سطور في سيرة الرسول

ملتقى الإيمان

ما رأيك أخي / أختي في الله أن نتنقل بين صفحات الكتاب الجليل
(غاية السول في سيرة الرسول) ـ للشيخ : عبد الباسط الحنفي غفر الله تعالى له
لنقف على شيء من سيرة حبيب الرحمن محمد صلى الله عليه وآله وسلم...

أعلم أيدك الله تعالى وحماك وبعين كنفه وحفظه وعنايته وكلاءته رعاك أن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم أشرف الأنساب وأفخره بين الأعراب وهو منه صلى الله عليه وسلم إلى عدنان النسب المتفق عليه فلا خلاف فيه بين علماء النسب وأما من عدنان إلى آدم فقد اختلف فيه اختلافا كثيرا
ونحن نذكر النسب إلى عدنان ومنه إلى آدم عليه السلام متصلا ونتكلم على ما فيه وفي أسمائه بخلاف ما اشتهر من الكلام فنقول
هو صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشخب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن آزر بن ناحور بن شاروخ بن راعو بن فالج بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ بن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم عليه السلام
وأعلم أن في هذه الأسماء المذكورة ما شهر بما ذكرناه وهو في الحقيقة لقب والاسم غيره فعبد المطلب اسمه شيبة الحمد وهاشم اسمه عمرو وعبد مناف اسمه المغيرة وقصى اسمه زيد ويسمى جمعا أيضا ومدركة اسمه عامر وإلياس اسمه حسين وآزر أبو إبراهيم واسمه تارح وشالخ يقال إنه نبي الله هود عليه السلام وخنوخ هو إدريس عليه السلام وهو أول من خط بالقلم وأعطى النبوة
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تجاوزوا معد بن عدنان كذب النسابون )
ففيه دليل على أن النسب إلى عدنان هو المتفق عليه
ذكر أمه صلى الله عليه وسلم
هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة هنا تجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم
ماتت في نفاسها به صلى الله عليه وسلم وقيل غير ذلك
وذكر السهيلي في كتابه الروض الأنف أن الله تعالى أحيا له والدته ووالده فأسلما على يديه ثم ماتا
ومن العلماء من قال إنهما ماتا في زمن الفترة وأمرهما إلى الله تعالى والأول ليس بكثير من معجزاته عليه السلام
أعمامه صلى الله عليه وسلم
كانوا تسعة في العدد وهم
أبو طالب وكان اسمه عبد مناف وهو والد علي كرم الله وجهه
والزبير وكان يكنى بأبي طاهر
وكانا شقيقا والده عبد الله وأبو الفضل العباس
وحمزة أبو يعلى وهو أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع كانت أرضعتهما أمة لأبي لهب تسمى ثويبة
والحارث
وحجل وكان يلقب الغيداق لكثرة ما كان يفعله من الخير
والمقوم وهو شقيق حمزة
وضرار وهو شقيق العباس
وأبو لهب وكان اسمه عبد العزي وهو شقيق حجل وكان يعادي النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى في حقه { تبت يدا أبي لهب }
وهؤلاء أعمامه من الرجال صلى الله عليه وسلم
عماته من النساء صلى الله عليه وسلم
كن ستا
أم حكيم
وعاتكة تزوج صلى الله عليه وسلم بابنتها أم سلمة بنت أبي أمية
وأميمة وتزوج أيضا بابنتها زينب بنت جحش
وأروي
وبرة
وهؤلاء الخمس شقيقات أبيه
وصفية وهي أم الزبير بن العوام وكانت قد أسلمت وهي شقيقة حمزة رضي الله عنهما
مولده وأحواله بمكة المشرفة صلى الله عليه وسلم
ولد صلى الله عليه وسلم بمكة في ليلة الاثنين وثمانين ثاني عشر ربيع الأول في عام الفيل بعد قدوم أبرهة بالفيل بسبعة وخمسين يوما
