الحمد لله رب العالمين ................
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..............
أما بعد ..................
1)) فمن علامات مرض القلب أن يتعذر على العبد ما خلق له من معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه والإنابة إليه وإيثار ذلك على كل شهوة فيقدم العبد حظه وشهوته على طاعة الله ومحبته , كما قال الله عز وجل : " أَرَأَيْتَ مَنِ اتّخَذّ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا ً " قال بعض السلف : هوالذى كلما هوى سيئاً رَكِبَهُ . فيحيى هذه الحياة الدنيا حياة البهائم لا يعرف ربه عز وجل ولا يعبده بأمره ونهيه كما قال تعالى : " يتَّمتَّعُونَ ويَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ والنَّارُ مَثْوَىً لَّهُمُ " والجزاءمن جنس العمل فكما لا يحيا لحياة التى يحبها الله عز وجل ويرضاها وهو كذلك ليس جمادا لا يحس, بل يحيا من أجل أن يعصى الله عز وجل بنعمه , فهو كذلك فى الآخرة لا يحيا حياة يجد فيها راحته , ولا يموت فيفقد الإحساس بالألم فلا يموت فيها ولا يحيا " وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَان ومَا هُوَ بِمَيِّت ومِن وَرَائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ "
2)) ومن علامات مرضه أن صاحبه لا تؤلمه جراحات المعاصى كما قيل :<< وما لجرح بميت إيلام >> فالقلب الصحيح يتوجع بالمعصية ويتألم لها فيُحدث له ذلك توبة وإنابة لله عز وجل , كما قال تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُّبْصِرُون " وقال تعالى فى وصف المتقين : "وَالَّذينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا الله فَسْتَغْفَرُوا لُذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلَّا الله "
أى ذكروا عظمة الله تعالى وتوعده وعقابه فأحدث لهم ذلك استغفارا .
3)) ومن علامات مرضه أنه يُتبع السيئة السيئة كما قال الحسن فى قوله تعالى : " كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُبِهم مَّاكَانُوا يَكْسِبُون " هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب , أما سليم القلب فيُتبع السيئة الحسنة والذنب التوبة .
4)) ومن علامات مرضه أن صاحبه لا يوجعه جهله بالحق , فإن القلب السليم يتألم بورود الشبُهات عليه , ويتألم بجهله بالحق وبعقائده الباطلة , فالجهل مصيبة من أكبرالمصائب يتألم بها من كان فى قلبه حياة , قال بعض العلماء : << ما عُصِىَ الله بذنب أقبح من الجهل >> وقيل للإمام سهل : يأبا محمد أى شىء أقبح من الجهل قال : الجهل بالجهل قيل : صدق لأنه يسد باب العلم بالكلية .
ويقول القائل :
وفى الجهل قبل الموت موت لأهله .......... وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم فى وحشة من جسومهم .......... وليس لهم حتى النشور نشور
5)) ومن علامات مرضه عدول صاحبه عن الأغذية النافعة إلى السموم الضارة
كمل يعرض أكثر الناس عن سماع القرآن الذى أخبر الله عز وجل عنه فقال : " وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَ رَحْمَةٌ " ويستمعون إلى الغناء الذى يُنْبِتُ النفاق فى القلب ويحرك الشهوات وفيه من الكفر بالله عز وجل ما فيه , فالعبد يقدم على المعصية لمحبته لما يبغضه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم , فالإقدام على المعصية نتيجة لمرض فى القلب ويزيد فى مرض القلب , وكلما سلم القلب أحب ما يحبه الله وما يحبه رسوله صلى الله عليه وسلم " وَلَكِّنَّ الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِ يمَانَ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُمْ وكَرَّه إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ والْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ "
وقال صلى الله عليه وسلم : " ذاق حلاوة الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا "
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وأهله أجمعين "
6)) ومن علامات مرضه أن يستوطن صاحبه الدنيا و يرضى بها ويطمئن فيها ولا يحس فيها بغربة ولا يرجو الآخرة ولا يسعى لها سعيها , وكلما صح القلب من مرضه ترَّحَل إلى الآخرة , فيعطى الناس ظاهره ويخالفهم بباطنه , يرى ماهم فيه ولايرون ماهو فيه , ويكون حاله فى الدنيا كما وصى حبيبى رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل "
اللهم إشف مرض قلوبنا
وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والله موضوع مهم.....الله لايحرمك أجره.