ام ني ني @am_ny_ny
عضوة جديدة
ضروري جدا
ابدخل في الموضوع على طول ابغ من اخواتي العزيزات قصه من القران عن نموذج انحراف عن الفطره ارجوكم تفاعلو معي:44:
3
4K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
من أسرار القرآن 315 ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين
من أسرار القرآن
بقلم: د. زغـلول النجـار
315 ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين
هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في بدايات الثلث الثاني من سورة الأعراف, وهي سورة مكية, وآياتها مئتان وست(206) بعد البسملة, وهي من طوال سور القرآن الكريم, وأطول السور المكية علي الإطلاق, وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي( الأعراف), وهي أسوار مضروبة بين الجنة والنار للفصل بين أهل كل منهما. وكطبيعة السور المكية يدور المحور الرئيسي لهذه السورة الكريمة حول العقيدة الإسلامية.
هذا, وقد سبق لنا استعراض سورة الأعراف, وما جاء فيها من ركائز العقيدة, والإشارات العلمية, والحقائق التاريخية, ونركز هنا علي ومضة الإعجاز الإنبائي والتاريخي في الإشارة إلي قصة نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ مع قومه والعذاب الذي أنزله الله بهم ولخصت أسبابه الآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال.
من أوجه الإعجاز الإنبائي
والتاريخي في الآية الكريمة:
أولا: قصة نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ مع قومه كما جاءت في القرآن الكريم:
جاء ذكر نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ في القرآن الكريم سبعا وعشرين(27) مرة في أربع عشرة سورة هي: الأنعام, الأعراف, هود, الحجر, الأنبياء, الحج, الشعراء, النمل, العنكبوت, الصافات, ص, ق, القمر, التحريم.
ومن هذه الآيات جاء في سورة الأعراف قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العاملين* إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون, وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون* فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين* وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين.
وجاء في سورة هود قوله تعالي: ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب, وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد, قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد* قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلي ركن شديد, قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب* فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود* مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد.
وجاء في سورة القمر قول ربنا ـ وقوله الحق ـ: كذبت قوم لوط بالنذر* إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر* نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر*ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر* ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر* ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر* فذوقوا عذابي ونذر* ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر.
وهذه الآيات تؤكد أن نبي الله لوطا بعث في زمن أبي الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام ـ وكان ابنا لأحد إخوانه كما جاءت به الروايات, وكانا قد خرجا من أرض بابل اعتزالا لقومهما الذين رفضوا التوحيد الخالص لله ـ تعالي ـ وأصروا علي عبادة الأصنام والنجوم والكواكب, فنزل إبراهيم في أرض فلسطين, ونزل لوط في المنطقة إلي الجنوب من البحر الميت, لأن الله ـ تعالي ـ بعثه إلي أهلها وكانوا قد كفروا بالله ـ تعالي ـ وانحرفوا عن الفطرة التي فطر الله خلقه عليها, وبالغوا في فحشهم إلي حد ابتداع الشذوذ الجنسي, ولم يكن قد سبقهم إليه أحد من الخلق, ولذلك قال فيهم ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين
.
وجاء علي لسان نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ قوله لقومه: أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين.
وتؤكد الآيات القرآنية التي عرضت قصة نبي الله لوط مع قومه أن الانحراف عن الفطرة السوية ناتج عن الانحراف عن الدين الذي أنزله الله ـ تعالي ـ هداية لخلقه وتحديدا لرسالة الإنسان( ذلك المخلوق العاقل, المكرم, المكلف ذو الإرادة الحرة) في هذه الحياة الدنيا, عبدا لله ـ تعالي ـ مطالبا بعبادة خالقه بما أمر, كما هو مطالب بالالتزام بمكارم الأخلاق حتي يرقي بنفسه إلي مقامات التكريم التي رفعه إليها الله, ومطالب بحسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض بعمارتها وإقامة شرع الله وعدله في ربوعها, والإنسان كلما التزم بأوامر ربه ارتقي في معراج الله حتي يصل إلي منازل من التكريم لا يرقي إليها أحد من الخلق حتي الملائكة, وكلما خرج الإنسان عن أوامر ربه انحط إلي ما دون الحيوان الأعجم, وذلك لأن الحيوان يلتزم بالفطرة التي فطره خالقه عليها, وخروج الإنسان عن الفطرة إهدار كامل لكرامته ولإنسانيته.