وذكر أصحاب النجامة من أهل الزيج أنه صلى الله عليه وسلم ولد ليلة الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول بعد قدوم الفيل بخمسين ليلة ووافقت ليلة مولده اليوم الثاني والعشرين من نيسان سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة للإسكندر ذي القرنين
وزعموا أن الطالع كان حينئذ عشرين درجة من برج الجدي وكان المشتري وزحل في ثلاث درجات من العقرب مقترنين وهي درجة وسط الشتاء وتكلموا على أحكام هذا الطالع بكلام كثير ليس هذا محلا لبيانه
ومات أبوه صلى الله عليه وسلم وهو ببطن أمه وقيل مات وهو ابن شهرين وقيل أربعة وقيل سنة ونصفا وقيل زيادة على سنتين
وكان شابا حين مات بلغ من السن خمسا وعشرين سنة وكان يكنى أبا أحمد
وهو الذبيح الذي نذر عبد المطلب ذبحه ثم فداه بمائة من الإبل فكانت الدية في شرع ولده عليه السلام
ولهذا كان يقال له ابن الذبيحين
وماتت أمه وهو ابن أربع سنين وقيل ست سنين وكانت مضت به إلى أخواله بالمدينة لتزورهم وعادت به إلى مكة فماتت بالأبواء وهي راجعة
وكانت قد استرضعت له بعد مولده صلى الله عليه وسلم حليمة ابنة أبي ذؤيب السعدية وبقي عندها خمس سنين ورأت من بركاته شيئا كثيرا وعندها شق صدره وملىء إيمانا وحكمة
وحضنته أم أيمن بركة الحبشية وكان قد ورثها عن أبيه فلما كبر أعتقها وزوجها
وكفله جده عبد المطلب ومات وله من العمر مائة وعشر سنين وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين فكفله بعده عمه أبو طالب
وقرن به حينئذ اسرافيل إلى أن بلغ اثنتي عشرة سنة
وخرج به عمه إلى الشام وجرت نوادر تشهد برسالته
وقرن به جبريل تسعا وعشرين سنة
ثم خرج إلى الشام مرة ثانية مع غلام لخديجة يقال له ميسرة ليتجر لها
فكان ميسرة يقول رأيته إذا اشتد الحر نزل ملكان يظلانه ثم لما عاد من سفرته تزوج بخديجة بنت خويلد وكان سنه خمسا وعشرين سنة تزيد شيئا وكان سنها أربعين سنة
ولما بلغ خمسا وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة ورضيت قريش بحكمه ووضع الحجر الأسود بيده
ولما أكمل الأربعين ابتعثه الله تعالى برسالته إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا
ظهر له جبريل عليه السلام بغار حراء في شهر ربيع الأول وقيل في رمضان بنمط من ديباج فيه خمس آيات من سورة القلم وقال له { اقرأ } ثلاث مرات ويغطه ثم في الثالثة قال { اقرأ باسم ربك الذي خلق } إلى قوله { علم الإنسان ما لم يعلم }
وكان أول من آمن به زوجه خديجة من النساء وعلي بن أبي طالب من الصبيان وأبو بكر الصديق من الرجال وزيد بن حارثة من الموالي ثم أسلم عثمان بن عفان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص ثم أسلم بعد هؤلاء أبو عبيدة بن الجراح
وقال جماعة من العلماء إن أبا بكر رضي الله عنه أول الناس إسلاما
وأقام صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين وهو يخفي أمره حتى أمره الله تعالى بإظهاره
وهاجر المسلمون إلى أرض الحبشة في السنة الخامسة من مبعثه من كثرة أذى الكفار من قريش
وقدم عليه جن نصيبين فأسلموا وله خمسون سنة
وماتت خديجة بعد عشر سنين من المبعث وكذا عمه أبو طالب
وأسرى به إلى بيت المقدس ثم ركب البراق وعرج به إلى السماء ثم ارتفع حتى دنا من ربه فتدلى ورأى ربه جل وعلا وشاهد عجائب الملكوت وفرضت الصلاة في ليلة المعراج
ولقد هاجر الحبيب مع أصحابه من مكة إلى المدينة ..وجاهدوا في الله حق الجهاد وآثروا الآخرة على الدنيا فكان جزاؤهم من ربهم النصر والتمكين وإعلاء دين الله وإظهار ودحر الشرك وأهله.
