الأول من الحياة الزوجية ، وسمي بشهر العسل ( كناية) أنه بلذة وطعم العسل ، لكن ليس شرطا أن يكون ( اسم على مسمى) ولما لشهر العسل من أهمية قصوى في رسم ملامح الحياة الزوجية . وبما أننا على أبواب الإجازة الصيفية التي فيها تكثر فيها الارتباطات الزوجية ..
ومن هذا المنطلق أحببت أن أشخص بعض الأمور الشائكة التي قد تكون سببا في حياة زوجية غير مريحة عندما يتم تشكيل الحياة الزوجية في الشهر بطريقة خاطئة سواء من قبل الزوج أو من قبل الزوجة ، فكما قيل ما بني على باطل فهو باطل ..
وتشخيصي هذا لم يكن تشخيصا وهميا ، بل عبر دراسة مشاكل زوجية تم استشارتي فيها ، فقبل سنة تقريبا ، كنت أعمل ( مستشارا اجتماعية) بعد عملي خلال الفترة المسائية في أحد المراكز الاجتماعية المشهورة بمدينة الرياض .
وكانت تصل إلي عدة استشارات من الجنسين سواء من قبل بعض الرجال الذين يشتكون من المشاكل مع زوجاتهم ، أو من قبل بعض النساء الذين يشتكون من المشاكل مع أزواجهم ، وما لفت أنتباهى أن اغلب هذه المشاكل تحدث لأزواج وزوجات لازالوا في السنة الأولى من حياتهم الزوجية ، مما جعلني أبحث عن الأسباب وراء هذه المشاكل فكما هو معروف عبر القاعدة السلوكية (( أن لكل فعل ردة فعل)) ولابد أن هذه المشاكل كانت نتيجة حتمية للممارسات خاطئة .
وكنت أضع لكل حالة تصلني سجل متابعة خاص فيه دراسة تشخصيه عن أسباب المشاكل، ونوع المشاكل وكيفية التعامل بين الزوجين منذ الشهر الأول .
وقد كانت نتيجة التشخيص بعد تحليل المشاكل أن من أهم الأسباب لهذه المشاكل هو البداية الغير سليمة التي رسمها الزوج أو الزوج كنمط حياة، ووجدت أن القاسم المشترك لهذه المشاكل يتمثل في سببين رئيسين هما :
1- السبب الأول: أن بعض الأزواج أو الزوجات لديهم اعتقاد سائد ، أن كل منهما يجب أن يشكل الأخر منذ الشهر الأول وفق ما يراه كل منهم فبعض الأزواج . يريد أن يفرض على الزوجة منذ الشهر الأول سلسلة من القيود ومن الأوامر والنواهي ويريد أن تكون خانعة منقادة له ولأراءه وتوجهاته ومبادئه وتسلطه ، متخذ من المثل العامي (( الرمح من أول ركزه)) مبدأ له يريد أن يفرض سيطرته ونفوذه ومصادره أراء زوجته ويريدها أن تكون تابع له في كل الأمور حتى فيما يخصها شخصيا كأنثى ، ويريد أن يكون هذا المبدأ هو نمط حياته المستقبلية دون اعتبارات لزوجته وأنها إنسانه يجب احترامها ومشاركتها في رسم حياتهم الزوجية بالاحترام والحوار والمشورة والتفاهم .
وكذلك هناك بعض الزوجات يكون لديها اعتقاد أو معلومة خاطئة بأنها لابد أن تفرض على الزوج رغباتها ومبادئها وسيطرتها منذ الشهر الأول ليكون كما يقال بالعامية (( خاتم في أصبعها)) دون اعتبارات لكرامه زوجها واحترامه والحوار معه في بناء حياتهم الزوجية بالمشاركة والتفاهم والحوار.
2- السبب الثاني: أن بعض الأزواج يصطنع مثالية مصطنعة و مزيفة في شهر العسل ويغدق على زوجته بالكلام الجميل وبعبارات الحب المبالغ فيها ويهدي لزوجته بكرم مفرط فيه ويحاول يكون مثاليا مطلقا في التعامل معها ومع طلباتها وينفذ كل رغباتها دون مناقشة أو حوار .