من هنا كان خروج قوم لوط عن الإيمان بالله خروجا عن الفطرة, دفعهم إلي حد الابتذال والإعلان بالشذوذ الجنسي, والتعدي به علي من يزور بلدهم, وكانوا يأتون بالمنكر في نواد لهم وعلي قارعة الطريق, وكانوا يقذفون المارين بهم بالحجارة, ويسخرون من كل من يستنكر انحطاطهم إلي الحد الذي أيأس نبي الله لوطا من إمكان إصلاحهم, ودفعه إلي الإعلان بأنه يشهد بالله أن قريتهم لشر قرية في الأرض, وأنه لا يعلم علي وجه الأرض أناسا أخبث منهم. فقلب الله تعالي قراهم رأسا علي عقب بعد أن أمر لوطا بالخروج منها ليلا مع أهله, وأمرهم بألا يلتفت منهم أحد, فالتفتت امرأته فأصابها ما أصابهم, ولذلك سميت قراهم بـالمؤتفكات أي المنقلبات, ولذلك قال ـ تعالي ـ: فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود* مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد.
وهذا العقاب الشديد الذي أنزله الله تعالي بقوم لوط كان جزاء وفاقا لهم لأنهم كانوا في زمانهم أفجر الناس وأكفرهم بالله, وأسوأهم طوية, وأردأهم سيرة وسريرة, فبعث الله ـ تعالي ـ إليهم نبيه لوطا يدعوهم للعودة إلي عبادة الله ـ تعالي ـ وحده, وإلي الارتقاء بسلوكياتهم إلي مستوي الفطرة التي فطر الله عباده عليها, وإلي الالتزام بمكارم الأخلاق التي تليق بكرامة الإنسان, ونهاهم عن المحرمات والفواحش والمنكرات التي أغواهم الشيطان بالوقوع فيها حتي غرقوا إلي آذانهم فيها, فلم يستجيبوا لنصحه, وتمادوا في ضلالهم وفسادهم وخبثهم وفجورهم وفحشهم, وهموا بإخراج نبي الله لوطا من بين ظهرانيهم, وتحدوه بإنزال العذاب الذي توعدهم به فأنزل الله ـ تعالي ـ بهم من ألوان العقاب ما جعلهم عبرة لغيرهم علي مر التاريخ, وذلك بعد أن تحدوا نبي الله لوطا وطلبوا منه إنزال ما حذرهم من العذاب بقولهم: ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين.
وعندئذ دعا عليهم نبي الله لوطا وسأل ربه أن ينصره علي القوم المفسدين, فنزل بهم من ألوان العذاب ما لم ينزل بأمة من الأمم الكافرة من قبل ولا من بعد, وذلك لأنهم حاولوا الاعتداء علي ضيوفه من الملائكة, فنصحهم لوط بغشيان نسائهم( وهن بناته مجازا لأن النبي لأمته بمنزلة الوالد لجميع أبنائها وبناتها) فأفصحوا عن سوء نياتهم بما يخططونه للاعتداء الجنسي علي ضيوف نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ من الملائكة الذين طمأنوه بقولهم له: قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب.
فطمس الله أعين هؤلاء الفاسقين, ثم قلب قراهم رأسا علي عقب وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود( أي: متتابع في النزول).
وخرجت امرأة لوط مع بنتيها وزوجها, ولكنها عندما سمعت الصيحة, ورأت تدمير قري قوم لوط خالفت أمر الله والتفتت تجاه الديار قائلة: واقوماه! فسقط عليها حجر قضي عليها إذ خانت زوجها بقيامها بدور العين لقومها عليه وعلي ضيفانه, وفي ذلك يقول القرآن الكريم: ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين.
والخيانة هنا هي خيانة الدين الذي لم تتبعه أي منهما, لأن الله ـ تعالي ـ لم يقدر علي نبي من أنبيائه أن تبغي امرأته. وقد شدد الإسلام العظيم في عقاب جريمتي الزنا والشذوذ الجنسي, ولذلك قال تعالي: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك علي المؤمنين.
وقال صلي الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به( صحيح الجامع/ ح6589).
ولا تزال آثار العقاب الإلهي الذي نزل بقوم لوط باقية إلي يومنا هذا, وعلي علماء المسلمين أن يعيدوا دراسة المنطقة من جديد ليثبتوا ما ذكره القرآن الكريم من قلب الأرض رأسا علي عقب, ومن آثار السجيل المنضود, وهناك بعض الجيولوجيين الأجانب الذين أشاروا إلي وقوع شيء من ذلك في منطقة جنوب البحر الميت, وذلك تحقيقا لقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم.