أوصافه صلى الله عليه وسلم
كان ربع القامة بعيد ما بين المنكبين أزهر اللون مشربا بحمرة يطول الطويل إذا ما شاه وإذا مشى مع القصير ساواه واسع الجبين أزج الحاجبين أبلج أقنى الأنف كثيف اللحية بارز العنفقة سهل الخدين شثن الكفين يبلغ شعره شحمة أذنيه شيبه حول ذقنه مفلج الأسنان شديد سواد الحدقة ظاهر الوضاءة يتلألأ وجهه نورا كالقمر ليلة البدر حسن الخلق معتدله دقيق المسربة شثن القدمين أجمل الناس وأبهاهم وأحسنهم وأحلاهم حلو المنطق أفصح الأنام لسانا وأقواهم جأشا وجنانا
وكان خاتم النبوة بين كتفيه وفي كيفيته اختلاف
وجملة القول فيه صلى الله عليه وسلم أنه أكمل العالم وأجمله وأحسنه خلقا وخلقا صلى الله عليه وسلم
أسمائه صلى الله عليه وسلم
قال صلى الله عليه وسلم ( أنا محمد وأحمد وأنا الماحي وأنا الحاشر وأنا المقفى ونبي التوبة ونبي الرحمة ونبي الملحمة )
وأعلم أيدك الله تعالى أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى
قال بعض العلماء للنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم ومنها
طه ويس والمزمل والمدثر والسراج المنير والبشير والنذير والداعي
وعبد الله
وغير ذلك من الأسماء وله في التوراة أيضا وفي الإنجيل أسماء بالعبرانية والسريانية تدل على شرفه صلى الله عليه وسلم
أما أخلاقه التي علمها البشرية على وجه الأرض..فنذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ..لأننا أبعد ورب البيت أن نحصيها ..
أخلاقه صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن يرضى لرضاه ويغضب لغضبه وكان لا يغضب لنفسه قط ولا ينتقم لها فإن انتهكت حرمات الله تعالى انتقم لله وإذا غضب لم يقم أحد لغضبه
أسخى الناس وأجودهم ما قال لمن سأله شيئا لا قط
أصدق الناس لهجة وأوفاهم ذمة وألينهم عريكة وأحلمهم وأكثرهم حياء حافظ الطرف نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء متواضعا رحيما مشفقا عفيفا متفقدا لأصحابه كثير التودد إليهم مكرما لهم يقبل معذرة من اعتذر إليه القوي والضعيف عنده في الحق سواء لا يترفع على أحد من الخلق وكان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر
وكان صلى الله عليه وسلم يجلس حيث ينتهي به المجلس وكان يعفو ويصفح ويعود المرضى ويشهد الجنائز ويحب المساكين ولا يحقر فقيرا لفقره ولا يهاب ملكا لملكه يعظم النعمة وإن قلت ما عاب طعاما قط
يحفظ الجار ويكرم الضيف
ويخصف نعله ويرقع ثوبه بيده وركب الفرس والبغل والحمار ولم يكن متكبرا ولا متجبرا يردف خلفه عبده أو غيره
وكان أكثر جلوسه إلى القبلة يطيل صلاته ويقصر خطبته كثير
الإستغفار في آناء الليل والنهار يصوم يوم الاثنين والخميس والأيام البيض ويوم الجمعة غالبا وعاشوراء وكان كثير الصوم في شعبان وصام محرما كاملا تنام عيناه ولا ينام قلبه
يقبل الهدية ويكافىء عليها
وكان لا يتأنق في مأكل ولا مشرب قليل الأكل يختار الجوع على الشبع ويعصب على بطنه الحجر من الجوع وآتاه الله تعالى مفاتيح خزائن الأرض وكنوزها وصارت الجبال ذهبا وسألته أن يقبلها فينفقها في سبيل الله فامتنع من ذلك واختار ما عند الله تعالى والدار الآخرة وكان يحقر الدنيا ويعظم الآخرة
وكان يحب الطيب ويكره الرائحة الخبيثة الكريهة ويحب التيامن في جميع شؤونه
وكان في سفره لا يفارق الدهن والمكحلة والمرآة والمشط والسواك والمقراض والخيط والإبرة
وكان يمزح في بعض الأحيان ولا يقول إلا حقا
وله أخلاق حسان لا تعد ولا تحد وبالله المستعان
زوجاته صلى الله عليه وسلم
مات صلى الله عليه وسلم عن تسع وهو من خصوصياته صلى الله عليه وسلم وهن
