبه طلفتان أكبرهما في السنة الثانية وأصغرهما في شهرها السادس، كان منسوب المياه يرتفع شيئا فشيئا وبات الموت أقرب إلى الأسرة الأفغانية فانتشلتهما واحدا تلو الآخر بواسطة حبل، وبقيت الرضيعة تحت دائرة خطر الغرق وانتشلتها من بين أمواج السيل واخترت سطح منزلي سكنا لهم.
عبدالرحمن القحطاني يروي قصته: «كنت وأسرتي مجتمعين في فناء منزلنا الصغير في جنوب بحرة، نستمتع بالطقس الربيعي ندعو الله الغيث والمطر. فجأة دهمت منزلنا السيول من وادي كتانة، فكتب الله لنا حياة جديدة بعد أن نجونا بأنفسنا من الموت غرقا».
مجري عبدالله، زامل ناصر، فرج عبدالله وحسن جمعان من سكان الحي الجنوبي في بحرة المجاهدين انتقدوا افتقار المنطقة إلى العبارات، كونه سببا محوريا في الكارثة التي أحاطت بالمنطقة، وأشاروا في حديثهم لـ«عكاظ» أن غالب مدينتهم تحول إلى كومة تراب وبقايا أنقاض تحيط بها الرمال الزاحفة من كل جهة. وبلغ عدد الوفيات اثنين، ومن حسن الحظ أن المدارس كانت في عطلة، ولو كان الأمر غير ذلك لتضاعف عدد الضحايا ووصل المئات.
عمر زامل يقول إنه رأى «أبو شوكت» والد الشاب الغريق في سيول الشهر الماضي مستمسكا بجدار منزله يقاوم الموت وسارع إلى إنقاذه قبل أن تجرفه قوة التيارات المائية.
سعد مقبل، سعود القحطاني، عائض المعنى ومنصور سعود قالوا: «الضرر البليغ تمثل في محورين المطر والسيل الداهم الذي اجتاح منازلنا وخلف الخسائر في الأرواح والمواشي، وتصريحات بعض مسؤولي أمانة جدة عن عدم وجود أضرار في بحرة. أما حزام فهيد القحطاني فقال: «أسكن مع أسرتي في منزل جنوب بحرة المجاهدين، وعندما اشتد المطر وسالت الأودية دخلت المياه المتدفقة إلى دارنا من كل ناحية، فاستغثت بالجيران الذين هبوا لإنقاذنا وأخرجونا إلى بر الأمان قبل أن ننقل بواسطة الدفاع المدني إلى شقة إيواء في الكيلو 11».
( عكاظ )