ثانيا: الدروس المستفادة من إيراد القصة:
ومن الدروس المستفادة من عرض قصة نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ مع قومه ما يلي:
1 ـ أن الخروج عن الفطرة السوية التي فطر الله عباده المكلفين عليها هو انحطاط بالإنسان عن مقامات التكريم التي كرمه الله ـ تعالي ـ بها.
2 ـ أن السبب الرئيسي للخروج عن الفطرة هو البعد عن الدين الصحيح الذي علمه الله ـ تعالي ـ لأبينا آدم ـ عليه السلام ـ وأنزله علي سلسلة طويلة من الأنبياء والمرسلين, ثم أكمله وأتمه وحفظه في القرآن الكريم وفي سنة خاتم النبيين ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين ـ.
3 ـ أن الشذوذ الجنسي هو من أحط صور الخروج عن الفطرة, لأن فيه الإهدار كل الإهدار لكرامة الإنسان, والقضاء علي ما عنده من مروءة, وفيه الخطر كل الخطر علي صحته, وعلي صحة مجتمعه, ومن هنا فإنه يستوجب غضب الله ـ سبحانه ـ ونزول عقابه في الدنيا قبل الآخرة.
ثالثا: من أوجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في القصة:
عاش نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ في الألفية الثانية قبل الميلاد, بينما بعث خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ في مطلع القرن السابع الميلادي, وبعث في زمن كان أهل الأرض جميعا قد فقدوا الصلة بوحي السماء, وابتدعوا في الدين ما ابتدعوا, وحرفوا ما حرفوا, وزوروا ما زوروا.
ثم نزل القرآن الكريم بقصص عدد من أنبياء الله الذين كان منهم نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ, وجاءت قصته مع قومه بهذا التفصيل الذي يشهد القرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, كما يشهد لسيدنا محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالنبوة وبالرسالة, وجاءت القصة وجها من أوجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في القرآن الكريم, لأن أحدا من أهل مكة لم يكن يذكر شيئا عن هذه الواقعة;
من هنا تتضح ومضة الإعجاز الإنبائي والتاريخي في عرض القرآن الكريم لقصة نبي الله لوط مع قومه.
فالحمد الله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام الذي بعثه الله ـ تعالي ـ رحمة للعالمين, فصحح العقيدة, والعبادات, والأخلاق, والمعاملات, كما صحح قصص الأنبياء الذي شوهته انحرافات المنحرفين ممن ابتدعوا في الدين, وتقولوا علي رب العالمين, وعلي أنبيائه ما لم ينزل به سلطانا.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
من أسرار القرآن
بقلم: د. زغـلول النجـار
315 ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين
هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في بدايات الثلث الثاني من سورة الأعراف, وهي سورة مكية, وآياتها مئتان وست(206) بعد البسملة, وهي من طوال سور القرآن الكريم, وأطول السور المكية علي الإطلاق, وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي( الأعراف), وهي أسوار مضروبة بين الجنة والنار للفصل بين أهل كل منهما. وكطبيعة السور المكية يدور المحور الرئيسي لهذه السورة الكريمة حول العقيدة الإسلامية.
هذا, وقد سبق لنا استعراض سورة الأعراف, وما جاء فيها من ركائز العقيدة, والإشارات العلمية, والحقائق التاريخية, ونركز هنا علي ومضة الإعجاز الإنبائي والتاريخي في الإشارة إلي قصة نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ مع قومه والعذاب الذي أنزله الله بهم ولخصت أسبابه الآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال.
من أوجه الإعجاز الإنبائي
والتاريخي في الآية الكريمة:
أولا: قصة نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ مع قومه كما جاءت في القرآن الكريم:
جاء ذكر نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ في القرآن الكريم سبعا وعشرين(27) مرة في أربع عشرة سورة هي: الأنعام, الأعراف, هود, الحجر, الأنبياء, الحج, الشعراء, النمل, العنكبوت, الصافات, ص, ق, القمر, التحريم.
ومن هذه الآيات جاء في سورة الأعراف قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العاملين* إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون, وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون* فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين* وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين.
وجاء في سورة هود قوله تعالي: ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب, وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد, قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد* قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلي ركن شديد, قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب* فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود* مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد.
وجاء في سورة القمر قول ربنا ـ وقوله الحق ـ: كذبت قوم لوط بالنذر* إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر* نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر*ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر* ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر* ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر* فذوقوا عذابي ونذر* ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر.