عائشة ابنة أبي بكر الصديق
وحفصة بنت عمر بن الخطاب
وسودة بنت زمعة
وأم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان أخت معاوية
وأم سلمة هند بنت أبي أمية
وزينب بنت جحش
وجويرية بنت الحارث
وميمونة بنت الحارث
وصفية بنت حيي
هؤلاء التسع اللاتي مات عنهن صلى الله عليه وسلم
وأما غيرهن فخديجة رضي الله عنها ماتت قبله
وتزوج صلى الله عليه وسلم جماعة من النساء غير من ذكرنا فمنهن من مات قبله ومنهن من طلقها ومنهن من عقد عليها وطلقها قبل الدخول ومنهن من خطبها ولم يعقد عليها وهن
زينب بنت خزيمة وماتت بعد شهرين أو ثلاثة من حين عقد عليها
وفاطمة بنت الضحاك وخيرها فاختارت الدنيا ففارقها ولم تنل طائلا
وتزوج شراف أخت دحية الكلبي
وخولة بنت الهذيل
وأسماء بنت كعب الجونية
وعمرة بنت يزيد
والعالية بنت ظبيان
ومليكة الليثية وما خطب أربع
فجملة من خطبها وتزوجها أيضا ثلاث وعشرون امرأة
ولم يكن استثناء الله لنبيه بهذا العدد من الزوجات بهدف الغرائز أو ما شابه ذلك فالحبيب أكبر من ذلك بكثير إنما كان زواجه من هذه النسوة لغايات وأهداف سامية تنم عن أخلاقه وطيبته ووفاءه صلى الله عليه وآله وسلم والمهم هو تخريج أكبر عدد من الدروس والعبر داخل البيت النبوي والتي لن يستطيع كشفها والوقوف على إلى عدد من النساء..

أولاده صلى الله عليه وسلم
قال جماعة من العلماء منهم ابن إسحاق وغيره إن أولاده عليه السلام ثمانية أربعة من الذكور وأربع من البنات فأما الذكور فالقاسم وبه كان يكني عليه السلام والطيب ويسمى عبد الله والطاهر وإبراهيم وأما الإناث فزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ولا خلاف بين أحد أن جميع أولاده عليه السلام من خديجة رضي الله عنها إلا إبراهيم فانه من مارية القبطية
فأما الذكور من ولد خديجة رضي الله عنها فماتوا أطفالا قبل مبعثه عليه السلام وقيل غير ذلك وأما إبراهيم فمات في حياته عليه السلام وأما البنات فكلهن لحقن الإسلام
صحابته رضي الله عنهم
كانوا جماعة كبيرة أختلف في عددهم من عشرين ألف إلى اكثر من ذلك وأجلهم العشرة المشهود لهم بالجنة وهم أبو بكر وهو أفضل هذه الأمة بإجماع أهل السنة والجماعة وعمر وعثمان وعلي وهؤلاء هم الخلفاء الراشدون وأما الستة الأخر فطلحة والزبير وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وكانوا هداة الدين وأئمة الإسلام رضي الله عنهم أجمعين
معجزاته وخصائصه صلى الله عليه وسلم
أعلم أن معجزاته صلى الله عليه وسلم كثيرة غزيرة تكاد أن لا تعد ولا تحصر بحد وأجلها وأعلاها القرآن العظيم الحاوي لعلوم الأولين والآخرين مع وجازة ألفاظه وصغر حجمه وغزارة علمه المعجز بفصاحته الفصحاء وببلاغته البلغاء بمعانيه بل وبألفاظه ومبانية ومنها
انشقاق القمر
وكلام الحجر
ومجيء الشجر
وكلام البهائم الخرس كالظبي والضب والثعبان والجمل والذراع المسموم
وأنين الجذع
واشباع الكثير من قليل الزاد وتكثير القليل
ونبع الماء من بين الأصابع
ورد عين قتادة
وإخباره عن المغيبات فكان ما أخبره كما أخبره بعد مدة مديدة
وحثي قبضة من تراب في وجوه الأعداء فقتل منهم من أصابه منه وهزم الباقين
ودر شاة أم معبد من غير أن ينزو عليها فحل
ودعوته لعمر بن الخطاب قبل إسلامه أن يعز الله تعالى به الإسلام فكان كما دعا
ولعلي بن أبي طالب أن يذهب الله تعالى عنه الحر والبرد
وتفله في عينه وهو أرمد وعافيتها لوقتها ولم ترمد فيما بعد
وتفله في البئر المالحة فحليت
والخمس التي لم تعطى لنبي قبله ولا بعده وغيرها من المعجزات العديدة والكثيرة جداً.