وكذلك بعض الزوجات تصطنع مثالية مطلقة وتتعامل بطريقة مصطنعة وتحاول تكون تلك الزوجة الناعمة الشاعرية العطوف لينة الجانب وتهتم بشكلها بشكل مبالغ فيه وتصور لزوجها أشياء وأفكار ومثاليات وهمية والمشكلة أن هذه المثاليات من قبل الزوج أو الزوجة تكون مؤقتة فقط في شهر العسل ويتعود الزوج والزوجة كل منهما على هذا النمط والتعامل من الزوج أو من الزوجة ويفتكر كل منهما أن هذه المثالية سوف تستمر على هذا المنوال مدى الحياة الزوجية ومن ثم ينصدم بعدم أستمرار هذه المثاليات مما يسبب ردة فعل عكسية. .
صحيح أن المثالية والكرم والحب والعطف الرومانسية بين الأزواج صفات جميلة ومحببة ويجب أن تكون هذه الصفات في كل زوج وزوجة ولكن يجب أن تكون صفات دائمة ومتأصلة لتصبح كسمة وليس مؤقتة في شهر العسل فقط ومن ثم بعد شهر العسل ودخولهم معترك الحياة الزوجية ومتطلباتها وظروفها تنكشف الأقنعة المزيفة وتظهر المشاكل بشكل ملحوظ على السطح وتبدأ عجلة المشاحنات والصراعات والاختلافات بين الزوجين وكأنهم في شهر في ساحة حرب وكل واحد منهما يريد أن يخرج بأكثر مكاسب يستخدمها كأوراق ضغط في بقية الحياة الزوجية ..
ومن وجهة نظري كمتخصص ..((أن ما يبنى على باطل فهو باطل)) والبناء الذي أسسه هشة ومغشوشة سوف ينهدم بسرعة ولن يقاوم عوامل التعرية ، وكذلك الحياة الزوجية أن لم تبنى على أسس سليمة فسوف تنهار مع أول هزة تحدث لها..
علينا أن نعي أن الحياة الزوجية رباط مقدس وشراكة وجدانية ، بين زوجين بينهما فروق فردية في التفكير وفي المشاعر والتوجهات وبينهما اختلاف في الثقافات فكل منهما نشأ وتربى في محيط أسري واجتماعي مختلف عن الأخر ، وكل من الذكر والأنثى رغبات واحتياجات وأفكار وتوجهات تختلف عن الأخر ، ولكن اذا أرادوا أن يبنوا حياة زوجية سعيدة ومستدامة عليهم وضع خريطة طريق من اللبنات والأسس السليمة ، وذلك وفق معايير وأسس راسخة ، وكل لذلك لن يحصل إلا بالتفاهم والحوار والعطف والشفقة والاحتواء وتمازج الأرواح بينهما ، وعلى كل منهما أن يؤمن كل أيمانا تاما باحترام بعضهما وتقدير ظروف كل منهما العامة والخاصة .
يجب أن يعرف الزوجين أن الحياة الزوجية عبارة شركة عائلية كل منهما يملك فيها ( 50%) من الأسهم وعليهم أن يؤمنوا بأن الاختلاف لا يفسد للود قضية وان يكون ((الاختلاف بينهم اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد ))
وأن التفاهم والصدق والشفافية هي الرموز التي تذيب الحواجز والفروق الفردية بين الزوجين ، ويجب أن لا يخفي أحدهم أي صفات عن الأخر أو يتعامل معه بغموض بل يجب التعامل بطبيعته وفطرته دون أصتناع مثاليات مزيفة وكاذبة سوف تنكشف فجأة ويكون هناك ردة فعل سلبية من الطرفين ..
وفي الختام أتمنى التوفيق لكل زوجين الأستمتاع بحياة هانئة وسعيدة مليئة بالود والحب والتسامح والأستدامه ...
_________________
منقوووووووووووول
همس 1430 @hms_1430
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️