وهذه الآيات تؤكد أن نبي الله لوطا بعث في زمن أبي الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام ـ وكان ابنا لأحد إخوانه كما جاءت به الروايات, وكانا قد خرجا من أرض بابل اعتزالا لقومهما الذين رفضوا التوحيد الخالص لله ـ تعالي ـ وأصروا علي عبادة الأصنام والنجوم والكواكب, فنزل إبراهيم في أرض فلسطين, ونزل لوط في المنطقة إلي الجنوب من البحر الميت, لأن الله ـ تعالي ـ بعثه إلي أهلها وكانوا قد كفروا بالله ـ تعالي ـ وانحرفوا عن الفطرة التي فطر الله خلقه عليها, وبالغوا في فحشهم إلي حد ابتداع الشذوذ الجنسي, ولم يكن قد سبقهم إليه أحد من الخلق, ولذلك قال فيهم ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين
.
وجاء علي لسان نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ قوله لقومه: أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين.
وتؤكد الآيات القرآنية التي عرضت قصة نبي الله لوط مع قومه أن الانحراف عن الفطرة السوية ناتج عن الانحراف عن الدين الذي أنزله الله ـ تعالي ـ هداية لخلقه وتحديدا لرسالة الإنسان( ذلك المخلوق العاقل, المكرم, المكلف ذو الإرادة الحرة) في هذه الحياة الدنيا, عبدا لله ـ تعالي ـ مطالبا بعبادة خالقه بما أمر, كما هو مطالب بالالتزام بمكارم الأخلاق حتي يرقي بنفسه إلي مقامات التكريم التي رفعه إليها الله, ومطالب بحسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض بعمارتها وإقامة شرع الله وعدله في ربوعها, والإنسان كلما التزم بأوامر ربه ارتقي في معراج الله حتي يصل إلي منازل من التكريم لا يرقي إليها أحد من الخلق حتي الملائكة, وكلما خرج الإنسان عن أوامر ربه انحط إلي ما دون الحيوان الأعجم, وذلك لأن الحيوان يلتزم بالفطرة التي فطره خالقه عليها, وخروج الإنسان عن الفطرة إهدار كامل لكرامته ولإنسانيته.
من هنا كان خروج قوم لوط عن الإيمان بالله خروجا عن الفطرة, دفعهم إلي حد الابتذال والإعلان بالشذوذ الجنسي, والتعدي به علي من يزور بلدهم, وكانوا يأتون بالمنكر في نواد لهم وعلي قارعة الطريق, وكانوا يقذفون المارين بهم بالحجارة, ويسخرون من كل من يستنكر انحطاطهم إلي الحد الذي أيأس نبي الله لوطا من إمكان إصلاحهم, ودفعه إلي الإعلان بأنه يشهد بالله أن قريتهم لشر قرية في الأرض, وأنه لا يعلم علي وجه الأرض أناسا أخبث منهم. فقلب الله تعالي قراهم رأسا علي عقب بعد أن أمر لوطا بالخروج منها ليلا مع أهله, وأمرهم بألا يلتفت منهم أحد, فالتفتت امرأته فأصابها ما أصابهم, ولذلك سميت قراهم بـالمؤتفكات أي المنقلبات, ولذلك قال ـ تعالي ـ: فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود* مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد.
وهذا العقاب الشديد الذي أنزله الله تعالي بقوم لوط كان جزاء وفاقا لهم لأنهم كانوا في زمانهم أفجر الناس وأكفرهم بالله, وأسوأهم طوية, وأردأهم سيرة وسريرة, فبعث الله ـ تعالي ـ إليهم نبيه لوطا يدعوهم للعودة إلي عبادة الله ـ تعالي ـ وحده, وإلي الارتقاء بسلوكياتهم إلي مستوي الفطرة التي فطر الله عباده عليها, وإلي الالتزام بمكارم الأخلاق التي تليق بكرامة الإنسان, ونهاهم عن المحرمات والفواحش والمنكرات التي أغواهم الشيطان بالوقوع فيها حتي غرقوا إلي آذانهم فيها, فلم يستجيبوا لنصحه, وتمادوا في ضلالهم وفسادهم وخبثهم وفجورهم وفحشهم, وهموا بإخراج نبي الله لوطا من بين ظهرانيهم, وتحدوه بإنزال العذاب الذي توعدهم به فأنزل الله ـ تعالي ـ بهم من ألوان العقاب ما جعلهم عبرة لغيرهم علي مر التاريخ, وذلك بعد أن تحدوا نبي الله لوطا وطلبوا منه إنزال ما حذرهم من العذاب بقولهم: ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين.