وفاته صلى الله عليه وسلم
أعلم أيدك الله أن أعظم مصاب كان في الإسلام هو موته صلى الله عليه وسلم ولهذا دهش جماعة من صحابته فمنهم من حصل عنده حالة تشبه الجنون وغيبوبة العقل كما وقع للسيد عمر رضي الله عنه حتى قال من قال إن محمدا مات علوته بسيفي
وأما السيد عثمان رضي الله عنه فإنه لما بلغه موته صلى الله عليه وسلم أخرس لسانه
وأقعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
مرض صلى الله عليه وسلم لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر من الهجرة أو إحدى عشرة فتمرض صلى الله عليه وسلم أربعة عشر يوما ونزل إليه الأمين جبريل عليه السلام يخيره في البقاء بالدنيا أو اللحوق بربه عز وجل فاختار لقاء الله وجمع عليه السلام أصحابه وأخبرهم بأنه خير وأنه اختار ما عند ربه وأوصاهم ولم يأل جهدا في ذلك ومات صلى الله عليه وسلم في الضحوة الكبرى من يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول وقد بلغ من السن فيما هو الأثبت ثلاثا وستين سنة وقيل غير ذلك وحين مات صلى الله عليه وسلم حصل على المسلمين أمر عظيم وثبت السيد أبوبكر وقام في الناس خطيبا وتلا عليهم هذه الآية الشريفة { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات } إلى آخر الآية ثم سكن جأش الصحابة هو وعم النبي صلى الله عليه وسلم العباس رضي الله عنهما ثم أخذوا في الإهتمام بشأن تجهيزه صلى الله عليه وسلم من تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه
وبينا هم في أثناء ذلك إذ سمعوا صوتا من باب الحجرة وهو لا تغسلوه فإنه طاهر مطهر ثم أعقب صوت آخر وهو يقول اغسلوه أنا الخضر وذاك إبليس ثم أخذ في تعزيتهم فيه فقال إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب هو من حرم الثواب
أعلم أنه لما أرادوا غسله حين وضعوه على سريره اختلفوا في هل يغسل في ثيابه أو يجرد عنها وقوى العزم على تجريده كما هي سنة شرعه في الموتى فألقي على من حضر نوم فسمعوا قائلا يقول ولا يرون شخصه ولا يدري من هو اغسلوه في قميصه ففعلوا ذلك
والذي تولى غسله صلى الله عليه وسلم جماعة وهم علي وعمه العباس وولداه الفضل وقثم ومولياه أسامة وشقران وحضرهم من الأنصار أوس ابن خولي رضي الله عنه
وأسنده علي إليه ونفضه فلم يخرج منه شيء وفاحت رائحة طيبة فوق رائحة المسك والعنبر وكل رائحة ذكية فامتلأت بها أرجاء المدينة حتى لم يبق بها دار إلا شمت بها هذه الرائحة فقال علي رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم طبت حيا وميتا ثم أدرج في ثلاثة أثواب بيض سحولية من غير خياطة
ثم صلى عليه المسلمون أفرادا من غير إمام ثم أدخل قبره صلى الله عليه وسلم بعد أن حفر له وألحد في بيت عائشة رضي الله عنها وهو الحجرة الآن بالمسجد النبوي
وفرش تحته في القبر قطيفة حمراء
ودفن معه بعد ذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
صلى الله عليك يا حبيب الله محمد وعلى آل بيتك الطاهرين وصحابتك الصادقين المجاهدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
هذا والله أجل وأعلم..
هذا ما أعانني الله على تدوينه وإلاً فقد سبقني الصالحون إلى الخير...
0
287

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️