سر من اسرار الكون

:26: هل تملك أنواع من النبات، قدرات تدفعها الي التجاوب مع الموسيقي والاحاديث الرقيقة معها.. فتنمو وتزدهر.. وعند محنة الجوع والجفاف، تطلق أصوات البكاء والأنين؟
هذا السؤال تختلف الاجابة عليه منذ سنوات بين من يعتقدون بوجود مراكز حسية غامضة عند بعض انواع النبات، وبين من يرفضون هذا الموضوع رفضا مطلقا، ويؤكدون ان الدراسات العلمية للنبات، لم تكتشف أية مراكز عصبية أو حسية تتيح له التجاوب سلبا أو ايجابا مع ظروفه أو بيئته الخاصة.
لكن دراسة حديثة، ربما تسهم في حسم هذا الخلاف، فهي تقدم أول دليل علي ان الأشجار والنباتات تفرح وتبكي وتستغيث.. رغم استحالة سماعها بالأذن المجردة للبشر.
فكيف استطاع بعض العلماء، التقاط وتسجيل أصوات نوع من الأشجار، اثناء محنة الجفاف؟
يقول العالم الأمريكي 'روبرت هاك' الذي اشرف علي هذه الدراسة: ان النباتات الجافة تصرخ عند اشتداد محنة الجفاف.. لكنها تعبر عن محنتها بأصوات خاصة، لا يمكن سماعها عن طريق الاذن البشرية.. لانها تنطلق بذبذبات فوق الصوتية.
فمن المعروف ان الاذن البشرية، تستطيع التقاط اصوات لا تقل ذبذبتها عن 15 ألفا في الثانية، ولا تزيد عن 20 الفا.. والأصوات التي تقل عن ذلك، تسمي تحت الصوتية، والتي تزيد توصف بفوق الصوتية.. أي التي لا تسمعها الاذن البشرية، وان كانت في عالمنا كائنات حية قادرة علي سماع الذبذبات ما تحت وما فوق الصوتية.
ومن هنا جاء الابتكار الجديد.. في صورة اجهزة تلتقط الموجات فوق الصوتية، ووضع هذه الاجهزة بالقرب من الاشجار الجافة.
والنتيجة كانت مدهشة.. فالاجهزة الحديثة سجلت اصوات الانين والبكاء، والمنطلقة من الأشجار التي تعاني كارثة الجفاف، أي الحرمان من الماء والغذاء.. وهي اصوات تشبه استغاثات .. تصدر بذبذبات تتراوح ما بين 50 ألفا و500 ألف ذبذبة في الثانية، وهي الذبذبات التي توصف بما فوق الصوتية، يستحيل سماعها بالاذن البشرية.
فمن اين تجيء هذه الاصوات؟ يقول فريق من علماء النبات ان الأشجار عندما تتعرض للجفاف، تصدر أصواتا معبرة عن محنتها.. نتيجة لتشقق الأنابيب الناقلة للمياه داخل الشجرة.. فموسم الجفاف يعني مواجهة الشجرة لضغوط وحرمان وأحزان.. فتعبر عن ذلك بأصوات الأنين والبكاء، المنبعثة من تشقق الخلايا والأنابيب التي حرمت من المياه.
ثم جاءت مفاجأة ثانية اثناء القيام بهذه الدراسة تمثلت في اكتشاف انواع من الحشرات، تتجه نحو الاشجار الجافة وحدها.. دون غيرها من النباتات.
التفسير الذي قدمه علماء النبات يتلخص في الآتي: ان الأصوات التي تصدرها النباتات أثناء محنة الجفاف، تسمعها انواع من الحشرات وتنجذب نحوها.
وهنا يبدو الأمر اشبه باللغز المحير.. فلم تعد المشكلة تدور في نطاق الخلاف حول حساسية النباتات، انما امتد الي حشرات تعرف لغة النبات.. وتسمع أصواته.. بفضل تمتعها بالقدرة علي سماع الذبذبات التي تزيد علي 20 ألف ذبذبة في الثانية، أي ما فوق الصوتية!

لا تنسونى بصلح الدعاء