وعندئذ دعا عليهم نبي الله لوطا وسأل ربه أن ينصره علي القوم المفسدين, فنزل بهم من ألوان العذاب ما لم ينزل بأمة من الأمم الكافرة من قبل ولا من بعد, وذلك لأنهم حاولوا الاعتداء علي ضيوفه من الملائكة, فنصحهم لوط بغشيان نسائهم( وهن بناته مجازا لأن النبي لأمته بمنزلة الوالد لجميع أبنائها وبناتها) فأفصحوا عن سوء نياتهم بما يخططونه للاعتداء الجنسي علي ضيوف نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ من الملائكة الذين طمأنوه بقولهم له: قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب.
فطمس الله أعين هؤلاء الفاسقين, ثم قلب قراهم رأسا علي عقب وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود( أي: متتابع في النزول).
وخرجت امرأة لوط مع بنتيها وزوجها, ولكنها عندما سمعت الصيحة, ورأت تدمير قري قوم لوط خالفت أمر الله والتفتت تجاه الديار قائلة: واقوماه! فسقط عليها حجر قضي عليها إذ خانت زوجها بقيامها بدور العين لقومها عليه وعلي ضيفانه, وفي ذلك يقول القرآن الكريم: ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين.
والخيانة هنا هي خيانة الدين الذي لم تتبعه أي منهما, لأن الله ـ تعالي ـ لم يقدر علي نبي من أنبيائه أن تبغي امرأته. وقد شدد الإسلام العظيم في عقاب جريمتي الزنا والشذوذ الجنسي, ولذلك قال تعالي: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك علي المؤمنين.
وقال صلي الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به( صحيح الجامع/ ح6589).
ولا تزال آثار العقاب الإلهي الذي نزل بقوم لوط باقية إلي يومنا هذا, وعلي علماء المسلمين أن يعيدوا دراسة المنطقة من جديد ليثبتوا ما ذكره القرآن الكريم من قلب الأرض رأسا علي عقب, ومن آثار السجيل المنضود, وهناك بعض الجيولوجيين الأجانب الذين أشاروا إلي وقوع شيء من ذلك في منطقة جنوب البحر الميت, وذلك تحقيقا لقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم.
ثانيا: الدروس المستفادة من إيراد القصة:
ومن الدروس المستفادة من عرض قصة نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ مع قومه ما يلي:
1 ـ أن الخروج عن الفطرة السوية التي فطر الله عباده المكلفين عليها هو انحطاط بالإنسان عن مقامات التكريم التي كرمه الله ـ تعالي ـ بها.
2 ـ أن السبب الرئيسي للخروج عن الفطرة هو البعد عن الدين الصحيح الذي علمه الله ـ تعالي ـ لأبينا آدم ـ عليه السلام ـ وأنزله علي سلسلة طويلة من الأنبياء والمرسلين, ثم أكمله وأتمه وحفظه في القرآن الكريم وفي سنة خاتم النبيين ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين ـ.
3 ـ أن الشذوذ الجنسي هو من أحط صور الخروج عن الفطرة, لأن فيه الإهدار كل الإهدار لكرامة الإنسان, والقضاء علي ما عنده من مروءة, وفيه الخطر كل الخطر علي صحته, وعلي صحة مجتمعه, ومن هنا فإنه يستوجب غضب الله ـ سبحانه ـ ونزول عقابه في الدنيا قبل الآخرة.
ثالثا: من أوجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في القصة:
عاش نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ في الألفية الثانية قبل الميلاد, بينما بعث خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ في مطلع القرن السابع الميلادي, وبعث في زمن كان أهل الأرض جميعا قد فقدوا الصلة بوحي السماء, وابتدعوا في الدين ما ابتدعوا, وحرفوا ما حرفوا, وزوروا ما زوروا.
ثم نزل القرآن الكريم بقصص عدد من أنبياء الله الذين كان منهم نبي الله لوط ـ عليه السلام ـ, وجاءت قصته مع قومه بهذا التفصيل الذي يشهد القرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, كما يشهد لسيدنا محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالنبوة وبالرسالة, وجاءت القصة وجها من أوجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في القرآن الكريم, لأن أحدا من أهل مكة لم يكن يذكر شيئا عن هذه الواقعة;
من هنا تتضح ومضة الإعجاز الإنبائي والتاريخي في عرض القرآن الكريم لقصة نبي الله لوط مع قومه.
فالحمد الله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام الذي بعثه الله ـ تعالي ـ رحمة للعالمين, فصحح العقيدة, والعبادات, والأخلاق, والمعاملات, كما صحح قصص الأنبياء الذي شوهته انحرافات المنحرفين ممن ابتدعوا في الدين, وتقولوا علي رب العالمين, وعلي أنبيائه ما لم ينزل به سلطانا.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الصفحة الأخيرة
او قصة قوم لوط 00